المجموع : 31
لا بل عَلَيَّ وليس لي
لا بل عَلَيَّ وليس لي / ما بانَ منِّي فانْفَرَدْ
أو ليس ما عدَّتْهُ لي / أيدي الحساب من العَدَدْ
مُتَخَوَّناً مُتَنَقَّصاً / منِّي مزيداً في الأبَدْ
أو ما أرى ولدي قُوىً / منِّي بنقْضي تُسْتَجَدْ
جُعِلَتْ وكانت كلُّها / حَبْلاً حِبَالاتٍ بَدَدْ
كم من سُرورٍ لي بِمَوْ / لُودٍ أُؤمِّلُهُ لِغَدْ
وبأن يَهُدَّنيَ الزما / نُ رأيت مُنَّتَهُ تُشَدْ
ومن العجائب أن أُسَر / رَ بما يُشَدُّ بأَنْ أَهَدْ
دع ذا فَخَلْفَك أربعو / ن ضحى طويلاتُ المُددْ
تلْتجُّ فيها نفخةٌ / للصور تَنخب ذا الجلدْ
شنعاءُ في الآذان تُق / لق كلَّ روحٍ في جسدْ
يا راكضاً في لهوه / مهلاً فقد جُزْتَ الأمَدْ
في الأربعينات الثلا / ث مَواعظ لذوي العُقَدْ
كم أربعين وأربعي / ن وأربعون تقول قدْ
في كلهنَّ مواعظٌ / تدعو الغَوِيَّ إلى الرشدْ
فَقَدٍ بتوبةٍ مخلصٍ / للواحد الأحد الصَمَدْ
أبداً عليه هزيمةٌ
أبداً عليه هزيمةٌ / في الحرب مُبْدأة مُعادَهْ
سلْني فإنِّي عالمٌ / بأموره عدْلُ الشهادَهْ
ولَّى قَفَاه عبيدَهُ / واعتاد ذاك فصار عادَهْ
فلذاك صار مُولّياً / أبداً ولوْ لاقى جرادَه
لا سِيَّما من كان يو
لا سِيَّما من كان يو / قن أنه إن مات عائدْ
خوفاً وإشفاقاً وإر / صادُ الحتوفِ له رَواصدْ
إن قال إن النفس وا / حدةٌ فإنَّ الموتَ واحدْ
لم يخجل الورد المورّد لونه
لم يخجل الورد المورّد لونه / إلا وناحِلُه الفضيلةَ عاندُ
فصْلُ القضية أن هذا قائد / زهرَ الرياض وأن هذا طاردُ
شتَّان بين اثنين هذا مُوعدٌ / بتسلب الدنيا وهذا واعدُ
وإذا احْتَفَظْتَ به فأمتَعُ صاحبٍ / بحياته لو أن حيَّاً خالدُ
للنرجس الفضلُ المبينُ وإن أبى / آبٍ وحاد عن الطريقة حائدُ
من فضله عند الحِجَاج بأنه / زهر ونَوْر وهو نبت واحدُ
يحكي مصابيحَ السماء وتارةً / يحكي مصابيح الوجوه تَراصَدُ
يَنْهي النديم عن القبيح بلحظِه / وعلى المدامة والسماع مُساعدُ
اطلُب بعفوك في الملاح سمَيَّهُ / أبداً فإنك لا محالة واجدُ
والورد لو فتشت فردٌ في اسمه / ما في الملاح له سميٌّ واحدُ
هذي النجوم هي التي ربَّتهما / بِحَيَا السحاب كما يُربي الوالدُ
فتأمل الإِثنين مَنْ أدناهُما / شَبَهاً بوالده فذاك الماجدُ
أين العيون من الخدود نفاسةً / ورياسةً لولا القياسُ الفاسد
والحالُ من سعدٍ يساعدنا
والحالُ من سعدٍ يساعدنا / طوراً ونحْسٍ مُعْقَبٍ نكدُهْ
يومٌ يبكِّينا وآونةً / يومٌ يبكِّينا عليه غَدُهْ
