المجموع : 4
شملُ الهدى والمُلْكِ عمَّ شتاتُهُ
شملُ الهدى والمُلْكِ عمَّ شتاتُهُ / والدَّهرُ ساءَ وأَقلعتْ حسناتُهُ
أَينَ الذي مُذْ لم يزل مخشيّةً / مرجوَّةً رهباتُهُ وهباتُهُ
أَينَ الذي كانتْ له طاعاتُنا / مبذولةً ولربِّهِ طاعاتُهُ
باللهِ أين الناصرُ الملكُ الذي / للهِ خالصةً صَفَتْ نيّاتُهُ
أينَ الذي ما زالَ سلطاناً لنا / يُرْجَى نَداهُ وتُتّقَى سَطَواتُهُ
أينَ الذي شَرُفَ الزَّمانُ بفضله / وسَمَتْ على الفُضلاء تشريفاتُهُ
أَينَ الذي عنتِ الفرنجُ لبأسهِ / ذلاً ومنها أدركتْ ثارتُهُ
أَغلالُ أَعناق العِدا أَسيافُه / أَطواقُ أَجْيادِ الوَرَى منّاتُهُ
لم يُجْدِ تدبيرُ الطّبيب وكمْ وكمْ / أَجدتْ لطبِّ الدَّهر تدبيراتُهُ
مَنْ في الجهاد صفاحُه ما أُغمِدتْ / بالنّصر حتى أُغمدتْ صفحاتُهُ
مَنْ في صدور الكُفر صدرُ قناته / حتى توارتْ بالصياح قناتُهُ
لذَّ المتاعبَ في الجهادِ ولم تكن / مذ عاشَ قطُّ لذاته لذَّاتُهُ
مسعودةٌ غدواتُهُ محمودةٌ / روحاتُهُ ميمونةٌ ضَحَواتُهُ
في نصرةِ الإسلامِ يسهرُ دائماً / ليطولَ في روضِ الجنانِ سنانُهُ
لا تحسبوه ماتَ شخصٌ واحدٌ / فمماتُ كلِّ العالمينَ مماتُهُ
ملكٌ عن الإسلام كان محامياً / أبَداً إذا ما أَسلمتْهُ حُماتُهُ
قد أَظلمتْ مُذْ غابَ عنّا دُورُه / لمّا خلتْ من بَدْرهِ داراتُهُ
دُفِنَ السماحُ فليس تُنْشَرُ بعدَما / أَودَى إلى يوم النُّشور رُفاتهُ
الدينُ بعد أَبي المظفّرِ يوسف / أَقوتْ قُراه وأَقفرتْ ساحاتُهُ
جَبَلٌ تضعضعَ مِنْ تَضَعْضُعِ ركنهِ / أَركاننا وتهدُّنا هداتُهُ
ما كنتُ أَعلم أَن طوداً شامخاً / يهوي ولا تهوي بنا مهواتُهُ
ما كنتُ أَعلمُ أَنَّ بحراً طامياً / فينا يُطَمُّ وتنتهي زخراتُهُ
بحرٌ خلا من وارديهِ ولم تزلْ / محفوفةً بوفودهِ حافاتُهُ
مَنْ لليتامى والأَرامل راحمٌ / متعطِّفٌ مفضوضةٌ صَدَقاتُهُ
لو كان في عصر النبيِّ لأُنزلتْ / في ذكْره من ذكْرهِ آياتُهُ
فعلى صلاح الدِّين يوسفَ دائماً / رضوانُ ربِّ العرش بل صَلَواتُهُ
لضريحهِ سُقيا السّحاب فإنْ يغبْ / تحضَرْ لرحمةِ رَبِّه سَقْيانُهُ
وكعادة البيتِ المقدَّسِ يحزنُ ال / بيتُ الحرامُ عليه بلْ عرفاتُهُ
مَنْ للثغور وقد عدَاها حفظُهُ / مَنْ للجهادِ ولم تَعُدْ عاداتُهُ
بكت الصّوارمُ والصّواهلُ إذ خلتْ / مِن سَلِّها وركوبها غزواتُهُ
