المجموع : 20
بِأَبي وَروحي الناعِماتِ الغيدا
بِأَبي وَروحي الناعِماتِ الغيدا / الباسِماتِ عَنِ اليَتيمِ نَضيدَ
الرانِياتِ بِكُلِّ أَحوَرَ فاتِرٍ / يَذُرُ الخَلِيَّ مِنَ القُلوبِ عَميدا
الراوِياتِ مِنَ السُلافِ مَحاجِراً / الناهِلاتِ سَوالِفاً وَخُدودا
اللاعِباتِ عَلى النَسيمِ غَدائِراً / الراتِعاتِ مَعَ النَسيمِ قُدودا
أَقبَلنَ في ذَهَبِ الأَصيلِ وَوَشيِهِ / مِلءَ الغَلائِلِ لُؤلُؤاً وَفَريدا
يَحدِجنَ بِالحَدقِ الحَواسِدِ دُميَةً / كَظِباءِ وَجرَةَ مُقلَتَينِ وَجيدا
حَوَتِ الجَمالَ فَلَو ذَهَبتَ تَزيدُها / في الوَهمِ حُسناً ما اِستَطَعتَ مَزيدا
لَو مَرَّ بِالوِلدانِ طَيفُ جَمالِها / في الخُلدِ خَرّوا رُكَّعاً وَسُجودا
أَشهى مِنَ العودِ المُرَنَّمِ مَنطِقاً / وَأَلَذُّ مِن أَوتارِهِ تَغريدا
لَو كُنتَ مُطلِقَ السُجَناءِ لَم / تُطلِق لِساحِرِ طَرفِها مَصفودا
ما قَصَّرَ الرُؤَساءُ عَنهُ سَعى لَهُ / سَعدٌ فَكانَ مُوَفَّقاً وَرَشيدا
يا مِصرُ أَشبالُ العَرينِ تَرَعرَعَت / وَمَشَت إِلَيكِ مِنَ السُجونِ أُسودا
قاضى السِياسَةِ نالَهُم بِعِقابِهِ / خَشِنَ الحُكومَةِ في الشَبابِ عَتيدا
أَتَتِ الحَوادِثُ دون عَقدِ قَضائِهِ / فَاِنهارَ بَيِّنَةً وَدُكَّ شَهيدا
تَقضي السِياسَةُ غَيرَ مالِكَةٍ لِما / حَكَمَت بِهِ نَقضاً وَلا تَوكيدا
قالوا أَتَنظُمُ لِلشَبابِ تَحِيَّةً / تَبقى عَلى جيدِ الزَمانِ قَصيدا
قُلتُ الشَبابُ أَتَمُّ عِقدَ مَآثِرٍ / مِن أَن أَزيدَهُمو الثَناءَ عُقودا
قَبِلَت جُهودَهُمُ البِلادُ وَقَبَّلَت / تاجاً عَلى هاماتِهِم مَعقودا
خَرَجوا فَما مَدّوا حَناجِرَهُم وَلا / مَنّوا عَلى أَوطانِهِم مَجهودا
خَفِيَ الأَساسُ عَنِ العُيونِ تَواضُعاً / مِن بَعدِ ما رَفَعَ البِناءَ مَشيدا
ما كانَ أَفطَنَهُم لِكُلُّ خَديعَةٍ / وَلِكُلِّ شَرٍّ بِالبِلادِ أُريدا
لَمّا بَنى اللَهُ القَضِيَّةَ مِنهُمُ / قامَت عَلى الحَقِّ المُبينِ عَمودا
جادوا بِأَيّامِ الشَبابِ وَأَوشَكوا / يَتَجاوَزونَ إِلى الحَياةِ الجودا
طَلَبوا الجَلاءَ عَلى الجِهادِ مَثوبَةً / لَم يَطلُبوا أَجرَ الجِهادِ زَهيدا
وَاللَهِ ما دونَ الجَلاءِ وَيَومِهِ / يَومٌ تُسَمّيهِ الكِنانَةُ عيدا
وَجَدَ السَجينُ يَداً تُحَطِّمُ قَيدَهُ / مَن ذا يُحَطِّمُ لِلبِلادِ قُيودا
رَبِحَت مِنَ التَصريحِ أَنَّ قُيودَها / قَد صِرنَ مِن ذَهَبٍ وَكُنَّ حَديدا
أَوَ ما تَرونَ عَلى المَنابِعِ عُدَّةً / لا تَنجَلي وَعَلى الضِفافِ عَديدا
يا فِتيَةَ النيلِ السَعيدِ خُذوا المَدى / وَاِستَأنِفوا نَفَسَ الجِهادِ مَديدا
وَتَنَكَّبوا العُدوانَ وَاِجتَنِبوا الأَذى / وَقِفوا بِمِصرَ المَوقِفَ المَحمودا
الأَرضُ أَليَقُ مَنزِلاً بِجَماعَةٍ / يَبغونَ أَسبابَ السَماءِ قُعودا
أَنتُم غَداً أَهلُ الأُمورِ وَإِنَّما / كُنّا عَلَيكُم في الأُمورِ وُفودا
فَاِبنوا عَلى أُسُسِ الزَمانِ وَروحِهِ / رُكنَ الحَضارَةِ باذِخاً وَشَديدا
الهَدمُ أَجمَلُ مِن بِنايَةِ مُصلِحٍ / يَبني عَلى الأُسُسِ العِتاقِ جَديدا
وَجهُ الكِنانَةِ لَيسَ يُغضِبُ رَبَّكُم / أَن تَجعَلوهُ كَوَجهِهِ مَعبودا