نبكي على زمن ومنْ زمنٍ / فبكاؤنا موصولةٌ مُدَدُهْ
ونرى مكارِهَنا مخلَّدةً / والعمرُ يذهب فانياً عَدَدُهْ
أفلا سبيل إلى تَبَحْبُحِنا / في سرمدٍ لا ينقضي أبَدُهْ
سَكْرى شبابٍ لا يعاقبه / هرمٌ وعيشٌ دائم رغَدُهْ
لا خير في عيشٍ تَخَوَّنُنا / أوقاتُهُ وتَغولنا مُدَدُهْ
يُعطَى الفتى الأيامَ يُنفقها / وقصاصُها أن يقترى جَلدُهْ
من أقرض الأوقاتَ أتلفَها / وقضى جميعَ قُرُوضِها جسَدُهْ
حتى يُغَيَّبَ في مُطَمْطَمَةٍ / لا أهلُه فيها ولا ولَدُهْ
وأجَلُّ ذلك أن تُرِكتُ سُدىً / من قاصم وأقرَّني بلَدُهْ
ملك إذا اسودّتْ لديَّ يدٌ / من غيره ابيضَّت لديَّ يدُهْ
مهما عَدِمْنا من سَدىً وندىً / عندَ الملوك فعندَه نَجِدُهْ
خلَتِ الإساءةُ من إرادته / ويريد إحساناً ويعتمدُهْ
ما انفكَّ يرفعُني وينفعُني / حتى أضرَّ بحاسدي حسدُهْ
قالتْ فضائلُهُ لآملهِ / نِعْم الفتى للدّهر تَعْتَقِدُهْ
خِلَعٌ عليك جمالُها وجلالُها
خِلَعٌ عليك جمالُها وجلالُها / أيامُها للناس كالأعيادِ
قسماً لقد رضيْتك أعينُ معشر / من وامقين وشانئين أعادي
أقبلتَ في جيشٍ يُظلُّك ليْلُه / وإليكَ منكَ لكل عيْنٍ هادي
متدرِّعاً خِلعاً أنسْتَ بِلُبْسِها / أنْس المعَوَّد لُبْسَها المعتادِ
طُرفاً علت شرفاً تليداً لم تزل / مُتعهِّداً من مثلها بتِلادِ
خَلَعَ الإله عليك يوم لبستها / هَدْيَ الشَّكور وبهجة المُزدادِ
وكساك من خِلَعِ القلوبِ محبّةٍ / كمحبةِ الآباءِ للأولادِ
فظللت في خلع تفاوتَ نَجْرُها / خافٍ تلاحظه العقول وبادِ
عُمِّرْتَ تنهض في مَراقٍ عَفْوُها / عفوُ الحُدور وأنت في إصعادِ
تغدو وأنت جوىً لأكباد العِدا / وقلوبهم وندىً على أكبادِ
وإخال أن عِداك قد عَطَفَتْهُم / كفَّاك بالإرفاد فالإِرفادِ
ولقد أردت جزاءهم بفعالهم / فعلمت أن العُرف بالمرصاد
يا من أرى حسادَه استحقاقه / للحظّ فاستدعى هوى الحسّادِ
حُسنٌ وإحسان إذا ما عُويِنا / ردّا عليك ولاء كل معادي
من ذا يعادي البدر أمسى منعِماً / نُعمَى عَفُوٍّ للذِّنوب جوادِ
كم من يدٍ بيضاء قد أوليتَها / تَثني إليك عنان كل وداد
شكر الإِلهُ صنائعاً أسديتَها / سُلِكتْ مع الأرواح في الأجسادِ
وعفا نُبوُّك عن وَلِّيك إنه / أحدوثةٌ في جانبيْ بغدادِ
ومن الزيادة في البلية أنني / أصبحت في البلوى من الأفرادِ
أرني سواي من الذين صنعتهم / رَجُلاً نسخَت صلاحه بفسادِ
إني أعوذ بيُمن جدَّك أن أُرى / بعد الدنوِّ رهينةَ الإِبعادِ
