طرقتك صاحبة المحيا الأبلج
طرقتك صاحبة المحيا الأبلج / تختال بين تجعد وتدعج
لم أنس إذ لعب الصبا بقوامها / لعب الصبي بمحجن من صولج
فأتت تهز معاطفا رجراجة / كالقضب بين تكسر وترجرج
لم أنسها والخال يلثم خدها / كالدر صاحفه صفيح زبردج
لمياء لولا قدرة من قادر / كانت من الأرحام لم تتبرج
يا حادي اللذات دونك فاحدها / بسياط صوت للغناء مهزج
اجعل معاجك للحميا لا الحمى / فمعرج الأقداح خير معرج
حسنت معاشرة الحسان فإنها / مفتاح باب للهموم مفرج
للَه أيام خلون كأنها / حبك النجوم منمنمات المنسج
أيام سورنا الزمان ولفنا / ما بين خلخال أرن ودملج
ثلجت على رغم الشبيبة نارها / ومن انزوت عنه الشبيبة يثلج
لا ترج فافتة الصبا إن الصبا / وأبيك يذهب مثل أمس ولا يجي
أسفي لما حجب السرى من جوهر / أصداف لؤلئه أكلة هودج
لهجوا بخوض دمي وبين جوانحي / قلب بغير هواهم لم يلهج
وسرى نسيمهم فقلت لصبوتي / يا نار مسك نافخ فتأججي
بأبي الأهلة في القباب كأنما / سمكوا لها فلكا من الفيروزج
عرب تحملن الجمال لصونه / لا قدست حسناء ذات تبرج
كذب الهوى من بات ينشد دمنة / ماذا الوقوف على يباب سجسج
هي شقة الوادي فما في جوها / نسم ولا في طيها من مدرج
رحلوا فلي في كل واد صرعة / بسلاف ذكرهم الذي لم يمزج
وأقول للأرض التي ذكروا بها / هذا النسيم نسيمهم فتأرجى
إني لأذكركم فتعثر لوعتي / بالمقلة الحمراء والقلب الشجي
لا تحسبوا مقتي يزيفها النوى / كم خالص بين الرفاق وبهرج
ولقد سددت على سواكم مقلتي / فالنوم ليس له بها من منهج
فمتى يفيق من الهموم مدله / درج الزمان وأمره لم يدرج
جمحت مذاكي الحادثات فهل ترى / من ملجم يوما لها أو مسرج
ضاق الخناق وكل ضيق بعده / فرج واية كربة لم تفرج
ولقد جريت مع الهوى وجرى معي / خلين ما قلقا لبين مزعج
ما عز بذل النفس دون لقائكم / والجود بذل حشاشة لازبرج
لله أفلاك السرور قطعتها / في ليلة والصبح لم يتبلج
والشهب ترفع في السماء كأنها / عانات عين في رياض بنفسج
وأغن يتضح بالحميا خده / ويمج مسكا من خلال مفلج
بأبي الصبيح تقول لي وجناته / أنعم صباحا بالغلام الأبلج
ولرب منتقب يميط نقابه / عن ناعم بدم القلوب مضرج
لما أطل على حوانيت الطلا / شفت شفيف الجو عن متبلج
وترى الكؤوس على اختلاف صياغها / كالزهر بين مورس ومسبج
ويصبها ياقوتة بمفضض / كالدرة البيضاء لا يمزجج
حمراء تمشي في أكف سقاتها / مشي الكواكب في مجاري الأبرج
أيها لعيشك يا نديم أدر لنا / صرف الحميا أو بريقك فامزج
برزت إليك من الدنان مليكة / بسوى حصى الياقوت لم تتوج
جهمية الأخلاق لو زوجتها / غير ابن نوء السحب لم تتزوج
وكأنها إذ يستدير حبابها / صفحات نهر بالرياض مدبج
قم هاتها من عصر عاد عصرها / لا خير في الثمرات ما لم تتضج
ولقد مننت بخلوة فجعلتها / كجمالك الفرد الذي لم يزوج
ماذا يضرك أن تمن بأختها / إن الكريم لدى رجاء المرتجى
وإذا سألتك أن تمن بقبلة / فامنن علي بها ولا تتبجج
صلني بواحدة وثن بأختها / كرما لجوهرك الذي لم يزوج
لا در درك يا مدام فإنني / نشوان من قدح الغلام الأدعج
وطوارق أدلجتها لمجاشع / كانت كطارقة القضاء المدلج
لم أنس صلصلة الحديد بمأزق / زجل الرعود بخرقه لم يولج
أيام تعتصر الكماة ظباتنا / والخمر لولا العصر لم تستخرج
