قُمْ بالغُدُوِّ وأترِع الأَقْداحا
قُمْ بالغُدُوِّ وأترِع الأَقْداحا / واشربْ عَلَى نَغَم الهَناءِ الرَّاحا
والثِمْ بنفسجَ ثغرِها مَشْمولةً / أَرج الهنا فلم يزل نَفّاحا
وانعشْ بكأس الراح روحَ حياتنا / أَوْ مَا ترى ساقي الهَنا مرتاحا
نشوانَ من طربِ السُّرور وهكذا / كأسُ المَسرَّة لَمْ يزل رَنّاحا
قم فاسقِنيها إِنْ تِشأْ ممزوجةً / ماءَ الحياة وإِنْ تشأ فقُراحا
نسجَ الزمانُ من السرور أَديمها / فلذاك صَفق بالهناءِ وباحا
رقصتْ لياليه فبِتْنا نَجتَلِي / وجهَ البشائر غُدوةً ورَواحا
قطفتْ يدُ الأَفراحِ زهرةَ أُنسِها / فغدتْ تفوح بنفسجاً وأَقاحا
رقَّ الزمانُ لَطافةً فكأنما / نثر السرور بصحنه أفراحا
وزهتْ عروسُ البِشْر تَحْتَ بهائها / فتُخال من فَرْطِ الدَّلالِ رَداحا
خلعتْ ليالي الدهرِ حُلةَ نَسْجِها / وتلبَّست سعدَ السعود وِشاحا
وتَرنَّمت وُرْقُ التَّهاني سُجَّعاً / ببديع نظم يسلبُ الأرواحا
وسَختْ أيادي السُّحبِ تُمطر بالحيا / فرحاً وكُنَّ بوَبْلِهِنَّ شِحاحا
واخضرَّ وجهُ الأرضِ وابتسم الحَيا / وتَرنَّح الزمنُ الطَّروف جِماحا
أنسٌ بِهِ رقَص الزمانُ ومن بِهِ / وبنَشْرِه أَرجُ البشائر ماحا
فهُرزت من طرب كَأَنَّ جوانحي / سيف الأمير إذَا أراد كفاحا
ملك سمتْ فَوْقَ السما عَزماتُه / ولَطار فِيهَا لَوْ أُعيرَ جَناحا
جاد الزمانُ وَمَا أجاد بمثله / أَتُراه يدرك بعد ذَاكَ سَماحا
قَدْ كانتِ الدنيا وَلَيْسَ بجِيدها / حُلْيٌ مقلَّدها الثنا أَوْضاحا
دِرعٌ حمى روحَ الخلافةِ وانتضى / سيفاً تقلَّده الزمانُ سلاحا
لا ضيرَ إِنْ شَحَّ السحابُ بمائه / فيداه تُمطر عَسْجداً سَحّاحا
عَلَم بنتْه المَكْرُمات وأَوقدتْ / فِي رأسه لمن اهتدى مصباحا
زانتْ بك الأيام فهْيَ عرائسٌ / مَرِض الزمانُ فعُدن منك صِحاحا
زُفَّت وَقَدْ مُلئت سروراً مذ رأت / طيرَ الهناءِ بفضلكم صَنّاحا
جاءتْ تقبِّل راحَتَيْك وهكذا / من شَفَّه مرضُ الصبابة باحا
تختال فِي مرح السرورِ كَأَنَّها / يوم الخِتان تتوَّخت أفراحا
يومٌ عَلَى فَلك السِّماكِ تطايرتْ / أَفراحُه فأزالتِ الأَتْراحا
عَمَّ البسيطة ناشِراً أعلامَه / بِشْراً فَطَمَّ مَهامِهاً وبِطاحا
يومٌ تَضَمَّخ بالفَخارِ أَديمُه / فغدا بسطح الفرقدين وراحا
فانْعَمْ نَعِمْت أبا سعيد إنما / بختانِ نجلِك قَدْ نعمتَ صباحا
رَبَّته قابلةُ الخلافةِ فانْتَشا / بَعْلاً لَهَا فلَيهنأنَّ نِكاحا
بسعيدَ قَدْ سعد الزمانُ وأهلُه / وبسعدِه نال الأنامُ فَلاحا
فَلْيَهْنَ عرشُ الملكِ بالسِّبط الَّذِي / لا زال يرجو الملكُ منه نجاحا
غضنٌ نَشا من دَوْحَةِ الشرفِ الَّتِي / أضحى الزمانُ بزَهْرها نّفّاحا
مَا أُغلِقت طُرق المكارمِ مذ غدا / مفتاحُ مجدهمُ لَهَا مفتاحا
قوم تَزاحمتْ الفضائلُ فيهمُ / حَتَّى اجتمعْنَ فلم يجدنَ سَراحا
والدهرُ أَفصحَ عن بدائعِ مجدهم / عَلَناً يُحدِّث عنهمُ إِفصاحا
حُقِنت دماءُ المجدِ لما أن غدا / سيفُ العلى بيمينهم سَفّاحا
ي أَيُّهَا الملك الَّذِي إنعامُه / أضحى بِهَا كفُّ الندى مَنّاحا
أَحْجرتَ عرشَ الملكِ حين قهرتَه / والمالُ فِي كفيك صار مُباحا
فَلأَنتَ روحُ الكونِ أنت حياتُه / لولاك كَانَ أُولو النُّهى أشباحا
كتبتْ دواوينُ المكارمِ منكمُ / صُحُفاً طُبِعن فأَعْيتِ الشُّرّاحا
فغدا لسانُ الكونِ ينطق جَهرةً / فمديحُكم قَدْ أَفْحمَ المُدّاحا
كم ذا أُشمِّر ساعِديّ فأَنثني / عجزاً فأُرهِق بالرجوع جِراحا
فأُرَدّ والأوهامُ تَعتِب فكرتي / فأرى الفتور عن المديح جُناحا
فأَتيتُ أَظلَع والمعارك ضلَّع / مَاذَا البِراز وَلَمْ أكن رَمّاحا
لكنما عجزي وذَريعَتي الَّتِي / قَدَّمتها بيد المليك صُراحا
فمشيتُ فِي حُلل الحَيا متعثراً / ويدُ الرجاءِ تُلحُّنى إِلحاحا
ثقتي بأن مدائحي مقصورةٌ / فِيهِ وَلَمْ تر فِي سواه مُراحا
فجثوتُ والركبانُ حولي جُثَّماً / وعليهِمُ مطر السَّخا نَضّاحا
فطفقتُ من جَذلٍ أَمجُّ مَدامعي / عجباً من السَّرّا أَكُنْ نَوّاحا