بان الخليط فأدلجوا بسَوادِ
بان الخليط فأدلجوا بسَوادِ / وأجَدَّ بينهمُ على مِيعادِ
لما بدا وهجُ السُموم وعارضت / هِيفُ الجنوب أوائل الأورادِ
وَتصَوّبت سورُ الإخاذ وذكّرت / بالعَدّ من هو بالتّنوفة بادِ
وجرى السراب على الأماعز بعدما / خبَّ السّفا بظواهر الاسنادِ
كرهوا الرواح فعّوضوا بأصيله / ودعا برائحة الجمال منادى
بجوازئ كصفا الأصيل تَرَبّعت / مُستنّ أوليةٍ وَصوبَ عِهادِ
في سَامِق غَرِدِ الذُّباب تَرَى له / محناً بكلِّ قرارةٍ ووِهادِ
حتى إذا عَفت السُّحوجُ وغمّها / فيُّ الكُلى ومواضعُ الاقتادِ
طارت عَقايقُها وقد عَلقَ السَّفا / خَذماً بجلتها من الاقيادِ
وسَعى القِطينُ فصافحت برؤوسها / خدرُ الأزمةِ أيدي الأوغادِ
وعَرَفن عادَتهُنّ ثم مَنعنها / من كبرياء بِهنّ غير شِرَادِ
جَنّى إذا علقت أزمتها البُرى / راجَعن دِل نَجابَةٍ وقيادِ
غُلب الرّقاب كأن هام رؤوسها / من فوق أعينُها مقابرُ عادِ
من كلِّ مختلفِ الشؤون مُفَرجٍ / صَعق الشَّباة يهمُّ بالإيعاد
وكسين من رَبذِ الأشلّة زينة / حين استباق من الصباح هوادي
ثم استقلّ مُنعّماتٌ كالدّمى / شُمُسُ العِتابِ قليلة الأحقادِ
كُذُبُ المواعِد لا يَزال أخو الصِّبا / منهُنّ بين مودَّةٍ وبعادِ
حتى ينالَ حبالَهُنّ تخلّباً / عَقلَ الشريد وهُنّ غيرُ شِرادِ
والحبُّ يَعطِفُ بعد هجر بيننا / وبَهيجُ مُغتَبطاً لغيرِ تَعادِ
كالحائمات يَرين شِرباً دونه / رصَدُ الشَريعةِ والقلوبُ صَوادي
ولقد نَظَرت ورَدَّ نظرَتَك الهوى / بكثيب تَلعَةَ والقلوب صَوادي
والآل يتّضعُ الحِدابَ وتَغتلى / بزُلُ الجمال إذا تَشنَّعَ حادي
كالزَّنبريِّ تقاذَفَتهُ لُجَّة / يَصدَ عَنها بكلا كِل وهوادي
في مَوجِ ذي حَدَب كأنّ سفينَهُ / دون السماء على ذُرى أطوادِ
إنا لننفعُ من أردنا نفَعهُ / ويخافُ صَولتنا الذين نُعادى
والموتُ يُولعُ كلّ يوم وقيعةٍ / منّا بأهلِ سماحةٍ وذِيادِ
أمثالِ عُقبةَ والعلاءِ وعامرٍ / والسَّجفِ غير مُغمَّر وزيادِ
كانوا إذا نَهلَ القَنَا بأكُفّهم / سلبوا السيوفَ أعالي الأغمادِ
فتيانُ مكرُمَةٍ وشيبٌ سادةٌ / مُثرُونَ ليس بحورُهم بثمادِ
وهُمُ الحماةُ إذا النساء استعبرت / والمطعمونُ عشيّةَ الصُّرادِ
ولقد عَلمتُ ولو مَضوا لسبيلهم / وأطالَ ذكرَهُمُ ضميرُ فؤادي
أن المُصابَ وإن تلَّبثَ بَعدَه / كرواح مُرتحِلٍ وآخر غادي