المجموع : 8
رَقَمَت أنامِلُ صانِعي دِيباجِي
رَقَمَت أنامِلُ صانِعي دِيباجِي / منْ بَعْدِ ما نَظَمَتْ جَواهِرَ تاجي
وحَكَيْتُ كُرْسيَّ العَروسِ وزِدْتُهُ / أنّي ضَمِنْتُ سَعادَةَ الأزْواجِ
مَنْ جاءَني يشْكو الظَّماء فمَوْرِدي / صِرْفُ الزُّلالِ العَذْبِ دونَ مِزاجِ
فكأنّني قوْسُ السّماءِ إذا بَدَتْ / والشّمْسُ موْلانا أبو الحَجّاجِ
لا زالَ مَحْروسَ المَثابةِ ما غَدا / بَيْتُ الإلاهِ مَثابَةَ الحُجّاجِ
فُقْتُ الحِسانَ بحُلّتي وبِتاجي
فُقْتُ الحِسانَ بحُلّتي وبِتاجي / فهَوَتْ إليّ الشُّهْبُ في الأبْراجِ
يَبْدو إناءُ الماءِ فيّ كَعابِدٍ / في قِبْلَةِ المِحْرابِ قامَ يُناجي
ضَمِنَتْ علَى مرّ الزّمانِ مَكارِمي / رِيَّ الأُوامِ وحاجَةَ المُحْتاجِ
فكأنّني اسْتَقْرَيْتُ آثارَ النّدى / مِنْ كَفِّ موْلانا أبي الحَجّاجِ
لا زالَ بَدْراً في سَماءِ خِلافَةٍ / ما لاحَ بَدْرٌ في الظّلامِ الدّاجي
هَبّ النّسيمُ معَطَّرَ الأراجِ
هَبّ النّسيمُ معَطَّرَ الأراجِ / فشَفَى لَواعِجَ قَلْبي المُهْتاجِ
وافَى يُحدِّثُ عن أحِبّتيَ الأَلى / أصْبَحتُ أكْني عنْهُمُ وأُحاجي
فاشْرَبْ علَى ذِكْرِ الحَبيبِ وسَقِّني / صَهْباءَ تُشْرِقُ في الظّلامِ الدّاجِي
مِنْ خَمرَةِ السِّرّ المُقدّسَةِ التي / كَلِفَتْ بِطاسَتِها يَدُ الحلاّجِ
وأرَت لهُ الأشياءَ شيئاً واحداً / فَغَدا يُخاطِبُ نَفْسَهُ ويُناجِي
ورأى ابْنُ أدْهَمَ لَمْحةً منْ نورِها / تَلْتاحُ بينَ مَخارِمٍ وفَجاجِ
فَغَدا ومِنْ صوفِ الصّفاءِ شِعارُهُ / واعْتاضَهُ مِنْ لِبْسَةِ الدِّيباجِ
رَفَعُوا لَها قَبَساً بجانِبِ طُورِهِمْ / فعَشَوْتُ نحْوَ سِراجِهِ الوهّاجِ
وبَحَثْتُ عَنْها خَمْرَةً لمّا تَزَلْ / سَبَبَ النّجاةِ لِطالِب أوْراجِي
لمّا عَلِمْتُ مَكانَها وزَمانَها / أعْمَلْتُ في لَيْلِ السُّرَى إدْلاجي
وأتَيْتُ رَبَّ الدّيْرِ في مِحْرابِه / فبَثَثْتُ إفْلاسي إليْهِ وَحاجِي
نادَيْتُهُ مُترَحِّماً واللّيلُ قدْ / رَجَعَتْ كتائِبُهُ علَى الأدْراجِ
ما لي سِواكَ فَلا تُخَيّبْ مَقْصَدي / ما خابَ فيكَ رَجاءُ عَبْدٍ راجِي
وافَيْتُ منْ أرْضٍ بَعيدٍ خَطْوُها / مِنْ بَعْدِ طولِ تخَبُّطٍ ولَجاجِ
مهْما ضَحَيْتُ فظِلُّ حُبِّكَ ملْجإي / ومتَى مَرِضْتُ فَفي يَدَيْكَ عِلاجي
ومَدَدْتُ كفَّ الفَقْرِ أسْألُهُ فَيا / عِزَّ الغَنيِّ وذِلّةَ المُحْتاجِ
