المجموع : 5
أنا دائما يا نور كل مليحِ
أنا دائما يا نور كل مليحِ / بين الكناية فيك والتصريحِ
أبدي الهوى طوراً وأكتم تارة / ومدامعي تنبيك عن تبريحي
أما الحشاشة في هواك فإنني / أنفقتُها في رغبة الترويح
أنا بين جسم من صدودك ناحل / شغفاً وقلب بالبعاد جريح
وأضالع بالإصطبار شحيحة / وجداً ودمع فيك غير شحيح
وأنا الذي بين الحواسد والعدا / ما بين هجو في الهوى ومديح
مقل تسح ولا تشح فدمعها / مغني اللبيب به عن التوضيح
يا أيها البدر الذي لما بدا / بالحسن أخرس نطق كل فصيح
لك وجنة هي في النواظر جنة / وجهنم في قلب كل طريح
وترى العيون جمال وجهك مقبلاً / فتضج بالتهليل والتسبيح
أحمامة الوادي قفي وترنمي / فعلى غرامك ظاهر ترجيحي
لا الصبر للتضعيف مفتقر ولا / ذا الشوق محتاج إلى التصحيح
لمعت بروق الأبرقين وقد جرت / أمطار جفن بالبكاء قريح
وروى النسيم لنا أحاديث الحمى / عن عرفجٍ عن زرنبٍ عن شيح
حتى أهاج بنا الغرام فيا لَهُ / في الحب من خبرٍ رواه صحيح
بالله بلغ يا نسيم الريح عن / شوقي وبالغ يا نسيم الريح
واسأل بلطف منيتي عني ولا / تأتي بوجه للمليح قبيح
وانعت له وجدي القديم وصف له / شغفي وما ألقى من التبريح
طفح الغرام علي حتى بالهوى / صرحت في حبي لكل صبيح
وكتمته لما بدا لنواظري / نور الخباء وملت للتلميح
وأنا الذي بهوى المليح تعممي / أبداً ومن شوقي له توشيحي
تب منك حين تقول يا فتاحُ
تب منك حين تقول يا فتاحُ / تلق المنى فالتوبة المفتاحُ
وانهض إلى عين الوجوه مجانباً / ذاك النهوض فلاح فيه فلاح
كم مشرق للشمس فيك ومغرب / منه مساءٌ دائماً وصباح
ولربما رمت القبول فلم تجد / فاسمح بنفسك فالسماح رباح
يا نهر طالوت الذي بليت به / أقوامه ما هذه الألواح
قل ليس مني كل من هو شارب / مني فإني فاتنٌ نصّاح
لعبت بك الأهواء في بحر القضا / فارسِ السفينةَ أيها الملاح
واقبل ولا تقبل وقم واقعد وقل / واسكت ففي إنصاتك الإفصاح
وافهم ولا تفهم وتب عن توبة / هذا مقامك ما عليك جناح
هو لا هو التواب بل هو أنت لا / أنت المتاب عليه يا مصباح
ومتى أحبك حين تبت فإنما / محبوبه بك وجهه الوضاح
والكائنات بسر توبتك اهتدت / فهي الجسوم وذاتك الأرواح
فاحذر فمكر الله توبة عبده / إن تبت تب أن لا تتوب تراح
من قام بي قامت به الأشيا ومن / بالنفس قام تقيمه الأشباح
كأس صفت بيد المدير فأسكرت / ألباب أهل الله منه الراح
فتمايلت شم الحبال وعربدت / في النشأتين وطرفها طماح
أحزاننا بلقائكم أفراحُ
أحزاننا بلقائكم أفراحُ /
وزماننا قدح وأنتم راحُ /
يا سادة من ذكرهم نرتاحُ /
أبداً تحن إليكم الأرواحُ / ووصالكم ريحانها والراحُ
هذا الوجود جميعه إشراقكم /
وجميع من في الكون هم عشاقكم /
ما هكذا يا سادتي أخلاقكم /
وقلوب أهل ودادكم تشتاقكم / وإلى لذيذ لقائكم ترتاح
من ذا ترى يدري بكم من يعرف /
أنتم حقيقة كل شيء يوصف /
غلب الهوى أين المعين المسعف /
وارحمتا للعاشقين تكلفوا / ستر المحبة والهوى فضاح
قوم صفا عما يغاير ماؤهم /
وإليك من دون السوى إيماؤهم /
كتموك حتى أنكرت أحشاؤهم /
بالسر إن باحوا تباح دماؤهم / وكذا دماء البائحين تباح
عَرْف الوصال يفوح فينا منهمُ /
وسواهم المستحقرون فمن هم /
قوم لهم حال شريف مبهم /
فإذا همو كتموا تحدث عنهم / عند الوشاة المدمع السفاح
أوصافهم يسمو بها من يفهمُ /
وهم الدواء من الردى والمرهم /