وَلّوا إِلَيهِ في الدُروسِ وُجوهَكُم / وَإِذا فَرَغتُمُ وَاِعبُدوهُ هُجودا
إِنَّ الَّذي قَسَمَ البِلادَ حَباكُمُ / بَلَداً كَأَوطانِ النُجومِ مَجيدا
قَد كانَ وَالدُنيا لُحودٌ كُلُّها / لِلعَبقَرِيَّةِ وَالفُنونِ مُهودا
مَجدُ الأُمورِ زَوالُهُ في زَلَّةٍ / لا تَرجُ لِاِسمِكَ بِالأُمورِ خُلودا
الفَردُ بِالشورى وَبِاِسمِ نَدِيِّها / لُفِظَ الخَليفَةُ في الظَلامِ شَريدا
خَلَعَتهُ دونَ المُسلِمينَ عِصابَةٌ / لَم يَجعَلوا لِلمُسلِمينَ وُجودا
يَقضونَ ذَلِكَ عَن سَوادٍ غافِلٍ / خُلِقَ السَوادُ مُضَلَّلاً وَمَسودا
جَعَلوا مَشيئَتَهُ الغَبِيَّةَ سُلَّماً / نَحوَ الأُمورِ لِمَن أَرادَ صُعودا
إِنّي نَظَرتُ إِلى الشُعوبِ فَلَم أَجِد / كَالجَهلِ داءً لِلشُعوبِ مُبيدا
الجَهلُ لا يَلِدُ الحَياةَ مَواتُهُ / إِلّا كَما تَلِدُ الرِمامُ الدودا
لَم يَخلُ مِن صُوَرِ الحَياةِ وَإِنَّما / أَخطاهُ عُنصُرُها فَماتَ وَليدا
وَإِذا سَبى الفَردُ المُسَلَّطُ مَجلِساً / أَلفَيتَ أَحرارَ الرِجالِ عَبيدا
وَرَأَيتَ في صَدرِ النَدِيِّ مُنَوَّماً / في عُصبَةٍ يَتَحَرَّكونَ رُقودا
الحَقُّ سَهمٌ لا تَرِشهُ بِباطِلٍ / ما كانَ سَهمُ المُبطِلينَ سَديدا
وَاِلعَب بِغَيرِ سِلاحِهِ فَلَرُبَّما / قَتَلَ الرِجالَ سِلاحُهُ مَردودا
قِف ناجِ أَهرامَ الجَلالِ وَنادِ
قِف ناجِ أَهرامَ الجَلالِ وَنادِ / هَل مِن بُناتِكَ مَجلِسٌ أَو نادِ
نَشكو وَنَفزَعُ فيهِ بَينَ عُيونِهِم / إِنَّ الأُبُوَّةَ مَفزِعُ الأَولادِ
وَنَبُثُّهُم عَبَثَ الهَوى بِتُراثِهِم / مِن كُلِّ مُلقٍ لِلهَوى بِقِيادِ
وَنُبينُ كَيفَ تَفَرَّقَ الإِخوانُ في / وَقتِ البَلاءِ تَفَرُّقَ الأَضدادِ
إِنَّ المَغالِطَ في الحَقيقَةِ نَفسَهُ / باغٍ عَلى النَفسِ الضَعيفَةِ عادِ
قُل لِلأَعاجيبِ الثَلاثِ مَقالَةً / مِن هاتِفٍ بِمَكانِهِنَّ وَشادِ
لِلَّهِ أَنتِ فَما رَأَيتُ عَلى الصَفا / هَذا الجَلالَ وَلا عَلى الأَوتادِ
لَكِ كَالمَعابِدِ رَوعَةٌ قُدسِيَّةٌ / وَعَلَيكِ روحانِيَّةُ العُبّادِ
أُسِّستِ مِن أَحلامِهِم بِقَواعِدٍ / وَرُفِعتِ مِن أَخلاقِهِم بِعِمادِ
تِلكَ الرِمالُ بِجانِبَيكِ بَقِيَّةٌ / مِن نِعمَةٍ وَسَماحَةٍ وَرَمادِ
إِن نَحنُ أَكرَمنا النَزيلَ حِيالَها / فَالضَيفُ عِندَكِ مَوضِعُ الإِرفادِ
هَذا الأَمينُ بِحائِطَيكِ مُطَوِّفاً / مُتَقَدِّمَ الحُجّاجِ وَالوُفّادِ
إِن يَعدُهُ مِنكِ الخُلودُ فَشَعرُهُ / باقٍ وَلَيسَ بَيانُهُ لِنَفادِ
إيهِ أَمينُ لَمَستَ كُلَّ مُحَجَّبٍ / في الحُسنِ مِن أَثَرِ العُقولِ وَبادي
قُم قَبِّلِ الأَحجارَ وَالأَيدي الَّتي / أَخَذَت لَها عَهداً مِنَ الآبادِ
وَخُذِ النُبوغَ عَنِ الكِنانَةِ إِنَّها / مَهدُ الشُموسِ وَمَسقَطُ الآرادِ
أُمُّ القِرى إِن لَم تَكُن أُمَّ القُرى / وَمَثابَةُ الأَعيانِ وَالأَفرادِ
مازالَ يَغشى الشَرقَ مِن لَمَحاتِها / في كُلِّ مُظلِمَةٍ شُعاعٌ هادي
رَفَعوا لَكَ الرَيحانَ كَاِسمِكَ طَيِّباً / إِنَّ العَمارَ تَحِيَّةُ الأَمجادِ
وَتَخَيَّروا لِلمِهرَجانِ مَكانَهُ / وَجَعَلتُ مَوضِعَ الاِحتِفاءِ فُؤادي
سَلَفَ الزَمانُ عَلى المَوَدَّةِ بَينَنا / سَنَواتُ صَحوٍ بَل سَناتُ رُقادِ
