المجموع : 4
كَم ذا سَرى بِالموتِ عنّا مُدْلِج
كَم ذا سَرى بِالموتِ عنّا مُدْلِج / أَبكي اِشتِياقاً بي إليه وأنشِجُ
وَأوَدُّ أنّي ما تعرّى جانبي / مِنّي ولَم يُخرجْهُ عنّي مُخرجُ
وَكَذا مَضى عنّا القُرونُ يكبُّهُمْ / خَطْبٌ أخو سَرفٍ وصَرْفٌ أعوجُ
خَدَعَتْهُمُ الدّنيا بِرائقِ صِبْغِها / وَاِقتادَهُمْ شوقاً إليها الزِّبْرجُ
فَتَطامَحوا وَتَطاوحوا بيد الرّدى / وَتَقوّموا ثُمّ اِنثنَوْا فتعوّجوا
وَكأنّهمْ لمّا عموا بظلامِ أرْ / ماسٍ لهمْ ما أشرقوا أو أبْلجوا
لَم ينجِهمْ وَقد اِلتَوى بهمُ الرّدى / وإليه يُمضي أو عليهِ يُعَرَّجُ
وَهوَ الزّمان فمسْمِنٌ أو مُهزِلٌ / طولَ الحياةِ ومحزنٌ أو مُبهِجُ
وَمسلِّمٌ لا يَبْتَلِي ومُسالمٌ / وموادِعٌ لا يختلِي ومُهَيِّجُ
والمرءُ إمّا راحلٌ أو قد دنا / منه وما يدري الرّحيلُ المزعجُ
بينا تراه في النّديِّ مُنشِّراً / حتى تراه في الحفيرة يُدرَجُ
تسري به نحو الرّدى طولَ المدى / بيضٌ وسودٌ كالرّكائب تهدِجُ
وإذا الرّدى كان المصير فما الأسى / منّا على نشَبٍ وثوبٍ يَنْهَجُ
لولا المقادِرُ قاضياتٌ بيننا / خَبْطاً لما سبق الصحيحَ الأعرجُ
يا ناعِيَ ابنِ محمّدٍ ليتَ الّذي / خبّرتَنيهِ عن الحقيقة أعوجُ
أفصحتَ لا أفلحتَ بالنبأِ الّذي / للقلبِ منه توقّدٌ وتوهّجُ
ولَطالما ضنّ الرّجال بمثلِ ما / صرّحتَ عنه فجمجموا أو لَجْلَجوا
يا ذاهباً عنّي ولي من بعده / قلبٌ به متلهّبٌ متأجّجُ
أعززْ عليَّ بأنْ أراك مُسَرْبَلاً / بالموتِ تُدفن في الصّعيد وتُولَجُ
في هُوّةٍ ظلماءَ ليس لداخلٍ / فيها على كرّ اللّيالي مَخْرَجُ
بيني وبينك شاهقٌ لا يُرتقى / طولاً وبابٌ للمنيّة مُرْتَجُ
ويُصَدُّ عنك القاصدون فما لهمْ / أبداً على شِعْبٍ حَلَلْتَ مُعَرّجُ
كم ذا لنا تحت التّراب أناملٌ / تَندى ندىً وَجبينُ وجْهٍ أبْلَجُ
من أين لي في كلِّ يومٍ صاحبٌ / يرضاه منِّي الدّاخل المُتَولِّجُ
هيهاتَ فرّ من الحِمامِ مغامِرٌ / حيناً وكَعَّ عن الحِمامِ مُدَجَّجُ
وكَرَعْتُ منك الودَّ صِرْفاً صافياً / ولَكَمْ نرى ودّاً يُشابُ ويُمزَجُ
لا تُسْلِنِي عنهُ فتسليةُ الفتى / عمّن به شَغَفُ الفؤادِ تهيّجُ
ولَكَمْ غَطا مِنّي التجمّلُ في الحَشى / مِن لاعِجاتٍ في الأضالعِ تَلْعَجُ
فَاِذهَبْ كما شاءَ القضاءُ وكن غداً / في القَومِ إمّا سُوِّدوا أو تُوِّجوا
لَهُمُ بأفنيةِ الجِنانِ مساكنٌ / طابَتْ مَساكِنُها وظلٌّ سَجْسَجُ
وَسَقى ترابَكَ كلُّ مُنخرِقِ الكُلى / يسرِي إذا ما شئتَهُ أو يُدْلِجُ
للرّعد فيه قعاقِعٌ وزماجِرٌ / والبرق فيه توهّجٌ وتموّجُ
