المجموع : 4
خلِّ المَدامِعَ في المنازلِ تسفحُ
خلِّ المَدامِعَ في المنازلِ تسفحُ / والقلبُ من ذكر الأحبّةِ يفرحُ
ما كانَ عِندي أنّ غُزلان النَّقا / لسوادِ طَرْفِي يومَ رامةَ تسنحُ
لمّا مَرَرْنَ بنا خطفن قلوبَنا / وقلوبُهنّ مقيمةٌ لا تبرحُ
والدّار من بعد الشّواغفِ إنّما / هيَ للجَوى والحزِن مغنىً مَطرحُ
للَّهِ زَوْرٌ زارَنا وقتَ الكرى / واللّيل جَوْنُ أديمِهِ لا يوضِحُ
وَالعيسُ مِن بعدِ الكلالِ مُناخةٌ / والرّكبُ فيما بينهنَّ مُطرَّحُ
فيما طَرقتَ وَلَيلنا مُستحلِكٌ / لَو ما طرقتَ وصبحُنا متوضَّحُ
بينا يؤلّفنا أغمٌّ مُظلمٌ / حَتّى يُفرّقنا مضيءٌ أجْلحُ
يا صاحِبيَّ على الزّمانِ تأمّلا / ما جرّه هذا الزّمانُ الأقبحُ
في كلِّ يومٍ لي خليطٌ يَنتَئِي / عنِّي ودارٌ بالمسرّةِ تنزحُ
وهمومُ صدرٍ كلّما دافعتُها / آلتْ طِوالَ الدّهرِ لا تتزحزحُ
لا أَستطيعُ لها الشكايةَ خِيفةً / والهمُّ لا يُشكى لقلبك أَجْرحُ
وإذا طلبتُ لِيَ الإخاءَ فليس لِي / مِن بَينهمْ إلّا السَّؤُولُ الأرسخُ
من كلِّ مشتهر العيوبِ وعندهُ / أَنّ العيونَ لعيبهِ لا تَلمحُ
ومجاورٍ ما كنتُ يوماً راضياً / بِجِوارهِ وَمشاورٍ لا ينصحُ
وَمعاشرٍ نَبذوا الجميلَ فما لهمْ / إِلّا بِأَوديةِ القبائحِ مَسرَحُ
وَمِنَ البَليّةِ أنّنِي حوشيتُما / أُمسِي كما يهوى العدوُّ وأُصبِحُ
في كربةٍ لا تنجلي وَشَديدةٍ / لا تنقَضِي ودُجُنَّةٍ لا تُصبِحُ
جَمْرِي تناقَلُهُ الأكفُّ ولم تجدْ / لَفْحاً له وجِمارُ غيرِيَ تلفحُ
وإذا عزمتُ على النّجاءِ فليس ما / أَنجو بِهِ إلّا الطِّلاحُ الرُّزَّحُ
قُل للّذي يَعدو بِهِ في مَهْمَهٍ / طِرْفٌ تخيّره الفوراسُ أقرحُ
بَلِّغْ بلغتَ عَميدَنا وزعيمَنا / ومشرّفاً دُنياً لنا لا يَمْصَحُ
إنّي ببُعدِك في بهيمٍ مُظلمٍ / لمّا عدانِي مَن به أستصبحُ
إنْ طاب لِي طعمُ الحياةِ أمرَّهُ / شوقٌ إليك كما علمتَ مبرِّحُ
ولقد علمتُ زمانَ تبغِي كارهاً / قربي ببعدك أنّنِي لا أربحُ
وأنا الّذي من بعدِ نأْيكَ مُبْعَدٌ / عن كلِّ ما فيه الإرادةُ منزَحُ
في أسْرِ أيدٍ بالأذى مفتوحةٍ / لكنّها عند النّدى لا تُفتحُ
ومُهوِّنٌ عندي الشدائدَ أنّها / تدنو الأنام وأنتَ عنها الأنزحُ
وإذا عَدَتْكَ سهامُ دهرٍ ترتمِي / فدعِ السِّهامَ لجِلدِ غيرك تجرحُ
ما ضرّنا وقلوبُنا مُلتفّةٌ / دَوٌّ تعرّض بيننا أو صَحْصَحُ
