القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : علي محمود طه الكل
المجموع : 3
روحي المقيمُ لديكِ أم شبَحي
روحي المقيمُ لديكِ أم شبَحي / لعبتْ برأسي نشوةُ الفرحِ
يا حانةَ الأرواحِ ما صنعتْ / بالروح فيكِ صبابةُ القدحِ
ما للسماءِ أديمُها لهَبٌ / الفجرُ إنَّ الفجرَ لم يَلُحِ
ولمَ البحيرةُ مثلما سُجِرتْ / أو فُجِّرتْ من عرقِ منذَبحِ
نارٌ تطيرُ وموكبٌ صَخِب / منْ كل ساهي اللَّحظِ منسرحِ
لولا ابتسامةُ جارتي وفمٌ / يدنو إليَّ بصدرِ منشَرحِ
لحسبتها روما تمورُ لظىً / في قهقهاتِ السَّاخرِ الوقحِ
زهوٌ تملَّكني فأذهلني / ومن الذهولِ طرائفُ المُلحِ
أأنا الغريبُ هنا وملءُ يدي / أعطافُ هذا الأغيدِ المرِحِ
خفَقتْ على وجهي غدائرُها / فجذبتها بذراعِ مجترحِ
لم أدر وهيَ تُديرُ لي قَدحي / من أين مغتبقي ومصطبحي
وشدا المغنِّي فاحتشدتُ لها / كم للغناءِ لديَّ من مِنَحِ
عَرَضَتْ بفاكهة محرَّمةٍ / وعرضتُ لم أنطِقْ ولم أبُحِ
يا رَبِّ صُنعُكَ كلُّه فتنٌ / أين الفرارُ وكيف مُطَّرحي
هذي الروائعُ أنت خالقُها / ما بين مُنجرِدٍ ومتَّشحِ
تاييسُ لم تعبَثْ براهبها / لكنَّهُ أشفى على البُرَحِ
ما بين أسرارٍ مُغلَّقةٍ / وطروقِ بابٍ غيرِ منفتحِ
عرض الجمالُ له فأكبَره / ورآكَ فيهِ فجُنَّ من فَرحِ
أترى معاقبتي على قدَرٍ / لولاك لم يُكتَبْ ولم يُتَحِ
إنِّي عبدتُك في جَنى شفةٍ / ويدٍ ووجه مشرق الوضحِ
ولو استطعتُ جعلتُ مِسبحتي / ثَمَرَ النهودِ وجلَّ في السُّبَحِ
هبَّ الكميُّ على النفير الصَّادح
هبَّ الكميُّ على النفير الصَّادح / مهلاً فديتُكَ ما الصباحُ بواضحِ
أيُّ الملاحم بين أبطال الوغى / فجِئَتكَ بالشوق الملحِّ البارحِ
فقضيتَ ليلكَ لا هدوءَ ولا كرىً / ووثبتَ في غسَقِ الظلام الجانِحِ
والشرقُ من خلف الجبالِ غمامةٌ / حمْراءُ تُرعَشُ في وميضٍ لامحِ
سَلَّتْ حرابَ البرق فوق سمائه / هوجاءُ تُنذر بالقضاءِ الجائحِ
هي صيحةُ الوطن الجريح وأمةٍ / هانت على سيفِ المغير الطامحِ
قَرَنَتْ بحظكَ حظَّها فتماسكتْ / ترعَى خُطاكَ على رُبىً وأباطحِ
في موكب الفادين مجد أُميَّة / بجوانح مشبوبة وجَوَارحِ
لو قِسْتهم بعدوِّهم وسلاحِهِ / أيقنتَ أنهمو فريسةُ جارحِ
الخائضونَ الفَجر بحر مصارع / السابحون على السَّعير اللافحِ
الناهضون على السيوف وتحتَها / شتَّى جَماجم في التراب طرائحِ
الرابضون على الحصونِ خرائباً / مُهَجاً تضرّم في حُطام صفائحِ
صرعى ولو فتَّشْتَ عن أجسادهم / أَلفيتَ ما أَلفيتَ غير جرائحِ
يا ميسلون شهدتِ أي روايةٍ / دمويةٍ ورأيت أيَّ مذابحِ
ووقفتِ مُثخَنَةَ الجراح بحومةٍ / ماجتْ بباغ في دمائكِ سابحِ
تتأملين دمشقَ يا لهوانها / ذاتُ الجلالة تحت سيف الفاتِحِ
جرَّت حَديد قيودها وتقدَّمتْ / شمَّاءَ من جلَّادها المتصايحِ
نسيَتْ أليم عذابها وتذكرتْ / في ميسلون دم الشهيد النازِحِ
من هبَّ في غسق الظلام يحوطها / بذراع مقتتلٍ وصدرِ مُكافِحِ
وتسمَّعتْ صوتاً فكان هتافُهُ / يا للحبيبِ من المحبِّ البائحِ