والنَّورُ في حافاتِهِ مُتفسِّحٌ / والأُقحوانُ بجانبيهِ مُفَلَّجُ
وَإِذا سَقاكَ اللَّه مِن رَحماتِهِ / فَلأَنْتَ أسعدُ من أتاهُ وأفلجُ
أَعلى الرّكائبِ سارتِ الأحداجُ
أَعلى الرّكائبِ سارتِ الأحداجُ / وَالبينُ ما عنه هناك مَعاجُ
لا تطلبوا منّي السلوَّ فليس مِنْ / حاجي ولِي في مَنْ ترحّلَ حاجُ
قالوا اِصطَبرْ والصّبرُ ليس بزائلٍ / مَنْ عنده بالغانياتِ لجاجُ
ودواءُ أمراضِ النفوسِ كثيرة / والحبُّ داءٌ ليس منه علاجُ
بَيني وَبَينَ تَجلُّدِي وَتَماسُكي / والعيسُ تُرحلُ للفراق رِتاجُ
همْ أوقدوا نارَ الهوى في أضلُعِي / بفراقهمْ يومَ الرّحيل وهاجوا
في ساعَةٍ ما إِنْ بِها إِلّا جوىً / يُضنِي وسيلُ مدامعٍ ثجّاجُ
عاجوا عَلَينا بالوَداعِ وليس لِي / صَبرٌ عليهِ فَلَيتَهمْ ما عاجوا
وَسَرَوْا بمُسْوَدٍّ بهيمٍ ما لهمْ / إِلّا وُجوهُ البيضِ فيه سراجُ
وَإِذا هُمُ بِالرغمِ منّا أدلجوا / أودى المُتَيَّمَ ذلك الإدلاجُ
وَلَقد نعى وَصْلي لكمْ وبكى بهِ / قبلَ الفراقِ الناعقُ الشَّحّاجِ
نادى فَأَزعَج كلَّ من لم يأْتِهِ / لولاهُ إقلاقٌ ولا إزعاجُ
لِمْ شِرْبُكُمْ عندي النّميرُ وعندكمْ / شِرْبي على الظّمإ الشديد أُجاجُ
وَإِذا ضَنِنْتُمْ بِالعَطاءِ فليتَهُ / ما كان إفقارٌ ولا إحواجُ
وَالبُخلُ مِلْءُ بيوتِكمْ فليتَهُ / يُثرِي ويَغْنى منكمُ المحتاجُ
وَأَنا الفَصيحُ فَإِن شَكوت إليكُمُ / جَنَفَ الغرامِ فإنّني اللّجلاجُ
وَفَلاحُ قلبٍ لا يُرجّى بعدما / وَلِيَتْ عليه الطّفلةُ المِغْناجُ
أقسمتُ بالبيتِ الحرامِ وحولَهُ / للزَّائريهِ من الوفودِ ضُجَاجُ
عَرَقَتْهُمُ حتّى أتَوْهُ هُزّلاً / بِيدٌ عِراضٌ دونَه وفجاجُ
ومِنى وبُدْنٍ ما صُرِعْنَ بتُربها / إلّا لتُبزلَ عنده الأوداجُ
والمَوْقِفَيْن عليها وَإِليهِما / طَلبَ النَّجا وتزاحمَ الحُجّاجُ
لولايَ لم يكُ للنّدى سيلٌ ولا / في الرَّوع إلجامٌ ولا إسْراجُ
ما ضَرّنِي أَنْ لَيسَ فَوق مَفارقِي / تاجٌ ومن فضلِي عليَّ التّاجُ
وأنَا الغبينُ لئنْ رضِيتُ بأن تُرى / فوقِي العيوبُ وتحتِيَ الهِمْلاجُ
وبأنْ تَقِلَّ مكارمٌ مِنّي ولي / ثَمَرٌ كثيرٌ سائغٌ وخَراجُ
وَالضّاحكون بيومِهمْ ما فيهمُ / إِلّا الّذي هو في غدٍ نشّاجُ
دَعْ مَن يكون جمالهُ وفخارهُ / في الفاخرين الوَشْيُ والدّيباجُ
فثيابُ مِثلي يومَ سِلْمٍ عِفّةٌ / وَثيابُ جسمي في اللّقاءِ عَجاجُ
قل للأُلى سَخِطوا الجميلَ فما لهمْ / يوماً إلى كسبِ العُلا مِنهاجُ
لَو شِئتُمُ أَن تَعلموا لَعَلمتمُ / عِلمي فَلَيسَ على العلومِ سياجُ