فيحق لي في كل ما
فيحق لي في كل ما / لاقيتَني أن أُرفدا
لي من جبينك بدر سَعْ / دٍ طالع لن يُفقدا
فمتى نظرتُ إلى سنا / هُ فحُقَّ لي أن أسعدا
فعلام أُمنَع واجبي / وعلام أُمْطَلُ سرمدا
ولمَا لعبدِك واجب / لكن لكونك سيدا
لو كنتَ تخْلد خلد لؤْ
لو كنتَ تخْلد خلد لؤْ / مِك كنت كاسمك خالدا
أو لوْ علوتَ عُلُوَّ قَرْ / نك كنت شيخاً ماجدا
أُثني عليك ولستُ مث / لك للصنيعة جاحدا
إني وجدتُ الشتم في / ك مُواتياً ومساعدا
لو لم تكن عوني عَلَيْ / ك لقيتُ جُهْداً جاهدا
فلأَهجونَّك شاكراً / نعمى المعونة حامدا
أهجوتني وحسبتني / يا ابن الخبيثة راقدا
أحسنت ظنك بالأما / ني الكاذبات مَواعدا
فلأْتركنك بعد ظن / نِك لا تصدِّق واعدا
ولأحدُوَنَّ بك القوا / فيَ والكلام الشاردا
يا ابن اللئام بني اللئا / م بني اللئام فصاعدا
هلّا تذَكَّرتَ المصا / در إذ تَقحَّمُ واردا
لا تحملنَّ هموم أيامٍ على
لا تحملنَّ هموم أيامٍ على / يومٍ لعلَّك أن تقصِّر عن غدِه
ذَكَرَ الحبيبَ فقام فردا
ذَكَرَ الحبيبَ فقام فردا / وجفا الكرى شَغَفاً ووجدا
ذِكَراً تصيب لِوَقْعِهِن / نَ على غليل القلب بَرْدا
واستنهضَ البدنَ الكلي / ل فزاده نَهَكاً وكدّا
لم يضْطَجِعْ إلا لِيَعْ / فِر في تراب الأرض خدَّا
يا حسنه يدعو الحبي / بَ إذا رُواق الليل مُدَّا
يا سيدي إني رضي / تك سيداً فَلْأُرْضَ عبدا
ياسيدي : أنت الذي / يممت دون الحور قصدا
ولقد أَحَبَّك معشر / لِتثِيبهم مُلْكاً وخُلدا
ضدان قد جُمِعا كأنهما
ضدان قد جُمِعا كأنهما / دمعي يسيح ولوعتي تقِدُ
يا ناقد الدنيا وأنتَ أخٌ / للحسن لا ما أنت مُنْتقِدُ
يا من أُرِقَّ وحُلَّ جوهرُه / فانحلَّ حتى كاد ينعقدُ
إذ لم تزدك ولايةٌ في سؤددٍ
إذ لم تزدك ولايةٌ في سؤددٍ / كلّا ولا الأخرى محتْ لك سؤددا
أنت ابن جُؤْذُرٍ الذي فَرَع العلا / حتى لخَالتْهُ الفَراقدُ فرقدا
لا يستطيعك بالتَنَقُّصِ حادثٌ / وأبَى لك التكميلُ أن تتزيَّدا
فكأنني بك قد نجوتَ محمداً / في النائبات كما دُعيت محمدا
فطلعْتَ كالسيف الحسام مجرداً / للحق أو مثل الهلال مجددا
شهد النهارُ وكشفُه غُمَمَ الدجى / أن الزمان مُبَيِّضٌ ما سوّدا
سَيُريكَ وجهاً منه أبيض مشرقاً / عُقْبى بما لقَّاك أسْوَد أربَدا
ولذي الوزارة والإمارة صاعدٍ / رأيٌ أبَى أن لا يكون مُسدّدا
وأبو العلاء يراك نصْلاً قاطعاً / يأبى عظيمُ غَنَائه أن يغمَدا