أُمَّاهُ خانتني المقادر فاغفري / قدَري وإن قلَّ الفداءُ فسامحي
فيحاءُ إن نصَّتْ حواليكِ القرى / أعلامَها وازَّينت بمصابحِ
وتواكب الفُرسان فيك وأقبلوا / بالغار بين عَصائبٍ ووشائحِ
وشدا الرعاةُ الملهمون وأغرقوا / أبهاءَ ليلكِ في خِضَمّ مفارحِ
أقبلتُ بين صفوفهم مُتَقَرِّباً / بأزاهري مترنماً بمدائحي
حيث الشهيدُ رنا لمطلع فجره / ورأى الغمائمَ في الفضاءِ الفاسح
وتَلفَّتتْ لكِ روحُهُ فتمثّلتْ / وجهَ البطولة في أرق ملامحِ
حيث الربى في ميسلون كأنما / تهفو إليهِ بزهرها المُتفاوحِ
وكأنما غسَلتْه بغداديةٌ / بدموع مَلْكٍ في ثَراكِ مراوِحِ
أسعى إِليه بكل ما جمعتْ يدي / وبكل ما ضُمّتْ عليه جوانحي
وهو الجدير بأن أُحَييَ باسمِهِ / في الشرق كلَّ مناضل ومنافحِ
من كلِّ حُرٍّ نافضٍ مما اقتنى / يَده ووهَّابِ الحشاشةِ مانحِ
أو كلِّ فادٍ بالحياة عشيرَهُ / لا القولِ في خُدَع الخيال السانِحِ
قُلْ للدعاة المحسنينَ ظَنونَهم / بالغرب ماذا في السَّراب لماتحِ
لا تُغرينّكمو وعودُ محالف / يطأ الممالك بادِّعاءِ مصالحِ
تمضي السنون وأنتمو من وعده / تَتَقلبون على ظهور أراجحِ
واللّه لو حسر القناعَ لراعكم / قَبرٌ أُعدَّ لكم وخَنْجَرُ ذابحِ
من كلّ مصاص الدماءِ مُنَوِّمٍ / يُدْعَى بمنقذِ أمةٍ ومُصالحِ
يا يوسف العظمات غرسُكَ لم يضِع / وجَناهُ أخلدُ من نتاج قرائحِ
قمْ لحظةً وانظرْ دمشق وقل لها / عاد الكمِيُّ مع النفير الصادحِ
ودعاك يا بنتَ العروبةِ فانهضي / واستقبلي الفجرَ الجديدَ وصافحي
مالوا بمصباح البيان صباحا
مالوا بمصباح البيان صباحا / ومشوا به في الذاهبين رواحا
ومضوا به إلا شعاعاً لم يزل / في الأرض مؤتلق السنى وضاحا
تهفو النجوم إلى سناه وتغتدي / نشوى كأن من الأشعة راحا
وعلى جوانب أرضها وسمائها / شفق تقلّده السماء وشاحا
هذا شعاع العبقرية لم يزل / يولي الحياة طلاقة وسماحا
قدر الخلود له وبارك أفقه / رب أراد به هدى وصلاحا
أجرى البيان على لسان نبيه / غدقا من السحر المبين قراحا
وحبابه الشعراء من ألحانه / فشدوا بألسنة الطيور فصاحا
لما مشى في الأرض فجر صخرها / ماء ونضرها ربى وبطاحا
وأنار في شرف السماء نجومها / فتلون من آياته الألواحا
فكأنما الدنيا ضحلا وكأنما / في كل داجية نرى مصباحا
قل لابن هانئ لا ذوت لك كرمة / فقد الربيع هزارها الصداحا
قد كنت في أمس نزيل رحابها / فنزلت أشرف ما أبلغ ساحا
ألقى وأسمع عبقريا ملهما / طلق المحيا ماجدا مسماحا
يولي النفوس بشاشة وينيلها / أدبا ويسقيها الوداد صراحا
أنست زمانا بالبيان وأهله / حتى تبدل أنسها أتراحا
وقفت بي الدنيا على جنباتها / فرأيت حزنا واستمعت نواحا
وشهدت ظل الموت فوق ظلالها / يغشى الربى ويجلل الأدواحا
وجمت وكانت الموت فوق ظلالها / تستقبل الإمساء والإصباحا
وذو ت أزاهرها ونفر طيرها / ينزو ويقطر أدمعا وجراحا
يبكي من الصدر الورود لجدول / كم عب من دفاقه وامتاحا
لما نعيت لها تزايل حسنها / وصغا الربيع بوجهه وأشاحا