وَإِذا جَمَعتَ الطَيِّباتِ رَدَدتَها / لِعَتيقِ خَمرٍ أَو قَديمِ وِدادِ
يا نَجمَ سورِيّا وَلَستَ بِأَوَّلٍ / ماذا نَمَت مِن نَيِّرٍ وَقّادِ
أُطلُع عَلى يَمَنٍ بِيُمنِكَ في غَدٍ / وَتَجَلَّ بَعدَ غَدٍ عَلى بَغدادِ
وَأَجِل خَيالَكَ في طُلولِ مَمالِكٍ / مِمّا تَجوبُ وَفي رُسومِ بِلادِ
وَسَلِ القُبورَ وَلا أَقولُ سَلِ القُرى / هَل مِن رَبيعَةَ حاضِرٌ أَو بادي
سَتَرى الدِيارَ مِنِ اِختِلافِ أُمورِها / نَطَقَ البَعيرُ بِها وَعَيَّ الحادي
قَضَّيتَ أَيّامَ الشَبابِ بِعالَمٍ / لَبِسَ السِنينَ قَشيبَةَ الأَبرادِ
وَلَدَ البَدائِعَ وَالرَوائِعَ كُلَّها / وَعَدَتهُ أَن يَلِدَ البَيانَ عُوادي
لَم يَختَرِع شَيطانَ حَسّانٍ وَلَم / تُخرِج مَصانِعُهُ لِسانَ زِيادِ
اللَهُ كَرَّمَ بِالبَيانِ عِصابَةً / في العالَمينَ عَزيزَةَ الميلادِ
هوميرُ أَحدَثُ مِن قُرونٍ بَعدَهُ / شِعراً وَإِن لَم تَخلُ مِن آحادِ
وَالشِعرُ في حَيثُ النُفوسِ تَلَذُّهُ / لا في الجَديدِ وَلا القَديمِ العادي
حَقُّ العَشيرَةِ في نُبوغِكَ أَوَّلٌ / فَاِنظُر لَعَلَّكَ بِالعَشيرَةِ بادي
لَم يَكفِهِم شَطرُ النُبوغِ فَزُدهُمُ / إِن كُنتَ بِالشَطرَينِ غَيرَ جَوادِ
أَو دَع لِسانَكَ وَاللُغاتِ فَرُبَّما / غَنّى الأَصيلُ بِمَنطِقِ الأَجدادِ
إِنَّ الَّذي مَلَأَ اللُغاتِ مَحاسِناً / جَعَلَ الجَمالَ وَسَرَّهُ في الضادِ
يا غابَ بولونَ وَلي
يا غابَ بولونَ وَلي / ذِمَمٌ عَلَيكَ وَلي عُهود
زَمَنٌ تَقَضّى لِلهَوى / وَلَنا بِظِلِّكَ هَل يَعود
حُلُمٌ أُريدُ رُجوعَهُ / وَرُجوعُ أَحلامي بَعيد
وَهَبِ الزَمانَ أَعادَها / هَل لِلشَبيبَةِ مَن يُعيد
يا غابَ بولونَ وَبي / وَجدٌ مَعَ الذِكرى يَزيد
خَفَقَت لِرُؤيَتِكَ الضُلو / عُ وَزُلزِلَ القَلبُ العَميد
وَأَراكَ أَقسى ما عَهِد / تُ فَما تَميلُ وَلا تَميد
كَم يا جَمادُ قَساوَةً / كَم هَكَذا أَبَداً جُحود
هَلّا ذَكَرتَ زَمانَ كُنّا / وَالزَمانُ كَما نُريد
نَطوي إِلَيكَ دُجى اللَيا / لي وَالدُجى عَنّا يَذود
فَنَقولُ عِندَكَ ما نَقو / لُ وَلَيسَ غَيرُكَ مَن يُعيد
نُطقي هَوىً وَصَبابَةٌ / وَحَديثُها وَتَرٌ وَعود
نَسري وَنَسرَحُ في فَضا / ئِكَ وَالرِياحُ بِهِ هُجود
وَالطَيرُ أَقعَدَها الكَرى / وَالناسُ نامَت وَالوُجود
فَنَبيتُ في الإيناسِ يَغ / بُطُنا بِهِ النَجمُ الوَحيد
في كُلِّ رُكنٍ وَقفَةٌ / وَبِكُلِّ زاوِيَةٍ قُعود
نَسقي وَنُسقى وَالهَوى / ما بَينَ أَعيُنِنا وَليد
فَمِنَ القُلوبِ تَمائِمٌ / وَمِنَ الجُنوبِ لَهُ مُهود
وَالغُصنُ يَسجُدُ في الفَضا / ءِ وَحَبَّذا مِنهُ السُجود
وَالنَجمُ يَلحَظُنا بِعَي / نٍ ما تَحولُ وَلا تَحيد
حَتّى إِذا دَعَتِ النَوى / فَتَبَدَّدَ الشَملُ النَضيد
بِتنا وَمِمّا بَينَنا / بَحرٌ وَدونَ البَحرِ بيد
لَيلي بِمِصرَ وَلَيلُها / بِالغَربِ وَهوَ بِها سَعيد
الرُشدُ أَجمَلُ سيرَةً يا أَحمَدُ
الرُشدُ أَجمَلُ سيرَةً يا أَحمَدُ / وُدُّ الغَواني مِن شَبابِكَ أَبعَدُ
قَد كانَ فيكَ لِوُدِّهِنَّ بَقِيَّةٌ / وَاليَومَ أَوشَكَتِ البَقِيَّةُ تَنفَدُ
هاروتُ شِعرِكَ بَعدَ ماروتِ الصِبا / أَعيا وَفارَقَهُ الخَليلُ المُسعِدُ