ما فيكمُ لولاي لو أنصفتُمُ / دخّالُ كلِّ كريهةٍ خَرّاجُ
كلُّ الفضائلِ في يدَيَّ وما لكمْ / منهنّ أفرادٌ ولا أزواجُ
ومعالِمِي خضرُ الذوائب لم يَسِرْ / فيهنّ إخلاقٌ ولا إنْهاجُ
ولقد ظهرتُ فليس يُخفِي شُهرتِي / في النّاسِ إدراجٌ ولا إدماجُ
وعَشِيتُمُ مِنّي وفوقَ رؤوسِكمْ / بِالرّغمِ يَلمع كوكبي الوهّاجُ
فالمَكْرُماتُ عقيمةٌ منكمْ ولِي / منهنّ في كلّ الزّمان نتاجُ
ما فيكُمُ صفوٌ ولكنْ أنتُمُ / كَدَرٌ لصفوٍ في الورى ومزاجُ
قوموا أَروني تابعاً فرداً لكمْ / ودعوا الّذي أتباعُهُ الأفواجُ
وَالنّقصُ مُلتَحفٌ بكمْ ما فيكُمُ / عنهُ المحيصُ ولا له إفراجُ
حتّى سوَيعاتُ السّرور قصيرةٌ / فيكمْ ووضعُ الحاملاتِ خِداجُ
وإذا رضيتُمْ بالحُطامِ فلا اِرتَوى / صادٍ ولا اِمتَلأتْ لكمْ أعفاجُ
مَن لِي بخِلٍّ يستوي لِيَ عنده / يُسرِي وعُسرِي والغِنى والحاجُ
وإذا عَرَتْنِي في الزّمانِ شديدةٌ / فهو المكثِّفُ كَرْبهَا الفَرّاجُ
ما يستوي جَدْبٌ وخِصْبُ لا ولا / وَشَلٌ وبحرٌ فائضٌ عجّاجُ
بِتْنا وَنَحن المُعرِقون تقودنا / بين العِدى وتسوقنا الأعلاجُ
ما وِرْدُنا في الدّهرِ إلّا رَنقُهُ / وَلَنا الإضاعةُ فيه والإمراجُ
لا خيرَ في هامٍ بِغَيرِ أزِمّةٍ / فينا وسَجْلٍ ليس فيه عِناجُ
وَمِنَ الضرورةِ أَن يَكون معَ الثرى ال / ندبُ الخفيفُ إذا علا الهِلباجُ
ما حقُّ مِثلِي وهو ممّن قولُهُ / يسرِي إلى الآفاق منه لِهاجُ
بِرباعكمْ يا أهْلَ يثربَ حاجي
بِرباعكمْ يا أهْلَ يثربَ حاجي / وعليكُمُ دون الأنامِ مَعاجي
وَمَتى اِدّلجتُ إلى زيارةِ أرضكمْ / حَذرَ الوشاةِ فحبّذا إدْلاجي
كَمْ فيكُمُ لمَنِ الهَوى من شأنِهِ / من مَبْسَمٍ رَتِلٍ وطَرْفٍ ساجِ
ومُحَكَّمٍ في الحسنِ يُكرَعُ عندهُ / كأسُ الهوى صِرْفاً بغير مزاجِ
ماذا على مَن ضَنّ دهراً بالنّدى / لَو كانَ يوماً ضنَّ بالأحداجِ
وَيَسوؤُني وهو الّذي في كفِّهِ / ما شئتُ من جَذَلِي ومن إبهاجي
ويذودنِي وبِيَ الصّدى عن عَذْبِهِ / فإذا سَقاك سَقاك كلَّ أجاجِ
وَصْلٌ كعشواءِ الظّلامِ تردّداً / وقطيعةٌ تَجري على مِنهاجِ
يا قاتلَ اللَّه اللّواتِي بِاللّوى / أوْرَطنَنا حبّاً وهنّ نواجِ
مازلن بِالرّجل الصحيحِ منَ الهَوى / حتّى تَعايا فيه كلُّ علاجِ
يا صاحبَيَّ تنظّرا بِأَخيكما / أَنْ تَستَثيرا العيسَ بالأحداجِ
حَتّى اِلتَوَتْ هامُ الكَواكب مُيَّلاً / والفجرُ في عَقِبِ الدّجى كسراجِ
وَأبِي الظّعائِنِ يومَ رُحْنَ عشيّةً / والبينُ شاهدُنا بغير خِلاجِ
لَقد اِحتَوين على قلوبِ معاشرٍ / خفّتْ كما خفّ القطينُ الناجي