وبسيفه صَدَأٌ لحزن مصابهِ / إذ ليس يشفى بعده صدياتُهُ
يا وحشتا للبيض في أَغمادِها / لا تنتضيها للوغى عَزَماتُهُ
يا وحشةَ الإسلام يوم تمكّنتْ / في كلِّ قلب مؤمنٍ روعاتُهُ
يا حسرتا من بأسِ راحتهِ الذي / يقضى الزَّمان وما انقضت حسراتُهُ
ملأتْ مهابتهُ البلادَ فإنّه / أَسدٌ وإنَّ بلادَهُ غاباتُهُ
ما كانَ أَسرعَ عصرَهُ لما انقضى / فكأَنّما سنواتُهُ ساعاتُهُ
لم أنسَ يوم السّبت وهو لما بهِ / يُبدي السُّباتَ وقد بَدَتْ غشياتُهُ
والبشْرُ منه تبلّجتْ أَنوارُهُ / والوجهُ منه تلأْلأَتْ سبحاتُه
ويقولُ للّهِ المهيمنِ حكمة / في مرْضة حصلت بها مرضاتُهُ
وقفَ الملوكُ على انتظار ركوبهِ / لهم ففيمَ تأخرتْ ركباتُهُ
كانوا وقوفاً أَمس تحتَ ركابهِ / واليومَ هم حولَ السّريرِ مشاتُهُ
وممالكَ الآفاقِ ساعيةٌ له / فمتى تجيءُ يفتحهنَّ سعاتهُ
هذي مناشيرُ الممالكِ تقتضي / توقيعَهُ فيها فأَينَ دواتُهُ
قد كان وعدكَ في الرَّبيع بجمعها / هذا الرَّبيع وقد دنا ميقاتُهُ
والجندُ في الديوانِ جدَّدَ عرضَهُ / وإذا أَمرت تَجدَّدَتْ نَفقَاتُهُ
والقدسُ طامحةٌ إليكَ عيونُه / عَجِّلْ فقد طمحتْ إليه عداتُهُ
والغربُ منتظرُ طلوعَكَ نحوَهُ / حتى تفيءَ إلى هُداكَ بغاتهُ
والشّرقُ يرجو غربَ عزمكَ ماضياً / في ملكهِ حتى تطيعَ عصاتهُ
مغرىً بإسداء الجميل كأَنّما / فرضتْ عليه كالصّلاةِ صلاتُهُ
هل للملوك مضاؤه في موقف / شدَّتْ على أَعدائهِ شدّاتُهُ
وإذا الملوكُ سعوا وقصّرَ سعيُهم / رجحتْ وقد نجحتْ بهِ مسعاتُهُ
كم جاءَه التّوفيقُ في وقعاته / من كان بالتّوفيقِ توقيعاتُهُ
يا راعياً للدِّين حين تمكّنتْ / منه الذِّئابُ وأَسلمتهُ رعاتُهُ
ما كان ضرَّكَ لو أَقمتَ مراعياً / ديناً تولّى مذ رحلتَ وُلاتُهُ
أَضجِرتَ منا أَم أَنفتَ فلم تكنْ / ممّن تصابُ لشدّةٍ ضجراتُهُ
أَرضيتَ تحتَ الأَرضِ يا مَنْ لم يزلْ / فوقَ السّماءِ عَليّةً درجاتُهُ
فارقتَ مُلْكاً غيرَ باقٍ متعِباً / ووصلتَ مُلْكاً باقيَاً راحاتُهُ
أَعززْ على عيني برؤية بهجة ال / دُّنيا ووجهُكَ لا ترى بهجاتُهُ
أَبني صلاح الدِّين إنَّ أَباكم / ما زالَ يأْبى ما الكرام أُباتُهُ
لا تقتدوا إلاَّ بسُنّةِ فضلهِ / لتطيبَ في مَهْدِ النّعيمِ سناتُهُ
وردوا مواردَ عدلهِ وسماحه / لتردَّ عن نهجِ الشّماتِ شماتُهُ
