القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : مَعرُوف الرُّصافِيّ الكل
المجموع : 2
لمن الديار يلحن في الصحصاح
لمن الديار يلحن في الصحصاح / لعبت بهن روامس الأرواح
عبثت بها أيدي البلى فتركنها / في العين أخفي من دريس نصاح
ولقد وقفت بها المطيّ مسائلا / شجرات واديها وهنّ ضواح
أقتاف آثاراً لهنّ دوارساً / كانت إليها غدوتي ورواحي
لما تبيّنت المعالم همّداً / هطلت مدامع طرفي السفاح
فسقاك مرتكز الغمائم صوبه / غدقاً بكلّ عشيّة وصباح
حيّ الديار وأن تحمّل أهلها / عنها وأمست موحشات بطاح
عهدي بها والعيش أخضر ناعم / والشمل تجمعه يد الأفراح
مغنىً أنيقاً للحسان وروضة / نبتت بكل عرارة وأقاح
كم قد لثمت بها المراشف آخذاً / بهضيم خصر جال تحت وشاح
ولكم لهَوت من الحسان بغادة / لمياء ترشفني شمول الراح
هل عائد زمن أتيتُ مع المها / ما شئت من لعب به ومزاح
قد بتّ فيه ضجيع كل غريرة / رَود الشباب من الخراد رداح
أيام تحضر بي بمضمار الصبا / فرس الشبيبة وهي ذات جماح
ركضوا بميدان التحاسد خيلهم / وسبَوا من الأعراض غير مباح
لبسوا النفاق لهم دروعاً وأغتدَوا / يتطاعنون من الخنى برماح
أضحَوا كماة وشاية وسعاية / ومن الضغائن هم شكاة سلاح
كالجاهليّة غير أنّ مغارهم / في نهب كلّ خطيئة وجناح
أصلاحهم أعيا العقول لأنهم خلقت / مفاسدهم لغير صلاح
من كل مرتكب الشنيع ولم يكد / يثنيه عنه إذا لحاه اللاحي
أهدى بطرق المخزيات من القطا / وأضلّ ممَن آمنوا بسجاح
فعدت بقارعة الطريق تنوح
فعدت بقارعة الطريق تنوح / والطفل يجذب ردنها ويصيح
تبكي وقد ضحك الحريق بدارها / كالبرق يضحك في الدجى ويلوح
ضحِيَت وقد قلص الظلال فوجهها / للشمس في وجناته تلويح
جرّ الحريق على الديار ذيوله / فجري لذلك دمعها المسفوح
ولقد وقفت حيالها ومدامعي / تسخو سوى أن العزاء شحيح
فغدا يلقنني الأسى من عينها / لحظٌ برقراق الدموع سيوح
يا أيّما أجرى الغداة دموعها / بيت بجائحة الحريق مجوح
لا تهلكي جزعاً فإن بيوتناً / ما للملمّ بأهلها تسريح
أعليك أنت تضيق كل ديارنا / هذي وأكثرها ديارٌ فيح
فاقني عزاءك فالحياة وإن أرت / بعض السرور فكلّها تتريح
قف بالديار فقد أناخ بها البلى / وانظر فقد قرعت بهنّ السوح
نزل الحريق بها فشتَّت شملها / فغدت عراصاً وهي قبل صروح
بكر الشواظ بها ينضنِض ألسناً / من هول مطلعها تذوب الروح
نشر الهيب على البيوت ملاءة / حمراء تصفق جانبَيها الريح
فتعبّست منه السماء وأمطرت / ناراً وقد أخذ اللهيب يسيح
وعلا الدخان على البيوت سحائباً / برق المهالك بينهن لموح
أما الشرار فكان وبلاً منبتاً / نوباً برائحة الدمار تفوح
والشمس قد كسفت بجون دخانه / وبدت عليها سفعةٌ وكلوح
يا قوم ساء مصيركم فإلى متى / لا تسمعون لما يقول نصيح
هَلا أخذتم للخطوب عتادها / كي لا يكون لها بكم تبريح
هذا الحريق وكل يوم ناره / تغدو عليكم تارةً وتروح
فالنار ما برحت تفوه بألسن / ذرب وأن كلامها لفصيح
لمَ لم تعوا ما قلن قبل مكرّراً / أو ما كفاكم ذلك التصريح
نِمتم إلى نوب الزمان فإن أتت / قمتم كما يتململ المذبوح
وأهمّكم أدنى الأمور وفاتكم / نظر إلى الأمر القصيّ طموح
كم في الحوادث من نذير قد أتى / فيكم بأسرار الزمان يبوح
أما الحريقان اللذان تقدّما / فكلاهما شقّ لكم وسطيح
قد أنراكم بالخارب وأنبًآ / أن التراخي في الأمور قبيح
عجبي إلى تلك المصائب كيف قد / نسيت ولم تبرأ لهنّ جروح
سرعان ما تنسون عظم مصابكم / ولو أن شقّة منتهاه طروح
لا تستنيموا للزمان فأخذه / خلسٌ وقوس الحادثات ضروح

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025