لَمّا سَمِعنَكَ قُلنَ شِعرٌ أَمرَدٌ / يا لَيتَ قائِلَهُ الطَريرُ المُسعِدُ
ما لِلَّواهي الناعِماتِ وَشاعِرٍ / جَعَلَ النَسيبَ حِبالَةً يَتَصَيَّدُ
وَلَكَم جَمَعتَ قُلوبَهُنَّ عَلى الهَوى / وَخَدَعتَ مَن قَطَعَت وَمَن تَتَوَدَّدُ
وَسَخِرتَ مِن واشٍ وَكِدتَ لِعاذِلٍ / وَاليَومَ تَنشُدُ مَن يَشي وَيُفَنِّدُ
أَإِذا وَجَدتَ الغيدَ أَلهاكَ الهَوى / وَإِذا وَجَدتَ الشِعرَ عَزَّ الأَغيَدُ
هامَ الفُؤادُ بِشادِنٍ
هامَ الفُؤادُ بِشادِنٍ / أَلِفَ الدَلالَ عَلى المَدى
أَبكي فَيَضحَكُ ثَغرُهُ / وَالكِمُّ يَفتَحُهُ النَدى
لِلعاشِقينَ رِضاكَ وَال
لِلعاشِقينَ رِضاكَ وَال / حُسنى وَلي هَجرٌ وَصَدُّ
ذُكِروا فَكانوا سُبحَةً / وَأَنا العَلامَةُ لا تُعَدُّ
في مُقلَتَيكِ مَصارِعُ الأَكبادِ
في مُقلَتَيكِ مَصارِعُ الأَكبادِ / اللَهُ في جَنبٍ بِغَيرِ عِمادِ
كانَت لَهُ كَبِدٌ فَحاقَ بِها الهَوى / قُهِرَت وَقَد كانَت مِنَ الأَطوادِ
وَإِذا النُفوسُ تَطَوَّحَت في لَذَّةٍ / كانَت جِنايَتُها عَلى الأَجسادِ
نَشوى وَما يُسقَينَ إِلّا راحَتي / وَسنى وَما يَطعَمنَ غَيرَ رُقادي
ضَعفي وَكَم أَبلَينَ مِن ذي قُوَّةٍ / مَرضى وَكَم أَفنَينَ مِن عُوّادِ
يا قاتَلَ اللَهُ العُيونَ فَإِنَّها / في حَرِّ ما نَصلى الضَعيفُ البادي
قاتَلنَ في أَجفانِهِنَّ قُلوبَنا / فَصَرَعنَها وَسَلِمنَ بِالأَغمادِ
وَصَبَغنَ مِن دَمِها الخُدودَ تَنَصُّلاً / وَلَقينَ أَربابَ الهَوى بِسَوادِ
قِف بِاللَواحِظِ عِندَ حَدِّك
قِف بِاللَواحِظِ عِندَ حَدِّك / يَكفيكَ فِتنَةُ نارِ خَدِّك
وَاِجعَل لِغِمدِكَ هُدنَةً / إِنَّ الحَوادِثَ مِلءُ غِمدِك
وَصُنِ المَحاسِنَ عَن قُلو / بٍ لا يَدَينِ لَها بِجُندِك
نَظَرَت إِلَيكَ عَنِ الفُتو / رِ وَما اِتَّقَت سَطَواتِ حَدِّك
أَعلى رِواياتِ القَنا / ما كانَ نِسبَتُهُ لِقَدِّك
نالَ العَواذِلُ جَهدَهُم / وَسَمِعتَ مِنهُم فَوقَ جَهدِك
نَقَلوا إِلَيكَ مَقالَةً / ما كانَ أَكثَرُها لِعَبدِك
قَسَماً بِما حَمَّلتَني / فَحَمَلتُ مِن وَجدي وَصَدِّك
ما بي السِهامُ الكُثرُ مِن / جَفنَيكَ لَكِن سَهمُ بُعدِك
أَمسِ اِنقَضى وَاليَومُ مَرقاةُ الغَدِ
أَمسِ اِنقَضى وَاليَومُ مَرقاةُ الغَدِ / إِسكَندَرِيَّةُ آنَ أَن تَتَجَدَّدي
يا غُرَّةَ الوادي وَسُدَّةَ بابِهِ / رُدّي مَكانَكَ في البَرِيَّةِ يُردَدِ
فيضي كَأَمسِ عَلى العُلومِ مِنَ النُهى / وَعَلى الفُنونِ مِنَ الجَمالِ السَرمَدي
وَسِمي النَبالَةَ بِالمَلاحِمِ تَتَّسِم / وَسِمى الصَبابَةَ بِالعَواطِفِ تَخلُدِ
وَضَعي رِواياتِ الخَلاعَةِ وَالهَوى / لِمُمَثِّلينَ مِنَ العُصورِ وَشُهَّدِ
لا تَجعَلي حُبَّ القَديمِ وَذِكرَهُ / حَسَراتِ مِضياعٍ وَدَفعَ مُبَدَّدِ
إِنَّ القَديمَ ذَخيرَةٌ مِن صالِحٍ / تَبني المُقَصِّرَ أَو تَحُثُّ المُقتَدي
لا تَفتِنَنكِ حَضارَةٌ مَجلوبَةٌ / لَم يُبنَ حائِطُها بِمالِكِ وَاليَدِ
لَو مالَ عَنكِ شِراعُها وَبُخارُها / لَم يَبقَ غَيرُ الصَيدِ وَالمُتَصَيِّدِ
وُجِدَت وَكانَ لِغَيرِ أَهلِكِ أَرضُها / وَسَماؤُها وَكَأَنَّها لَم توجَدِ
جاري النَزيلَ وَسابِقيهِ إِلى الغِنى / وَإِلى الحِجا وَإِلى العُلا وَالسُؤدُدِ