وهو المثقِّفُ فاصطبر لِثقافِهِ / ولحَدِّ مِبْرَدِهِ لكي تحظى غدا
سيراك بالعين التي قد عُوّدَتْ / أن لا ترى إلا الرشاد الأرشدا
وإذا أقامك لم يزد في غَمْزِهِ / إياك ملتمساً لأن تتأوَّدا
حاشا الموفَّقَ في جميع أموره / أن يُصْلحَ الأشياء كيما تفْسدا
بل ما رأى عِوَجاً فظلَّ يقيمُه / لكنْ بلاكَ أبو العلاء فأَحمدا
ولربما امتَحَنَ الوليُّ وليَّهُ / ليرى له جَلَداً يغيظ الحُسَّدا
رب ليلٍ كأنه الدهر طولاً / قد تناهَى فليس فيه مزيدُ
ذي نجوم كأنهن نجوم ال / شَيْبِ ليست تزول لكن تزيدُ
وهو الشهيد عليَّ أني لم أقلْ
وهو الشهيد عليَّ أني لم أقلْ / بعض الذي قد أبدأوا وأعادوا
وَهَبِ السُّعاةَ أتوْا بحقٍّ واضحٍ / أين الكرامُ أَبُدِّلُوا أم بادوا
أين الذي قد عَوَّدُوا من عفوهم / عن من يَزِلُّ حلومُهُمْ واعتادوا
عَفْوُ الملوك عن الهُجاةِ مدائح / مدحوا نفوسَهُمُ بها فأجادوا
مدحوا نفوسهُم بحلمٍ راجحٍ / لولا عوائدُ مثلِه ما سادوا
ولقد أبوا إلا العقابَ فقادَهُمْ / نحو التَّطوُّلِ خِيمُهم فانقادوا
وهبوا لجانيها الذنوبَ وأقسموا / أن لو يعود إلى الذنوب لعادوا
ولما رَضُوا بالعفو عن ذي زَلَّةٍ / حتى أنالوا كَفَّهُ وأفادوا
منُّوا عليه وشَيَّدوا من ذكره / وبمثلها رفعوا البيوتَ وشادوا
ولئن هم منُّوا عليه لقد شَفَوْا / منه النفوس بمنِّهم وأقادوا
قطعوا لسان سَفاهِهِ فاستوثقوا / منه وأما عن أذاه فحادوا
فإذا همُ قد عاقبوه وقد عفوا / عنه لقد فعلوا الجميل وزادوا
هيهات فُتَّ الحاسدين فأذعنوا
هيهات فُتَّ الحاسدين فأذعنوا / لك بالمكارم والفَعال الأمجدِ
يتحاسدُ القومُ الذين تقاربتْ / طبقاتُهُم وتواءموا في السؤددِ
فإذا أبَرَّ مُبِرُّهُمْ وبدا لهم / تَبرْيزُه في فضله لم يُحسَدِ
من ذا تراه وإن تَوَقَّلَ في العلا / يسمو بهمَّتِه مَحَلَّ الفرقدِ
ما دَفْعُ أمري بعدَما أوليتني
ما دَفْعُ أمري بعدَما أوليتني / بِرَّ الشقيق إلى حُنُوِّ الوالدِ
ولقيتَني فلقيتني متهلِّلاً / كالغيث بشَّر بالمعاش الراغِد
إن المطالَ ولستَ من أصحابه / كَدَرُ الصّنيعةِ والفَعالِ الماجِدِ
ورأيتُه خُلُقاً لكلِّ محاولٍ / من نفسه إيقاظَ جُودٍ راقدِ
لا بل لكل مُزاول من نفسه / إحْياءَ ميْتٍ من طِباعٍ هامدِ
ولك المعاذةُ والسلامةُ منهما / بمَحاتِدٍ لك هن خير مَحَاتدِ
حاشاك من خلُقِ المجاهِد لؤْمَهُ / واللؤْمُ شَرُّ مُجاهَدٍ لمجاهِدِ
يُمْسِي ويُصبح في رياضَةِ نفسه / لتطيبَ عن رِفْدٍ وليس برافدِ