فرأَى افتِقارِي في يديْهِ فَجادَ لي / منْ جُودِهِ بالوابِلِ الثّجّاجِ
وأحَلّني منْ دَيْرِهِ في هَضْبَةٍ / تنْحَطُّ عَنْها الشُّهْبُ في الأبْراجِ
وجَلا عَلَيّ الرّاح في أكْواسِها / فشَرِبْتُها صِرْفاً بغَيْرِ مِزاجِ
تَخْفَى عن الإدْراكِ إلاّ أنّها / يَهْدي سَناها راحَةَ المُزّاجِ
فتَرى زُجاجَتَها بغَيْرِ مُدامَةٍ / وتَرى مُدامَتَها بغيْرِ زُجاجِ
والَى عليَّ بِها وقالَ هيَ التي / فِيها سَمَحْتَ بخَيْرِها النّسّاجِ
فاشْرَبْ وبُحْ باسْمي جِهاراً لا تَخَفْ / في الدّيْرِ منْ نَصَبٍ ولا إحْراجِ
يا صاحِبَيَّ وما أرَى لي صاحِباً / غيْري أُعاطِيهِ الهَوى وأناجِي
عُوجا علَى طَلَلِ الوُجودِ وبلِّغا / عنّي السّلامَ فلاتَ حينَ مَعاجِ
للّهِ إخْوانُ الصّفاءِ فإنّهُمْ / سَلَكوا الطّريقَ الواضِحَ المِنْهاجِ
منْ كلِّ ذي طِمْرَينِ أشْعَثَ أغْبَرٍ / عبِثَت بشَمْلَتِهِ يَدُ الإنْهاجِ
وقَفوا بأبْوابِ اليَقينِ وفتّحوا / ما كانَ منْها قبْلُ ذا إرْتاجِ
حتّى إذا كادَت سِماتُ طَريقِهِمْ / تَخْفَى بكُلِّ مُمَوِّهٍ ومُداجِي
نادَتْ هَلُمّوا جَدِّدوا عهْدَ الرِّضى / أيّامَ مَولانا أبي الحَجّاجِ
فاسْتَقْبَلوا داعِي المَقام كأنّما / أتتِ المَقامَ رَكائِبُ الحُجّاجِ
أحْيَى الإلاهُ بهِ رُسومَ طَريقِهمْ / وحَماهُمُ منْ مُلْكِهِ بسِياجِ
ملِكٌ يَحُثُّ الصّالِحينَ ويَقْتَدي / في الدِّينِ منْ أنْوارِهِم بسِراجِ
ويُواصِلُ اللّيْلَ التّمامَ مُسَهَّداً / للّهِ بيْنَ مُراقِبٍ ومُناجِي
أبْدَى رُسومَ العِلْمِ بعْدَ عَفائِها / وأعادَ وَجْهَ الحَقِّ ذا إبْهاجِ
وغَدا الزّمانُ بسَيْفِهِ وبِسَيْبِه / يَوْمَينِ يوْمَ نَدىً ويومَ هِياجِ
وأحَقُّ مَنْ مَلَكَ الخِلافَةَ ناصِرٌ / يَنْمِيهِ صاحِبُ صاحِبِ المِعْراجِ
كُلُّ الفَضائِلِ لمْ تُحَلَّ بحَمْدِهِ / لَبّاتُها فتَمامُها بخِداجِ
خُذْها أميرَ الُسْلِمينَ قَوافِياً / ثارَت عَجاجَتُها على العَجّاجِ
أنا جَوهَريُّ اللّفظِ لا عَجَبٌ إذا / جَمْعي مُنَظِّمُها بهَذا التّاجِ
أبْقَيْتُ بالذِّكْرِ الجَميلِ مَدائِحاً / لكَ في فَمِ الرّاوي وقَلْبِ الرّاجي
واخْلُدْ ونَصْرُ الله جلّ جلالُه / يأْتيكَ أفْواجاً علَى أفْواجِ
أهْلاً بطَيْفٍ زارَني غَسَقَ الدُّجى
أهْلاً بطَيْفٍ زارَني غَسَقَ الدُّجى / فأعادَ لَيلَتَنا صَباحاً أبْلَجا
