قلبٌ كواهُ البينُ حتى أنضجا
قلبٌ كواهُ البينُ حتى أنضجا / ما زال في بحر الغرامِ ملججا
ومدامعٍ سحَّتْ وما شحَّتْ على / خدٍّ بحمرةِ لونها قدْ ضُرِّجا
لمْ لا تضرِّجْ أدمعي خدي وقدْ / أُذكرتُ ظلاً بالمدينةِ سجسجا
لي بالحجازِ وساكنيهِ مآربُ / أرضٌ حكَتْ حللَ الربيعِ مدبَّجا
سقتِ الحجازَ سحائبٌ يحيا بها / ميْتُ النباتِ لكيْ يميسَ تبرُّجا
يا قاعةَ الوعساءِ ما هذا الشذا / أحويتِ شيحاً أمْ حويتِ بنفسجا
أمْ نسمةً هبَّتْ ببانِ طُويلعٍ / هزَّتْ معاطفهُ ففاحَ تأرّجا
ظمأى إلى غدرانِهِ ورياضِهِ / ظمأٌ يزيد القلبَ منهُ تأججا
ما للنياقِ رواقصاً هلْ عاينَتْ / برقَ الأُبيرِقِ تحتَ أزيالِ الدجى
يا سعدُ إنْ عاينْتَ بهجةَ طيبةٍ / فابشرْ بكونِكَ ناجياً فيمن نجا
وانزلْ وقبِّلْ تربَها متورِّعاً / متخضِّعاً متخشِّعاً متفرِّجا
واكحلْ جفونَكَ مِنْ ثراها وابتهجْ / بسنا نبيٍّ ما أعزَّ وأبهجا
أعلى الورى قدْراً وأعظمُهُمْ تقىً / وأتمهمْ جاهاً وأكملُهمْ حِجا
وأحدُّهم سيفاً وأكثرُهُمْ ندى / وأعزُّ منزلةً وأوضحُ منهجا
منْ أينَ في الثقلينِ مثلُ محمدٍ / نرجوهُ في كرباتِنا أَنْ تُفرجا
كمْ للنبيِّ محمدٍ منْ معجزٍ / أوهى قوى مَنْ عاندوهُ وأزعجا
عجبي لنطقِ غزالةٍ للمصطفى / جعلَ الإلهَ لها بذلكَ مخرجا
لو لمْ يُشَقَّ البدرُ معجزةً لهُ / لانشقَّ منهُ غيرةً وتحرّجا
لمْ لا تحنُّ إليه يا قلبي وقدْ / غلبَ الحنينُ الجذعَ فيهِ وهيّجا
سبحانَ منْ أعطاهُ تسبيحَ الحصى / في كفِّهِ المُرْوِي إذا عطشٌ فجا
أوَليسَ بيتُ العنكبوتِ بآيةٍ / في الغارِ لمّا أُلْهِمَت أنْ تنسجا
كم ردَّ عيناً كم برا ذا عاهةٍ / بدعائهِ كمْ شدَّةٍ قدْ فرَّجا
كم قالَ غيباً صادقاً فمقالُهُ / مثلُ الصباحِ إذا بدا متبلِّجا
ولهُ منَ المعراجِ آياتٌ سمَتْ / لما دعاهُ اللّهُ في ليلٍ سجا
مَنْ رامَ يحصي معجزاتِ محمدٍ / فيعدّ موجَ البحرِ حينَ تموَّجا
مَنْ أُنزِلَ القرآنُ في أوصافِهِ / أنا قاصرٌ عَنْ مدحِهِ متلجلجا
هلْ بعدَ يس و طه مدحةٌ / في الهاشميِّ وآلِهِ سفنِ النجا
يا خيرَ خلقِ اللّهِ يا كلَّ المنى / أنا أرتجيكَ وأنتَ نعم المرتجى
يا منْ لواءُ الحمدِ في يدِهِ ومَنْ / تاجُ الكرامةِ في القيامةِ توِّجا
جسمي ضعيفٌ عنْ لظى وعذابُها / حاشاكَ تنسى مَنْ إليكَ قدِ التجا
كنْ لي شفيعاً إنَّ جسمي مثْقل / بالسيِّئاتِ وقدْ شجاني مَنْ شجا
كم ذا أُسوِّفُ بالمتابِ توانيا / حقٌّ لدمعي بالدما أن يُمْزَجا
إني لأحْوَجُ مذنب لشفاعةٍ / إنَّ الكرامَ يقدِّمونَ الأحْوَجا
صلّى عليكَ اللّهُ يا خيرَ الورى / ما نارَ نورٌ مِنْ ضريحكَ في الدجى