ولئن هوى جبلٌ لقد بُنيتْ لنا / ببنيه من هضباته ذرواتُهُ
وبفضل أَفضلهِ وعزِّ عزيزهِ / وظهورِ ظاهرهِ لنا سرواتُهُ
الأَفضل الملك الذي ظهرتْ على ال / دنيا بزهر جلاله جلواتُهُ
والدِّينُ بالملكِ العزيزِ عمادهُ / عثمان حالية لنا حالاتُهُ
والملْكُ غازي الظاهرُ العالي الذي / صَحّتْ لإظهارِ العُلى مغزاتُهُ
ولنا بسيفِ الدِّين أَظهرَ نصره / بالعادلِ الملكِ المُطَهَّر ذاتُهُ
يا مُهدياً بكتابهِ وعتابهِ
يا مُهدياً بكتابهِ وعتابهِ / كلَماً شَفَتْ وكلومَ لَوْمٍ شَفّتِ
حمّلْتَني أَثقالَ عبءٍ خفْتُها / لكن على قلبي لودِّكَ خَفّت
وأَراكَ لا يُؤويكَ إلاّ غرفةٌ / تشتاقُها أَطيبْ بها من غرفة
وقنعتَ من طَيْف الخيالِ بزورةٍ / ورضيتَ من برقِ الوصال بخطفةِ
فاكففْ كُفيتَ الذَّمَّ كفَّ ملامتي / فالعذرُ مُتَضحٌ إذا ما كُفّتِ
في غرفةٍ أَنهارُها من تحتها / تجري فَفُزْ منها هُديتَ بغَرْفَة
هي جَنّةٌ لأُولي المكارمِ هُيِّئتْ / وكما تراها بالمكارم حُفّتِ
لكنْ تُزَف إلى الكرام لحسنها / ولأَنتَ أَولى مَنْ إليه زُفّت
بالغْتَ في عتبي أَفهل من أوْبَةٍ / وعدَلْتَ عن وُدّي فهل من عطفةِ
أنا مَنْ صَفَتْ لصديقهِ نيّاتُه / فحكى الذي أَبدته عما أَخْفَتِ
وعفَتْ رسومُ مطامعي إذ عِفْتُها / فمطالبي عزَّت ونفسي عفّت
فاقبلْ معاذيري وعُدْ نحوَ الرِّضا / والحمدِ واشْفِ مودَّةً قد أَشْفَتِ
إنْ لم تَجُدْ بالوصلِ متُّ بحسرتي
إنْ لم تَجُدْ بالوصلِ متُّ بحسرتي / إنَّ الفراقَ منيّتي يا مُنْيَتي
لكَ ناظرٌ ذو صِحّةٍ في عِلّةٍ / ما صَحّني إلاَّ لديهِ وعلتي
كم منّةٍ لكَ في الوصالِ قوية / وأَراكَ في البُحْران تضعفُ منَّتي
أَشتاقكم شوقَ الظِّماءِ إلى الحبا
أَشتاقكم شوقَ الظِّماءِ إلى الحبا / وأُحبكم حُبَّ النُّفوس حياتَها
عن غيركم نفسي تُلازم صومَها / وبذكركم أَبداً تُديمُ صلاتَها
ما فاتها حظّ الأسَى لفراقكم / إن فاتها من وصلكم ما فاتها
للّه مُهجتي التي أَوقاتُها / بالقربِ منكم لم تزلْ أَقواتَها
إنْ كانَ صبي قد عدمتُ ثباتَهُ / فصبابتي لكمُ حمدتُ ثباتَها
يا ليتَ أَيامي التي قضيّتها / في قربكم قد عاودتْ أَوقاتَها
وغدتْ عقودُ مسرَّتي مجموعة / لا تستطيعُ يدُ الفراقِ شتاتَها
اللّهُ يعلمُ أن عيني بعدكم / من شوقكم لم تستلذَّ سُباتَها
أَنتم بمصر ذوو غنىً من طيبها / أَدُّوا بذكركم الفقيرَ زكاتَها