وَاِبني كَما يَبنى المَعاهِدَ وَاِشرِعي / لِشَبابِكِ العِرفانَ عَذبَ المَورِدِ
إِنّي حَذِرتُ عَلَيكَ مِن أُمِّيَّةٍ / رَبَضَت كَجُنحِ الغَيهَبِ المُتَلَبِّدِ
أَخِزانَةَ الوادي عَلَيكِ تَحِيَّةٌ / وَعَلى النَدِيِّ وَكُلِّ أَبلَجَ في النَدي
ما أَنتِ إِلّا مِن خَزائِنِ يوسُفٍ / بِالقَصدِ موحِيَةٌ لِمَن لَم يَقصِدِ
قُلِّدتِ مِن مالِ البِلادِ أَمانَةً / يا طالَما اِفتَقَرَت إِلى المُتَقَلِّدِ
وَبَلَغتِ مِن إيمانِها وَرَجائِها / ما يَبلُغُ المِحرابُ مِن مُتَعَبِّدِ
فَلَوَ اَنَّ أَستارَ الجَلالِ سَعَت إِلى / غَيرِ العَتيقِ لَبِستِ مِمّا يَرتَدي
إِنّا نُعَظِّمُ فيكِ أَلوِيَةً عَلى / جَنَباتِها حَشدٌ يَروحُ وَيَغتَدي
وَإِذا طَعِمتَ مِنَ الخَلِيَّةِ شَهدَها / فَاِشهَد لِقائِدِها وَلِلمُتَجَنِّدِ
لا تَمنَحِ المَحبوبَ شُكرَكَ كُلَّهُ / وَاِقرِن بِهِ شُكرَ الأَجيرِ المُجهَدِ
إِسكَندَرِيَّةُ شُرِّفَت بِعِصابَةٍ / بيضِ الأَسِرَّةِ وَالصَحيفَةِ وَاليَدِ
خَدَموا حِمى الوَطَنِ العَزيزِ فَبورِكوا / خَدَماً وَبورِكَ في الحِمى مِن سَيِّدِ
ما بالُ ذاكَ الكوخِ صَرَّحَ وَاِنجَلى / عَن حائِطَي صَرحٍ أَشَمَّ مُمَرَّدِ
مِن كَسرِ بَيتٍ أَو جِدارِ سَقيفَةٍ / رَفَعَ الثَباتُ بِنايَةً كَالفَرقَدِ
فَإِذا طَلَعتَ عَلى جَلالَةِ رُكنِها / قُل تِلكَ إِحدى مُعجِزاتِ مُحَمَّدِ
تالله تفتأ تزدري بمحمد
تالله تفتأ تزدري بمحمد / وتسبه وتريد أن لا يعتدي
مولاي خذ للصلح جانبه فما / تدري الذي تأتي الحوادث في غد
قد أتعب الأعداء من داراهم / فأقم عدوّك بالليان وأقعد
أن الأراقم لا يطاق لقاؤها / وتنال من خلف بأطراف اليد
ما زلت أسكب دمع عيني باكيا
ما زلت أسكب دمع عيني باكيا / خالي وما خالي علىّ بعائد
حتى نظرت إلى الوجود بمقلة / ذهبت غشاوتها وطرف رائد
فرأيت دهرا ناصبا شرك الردى / والكل يدخل في شراك الصائد
يرمى بسهم طالما حاد الورى / عنه وما هو عنهم بالحائد
فهم البلى وبنو البلى خلقوا له / وتوارثوه بائدا عن بائد
هام الفؤاد بشادن
هام الفؤاد بشادن / ألف الدلال على المدى
أبكى فيضحك ثغره / والكِتم يفتحه الندى
عجبوا من المصفوع كيف تجمعت
عجبوا من المصفوع كيف تجمعت / كل البلادة عند شخص واحد
لا تعجبوا فالله صوّر وجهه / من جلمد أو من فلاذ جامد
جمع الجمودة والبرودة صدغه / فالناس تضرب في حديد بارد
للناس في أمثالهم
للناس في أمثالهم / حِكم لحافظها مفيده
الحر يكفيه اللوا / والعبد يقرع بالجريدة
أكذا تقر البيض في الأغماد
أكذا تقر البيض في الأغماد / أكذا تحين مصارع الآساد
خطوا المضاجع في التراب لفارس / جنباه مضطجع من الأطواد
مالت بقسطاس الحقوق نوازل / ومشت على ركن القضاء عواد
ورمى فحط البدر عن عليائه / رام يصيب الشمس في الآراد
قل للمنية نلت ركن حكومة / وهدمت حائط أمة وبلاد
ووقفت بين الحاسدين وبينه / يا راحة المحسود والحساد
كل له يوم وأنت بمرصد / لتصيّد الأحباب والأضداد
ما كل يوم تظفرين بمثله / إن النجوم عزيزة الميلاد
يا ساكن الصحراء منفردا بها / كالنجم أو كالسيل أو كالصاد
كم عن يمينك أو يسارك لو ترى / من فيلق متتابع الأمداد
ألقى السلاح ونام عن راياته / متبدد الأمراء والأجناد