والشوس تريد والسيوف زواخر / والخيل تسبح في القنا المنموج
وكأن طائرة النبال إذا هوت / قبسات ضوء الكوكب المتوهج
دخلت على علم مداخل حربنا / لكنها جهلت سبيل المخرج
قرنت حماقتها بجراة أسدنا / والحمق من خلق البعير الأهوج
سلبتهم الخيلاء خيل أقبلت / تختال بالخلق البهي الأسمج
خيل إذا ذكر الوغى طربت لها / طرب السمد بكل ذات تأجج
وأنا الذي يهوى الفنا فتروقه / هبوات ليل بالقناة مرهج
جريت أيامي فلم أر صاحبا / إلا يراقب فرصة أو يرتجي
والحر بالجلى يزبد تحنكا / لولا احتراق العود لم يتأرج
ولرب أعزل لو دعته يد الوغى / لأجاب عن شاكي السلاح مدجج
ولقد تركناها جمادا في العلا / والروح في سر الدم المترجرج
ثم انثنينا رابحين تراثها / إلا الجسوم لناعب أو أخرج
كم من يدي أسد إطار كليهما / ضرب وهام للملوك مدحرج
ركبوا الفرار فللقنا بظهورهم / وقع كصوت البارق المتأجج
فتقطعوا مثنى هناك وموحدا / كقطيع وحش في القفار مهيج
ولقد أبحناها الفرار تكرما / وابن الكرام يصون كل مبهرج
والجود تمقته مشائيم الورى / مقت الخنافس كل ذات تأرج
بعدا لباقرة الشحيح فإنها / رحم العقيمة ما لها من منتج
كم غاظنا ملك فعاد متوجا / بحدود ضرب لا ضروب تتوج
نسج الطعان لنا بتسدية القنا / مجدا على منواله لم ينسج
طعن يسل من الملوك حقوقنا / والخمر لولا العصر لم تستخرج
تهوى مواقفنا الوغى فتقودها / قب الأياطل من عقائل أعوج
لا نستحيل عن الآسنة والندى / كالنجم عن أفلاكه لم يخرج
أو ما ترى المعتاد عودي الشذا / لا يطمئن إلى دخان العرفج
جئنا من الحدب الظهور بحجة / لم تبق وجها قط للمتحجج
رنت المطامع أن تروم لحاقنا / كم غاية لا يرتجيها المرتجي
نختال في الحرب العبوس كأننا / نختال في يوم القتيص المبهج
وإذا القساطل زاحمت لهواتنا / كانت لنا كون اللهى للمحوج
والأرض إن طابت محارث تربها / نبتت بأبهى ما يكون وأبهج
والضيم يأبانا ونأبى وخزه / كيف المبيت على شياك العوسج
لا تحسبوا بالغي يصفو شربكم / فمتاع أهل الغي غير مروج
كذبت عيونكم المنى بمخائل / كالآل بين تدفق وتموج
نبهتم الأسياف بعد رقودها / فعل الملح بقرع باب مرتج
وحسبتم الهيجاء مزحة عابث / لكنما الهيجاء ذات توهج
غرتكم مدح الرعاع بهجرها / من كان ممدوح الرعاع فقد هجي
أو ما درى من شام فقد شموسنا / إن فارق الكون الغزالة يثلج
سفها الرايكم الغوى أما درى / من قامر الحظ المؤيد يفلج
أو لم تحدثكم مثقفة القنا / إن الأذلة بالأعزة تلتجي
لا تدعوا ما ندعيه وايقنوا / إن الصموت أحق بالمستبلج
نحن الألى لو لم تغث حركاتهم / سكنات عين الدهر لم تترجرج
أفضت سماؤهم الفتوق فما ترى / للطالبين عروجها من معرج
طاف الوفود بهم وزمزمت المنى / ولغير بيتهم الحجا لم يحجج
تهدي الرماح إليهم مما فرت / نفحات عنبر طيبها المتارج
تترادف الطعنات من أسلافهم / فيقوم مفردهاه مقام المزوج
توج وجودك بالمآثر والعلى / فالمرء بالإكليل غير متوج
وإذا دعيت إلى النهوض بحاجة / فأحجج لها عجلا ولا تتحجج
والنفس جوهرة الكمال إذا خلت / من غش طبع بالبطالة مدمج
والعلم لج لا يصيب وفوده / ظمأ فيورك رأي كل ملجج
كن كيف شئت مكوكبا أو مركزا / ما الجوهر النوري كالثقل الدجي
لا تلزمني باختلال معاصري / فالورد ينبت في خلال العوسج