القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : صَفِيّ الدِّين الحِلّي الكل
المجموع : 3
خُذ فُرصَةَ اللَذّاتِ قَبلَ فَواتِها
خُذ فُرصَةَ اللَذّاتِ قَبلَ فَواتِها / وَإِذا دَعَتكَ إِلى المُدامِ فَواتِها
وَإِذا ذَكَرتَ التائِبينَ عَنِ الطِلا / لا تَنسَ حَسرَتَهُم عَلى أَوقاتِها
يَرنونَ بِالأَلحاظِ شَزراً كُلَّما / صَبَغَت أَشِعَّتُها أَكُفَّ سُقاتِها
كَأسٌ كَساها النورُ لَمّا أَن بَدا / مِصباحُ جِرمِ الراحِ في مِشكاتِها
صِفها إِذا جُليَت بِأَحسَنِ وَصفِها / كَي نُشرِكَ الأَسماعَ في لَذّاتِها
لَولا اِلتِذاذُ السامِعينَ بِذِكرِها / لَغَنيتَ عَن أَسمائِها بِسِماتِها
وَإِذا سَمِعتَ بَأَنَّ قِدماً مُظهِراً / عَنها النَفارَ فَتِلكَ مِن آياتِها
ذَنبٌ إِذا عُدَّ الذُنوبُ رَأَيتُهُ / مِن حُسنِهِ كَالخالِ في وَجَناتِها
راحٌ حَكَت ثَغرَ الحَبيبِ وَخَدَّه / بِحَبابِها وَصَفائِها وَصِفاتِها
فَكَأَنَّما في الكاسِ قابِلَ صَفوُها / ثَغرَ الحَبيبِ وَلاحَ في مِرآتِها
وَلَئِن نَهى عَنها المَشيبُ فَطالَما / نَشَأَت لِيَ الأَفراحُ مِن نَشَواتِها
وَالقُضبُ دانِيَةٌ عَلَيَّ ظِلالُها / وَالزَهرُ تاجاتٌ عَلى هامَتِها
وَالماءُ يُخفي في التَدَفُّقِ صَوتَهُ / وَالوُرقُ تَسجَعُ بِاِختِلافِ لُغاتِها
وَلَقَد تَرَكتُ وِصالَها عَن قُدرَةٍ / وَزَجَرتُ داعي النَفسِ عَن شُبُهاتِها
لَم أَشكُ جَورَ الحادِثاتِ وَلَم أَقُل / حالَت بِيَ الأَيّامُ عَن حالاتِها
ما لي أَعُدُّ لَها مَساوِىءَ جَمَّةً / وَالصالِحُ السُلطانُ مِن حَسَناتِها
رَبُّ العَفافِ المَحضِ وَالنَفسِ الَّتي / غَلَبَت مُروءَتُها عَلى شَهَواتِها
مَلَكِيَّةً فَلَكِيَّةٌ يَسمو بِها / كَرَمٌ تَرَنَّحَ كُنهُهُ في ذاتِها
تَحتالُ في العُذرِ الجَميلِ لِوَفدِها / كَرَماً وَلَكِن بَعدَ بَذلِ هِباتِها
سَبَقَت مَواهِبُهُ السُؤالَ فَما لَهُ / عِدَةٌ مُؤَجَّلَةٌ إِلى ميقاتِها
مَلِكٌ تُقِرُّ لَهُ المُلوكُ بِأَنَّهُ / إِنسانُ أَعيُنِها وَعَينُ حَياتِها
لَو لَم يَنُط بِالبِشرِ هَيبَةَ وَجهِهِ / ذَهَلَت بَنو الأَمالِ عَن حاجاتِها
يُعطي الأُلوفَ لِوافِديهِ بِراحَةٍ / نَثني يَدَ الأَيّامِ عَن سَطواتِها
فَكَأَنَّما قَتَلَ الحَوادِثَ دونَها / وَغَدا يُؤَدّي لِلعُفاةِ دِياتِها
مِن فِتيَةٍ راضَ الوَقارُ نُفوسَها / فَبَدا سُكونُ الحِلمِ في حَرَكاتِها
لَو أَمَّها يَومَ القِيامَةِ طالِبٌ / نَقَلَت إِلى ميزانِهِ حَسَناتِها
في كَفِّهِ القَلَمُ الَّذي خَضَعَت لَهُ / بيضُ الصَفاحِ وَفُلُّ حَدُّ شَباتِها
وَسَطا عَلى الأَرماحِ وَهوَ رَبيبُها / وَأَليفُها في الغابِ عِندَ نَباتِها
قَلَمٌ فَرى كَبِدَ الأُسودِ وَما رَعى / حَقَّ الجِوارِ لَهُنَّ في أَجَماتِها