ومصفدٍ ما داينوه وطالما / دان الرجال فبتن في الأصفاد
ومطيع أحكام المنون وطالما / سبقت لطاعته يد الجلاد
ومعانق الأكفان في جوف الثرى / بعد الطراز الفخم في الأعياد
مرت عليك الأربعون صبيحة / مر القرون على ثمود وعاد
حرص الرجال على حياة بعدها / حرض الشحيح على فضول الزاد
يابن القرى ناتل بمولدك القرى / ما لم تنله حواضر وبواد
غذتك بعد حَسَن المغبِة سائغٍ / وسقتك من جارى المياه بُراد
وتعاهدتك أشعة في شمها / ينفذن عافيةً إلى الأبراد
ونشأت بين الطاهرين سرائرا / والطاهرات الصالحات العاد
رضوات عيش في صلاح عشيرة / في طهر سقف في عفاف وساد
فُجعت بخير بُناتها ومضت به / ريح المنية قبل حين حصاد
أمسى ذووك طويلة حسراتهم / وأخوك ينشد أوثق الأعضاد
في ذمة الشبان ما استودعتهم / من خاطر وقريحة وفؤاد
ووسائل لك لا تُمل كأنها / كتب الصبابة أو حديث وداد
وخطابة في كل ناد حافل / ينصبّ آذانا إليها النادى
ومعربات كالمنار وإنها / لزيادة في رأس مال الضاد
وإذا المعرب نال أسرار اللُّغى / روَّى عبادا من إناء عباد
العلم عندك والبيان مواهب / حليتها بشمائل الأمجاد
ومن المهانة للنبوغ وأهله / شبه النبوغ تراه في الأوغاد
فتحى رئيتك للبلاد وأهلها / ولرائح فوق التراب وغاد
وسبقت فيك القائلين لمنبر / عال عليهم خالد الأعواد
ما زلت تسمع منه كل بديهة / حتى سمعت يتيمة الإنشاد
وحياة مثلك للرجال نموذج / ومماتك المثل القويم الهادى
ورثاؤك الإرشاد والعظة التي / تُلقى على العظماء والأفراد
مكسوب جاهك فوق كل مقلَّد / وطريف مجدك فوق كل تلاد
فخر الولاية والمناصب عادة / كالفخر بالآباء والأجداد
ولربما عقدا نِجادا للعصا / والصارم الماضي بغير نجاد
فافخر بفضلك فهو لا أنسابه / تبلى ولا سلطانه لنقاد
بعثوا الخلافة سيرة في النادى
بعثوا الخلافة سيرة في النادى / أين المبايع بالإمام ينادي
من بات يلتمس الخلافة في الكرى / لم يلق غير خلافة الصياد
ون ابتغاها صاحبا فمحلها / بين القواضب والقنا المياد
أو في جناحيَ عبقري مارد / يفرى السماء بِجنةٍ مراد
اليوم لا سمر الرماح بعدّة / تغنى ولا بيض الظبا بعتاد
هيهات عز سبيلها وتقطعت / دون المراد وسائل المرتاد
حلت على ذهب المعز طلاسم / ومشت على سيف المعز عوادى
أين الكرامة والوقار لجثة / نبشوا عليها القبر بعد فساد
والميت أقرب سلوة من غائبٍ / يرجى فلا يزداد غير بِعاد
قل فيم يأتمر الرجال وما الذي / يبغون من دول لحقن بعاد
مالم يِبد منها على يد أهله / أخنى عليه تطاول الآباد
لم تستقم للقوم خلف عمادهم / هل تستقيم وهم بغير عماد
غلبوا عليها الراشدين وضرجوا / أم الكتاب بجبهة السَّجاد
وبنوا على الدنيا بِجلَّق ركنها / وعلى عتو الملك في بغداد
جعلوا الهوى سلطانها ودعوا لها / من لا يسد به مكان الهادى
وأنا الذب مرّضتها في دائها / وجمعت فيه عواطف العُواد
غنيتها لحنا تغلغل في البكا / يا رب باك في ظواهر شادى
ونصرتها نصر المجاهد في ذَرا / عبدالحميد وفي جناح رشاد
ودفنتها ودفنت خير قصائدي / معها وطال بقبرها إنشادي
حتى أتُّهمت فقيل تركىّ الهوى / صدقوا هوى الأبطال ملء فؤادي
وأخي القري وإن شقيت بظلمه / أدنى إلىّ من الغريب العادي
والله يعلم ما انفردت وإنما / صوّرت شعري من شعور الوادى