فَالأَبعَدونَ مع المودّة حُضَّرٌ / وَالأقربونَ بِلا المودّةِ نُزَّحُ
وَلَقدْ فضحتَ مَعاشراً لم يبلغوا / شأْواً بلغتَ وفضلُ مثلك يفضحُ
وَتَركتنا مِن بَعدِ حقٍّ كان فِي / كفّيكَ نَغبُقُ بالمُحال ونصْبَحُ
وإذا بنو عبد الرّحيم تبوّؤوا / شِعْباً فإنّي بينهمْ لا أبرحُ
المُسرِعون إلى الصّريخ فإِنْ قضَوْا / وَطَرَ الوَغى فهُمُ الجبالُ الرُّجحُ
لا أَستَطيعُ فِراقهمْ ولربّما / فارقتُ مَن بفراقهمْ لا أسمحُ
وأنا الجواد فإنْ سئلتُ تحوّلاً / عن قربكمْ فأنا البخيلُ الشّحْشَحُ
قومٌ وقَوْنِي الشَّرَّ وهو مُصمِّمٌ / وكفَوْنِيَ الضَّرَّاءَ وهي تُصَرِّحُ
إنْ ناكروا الأمرَ الذّميم تباعدوا / أو باكروا المَغْنَى الكريم ترَوَّحوا
وإذا دَعوتَهُمُ لنصرك من ردىً / جاءتْ إليك بهمْ جِيادٌ قُرَّحُ
مِثْلَ الدَّبا لَفّتْهُ فينا زَعزَعٌ / والسّيلُ ضاق به علينا الأبطحُ
والبيضُ في قللِ الكُماةِ غمودُها / والسّمرُ من ماءِ الترّائبِ تُنضحُ
فعليك منّي غائباً عن مُقلتِي / فدموعُها حتّى تراهُ تسفَحُ
تسليمةٌ لا تنقضِي وتحيّةٌ / يمضِي المدى وقليبُها لا ينزحُ
وصفحتُ عن ذنبِ الزّمانِ وإنّنِي / عَن ذَنبِه بِفراقِنا لا أصفحُ
إن عاقب الشّيب السّوادَ بمَفْرقي
إن عاقب الشّيب السّوادَ بمَفْرقي / فاللّيل يتلوه الصّباحُ الواضحُ
مَنْ أخْطَأَتْهُ وقد رمتْ قوسُ الرّدى / تبيضُّ منه مفارقٌ ومسائحُ
لو كان للّيلِ البهيمِ فضيلةٌ / لم تُدْنَ منه مقابِسٌ ومصابحُ
البيضُ لِلْعينينِ وجهٌ ضاحكُ / والسّودُ للعينين وجهٌ كالحُ
وأَشدُّ من جَذَعِ الجِيادِ إذا جرتْ / جَرْياً وأصبرُهُنَّ نَهْدٌ قارحُ
والبُزْلُ تغتالُ الطّريقَ سليمةً / وعلى الطّريقِ من البِكارِ طلائحُ
يا قَلبُ قُل لي أينَ صادَفك الهَوى
يا قَلبُ قُل لي أينَ صادَفك الهَوى / أَم كَيفَ عَنّ لكَ الغزالُ السّانِحُ
كيفَ اِطّباكَ إِلى الهوى غَمْرٌ بِهِ / سُكرُ الصِّبا جَذَعاً وأنتَ القارحُ
إِنَّ الّذين عَلى مِنىً عُلِّقْتَهُمْ / راحوا وَكَم أَردَى المقيم الرّائحُ
ما ضرّهمْ طَرَحوا الحدوجَ وإنّما / أحداجُهمْ مُهَجٌ لنا وجوانِحُ
وتكلّفوا ذَبْحَ الهَدِيِّ وإنّما / ألْحاظُهُنّ لنا هناكَ ذوابحُ
بيني وبين عواذلِي
بيني وبين عواذلِي / في الحبِّ أطرافُ الرماحِ
أنَا خارجيٌّ في الهوى / لا حُكمَ إلّا للمِلاحِ