كل المعارف والعلوم لديهم /
وكذا شواهد للسقام عليهم / فيها لمشكل أمرهم إيضاح
يا سادتي مني السلام إليكمُ /
فأنا هو المطروح بين يديكم /
ومن الجميع على البعاد لديكم /
خفض الجناح لكم وليس عليكم / للصب في خفض الجناح جناح
لجمالكم في كل قلب ساحة /
وزهورنا بنسيمكم فواحة /
هل للمتيم من جفاكم راحة /
فإلى لقاكم نفسه مرتاحة / وإلى رضاكم طرفه طماح
كدر الحوادث زال عن عين الصفا /
وبدا جمال أحبتي بعد الخفا /
فبحق ذاك العهد يا أهل الوفا /
عودوا بنور الوصل من غسق الجفا / فالهجر ليل والوصال صباح
قد راق في حان الوفا مشروبهم /
ولهم أباح وصاله محبوبهم /
صوفية تبدي الشهود غيوبهم /
صافاهم فصفوا له فقلوبهم / في نوره المشكاة والمصباح
يا قومنا أنا زائد وجدي بكم /
والصبر مني قد مضى في حبكم /
فاهنوا بما فزتم بهم من شربكم /
وتمتعوا فالوقت طاب بقربكم / راق الشراب وراقت الأقداح
رفعت لقلبي في الغرام ظلامة /
لأمير حسن ما لديه جهالة /
انظر عذولي في الجمال جلالة /
يا صاح ليس على المحب ملامة / إن لاح في أفق الوصال ملاح
رفقا بنا يا أهل ذياك اللوى /
إن المتيم عن هواكم ما لوى /
والله حلفة مغرم يشكو النوى /
لا ذنب للعشاق إن غلب الهوى / كتمانَهم فنما الغرام وباحوا
سلمى التي يا ويح مهجة صبها /
جرحت بمقلتها وأسهم هدبها /
لله در عصابة في حبها /
سمحوا بأنفسهم ما بخلوا بها / لما رأوا أن السماح رباح
شربوا كؤوس هوى الأحبة قهوةً /
ولهم غدت كل المكاره شهوةً /
طلبتهم الذات النزيهة نخوةً /
ودعاهمُ داعي الحقائق دعوةً / فغدوا بها مستأنسين وراحوا
هم سادة منهم بطيب خضوعهمْ /
للحب حيث به تنير ربوعهم /
لما تزايد بالفراق ولوعهم /
ركبوا على سفن الدجا فدموعهم / بحر وشدة خوفهم ملّاح
نزعوا الثياب فعوضوا بثيابه /
وعن الخطا قد ساقهم لصوابه /
وهو المعز لهم برفع حجابه /
والله ما طلبوا الوقوف ببابه / حتى دُعُوا وأتاهم المفتاح
هو إن نأى أو زاد في تقريبهم /
يشكو كما يشكون فرط نحيبهم /
وهم الذين تمتعوا بلبيهم /
لا يطربون لغير ذكر حبيبهم / أبداً فكل زمانهم أفراح
فيهم لقد دارت كؤس سقاتهم /
حتى بها زالت عقول صحاتهم /
وحبيبهم لما بدا بصفاتهم /
حضروا وقد غابت شواهد ذاتهم / فتهتكوا لما رأوه وصاحوا
نور التجلي الحق حيَّر عقلهمْ /
لفروعهم أخفى وأظهر أصلهم /
قوم جميع الفضل منتسب لهم /
فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم / إن التشبه بالكرام فلاح
سكرت غصون الروض من نسماتها /
وترنمت أطياره بلغاتها /
والذات تجلى في بديع صفاتها /
قم يا نديم إلى المدام فهاتها / في كأسها قد دارت الأقداح
عرفت أهاليها بحفظ أمانةٍ /
وكمال عرفان ورفع مكانةٍ /
بكر أجل طلاً وخير مدامةٍ /
مِن كَرْمِ إكرامٍ بِدَنِّ ديانةٍ / لا خمرة قد داسها الفلاح
حملت بنا أمٌّ من الأرواحِ
حملت بنا أمٌّ من الأرواحِ / والوضع كان لهيكل الأشباحِ
قلم بِلَوحٍ إن أردت فقل وإن / قد شئت فالأقلام بالألواح
هي ما ترى لا ما رأيت فإنها / تجلى على الرائين كل صباح
فإذا رأو لا يعرفون لمن رأوا / حتى تقوم لهم عقود نكاح
حاء الحيا والحلم والحفظ احتوت / كل الجمال وسائر الأفراح
ولها من النور الشريف تشعشع / كتشعشع الصهباء في الأقداح
والحال يشهد والشهيد هو الذي / شهد الأمور على أتم صلاح
أوميض برق بالأبيرق لاحا
أوميض برق بالأبيرق لاحا / يستلُّ عن عمد السحاب صفاحا