سيان بعدك يابن هانئ دهرها / يسري نسيما أم يهب رياحا
قم وابك للشعر النبوغ وقل له / أمضى زمان النابغين وراحا
واهتف بصومعة البيان فقد خلا / عهد الرسالة بالقريض وطاحا
ولى بسر العبقرية شاعر / اللّه هيأه لنا وأتاحا
لم تسعد الفصحى بمثل يراعه / يوما ولا لقي الخيال جناحا
شعر حوى الدنيا ونسق حسنها / صورا ومثلها منى وطماحا
ويزيح عن ماضي العصور ستارها / فترى بها الغادين والرواحا
هو مثل هذا الطير في صدحاته / والزهر لطفا والعبير نفاحا
وأراه كالبحر الخضم عبابه / يعيى مداه الخائض السباحا
ويظنه الملاح طوع شراعه / فيرد عن غمراته الملاحا
يهدي إذا هدأ الثرى أصدافه / وإذا تمرد دره اللماحا
وأراه حين يرق عاطر نسمة / وإذا قسا فالعاصف المجتاحا
شعر يشف عن الحياة وداعة / ويؤج منها ثورة وكفاحا
ويبين من غضب النفوس وصفوها / مثل الحياة كآبة ومراحا
ويفيض من نبع القلوب فآنة / ماء وآنا جاحما لفاحا
والشعر مرآة الحياة ولم يزل / يجلو الرؤى ويصور الأشباحا
والشعر من أدب النفوس ولن ترى / من دونه هديا ولا إصلاحا
ولقد تذوقت الحياة فلم أجد / كالشعر ريا للنفوس وراحا
قل للكنانة عن رمائك أقصري / فلقد فقدت الرامي النضاحا
صياد أسراب الجمال إذا رنا / جاءته ما عرفت لديه جماحا
يدني القصي من الشوارد لفظه / ويروض منها النافر الممراحا
من كل معنى بالروائع حافل / يجلى كما تجلى الشموس صباحا
وقصيدة كالروض باكره الحيا / فاهتز ريحانا ورف أقاحا
من للطبيعة يستزيد جمالها / غررا كآيات الكتاب وضاحا
ذهب الذي غنى خمائل روضها / حتى مددن إلى النسيم الراحا
المرقص الزاهرت فوق غصونها / والمستخف عبيرها الفواحا
والمسعد الأيكات منه بملهم / كانت به الجنات قبل شحاحا
أوحى له المرح الوجود فصاغه / شدوا بأسرار القلوب وباحا
سبحان من أهدى الخيال يراعه / وهدى له الإبداع والإسجاحا
فتسمعوه فلم يزل من شعره / شاد يهزّ بسحره الأرواحا
يا نازحا عنا نزلت بعالم / تلقى الأحبة فيه والنزاحا
فاحلل بجنات الخلود ورو من / عين النعيم فؤادك الملتاحا
واملأ من الزهر المنور والجنى / كفيك واطرح عبئك الفداحا
سترى الرسول على معطر روحها / يهدي إليك ببابها المفتاحا
يسعى بحسان إليك وأنتما / وضحان من فجر النبوة لاحا
يختال في بردية من بردة / حاك القريض خيوطها أمداحا
يستاف من ميلاده شوقية / الله كان لمسكها النفاحا
فاشرح هواك له وبث لواعجا / كانت لهن دموعك الشراحا
أبلغ إلى صبري التحية والهوى / عنا وحي جبينه الوضاحا
وامسح دموعك عن أسرة حافظ / فلقد لقيت بقربه الأفراحا
وتساق أقداح المسرة معهما / فلكم ملأت بدمعك الأقداحا
واذكر على الأرض الشقية رفقة / باتوا عليك يقلبون الراحا
في عالم ما زال في غلوائه / ومنى على رث الحطام تلاحى
أشرق بوجهك في غياهب ليله / يخلع دجاه إذا جبينك لاحا
وأضىء على شط الحياة منارة / واطلع بكل دجية مصباحا
ونم الغداة وحسب روحك أن ثرى / من نور مجدك هذه الأوضاحا

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025