لأبي المهنَّد في الموا
لأبي المهنَّد في الموا / طن كلِّها صفةُ المهنَّدْ
لألاؤه وَمَضاؤه / وغناؤه في كل مشهدْ
وله حلاوة قَدِّه / والحلم منه حين يُغْمَدْ
فإذا تجرد للشِّيا / ح فإنه سيف مجرَّدْ
فمتى رأى زللاً أقا / لَ وإن رأى خللاً تغمَّدْ
ويُعدُّ ظلماً أن يَعُد / دَ المخطئين كمن تعمَّدْ
يعطي بلا وعْدٍ ويخ / لف في الوعيد إذا توعَّدْ
فإذا تمرَّدَ حائنٌ / صدق الوعيد وما تمرَّدْ
ويخافه القوم البُرا / ء وما أخاف وما تهدَّدْ
لكنه لبس المها / بة فالفرائصُ منه تُرْعَدْ
وإذا ارتأى فكمن رأى / وإذا سها فكمن تفقَّدْ
وإذا تفقَّد أمرَه / فهو الشهاب إذا تَوَقَّدْ
أكثرتُ من معروفه / إذ لم يقل رجل تَزوَّدْ
وهَمَمْتُ أنْ أَغْنى بذا / ك فقال عُدْ فالعود أحمدْ
وسألتُه نصري على / زمني فأنجد ثم أنجدْ
وكأنني بي قائل / زرتُ الحيا فحبا وأمجدْ
هذا لعمرك سُؤدد / لكنه أيضاً مؤكَّدْ
يا ابن المقيم بآمد / بأبي أبوك ومن تأمَّدْ
جدَّدْتَ مجداً لم يزل / يُبنَى على مجد يؤبَّدْ
وكَفَاك من مجدٍ إذا اج / تمع المؤبَّد والمجدَّدْ
إني إخالك تسْتَقِلُّ من الجَدا
إني إخالك تسْتَقِلُّ من الجَدا / ميسورَة فتكِيعُ حين تُكادُ
لا تحقِرنَّ من الصِّلات قليلةً / تكفي فجودك بالسَّداد سدادُ
لا سيما والعذر في تقليلها / أنَّ امتنانك مُبْدَأٌ ومُعادُ
تاللّه ما خسَّتْ خسيسةُ رافد / أفنت كرائمَ مالِه الأرفادُ
إن الذي يعطِي خسيسة ماله / إذ لا كريمةَ عنده لجَوادُ
لا تنس أن اللّه قد وَعَدَ الندى / أن لا تخون وليَّهُ الأمداد
من لم يزل والبرُّ أكبر همِّهِ / وصلت سواعدَ أمره أعضادُ
والحر من أضحى وقرَّةُ عينه / في المال ينقُص والعلا تزدادُ
ولقد رأى كلَّ الرياح معاشر / في الوفْر يُهْدَمُ والثناءُ يشادُ
والخلدُ أن تُلْفَى تجودُ وتعتلي / والموت أن تلْفى وأنت جمادُ
فمتى بذلتَ فللبقاء تَنَفُّسٌ / ومتى كنزت فللبقاءِ نفادُ
يبقى الفتى بعد الممات بفعله / أبداً ويَدْثُرُ يَذْبُلٌ ونَضَادُ
فاشْدُدْ بنيتك الجميلةِ قبضةً / فَلَيُنْجَزَنَّ وعيشِك الميعادُ
واعلم بأن اللّه في ملكوته / لم يخل منه لمحسن مرصادُ
من كان خاب فلم يَخِبْ متحقِّقٌ / بالعرف زرَّاعٌ له حصَّادُ
لو لم يكن في العرف إلا أنه / جُنْدٌ يقاتل عنك بل أجنادُ
خلَّفتُ أهلي في ذراك وإنه / للاجئين لمَلْجأ ومَصَادُ
أضحوا بمنزلة الضياع وإنما / أهلُ الفتى لرئيسه أولادُ
وقد اقتضوا أرزاقهم وتردَّدوا / حتى لَشقَّ عليهِمُ التردادُ
