شهدَتْ لَكَ الأَبطالُ يَوْمَ كفاحِها
شهدَتْ لَكَ الأَبطالُ يَوْمَ كفاحِها / والحَرْبُ بَيْنَ غُدُوِّها وَرَوَاحِها
والبِيضُ يومَ جلائِها ومَضائِها / والخيلُ فِي إِقْحامِها ومِرَاحِها
ومواكِبُ الأَملاكِ يومَ بهائِهَا / ومشاهِدُ السَّاداتِ يومَ سَماحِها
أَنَّ المَدى يومَ ارْتِهانِ سِباقِها / لَكَ والمُعَلَّى يومَ فَوْزِ قِداحِها
عَقَدَتْ بِمَفْرِقكَ الرياسةُ تاجَها / وكَسَتْكَ لِبْسَ رِدائِها وَوِشاحِها
ونَمَتْكَ من أَملاكِ يَعْرُبَ نَبْعَةٌ / تَلْوِي الكواكِبَ فِي ذُرى أَدْوَاحِها
آسادُ أَغْيالٍ عَلَى مُهْتاجِها / وبِحارُ إِنعامٍ عَلَى مُمْتاحِها
ومَحَطُّ أَرْحالِ المُنى بموارِدٍ / رَحْبٍ عَلَى الوُرَّادِ عَذْبُ مُرَاحِها
ومنابِتُ العِزِّ الَّذِي عَمَرَتْ بِهِ / فِي الدهرِ شُمُّ إِكامِها وبِطاحِها
ومعاقِدُ التيجانِ فَوْقَ مفارِقٍ / بَهَرَتْ إِياةَ الشَّمْسِ من أَوْضاحِها
والبأْسُ مِلْءُ صُدُورِها والحِلْمُ حَشْ / وُ بُرُودِها والجُودُ مَوْطِنُ راحِها
حَكَمَتْ لَهَا مُضَرٌ عَلَى ساداتِها / يومَ افْتِخارِ أُحَيْحَةَ بْنِ جُلاحِها
خُصَّتْ بتعليمِ الأَذانِ فَنُودِيتْ / فِي نَوْمِها بِصَلاحِها وفَلاحِها
واسْتَقْرَضَ الرَّحمنَ جَنَّةَ خُلْدِهِ / بِثَباتِ حائِطِهِ أبُو دَحْدَاحِها
ومَناقِبٌ أَرْبَتْ عَلَى خُطَبائِها / ومآثِرٌ زادَتْ عَلَى مُدَّاحِها
فَنَمَتْكَ فِي أَقيالِها ومُلُوكِها / وعَمَرْتَ سُبْلَ نوالِها وسَماحِها
فلَبِسْتَ ثوبَ سَنائِها ووَفائِها / وحَفِظْتَ عَهْدَ سُيُوفِها ورِماحِها
فَعَبَأْتَ للإِسلامِ عَطْفَةَ رَحْمَةٍ / أَلْحَفْتَ أَهلَ الأَرْضِ ظلَّ جَناحِها
وتباشَرَتْ منكَ المُنى لما دَنَتْ / بِمُيَسَّرِ الشِّيَمِ الكرامِ مُتاحِها
وبَطَشتَ بالإِشراكِ بَطْشَةَ قادِرٍ / باللهِ مُجْتَثِّ العِدى مُجتاحِها
فَحَطَمْتَ عُدَّةَ مُلْكِها وفَصَمْتَ عُرْ / وَةَ جَمْعِها وكَفَيْتَ غَرْبَ جِماحِها
وقَرَيْتَ عُلْيا بَنْبِلُونَةَ عَزْمَةً / هَبَّتْ عَلَيْها من مَهَبِّ رِياحِها
وتَكَنَّفَتْكَ من السعُّودِ كواكِبٌ / طَلَعَتْ بِخَيْلِكَ فِي وجوهِ نجاحِها
والخيلُ تَغْدُو فِي الوغى بفَوارِسٍ / تَخِذَتْ معاقِلَها ذُرى أَشباحِها
ثُمَّ انْبَرى المنصورُ فِيهَا قارِعاً / بابَ السَّماءِ بِدَعْوَةِ اسْتِفْتَاحِها
مُسْتَنْجِزاً تأْييدَ ذِي العَرْشِ الَّذِي / فَلَقَ المشارِقَ عن سَنا إِصْباحِها
فَنَهَبْتَ عُمْرَ حياتِها وَحَوَيْتَ رِق / قَ حَريمِها وحَكَمْتَ فِي أَرواحِها
فأَقَمْتَ فِيهَا للجِلادِ ولِلرَّدى / سُوقاً حَوَيْتَ المَجْدَ فِي أَرباحِها
ورَمَتْ ظُباكَ إِلَيْكَ نَفْسَ مَليكِها / وارِي زِنادِ الخِزْيِ غيرَ شَحاحِها
مُسْتَرْحِماً لَكَ من وَقائِعَ لن تَزَلْ / يُودِي بمُهْجَتِها أَلِيمُ جِراحِها
فَزِعاً إِلَيْكَ بنفسِ عانٍ خاضِعٍ / بادِي المَقَاتِلِ للسُّيوفِ مُبَاحِها
فِي شِيعَةٍ أَمَّتْ إِلَيْكَ وَقَدْ رَأَتْ / أَنَّ الخضوعَ إِلَيْكَ خَيْرُ سِلاحِها
فأَجَرْتَ منه بالتَّعَطُّفِ مُهْجَةً / وَقْفاً مواعِدُها عَلَى أَنْواحِها
وَكَرَرْتَ خيلَ اللهِ تَحْمِلُ مِثْلَها / أَطْلاحَ أَسفارٍ عَلَى أَطلاحِها
فَصَدَعْتَ أَحشاءَ الظَّلامِ بِعَزْمَةٍ / تَسْرِي البصائِرُ فِي سَنَا مِصباحِها
والنصرُ يُشْرِقُ فِي ظُبى أَسيافِها / والفَتْحُ يَلْمَعُ فِي ذُرى أَرْماحِها
حَتَّى صَبَحْتَ بِلادَ مِيرُو وَقْعَةً / أَنْحى عَلَى الإِشراكِ سُوءُ صَباحِها
لاقَتْكَ دونَ حُصُونِها فَكَأَنَّما / لاقَتْ سُيُوفَكَ فِي فضاءِ بَرَاحِها
وأَبَحْتَ منها كُلَّ مُخْطَفَةِ الحَشا / شَرِقٍ عَلَى اللَّبَّات نَظْمُ وِشاحِها
فُجِئَتْ بِلَمْسِ البَعْلِ إِلّا أَنَّها / خَطَّتْ رماحُ الخَطِّ عَقْدَ نِكاحِها
بِيضٌ حَدَتْهُنَّ السيوفُ فَأَبْرَزَتْ / صَفَحَاتِ أَوْجُهِهِنَّ بِيضُ صِفاحِها
يا حاجِباً شمسَ الأَقاصِي والدُّنى / بِنداهُ ثوبُ أَمانِها وَصَلاحِها
اِسْلَمْ ولا زالَتْ حياتُكَ غِبْطَةً / أَبَداً تُدِيرُ عَلَيْكَ أَكْؤُسَ رَاحِها