كنا نعظم للهلال بقية / في الأرض من ثُكَن ومن أجناد
ونسنّ رضوان الخليفة خطة / ولكل جيل خطة ومبادى
وجه القضية غيرته حوادث / أعطت بأيد غير ذات أيادي
من سيد بالأمس ننكر قوله / صرنا لفعّال من الأسياد
إني هتفت بكل يوم بسالة / للترك لم يؤثر من الآساد
فهززت نشئاً لا يحرك للعلا / إلا بذكر وقائع الأنجاد
عصف المعلم في الصبا بذكائهم / وأصار نار شبابهم لرماد
ولو أن يوم التل يوم صالح / لحماسة لجعلته إليادى
في يوم ملّونا ويوم سقاريا / ما ليس في الأذكار والأوراد
إن العلاقة بيننا قد وثقت / فكأن عروتها من الميلاد
جرح الليلالي في ذمام الشرق في / حبل العقيدة في ولاء الضاد
لولا الأمور لسار سنته القِرى / وجرى فجاوز غاية الأرفاد
ما في بلاد أنتم نزلاؤها / إلا قضية أمة وبلاد
أتحاولون بلا جهاد خطة / لم يستطعها الترك بعد جهاد
نفضوا القنا المنصور من تبعاتها / والظافرات الحمر في الأغماد
كانت هي الداء الدخيل فأدبرت / فتماثلوا من كل داء بادى
نزعوا من الأعناق نير جبابر / جعلوا الخلافة دولة استعباد
من كل فضفاض الغرور ببرده / نمرود أو فرعون ذو الأوتاد
تَروى بطانته ويشبع بطنه / والملك غرثان الرعية صادى
مضت الخلافة والإمام فهل مضى / ما كان بين الله والعبّاد
والله ما نسى الشهادة حاضر / في المسلمين ولا تردّد بادى
خرجوا إلى الصلوات كل جماعة / تدعو لصاحبها على الأعواد
والصوم باقٍ والصلاة مقيمة / والحج ينشط في عِناق الحادى
والفطر والأضحى كعادتيهما / يتردّيان بشاشة الأعياد
إن الحضارة في اطراد جديدها / خصم القديم وحرب كل تِلاد
لا تحفظ الأشياء غير ذخائر / للعبقرية غير ذات نفاد
هي حسن كل زمان قوم رائح / وجمال كل زمان قوم غادى
تمشى شالقرون بنور كل مكرر / منها كمصباح السماء معاد
كم من محاسن لا يرثّ عتيقها / في الهجرة اجتمعت وفي الميلاد
أخذت أحاسنها الحضارة واقتنت / روح البيان وكل قول سداد
لم تحرم البؤس العزاء ولا الأولى / ضلوا الرجاء من الشعاع الهادى
القيد أفسح من عقول عصابة / زعموا فكاك العقل في الإلحاد
فاشفوا الممالك من قضاة صُيَّد / قعدوا لصيد ولاية أو زاد
وتداركوها من عمائم صادفت / مرعى من الأوقاف والأرصاد
وخذوا سبيل المصلحين وأقبِلوا / روح الزمان هوامد الأجساد
ردّوا إلى الإيمان أجمح عِلية / وإلى مراشده أضل سواد
أمم كملموم القطيع ترى لهم / شمل الجميع وفرقة الآحاد
يُدعَون أبناء الزمان وإنما / جَمدوا وليس أبو همو بجماد
قف دون رأيك في الحياة مجاهدا
قف دون رأيك في الحياة مجاهدا / إن الحياة عقيدة وجهاد
لله ريشة صادق من ريشة
لله ريشة صادق من ريشة / تزرى طلاوتها بكل جديد
كست الكتابة في المشارق كلها / حسنا وفكتها من التقييد
تهدى الحسن الخط كل مقصر / وتمدّ في الإحسان كل مجيد
أغلى لدى الكتّاب إن ظفروا بها / من ريشة الألماس عند الغِيد
وألُّذ فوق الطرس إن خطرت به / من ريشة الليثيّ فوق العود
وتكاد تحيى مؤنسا بصريرها / وتقول أيام ابن مقلة عودى
لو لم يكن في الأمر إلا أنها / مصرية لأستوجبت تمجيدي
الله أعطى عهد مصر محمدا
الله أعطى عهد مصر محمدا / والله إن أعطى أعز وأيدا
شرف على شرف ومنّة منعم / ما كان يسديها إلى عبد سدى