ما شاهَدَ الأَملاكُ مَجَّةَ ريقِهِ / إِلّا وَجَفَّ الريقُ في لَهَواتِها
يا أَيُّها المَلِكُ الَّذي سَطَواتُهُ / حَلِمَت بِها الأَعداءُ في يَقظاتِها
إِن كُنتَ مِن بَعضِ الأَنامِ فَإِنَّما / غُرَرُ الجِيادِ تُعَدُّ بَعضُ شِياتِها
شَهِدَت لِراحَتِكَ السَحائِبُ أَنَّها / رَيُّ البَسيطَةِ وَهيَ مِن ضَرّاتِها
فَالناسُ تَدعوها مَفاتِحَ رِزقِها / وَتَعُدُّها الأَموالُ مِن آفاتِها
شَتَّتَّ شَملَ المالِ بَعدَ وُفورِهِ / وَجَمَعتَ شَملَ الناسِ بَعدَ شَتاتِها
فَظَهَرتَ بِالعَدلِ الَّذي أَمسى بِهِ / في البيدِ يَخشى ذَيبُها مِن شاتِها
تُبدي اِبتِساماً لِلعُداةِ وَراءَهُ / رَأيٌ يُنَكَّسُ في الوَغى راياتِها
كَالسُمرِ تُبدي لِلنَواظِرِ مَنظَراً / مُتَأَلِّقاً وَالمَوتُ في شَفَراتِها
وَكَتيبَةٍ تَختالُ في أَجمِ القَنا / كَالأُسدِ تَسري وَهيَ في غاباتِها
سِيّانِ ما تَحوي السُروجُ وَما حَوَت / أَيدي الفَوارِسِ مِن سَريحِيّاتِها
أَرسَلتَ فيها لِلرِماحِ أَراقِماً / لَسَبَت قُلوبَ حُماتِها بِحُماتِها
جَشَّمتَها جُرداً إِذا رُمتَ العُلى / أَرسَلتَها فَجَرَت إِلى غاياتِها
ما بَينَ عَينَيها الأَسِنَّةُ طُلِّعٌ / فَكَأَنَّها غُرَرٌ عَلى جَبَهاتِها
سَدَّت حَوافِرُها الفَضاءَ بِعَثيَرٍ / غَنِيَت بِهِ العِقبانُ عَن وُكُناتِها
صافَحتَ هاماتِ العِدى بِصَفائِحٍ / دَبَّت نِمالُ المَوتِ في صَفَحاتِها
حَتّى أَعَدتَ بِها الجِيادَ وَشُهبُها / حُمرٌ لِوَخزِ السُمرِ في لَبّاتِها
وَجَعَلتَ أَشلاءَ الكُماةِ كَأَنَّما / ذَخَرَت لِقوتِ الوَحشِ في فَلَواتِها
ضَمِنَت بِها قوتَ الوُحوشِ فَأَصبَحَت / عِندَ العَريكَةِ وَهيَ مِن أَقواتِها
يا حامِلَ الأَثقالِ وَهيَ شَدائِدٌ / وَالخائِضَ الأَهوالِ مِن غَمَراتِها
وَمُفَرِّجَ الكُرَبِ الَّتي لَو صافَحَت / شُمَّ الجِبالِ لزَلزَلَت هَضباتِها
قَد كادَ يُغرِقُ بَحرُ نائِلِكَ الوَرى / فَجَعَلتَ سِرَّ الجودِ سُفنَ نَجاتِها
فَاِسعَد بِعيدٍ أَنتُمُ عيدٌ لَهُ / وَمَواسِمٍ بِكُمُ هَنا ميقاتِها
فِطرٌ فَطَرتَ بِيُمنِهِ كَبِدَ العِدى / فَشَغَلتَ أَنفُسَها بِها عَن ذاتِها
وَوَصَلتَ فيهِ العاكِفينَ عَلى التُقى / فَشَرِكتَها في صَومِها وَصَلاتِها
فَاِستَجلِها مِن حورِ حِلَّةِ بابِلٍ / فَلِذاكَ تُبدي السِحرَ مِن نَفَثاتِها
ظَمآنَةٌ لِلقاكَ وَهيَ رَوِيَّةٌ / بِبِدائِعٍ تَروي غَليلَ رُواتِها
لا تَبتَغي مَهراً سِوى إِجرائِها / مِن قُربِ حَضرَتِكُم عَلى عاداتِها
تَستَنجِزُ الوَعدَ الشَريفَ لِرَيِّها / لِتَروعَ قَلبَ عُداتِها بِعِداتِها
هَذي كُنوزُ الشُكرِ وافِرَةٌ لَكُم / فَاِجعَل نَجازَ الوَعدِ بَعضَ زَكاتِها
تابَ الزَمانُ مِنَ الذُنوبِ فَواتِ
