أهدتْ اليَّ شذا العَرارِ الفائحِ
أهدتْ اليَّ شذا العَرارِ الفائحِ / نكباءُ هبَّتْ عن رُبًى وأباطحِ
نسمتْ عليَّ فأجَّجَتْ أرواحُها / نارَ الهوى في أضلعٍ وجوانحِ
جلبَ الحنينُ اليَّ ما أهدتْهُ مِن / أنفاسِ ذيّاكَ العبيرِ النافحِ
ولطالما أذكى النسيمُ خمودَها / كالنارِ شَبَّتْ مِن زِنادِ القادحِ
قسماً بليلٍ بتُّ أرقُبُ نجمَهُ / طمعاً بميعادِ الغزالِ السانحِ
لم أُصغِ فيهِ إلى مقالةِ عاذلٍ / يَلْحى عليهِ ولا نميمةِ كاشحِ
لَعِبَ الصَّبا بِقَوامِهِ فأمادَه / طرباً كأنْ عَلُّوه كأسَ الصابحِ
يقتادُني الشوقُ المبَّرحُ نحوَه / فأبيتُ ذا شَرَقٍ بدمعٍ سافحِ
ولَكَمْ نضحتُ بمائهِ نيرانَه / جهلاً فأجَّجَهُ رَشاشُ الناضحِ
هيهاتَ أن يَثني العذولُ بعذلِهِ / عن وجدِه رأيَ الأبيَّ الجامحِ
لا شيءَ أصعبُ مِن معاناةِ الهوى / تَعِسَ العواذِلُ مِن رياضةِ قارحِ
مالي وللبرقِ اليمانِ وقُوُدُه / يبتزُّ قلبي بالوميضِ اللامحِ
يهتزُّ كالعَضْبِ الصنيعِ مُجَرَّداً / مِن فوقِ أسنمةِ الغمامِ الرائحِ
أو كالمباسمِ في الظلامِ يُضيءُ / لي منهنَّ برّاقُ الشتيتِ الواضحِ
فأبيتُ حِلْفَ مدامعٍ مُهراقةٍ / أسفاً وخِدْنَ زفيرِ شوقٍ لافحِ
أَتُرى تُبَلَّغُني الأحبةَ عِرْمِسٌ / وجناءُ تهزأُ بالنعامِ السارحِ
كالهَيْقِ بينَ نجائبٍ مزمومةٍ / قلُصٍ تَرامَى في الفلاةِ روازحِ
مِن فوقِهنَّ عِصابةٌ قد هَوَّنوا / في الحبَّ روعةَ كلَّ خَطْبٍ فادحِ
بَعُدَ الحبائبُ عنهمُ فتوَّقلُوا / أكوارَ عيسٍ كالقِسيَّ طلائحِ
تُدني مناسِمُها الديارَ وقد نأتْ / عنها فتُصبحُ وهي غيرُ نوازحِ
مِن دونِها بيداءُ طامسةُ الصُّوَى / بَهْماءُ ذاتُ أماعِزٍ وصَحاصِحِ
جاوزتُها بأيانِقٍ أدمى الوَجا / أخفافهنَّ إلى بُريقةِ سافحِ
فسقى عِراصَ الدارِ مزنٌ هامِعٌ / يبكي على ضَحِكِ البُرَيقِ اللائحِ
مُزْنٌ إذا ضَنَّ الغمامُ بمائهِ / أهدَى الِقطارَ لبانِهِ المتناوحِ
ما مرَّ ذو شَجَنٍ رمتْهُ يدُ النوى / بمفاوزٍ مِن بعدِها ومطارحِ
وأصاخَ مِن وَلَهِ الفراقِ وقد نأَى / عنه الخليطُ لباغمٍ ولصادحِ
اِلاّ تذكَّرْتُ العقيقَ وبانَه / وحنينَ تغريدِ الحمامِ النائحِ
يشدو على أغصانِ باناتِ اللَّوى / فيَهيجُ أشجانَ الغرامِ الفاضحِ
ويفيضُ دمعٌ ما تحدَّرَ غَربُهُ / اِلاّ أنافَ على الغديرِ الطافحِ
أرضٌ تبسَّمَ ثغرُها زمنَ الصَّبا / في وجهِ أيامِ الزمانِ الكالحِ
فلأوسِعَنَّ زمانَه وأوانَه / مدحاً يكِلُّ له لسانُ المادحِ
وأزفُّ مِن عُرُبِ الكلامِ عرائساً / تُجلى عليه مِن بناتِ قرائحي
يجري بهنَّ على مرادي خاطرٌ / متبدَّهٌ جريَ الجوادِ الطامحِ
يمشي اِذا ما الشَّعرُ زلَّتْ رِجلُه / فوقَ الحضيضِ على السَّماكِ الرامحِ
فيزيدُ وجداً كلَّ قلبٍ ذاهلٍ / اِنشادُهنَّ وكلَّ لبًّ طائحِ