وإذا أظل الله طفلا مرضعا / جعل الأسرة مهده والمرقدا
صبح البنين إذا غدوا فيها وهم / فالأمّهات وما يلدن له فدا
نرجو به وبهم لمصرٍ بَعثة / ولرب عصر في المهود تجددا
ونعدّ تعذر أن نُهَيِّئ خيرهم / فمن الأبوّة أن نحب ونرشدا
للمرء في الدنيا مقاصد جمة / جُمعت فكان النسل منها المقصدا
فإذا وفدت على الوجود فكن أباً / أو كن خيالا في الوجود مشرَّدا
فرحت قلوب الأمهات وفتحت / لحفيدة الأمراء جدتهم غدا
للأصل طهرا والفروع كريمة / والبر حقا والحنان مؤكدا
يا ربة التاجين عن آبائها / عن ماجدٍ عال عن ابنٍ أمجدا
يتألقان الدهر هذا بالعلى / حالٍ وهذا بالفضيلة والهدى
جددتِ صفو الملك بالنعم التي / صحبت ظهور الجود ميلاد الندى
وبليلتين أضاءتا كلتاهما / كانت لنا أفقا وعزك فرقدا
ما زال قصر الملك يشرق فيهما / حتى حسبنا الصبح حالا سرمدا
تتقابل الأعلام في شرفاته / وتخر للشرف المؤثَّل سجّدا
والعرش في عيد بصاحب عهده / والتاج خلف العرش يحيى المولدا
وترى البلاد به بناء وجودها / وعمادها ومنارها المتوقدا
قالوا السماك فقلت خطرة شاعر / من للسماك بأن يُقلّ السؤددا
قالوا الثريا قلت قد قيست بها / شرفاته فاختار ثم تقلدا
من للكواكب أن تكون كمثله / حرما برفرفك الأمِين ومسجدا
أو من لها أن تستعد وأن تُرى / عقدا بأفراح الأمير منضدا
أم هل هي الدنيا التي قد أمَّها / شغلت كما شغل الأحبة والعدى
الشمس كان لها حفيد في الورى / وحفيد هذا العز أشرف محتدا
كانت وعود الدهر بين شفاهه / فافتر عنه فاقتبلتِ الموعدا
ومشى إليكِ يتوب عن هفواته / عبدا فردّيه بعفوك سيدا
في ذي الجفون مصارع الأكباد
في ذي الجفون مصارع الأكباد / الله في جنب بغير عماد
كانت له كبد فحاق بها الهوى / فهوت وقد كانت من الأطواد
وإذا النفوس تطوّحت في لذة / كانت جنايتها على الأجساد
نَشوَى وما يُسقَين إلا راحتي / وَسنَى وما يُطعمن غير رقادي
ضَعفَي وكم أبلين من ذى قوّة / مرضى وكم أفنَين من عُوّاد
يا قاتل الله العيون فإنها / في حَرِّ ما نصلى الضعيفُ البادى
قاتلن في أجفانهن قلوبنا / فصرعنها وسلمن بالأغماد
وصبغن من دمها الخدود تنصلا / ولقين أرباب الهوى بسواد
والهدب أرأف بالقلوب وإنما / يَتِد السلامُ بأوهن الأوتاد
يا ساقِيَّ تخيرا صرف الأسى / أو فامزجا كأسيكما بسهاد
فلعل بعض الهم يخلف بعضه / فأرى بذلك راحة لفؤادي
مالي تعالجني المدام كأنما / عقلي بواد والمدام بوادي
هذا الزجاج ولى فؤاد مثله / ريان من هذى السلافة صادى
صدعت حواشيه الهموم بنابها / واللب من صدع على ميعاد
ما كنت أوثر أن تطول سلامتي / فأرى المعالي حلية الأوغاد
فأبوا فكان العزم أكرم ناصر / لهمُ وكان الحزم خير عَتَاد
والحق يُنصر حين ليس بنافع / بأس الجيوش ودُربة القوّاد
فاسأل فكم من صيحة لك في الورى / نقلت إلى الدنيا صدى الآساد
مولاى وآبق الدهر أسلم سالم / وتَلقَّ أعيادا بغير عِداد
تؤتى رعيتك الوفية سؤلها / وتبلغ الأوطان كل مراد
وتفوز بالنصر المبين على العدا / والغاصبين الحق والأضداد
وتطهر السودان من آفاته / وتقيمه في الأمن والإسعاد
وتبيد ملك الذاهبين بعزه / الصائرين بسوقه لكساد
سلطت في تأديبهم رعدا على / رعد وجلادا على جلاد
فاندك بغيهم ببقى مثله / والله للباغين بالمرصاد