أم نار أعلام الحجاز بدت لنا / أم في ربا نجد أرى مصباحا
أم تلك ليلى العامرية أسفرت / عن وجهها ففشا الجمال وباحا
أم تلك أنوار العذيب تشعشعت / ليلاً فصيرت المساء صباحا
يا راكب الوجناء وقيت الردى / قف بالمحصب واندب الملتاحا
واسأل فديتك عن فؤاد متيم / إن جئت حزناً أو طويت بطاحا
وسلكت نعمان الأراك فعج إلى / تلك الخيام ترى بهن فلاحا
وأنخ بتلعات العقيق فإنه / واد هناك عهدته فياحا
وبأيمن العلمين من شرقيِّه / كم معهد قلبي إليه تلاحى
بلغت رشدك إن طلعت طويلعاً / عرِّج وأمَّ أرينَه الفواحا
وإذا وصلت إلى ثنيات اللوى / وقصدت نحو المأزمين رواحا
فاذكر عهودي إن قدمت على الحمى / فانشد فؤاداً بالأبيطح طاحا
واقرا السلام عُرَيبَهُ عني وقل / لهمو أَصِرتُمْ باللقاء شحاحا
أنتم كرام وهو صب وامق / غادرته لجنابكم ملتاحا
يا ساكني نجد أما من رحمة / صبري عليكم والتجلد راحا
ما ضركم لو تسمحون بنظرة / لا سير ألف لا يريد سراحا
هلا بعثتم للمشوق تحية / تهدي إليه مع النسيم صباحا
فهو الذي طويت إليكم روحه / في طي صافية الرياح رواحا
يحيى بها من كان يحسب هجركم / يردي الجسوم ويترك الأرواحا
ويظن نأيكمو إذا لذتم به / مزحاً ويعتقد المزاح مزاحا
يا عاذل المشتاق جهلا بالذي / سواك دعني واترك الإلحاحا
فأنا الذي من يختبرني في الهوى / يلقى مليّاً لا بلغت نجاحا
أتعبت نفسك في نصيحة من يرى / ترك الهوى ذنباً وليس مباحا
لم تدر أنت فشأن كل متيم / أن لا يرى الإقبال والإفلاحا
أقصر عدمتك واطرح من أثخنت / مقل الظباء فؤاده فتلاحى
إن رام ينظر ثانياً جرحته في / أحشائه النجل العيون جراحا
كنت الصديق قبيل نصحك مغرماً / والآن قلبك بالعداوة باحا
هب أنت لي يا ذا الملامة ناصح / أرأيت صباً يألف النصاحا
إن رمت إصلاحي فإني لم أرد / ما رمته لي بالملام كفاحا
فتشتُ قبلك في الزمان فلم أجد / لفساد قلبي في الهوى إصلاحا
ماذا يريد العاذلون بعذل من / لا يستطيع يرى الفلاح فلاحا
ألف التهتك والهيام وفي الورى / لبس الخلاعة واستراح وراحا
يا أهل ودي هل لراجي وصلكم / نيل فعندكم عهدت سماحا
إن المشوق إذا شجاه لنحوكم / طمع فينعم باله استرواحا
مذ غبتمو عن ناظري لي أنةٌ / من هولها صبري استقل وراحا
وجفون عين كلما نوت البكا / ملأت نواحي أرض مصر نواحا
وإذا ذكرتكمو أميل كأنني / غصن يقابل في الرياض رياحا
أو شارب ثمل القوام لأنني / من طيب ذكركمو شربت الراحا
وإذا دعيت إلى تناسي عهدكم / لا أستطيع وأنثني ملتاحا
لما طلبت الصبر عنكم في الهوى / ألفيت أحشائي بذاك شحاحا
سقياً لأيام مضت مع جيرة ال / جرعاء حيث بهم لقيت نجاحا
لم ندر ما برح البعاد وإنما / كانت ليالينا بهم أفراحا
واهاً على ذاك الزمان وطيبه / نهوى الطلا فنواصل الأقداحا
حيث السرور بنا ألمَّ معاوداً / أيام كنت من اللغوب مراحا
حيث الحمى وطني وسكان الغضى / لي جيرة عنهم تركت براحا
حيث العتيق منازلي وتلاعه / سكني ووردي الماء فيه مباحا
وأُهَيلُهُ أَرَبي وظلُّ نخيله / يا صاح منتزهي مسا وصباحا
ببروقه وجدي وفي نسماته / طربي ورملة وادييه مراحا
قسما بمكة المقام ومن أتى / تلك الأماكن في الحجيج وراحا
وسعى وطاف وجاء ملتمسا إلى ال / بيت الحرام ملبِّياً سياحا
ما رنحت ريح الصبا شيح الربا / إلا وقلبي بالحجاز تلاحى
أو شمت بارقة لمن قتل الهوى / إلا وأهدت منكمو أرواحا