فتعذَّرتْ طلباتُهم وَتَنَهْنَهُوا / مثل الحوائم ذادها الذُّوَّادُ
فأهِبْ بشاردهم إليك وأرْوِهِمْ / من جَمَّةٍ يُروَى بها الورَّادُ
واحمل غُثاءهُم كحملك كَلَّهُمْ / فلذاك عدَّك وحدَك العُدّادُ
ولذاك قيل منوِّلٌ ومهنئٌ / نعماه حين يُنكِّدُ الأنكادُ
اللَّه في أهلي فإنك جارُهُمْ / لا تَضْرِبَنَّ عليهمُ الأسدادُ
إكفِ الضعافَ اللائي أنت ثمالُهُمْ / مُؤَنَ العناء فإنهنّ شِدادُ
لا تجشِمَنْ أهلي إليك وفادةً / لِيَفِدْ عليهمْ برُّك الوَفّادُ
واَنفِ السَّوادَ عن البياض فإنه / ما في بياض يد الكريم سوادُ
يُسْدِي السحابُ إلى البعيد يُغِيثُه / فَيطَلُّ منه وادعاً ويُجادُ
ولأنت أولى أن يجود لمجْدِبٍ / عفواً ولم تُشدَد له أقتادُ
ها قد أثَرْتُ عليك وحْشيَّ العلا / فاصطد فإنك للعلا صيّادُ
نبَّهْتُ للكَرمِ الغريب ولم يكُنْ / بك قبل تَنْبِيهيك عنه رُقادُ
بل أنت أوْلى أن تكون منبِّهي / بمذاهب لك كلُّهن رشادُ
فابدأ مكارِمَكَ التي عوَّدتها / وابدأ فإنك بادئٌ عوّادُ
عَلِّمْ غرائبك الرجالَ فطالما / عَلَّمْتَ كيف تُمجَّد الأمجادُ
لا يكبُرَنَّ عليك في جَنْبِ العُلا / ما قد سألتُك فالعلا أطْوادُ
ولقد أحمِّلُك الثقيلَ لأنني / خبِرٌ بأنك حامل معتادُ
ولكي ترى ثقتي بطَوْلك أو يرى / كيف احتمالك معشرٌ أوغادُ
ولتشهدن بأنني بك واثق / ولتشهدن بفضلك الأشهادُ
يا من يعادي الأصدقاءُ علاءه / أبداً ويَشْنأ مجدَه الوُدَّادُ
حسداً لمن يمسي ويصبح حاملاً / كَتداهُ ما لا تحمل الأكتادُ
ممَّنْ يَبُزُّ الناسَ منْفوسَ العلا / وعليه من منفوسها أبرادُ
صبٌّ بحب المكرمات مُتيَّمٌ / ما تيمته فَرْتَنى وسعادُ
يغدو صحيحاً ما غدا وعطاؤه / متيسِّرٌ وثناؤه منقادُ
فإذا اشتكى عللَ النوال نوالُه / أعداه ذاك فعاده العُوّادُ
وغدا مريض النفس وهو صحيحها / حتى يثوب الوَفْر والمرتادُ
وبدت عليه من الحياء غَضاضةٌ / أو يرجعَ المرتاد وهو مُفادُ
للّه طوْلك يا محمد إنه / لَيثور منه الشكْرُ والأحقادُ
تعطي الجزيل فتسترقُّ رقابنا / فتلين ثَمَّ وتغلُظُ الأكبادُ
لا تعدم الطَّوْل الذي انفردت به / كفاك وازدوجت له الأفرادُ
يا من تفرقت العلا في غيره / واستجمعت فيه العلا الأضدادُ
وإذا غدا حسَّاده وعُداته / ظُلِم العُداة وأنُصف الحسادُ
من ذا يعادي الغيث أم من ذا يُرَى / إلا من الحساد حين يُسادُ
يجد المذاهب مادحوك ولم يزل / لمُريغ مدحك مذهب ومَرَادُ