تابَ الزَمانُ مِنَ الذُنوبِ فَواتِ / وَاِغنَم لَذيذَ العَيشِ قَبلَ فَواتِ
تَمَّ السُرورُ بِنا فَقُم يا صاحِبي / نَستَدرِكِ الاضي بِنَهبِ الآتي
تاقَت إِلى شُربِ المُدامِ نُفوسُنا / لا تَذهَبَنَّ بَطالَةُ الأَوقاتِ
تَوَّج بِكاساتِ الطَلى هامَ الرُبى / في رَوضَةِ مَطلولَةِ الزَهَراتِ
تَغدو سُلافُ القَطرِ دائِرَةً بِها / وَالكَأسُ دائِرَةً بِكَفِّ سُقاةِ
تَلفُ النُضارِ عَلى العُقارِ غَنيمَتي / وَفَراغُ راحاتي عَلى الراحاتِ
تَركي لِأَكياسِ النُضاءِ جَهالَةً / مَن ذا أَحَقَّ بِها مِنَ الكاساتِ
تَبَّت يَدا مَن تابَ عَن رَشفِ الطَلى / وَالكَأسُ مُتَّقِدٌ كَخَدِّ فَتاةِ
تِبرِيَّةٌ لَولا مُلازَمَتي لَها / أَصبَحتُ مَعصوماً مِنَ الزَلّاتِ
تابِع إِلى أَوقاتِها داعي الصِبا / وَاِعجَب لِما فيها مِنَ الآياتِ
تَمِّم بِها نَقصَ السُرورِ فَإِنَّها / عِندَ الكِرامِ تَميمَةُ اللَذّاتِ
تِلكَ الخَمائِلُ وَالرِياضُ كَأَنَّها / خَدُّ الغُلامِ مُنَمَّقٌ بِنَباتِ
تَبدو وَقَد يَبدو النَدى بِمُتونِها / صَدَأً فَتَلقَطُهُ يَدُ النَسَماتِ
تَسري عَلى صَفَحاتِها ريحُ الصَبا / بِسَحائِبٍ مُنهَلَّةِ العَبَراتِ
تَستَلُّ فيها لِلبُروقِ صَوارِماً / كَصَوارِمِ المَنصورِ في الغاراتِ
تَعِبٌ لِتَحصيلِ الثَناءِ مُجَرِّدٌ / لِلمَجدِ عَزماً صادِقَ اللَحَظاتِ
تَبِعَ الهَوى قَومٌ فَكانَ هَواهُ في / طَلَبِ العُلى وَتَجَنُّبِ الشَهَواتِ
تَرَكَ الكَتائِبَ في السَباسِبِ شُرَّداً / فَتَرى الزَمانَ مُقَيَّدَ الخُطَواتِ
تَمَّت مَحاسِنُهُ بِحُسنِ خَلاقِهِ / وَسَنا فَزادَ الحُسنُ بِالحَسَناتِ
تاهَت بِهِ الدُنيا وَلولا جودُهُ / كانَ الأَنامُ هَباً بِغَيرِ هِباتِ
تَبكي خَزائِنُهُ عَلى أَموالِهِ / مِن حَرِّ قَلبٍ دائِمِ الحَسَراتِ
تَتَبَسَّمُ الأَيّامُ عِندَ بُكائِها / فَكَأَنَّهُنَّ بِها مِنَ الشُمّاتِ
تَسمو بِهِمَّتِكَ اِبنَ أُرتُقَ هِمَّةٌ / حَفَّت بِأَلوِيَةٍ مِنَ العَزَماتِ
تُردي صُروفَ الدَهرِ وَهيَ سَواكِنٌ / إِنَّ السُكونَ لَها مِنَ الحَرَكاتِ
تاقَت إِلَيكَ قُلوبُ قومٍ أَصبَحَت / تُلقي إِلَيكَ مَعارِقَ الفَلَواتِ
تَرَكوا عَلى شاطي الفُراتِ دِيارَهُم / وَسَعوا إِلَيكَ فَأَحدَقوا بِفُراتِ
يُهدي إِلَيكَ المادِحونَ جَواهِراً / مَنظومَةً كَقَلائِدِ اللَبّاتِ
تَحَلو صِفاتُكَ في القُلوبِ كَأَنَّها / جاءَت لِمَعنىً عارِضٍ في الذاتِ
تِه في الأَنامِ فَلا بَرِحتَ مُؤَمَّلاً / تَجلو الجُفونَ وَتَملَأُ الجَفَناتِ
ما كنت ممن يستشيط بسره
ما كنت ممن يستشيط بسره / فيذوع والأعضاء منه صموت
لكن عمر السر عندي ساعة / يستوطن الأحشاء ثم يموت

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025