ودّعْنَنا من غيرِ علمٍ بالّذي / أودَعْنَنا من جاحِمٍ وهّاجِ
والرّكبُ بين مغيّضٍ كَمَدَ الهوى / في لُبّهِ أو مُعْولٍ بِنشاجِ
يذري دماً من عينِهِ فكأنّه / يبكي أحِبّتَهُ من الأوداجِ
وَأنا الّذي اِستوطنتُ ذِرْوَةَ هاشمٍ / وحَلَلْتُ من عدنانَ في الأثباجِ
الضّاربين الهامَ في يومِ الوغى / والقائلين الفصْلَ يومَ حِجاجِ
والزّاحمين ترفّعاً وتنزّهاً / للطالعات دجىً عن الأبراجِ
وَالساحبينَ إِلى ديارِ عدوّهمْ / أذيالَ كلِّ مُعَضَّلٍ رَجْراجِ
كالبحرِ تَلتمعُ الأسنّةُ والظُّبا / في قعرهِ بَدَلاً من الأمواجِ
يحوِي رجالاً لا يبالون الرّدى / إلّا ردىً في غير يومِ هياجِ
نبذوا الحياةَ وأمْرَجوا أرواحَهمْ / بين المنايا أيّما إمراجِ
وأتَوْا على صَهَواتِ جُرْدٍ ضُمَّرٍ / ملأى من الإلجامِ والإسراجِ
أكلَ الغِوارُ لحومَها وتعرّقتْ / أوصالَها أنيابُ كلِّ فجاجِ
فَأتَتْ كما شاء الشّجاعُ خفائفاً / مثلَ القِداحِ تُجيلهُنَّ لحاجِ
قومٌ دفاعُهُمُ النجاةُ لخائفٍ / وندى أكفّهِمُ اليَسارُ لراجِ
لا يغصبونَ إذا الرّجالُ تَغاصبتْ / إِلّا العقائلَ مِن عظيمِ التاجِ
وَإِذا الوجوهُ تَكالحتْ حَذر الرّدى / فوجوهُهمْ أقمارُ كلِّ عَجاجِ
وَمَتى شبيهَهُمُ طلبتَ وجدَتهمْ / ضربوا على أحسابهمْ برِتاجِ
ولقد طلبتُ على العظيمةِ مُسعِداً / فرجعتُ منقلباً على أدراجي
ووجدتُ أطمارَ الحفائظ بيننا / في كلِّ شارقةٍ إلى إنهاجِ
زَمنٌ عقيمُ الأمّهاتِ من الحِجى / فإذا حَمَلْنَ وضعنَهُ لخِداجِ
كم حاملٍ فيه لِعِبْءِ فهاهَةٍ / متعثّرٍ بلسانِهِ لَجْلاجِ
غِرٌّ تجرُّ النائباتُ لسانَهُ / فَإذا اِطمأَنَّ فدائِمُ التّشحاجِ
كَلِفٌ ببيضِ الأُزْرِ لَكن قَد غَدا / مُتقنّعاً فينا بِعرْضٍ داجِ
وَتَراهُ يَرضى خِفّةً من سُؤْددٍ / إنْ باتَ يوماً موقَرَ الأعفاجِ
قَد قلتُ للباغِي المروءَة عِندهمْ / يرمي القليبَ بغيرِ ذاتِ عِناجِ
ماذا تُكلِّفُ ذاَ بطنٍ حائلٍ / جدّاءَ من دَرٍّ لها ونِتاجِ
وَتُريدُ أَنْ تَحظى بِجمّاتِ الغِنى / مِن مَعدِنِ الإِقتارِ والإنْفاجِ
وَمِنَ الغَباوةِ أنْ يظنّ مؤمّلٌ / جُرعَ الإساغَةِ من مِغصٍّ شاجِ
إِنّ الّتي حَكتِ الضّحى
إِنّ الّتي حَكتِ الضّحى / والصُّبحُ في أسْرِ الدّياجِي
ما كنتُ يومَ تعرّضتْ / لِي من حِبالتها بناجِ
أدْوَتْ فؤادِي من صَبا / بتها وضنّتْ بالعلاجِ
ولقد أقولُ لها وضل / لَ عن النّصيحةِ مَنْ يُداجِي
يا حُلْوةً كم دون حُلْ / وكِ للمتيَّمِ من أُجاجِ
وإذا ضَنِنْتِ فقد أسَأْ / تِ وفي يديكِ بلوغُ حاجِي