حتى إذا ما قال فيك كأنه / قُطعَتْ به الأشباهُ والأندادُ
لَؤُمَ الرجالُ فزهَّدوا ذا رغبة / وكرمت حتى استرغب الزهادُ
لو أصبح السادات مثلك سؤدداً / وَفت العِداتُ وأخلف الإيعادُ
خذها فإنك في الرجال وإنها / من صفو ما يتنقَّدُ النقادُ
ولئن غدوت كما دُعيتَ محمداً / إني لما أوليتَ لَلْحمَّادُ
ولئن قصدتك ما قصدتُك خابطاً / بالظن بل رادتك لي رُوِّادُ
عَمَّتْ أيُورَ النائكي
عَمَّتْ أيُورَ النائكي / نَ بِنَيْلها وبرفْدِها
شفعت إليهم في عُمْي / رَة فانتهوْا عن جَلْدِها
أغْنتهُمُ عن ذاك لا / ذاقوا مرارة فقدها
إلا على ما لستَ تملك بذْله
إلا على ما لستَ تملك بذْله / من صدْق بأس أو براعة جودِ
أدعو على الشُّعراء أخبثَ دعوة
أدعو على الشُّعراء أخبثَ دعوة / إذْ مجَّدُوك وغيرُك الأمجادُ
قل لي بأية حيلة أعملْتَها / هتفوا بأنك لا حُفِظْتَ جوادُ
فَلَتِلْكَ أحسنُ من نوالك موقعاً / والعِلم أفضلُ ما أراه يُفادُ
لقد استفاض لك الثناءُ بحيلةٍ / صعْبُ الأمورِ بمثلها ينقادُ
لو أنَّها عندي غدوتُ مخلَّداً / ما خُلِّدتْ أمُّ الهضاب نَضَادُ
حتى كأنِّي في صرارك درهمٌ / أو في مَزاودك الحريزة زادُ
بل ما عهدتُك وارتيادُك بالغٌ / بك حيلةً يرتادها المرتادُ
أنَّى وأنتَ مضلَّلٌ لا تهتدي / رُشداً ولا يَهْديكَه إرشادُ
ما كان مِثْلُكَ يهتدي لمحالة / حاشاك ذاك وأنْ تكون تُكادُ
لكنَّ جدْبَ الناس طال فأصبحوا / يُرضيهمُ الإبراقُ والإرعادُ
نحلَتْكَ حَمْدَ الحامديك مَواعدٌ / كُذُبٌ تجودُ بها وأنت جمادُ
بل ليس في الأفقين منك سحابةٌ / للوعْدِ مِبراقٌ ولا مرْعادُ
ولأنت أحْسَمُ للمطامع والمنى / من ذاك حين يَشيمُك الروَّادُ
أنت الذي آلى بكلِّ أليَّةٍ / ألا يُبَلَّ بريقه ميعادُ
بل أنت أجدر حين تُسْأَل أن تُرى / ومكان وعدك سائلاً إيعادُ
ما أنت والمعروف أو مفتاحُه / ذهبتْ بذَينك دونك الأجوادُ
لكن إخال معاشراً خيَّبتهُمْ / نصبوا الحبائل للأُسى فأجادوا
أثنوا عليك ليستميحك غيرُهُمْ / فيخيبَ خيبتَهم وتلك أرادوا
أعيى عليهم صيدُ مالك فاغتدوا / يتعلَّلون بأُسْوةٍ تُصطادُ
ولهم أُسىً متقدماتٌ جمَّةٌ / لكن أحبَّ القوْم أن يزدادوا
أُثني عليك بمثل ريحك ميِّتاً / في غبِّ يوم تزفُّك الأعوادُ
ولما صداك إذا نُبِشْتَ لثالثٍ / من مُلْحَدٍ وضجيعُك الإلحادُ
يوماً بأنتن منك حيّاً تُجتَدى / لا زال نتنُك دائباً يزدادُ
وغدت بجودك شبهةٌ خدَّاعةٌ / قامتْ ببخلك بعدها الأشهادُ
