عندي إذا صَرَعَ الجُنوبَ سُباتُ
عندي إذا صَرَعَ الجُنوبَ سُباتُ / للنّاهضين تحيّةٌ ووصاةُ
يا باعثي الآمالَ من أجداثِها / مَرْحَى فأنتم للبلادِ حياةُ
خُوضوا الغمارَ مُكبّرينَ فإنّما / هي للرّسولِ سَرِيّةٌ وغَزَاة
والحقُّ إن جَرَحَ الغُواةُ جَلالَهُ / عَطفتْ عليه أئمَّةٌ ووُلاةُ
صَرْحُ الحياةِ إذا تصدَّعَ أو هَوَى / هَوَتِ النُّفوسُ وطاحتِ المُهجاتُ
تعفو الممالكُ أو تَبيدُ إذا عَفَتْ / فيها الحقوقُ وبادتِ الحُرُماتُ
إنّ الأُلىَ خذلوا البلادَ وضلَّلُوا / هذا السَّوادَ لَمجرمونَ جُناةُ
عَصفتْ بهِ الأهواءُ بعد هُداتِه / وطَغَتْ على أحلامهِ الشَّهَواتُ
فيم التَّناحُرُ والبلادُ أخيذةٌ / وبنو البلادِ مُصفَّدونَ عُناةُ
أفما يُفيقُ الجاهلونَ فتنقضي / غُمَمُ الحياةِ وتنجلي الغَمَراتُ
مَن عَلَّم المُسترسِلينَ إلى الوغَى / أنَّ الجهادَ سَخائمٌ وَتِرَاتُ
لا خيرَ في المتناحرينَ وإن أبوا / حتَّى تكونَ هَوادةٌ وأَناةُ
الحربُ تَقصِفُ في البلادِ رُعودها / والشّعبُ تَقصِمُ صُلْبَهُ النَّكَباتُ
نزلَ البلاءُ بهِ فقومٌ جُوَّعٌ / يتضوَّرونَ وآخرون عُراةُ
والمالُ غادٍ في الحقائبِ رائحٌ / تمضي جَلاوِزَةٌ بهِ وجُباةُ
أقصى المواعدِ أن تَمُرَّ عَشِيّةٌ / بالمرء سلماً أو تكُرَّ غَداةُ
في كل حَقْلٍ غَضبةٌ ومَلامةٌ / وبكلِّ دارٍ أنَّةٌ وشكاةُ
هل غُودرتْ للزّارعينَ وسيلةٌ / أو خُلّيتْ للصّانعين أداةُ
وَدَّ الذي حَرثَ الضِياعَ لغيرِهِ / لو لم يكن زَرعٌ بها ونباتُ
هَبْني مَلكتُ النّخلَ هل هو نافعي / إن لم تكن لي من جَناهُ نُواةُ
لا كُنتِ من شجرٍ لنا أشواكُها / نشقَى بها ولغيرنا الثَّمَراتُ
فَدَحَتْ تكاليفُ الحياةِ وبَرَّحت / بالقومِ منهم سادةٌ وسَرَاةُ
كانوا غِياث المُرْمِلين إذا طغت / نُوَبُ الزّمانِ وهالتِ الأزماتُ
لا يعرفون خُذوا وليس لهم سوى / أن يُؤْمَروا ذُوقوا العذاب وهاتوا
العدلُ أن يُعطَى الأجيرُ جَزاءَهُ / إن كان في البلدِ الأمينِ قُضاةُ
عِلَلُ البلادِ إذا نظرتَ كثيرةٌ / ومصائبُ الأهلينَ مخُتلفاتُ
باكٍ يَعَضُّ على البنانِ وراقصٌ / بين القِيانِ تهزّه النّشوَاتُ
ما بالُ إخوتنا أَهُمْ أربابُنا / أم نحن في إنجيلهم حَشراتُ
أين الأُلىَ جرحوا البلادَ من الأُلى / هم للممالكِ والشّعوبِ أُساةُ
الحقُّ يُؤلمُ لا القطيعُ مُعذَّبٌ / يَرْعَى الهوانَ ولا الذّئابُ رُعاةُ
ويحي أما تَزَعُ النفوسَ عن الهوى / عِبَرٌ تمرُّ كِبارُها وعِظاتُ
قد كان لي بين الجوانحِ مَعقِلٌ / هو للنُّفوسِ الهالكاتِ نَجاةُ
عَجِبتْ عوادي الدّهرِ كيف يُذيبُها / وَعَجِبْتُ كيف تُذيبُه الحَسراتُ
أوَ كُلَّما نزلت بمصرَ مُلمَّةٌ / هاجَ الغليلُ وفاضتِ العَبَراتُ
مَجْزيَّةٌ بالسُّوء من أبنائها / وهي الرّضيَّةُ كُلُّها حَسناتُ
يهفو الحنانُ بقلبها فتُحبُّهم / وقلوبُهم من حُبِّها صَفِراتُ
سلهم أهُمْ للنّاصحين أَحِبَّةٌ / أم هُمْ خُصومٌ تُتَّقَى وعُداةُ
إنّا لَنطمعُ أن تثوبَ حُلومُهم / بعد المغيبِ وتَسكُنَ النَّعَراتُ
ظنّوا الظنونَ بنا فقالوا عُصبةٌ / ترجو المحالَ وإنّنا لَثِقَاتُ
لانوا بأيدي الغاصِبينَ فلم تَلِنْ / للقومِ في جِدّ الأُمورِ قَناةُ
قومٌ تراهم خاشعين أذلَّةً / ومن الرجالِ أذلّةٌ وأُباةُ
ما الحكمُ ما الدستورُ ما هذا الذي / زَعم الأُلى طلبوا الحياةَ فماتوا
طُفْ بالمناصبِ والأرائكِ سائلاً / ماذا تُعاني الأعظُمُ النَّخِراتُ
وابكِ الكنانةَ إنّ من حُرماتِها / ألا تَجِفَّ الأَدمُعُ الذَّرِفاتُ
إبْكِ المولَّهةَ الثكولَ وقُلْ لها / قَعدَ الرجالُ وقامتِ النكِراتُ
الله حَسْبُكِ إن عَنَتْكِ مَضرَّةٌ / مِمّن يَخونُكِ أو عَرَتْكِ أَذاةُ
لا تجزعِي لِصروفِ دَهرِكِ واثْبُتي / فالبأس صَبرٌ واليقينُ ثَباتُ
وَلأَنتِ جامعةُ الدّهورِ وأهلِها / وكفاكِ ما جَمعتْ لك المَثُلاتُ
أنتِ التي ما فات عِلمَكِ حادثٌ / في الغابرينَ ولن يكونَ فَواتُ
فيك الحياةُ جمالُها وجَلالُها / ولكِ الزّمانُ قُواهُ والعزماتُ