فَتَحَتْ زِيارَتُه لصَبٍّ هائِمٍ / بابَ القُبولِ وكانَ قِدْماً مُرْتَجا
للّهِ دَرُّكَ منْ خَيالٍ مُطْمِعٍ / علِقَتْ لَنا بحِبالِهِ أيْدي الرَّجا
كيفَ اهْتَدَيْتَ وهلْ بَدا لكَ مَضْجَعٌ / خطَّ النحولُ عليْهِ سَطْراً مُدْمَجا
يا سالِكاً بمُحِبِّه طُرُقَ النّوى / هلا سَلَكْتَ الى التّواصُلِ مَنْهَجا
أفْديكَ منْ حَكَمٍ تأوّلَ حكْمَهُ / فقَضى بقَتْلِ العاشقينَ تحرُّجا
أو مَا تَرى طوفانَ فَيْضِ مَدامِعي / يُذْكي جَحيماً بالضّلوعِ تأجّجَا
أسْتَنْبِئُ البَرْقَ الخَفوقَ إذا هَفا / وأُساهِرُ اللّيْلَ الطّويلَ إذا دَجا
هَبْ لي رِضاكَ فإنّني مُسْتَشْفِعٌ / بحُلَى أميرِ المُسْلِمينَ المُرْتَجى
إنّ الهَوى لَشِكايَةٌ معْروفةٌ
إنّ الهَوى لَشِكايَةٌ معْروفةٌ / صَبِرُ التّصَبُّرِ منْ أجَلِّ عِلاجِها
والنّفْسُ إنْ ألِفَتْ مَرارةَ طَعْمِها / يوماً ضَمِنْتُ لها صَلاحَ مِزاجِها
قدْ صحّ في سُنَنِ النّبي محمّدٍ
قدْ صحّ في سُنَنِ النّبي محمّدٍ / فَضْلي على المَوْشِيِّ والدِّيباجِ
ولأجْلِ هَذا اخْتَصّني بلِباسِه / مَلِكُ العُلى الأرْضَى أبو الحَجّاجِ
قالُوا كَلِفْتَ بهِ غُلاماً حالِكاً
قالُوا كَلِفْتَ بهِ غُلاماً حالِكاً / فأجَبْتُمْ لي فيهِ ما يَشْفي المُهَجْ
مَهْما جُنِنْتُ بهِ هَوًى وصَبابةً / علّقْتُ فَوقي منْهُ حِرْزاً منْ سَبَجْ
يا طالِباً منْ جارِهِ إسْكَرْفَجا
يا طالِباً منْ جارِهِ إسْكَرْفَجا / هَذا يُخَبِّرُ أن جوعَكَ فاجَا
ويَدُلُّ أنّكَ قدْ نَبَذْتَ تَداوِياً / ويَدُلُّ أنّكَ قدْ ترَكْتَ عِلاجا
وكَلِفْتَ بالمَمْلوكِ تؤثِرُ أكْلَهُ / أبَداً وتَرْفُضُ صِحّةً ومِزاجا
خَفْ منْ غِذاءٍ غَيْرِ مُعْتَدِلِ القُوى / واحْذَرْ طَعاماً يُفْسِدُ الأمْشاجا
هَيْهاتَ تعْتَبِرُ الهِجاءَ طَبيعةً / في خِيسِها أسَدُ الخَساسةِ هاجَا
والمرءُ منْ فَمِهِ يُصابُ وفَرْجِهِ / فيَعودُ مَوْرِدُهُ الشّرُوبُ أُجاجا
فكأنّني بكَ قدْ نَبَذْتَ مُهَرْقِماً / وقَصَدْتَ في أعْقابِهِ سَفّاجا
وصَحِبْتَ جَزّاراً للَحْمٍ طيّبٍ / وخَدَمْتَ غيرَ مُقَصِّرٍ دَجّاجا
وفَتَحْتَ بابَ الزّرْدِ تُدْخِلُهُ اللّهَا / في دينِ كُلِّ نَهامَةٍ أفْواجا
وبَلَعْتَ كالكَبّونِ فَضْلَ عَصيدَةٍ / وشرِبْتَ منْ ماءِ العَصيرِ مجاجا
وغَدَوْتَ كالحُبْلَى جَنينُك خَرْيَةٌ / تأتي بها عِنْدَ الصّباحِ خِداجا