أرويتُ بالإصدار عنك حوائمي / لما أطال غليلَها الإيرادُ
وسلوتُ ذكراك التي من مثلها / تَجْوى القلوبُ وتقْرحُ الأكبادُ
آنستُ صدراً طالما أوحشْتَه / لا زال يُؤنس رحْلَك العُوَّادُ
وكأنَّ ذاك الذكْر أسودُ يعْتري / منه سويداء الفؤاد سَوادُ
بل إنما اتصلتْ بذكرك خَطْرَتي / أيامَ صدري ليس فيه فؤادُ
فاذهب كما ذهب السَّقَامُ إلى التي / ما بعدها للذاهبين معادُ
لا تَبْعدنَّ من الذي تُكْنَى به / وهو الذي تفسيرُه الإبعادُ
شاورتَ فيَّ وفي ثوابي خالياً / رأياً لعمرك لا يليه سدادُ
فأراك حرماني وقال قوارصٌ / تأتيك أنت لمثلها معتادُ
خَيَّبْتَني ثقةً بلؤمك إنه / لمن استعد لشاتمٍ لَعتادُ
عن مثله نكص الهجاء مقهقِراً / ونَبَتْ سيوفُ الشتم وهي حِدادُ
لا أنَّ لؤمَك جُنَّة لكنه / نَجَسٌ يعاف ورودَه الورَّادُ
كم ذاد عنك من الهجاء غريبةً / لا يستطيع ذِيادها الذُّوَّادُ
فاشكره إن خلَّاك تشكر منعماً / سُدٌّ أمامك منه بل أسدادُ
لو رُمْتَ صالحةً لغالك دونها / سجنٌ وقيدٌ منه بل أَقيادُ
لا زال ذاك السجن منك مظنةً / وتضاعفتْ فيه لك الأصفادُ
لؤْمٌ أبى لك شكْرَ ما أولاكَهُ / والشرُّ منه لنفْسِه أمْدادُ
وأما وذاك اللؤم لؤْماً إنه / لؤمٌ سبقتَ به الزمان تِلادُ
لئن اجتوتك له شتائم أصبحتْ / من شتمها إياه وهي تعادُ
لَتُلاقِينَّ شتائمي ناريَّةً / لا يجتويك حريقُها الوقَّادُ
فكذاك نار الهُون تَرْأم أهلها / حتى كأنَّهُمُ لها أولادُ
فاهرُبْ وأينَ بهاربٍ من طالبٍ / في كلِّ مُطَّلعٍ له مرصادُ
خذها إليك من الملابس ملبساً / تشقى به الأرواحُ والأجسادُ
ضَنْكاً إذا زُرَّتْ عليك زُرُورُه / ضاق الخناق فلم يَسَعْكَ بلادُ
ولئنْ شقيت بلُبْسِ بردٍ مثلها / فلطالما شقِيَتْ بك الأبرادُ
ولتخْزَيَنَّ بها إذا ما أنشدتْ / أضعافَ ما يُزْهَى بها الإنشادُ
لا تفرحنَّ بحسنها وجمالها / فليرحمنك فيهما الحسَّادُ
ولأرمينَّك بعدها بقصائد / فيها لكل رَميَّةٍ إقصادُ
لو خَيَّسَتْ فرعونَ ذلَّ لوقعها / فرعونُ ذو الأوتاد والأوتادُ
عُتْباك منها أن غضبْتَ مقالتي / ستُزادُ يا ابن مدبّرٍ وتُزادُ
من كل سائرةٍ بذمِّك يَرْتمي / بِركابها الأغْوار والأنجادُ
شنعاء تُضْرم فيك نار شناعةٍ / تبقى نوائرُها وأنت رمادُ
تحْبوك بدْأتُها بذكْرٍ نابِهٍ / عُقباه إخْمالٌ هو الإخْمادُ
ولَقلَّ ما يُجْدِي على متبجِّحٍ / ذكْرٌ يُماتُ بنَشْرِه فيُبادُ
ما ينفع الحطبَ المحَرَّقَ في الصِّلا / ضوءٌ جريرتُه عليه فسادُ