المجموع : 3
خُذ فُرصَةَ اللَذّاتِ قَبلَ فَواتِها
خُذ فُرصَةَ اللَذّاتِ قَبلَ فَواتِها / وَإِذا دَعَتكَ إِلى المُدامِ فَواتِها
وَإِذا ذَكَرتَ التائِبينَ عَنِ الطِلا / لا تَنسَ حَسرَتَهُم عَلى أَوقاتِها
يَرنونَ بِالأَلحاظِ شَزراً كُلَّما / صَبَغَت أَشِعَّتُها أَكُفَّ سُقاتِها
كَأسٌ كَساها النورُ لَمّا أَن بَدا / مِصباحُ جِرمِ الراحِ في مِشكاتِها
صِفها إِذا جُليَت بِأَحسَنِ وَصفِها / كَي نُشرِكَ الأَسماعَ في لَذّاتِها
لَولا اِلتِذاذُ السامِعينَ بِذِكرِها / لَغَنيتَ عَن أَسمائِها بِسِماتِها
وَإِذا سَمِعتَ بَأَنَّ قِدماً مُظهِراً / عَنها النَفارَ فَتِلكَ مِن آياتِها
ذَنبٌ إِذا عُدَّ الذُنوبُ رَأَيتُهُ / مِن حُسنِهِ كَالخالِ في وَجَناتِها
راحٌ حَكَت ثَغرَ الحَبيبِ وَخَدَّه / بِحَبابِها وَصَفائِها وَصِفاتِها
فَكَأَنَّما في الكاسِ قابِلَ صَفوُها / ثَغرَ الحَبيبِ وَلاحَ في مِرآتِها
وَلَئِن نَهى عَنها المَشيبُ فَطالَما / نَشَأَت لِيَ الأَفراحُ مِن نَشَواتِها
وَالقُضبُ دانِيَةٌ عَلَيَّ ظِلالُها / وَالزَهرُ تاجاتٌ عَلى هامَتِها
وَالماءُ يُخفي في التَدَفُّقِ صَوتَهُ / وَالوُرقُ تَسجَعُ بِاِختِلافِ لُغاتِها
وَلَقَد تَرَكتُ وِصالَها عَن قُدرَةٍ / وَزَجَرتُ داعي النَفسِ عَن شُبُهاتِها
لَم أَشكُ جَورَ الحادِثاتِ وَلَم أَقُل / حالَت بِيَ الأَيّامُ عَن حالاتِها
ما لي أَعُدُّ لَها مَساوِىءَ جَمَّةً / وَالصالِحُ السُلطانُ مِن حَسَناتِها
رَبُّ العَفافِ المَحضِ وَالنَفسِ الَّتي / غَلَبَت مُروءَتُها عَلى شَهَواتِها
مَلَكِيَّةً فَلَكِيَّةٌ يَسمو بِها / كَرَمٌ تَرَنَّحَ كُنهُهُ في ذاتِها
تَحتالُ في العُذرِ الجَميلِ لِوَفدِها / كَرَماً وَلَكِن بَعدَ بَذلِ هِباتِها
سَبَقَت مَواهِبُهُ السُؤالَ فَما لَهُ / عِدَةٌ مُؤَجَّلَةٌ إِلى ميقاتِها
مَلِكٌ تُقِرُّ لَهُ المُلوكُ بِأَنَّهُ / إِنسانُ أَعيُنِها وَعَينُ حَياتِها
لَو لَم يَنُط بِالبِشرِ هَيبَةَ وَجهِهِ / ذَهَلَت بَنو الأَمالِ عَن حاجاتِها
يُعطي الأُلوفَ لِوافِديهِ بِراحَةٍ / نَثني يَدَ الأَيّامِ عَن سَطواتِها
فَكَأَنَّما قَتَلَ الحَوادِثَ دونَها / وَغَدا يُؤَدّي لِلعُفاةِ دِياتِها
مِن فِتيَةٍ راضَ الوَقارُ نُفوسَها / فَبَدا سُكونُ الحِلمِ في حَرَكاتِها
لَو أَمَّها يَومَ القِيامَةِ طالِبٌ / نَقَلَت إِلى ميزانِهِ حَسَناتِها
في كَفِّهِ القَلَمُ الَّذي خَضَعَت لَهُ / بيضُ الصَفاحِ وَفُلُّ حَدُّ شَباتِها
وَسَطا عَلى الأَرماحِ وَهوَ رَبيبُها / وَأَليفُها في الغابِ عِندَ نَباتِها
قَلَمٌ فَرى كَبِدَ الأُسودِ وَما رَعى / حَقَّ الجِوارِ لَهُنَّ في أَجَماتِها
ما شاهَدَ الأَملاكُ مَجَّةَ ريقِهِ / إِلّا وَجَفَّ الريقُ في لَهَواتِها
يا أَيُّها المَلِكُ الَّذي سَطَواتُهُ / حَلِمَت بِها الأَعداءُ في يَقظاتِها
إِن كُنتَ مِن بَعضِ الأَنامِ فَإِنَّما / غُرَرُ الجِيادِ تُعَدُّ بَعضُ شِياتِها
شَهِدَت لِراحَتِكَ السَحائِبُ أَنَّها / رَيُّ البَسيطَةِ وَهيَ مِن ضَرّاتِها
فَالناسُ تَدعوها مَفاتِحَ رِزقِها / وَتَعُدُّها الأَموالُ مِن آفاتِها
شَتَّتَّ شَملَ المالِ بَعدَ وُفورِهِ / وَجَمَعتَ شَملَ الناسِ بَعدَ شَتاتِها
فَظَهَرتَ بِالعَدلِ الَّذي أَمسى بِهِ / في البيدِ يَخشى ذَيبُها مِن شاتِها
تُبدي اِبتِساماً لِلعُداةِ وَراءَهُ / رَأيٌ يُنَكَّسُ في الوَغى راياتِها
كَالسُمرِ تُبدي لِلنَواظِرِ مَنظَراً / مُتَأَلِّقاً وَالمَوتُ في شَفَراتِها
وَكَتيبَةٍ تَختالُ في أَجمِ القَنا / كَالأُسدِ تَسري وَهيَ في غاباتِها
سِيّانِ ما تَحوي السُروجُ وَما حَوَت / أَيدي الفَوارِسِ مِن سَريحِيّاتِها
أَرسَلتَ فيها لِلرِماحِ أَراقِماً / لَسَبَت قُلوبَ حُماتِها بِحُماتِها
جَشَّمتَها جُرداً إِذا رُمتَ العُلى / أَرسَلتَها فَجَرَت إِلى غاياتِها
ما بَينَ عَينَيها الأَسِنَّةُ طُلِّعٌ / فَكَأَنَّها غُرَرٌ عَلى جَبَهاتِها
سَدَّت حَوافِرُها الفَضاءَ بِعَثيَرٍ / غَنِيَت بِهِ العِقبانُ عَن وُكُناتِها
صافَحتَ هاماتِ العِدى بِصَفائِحٍ / دَبَّت نِمالُ المَوتِ في صَفَحاتِها
حَتّى أَعَدتَ بِها الجِيادَ وَشُهبُها / حُمرٌ لِوَخزِ السُمرِ في لَبّاتِها
وَجَعَلتَ أَشلاءَ الكُماةِ كَأَنَّما / ذَخَرَت لِقوتِ الوَحشِ في فَلَواتِها
ضَمِنَت بِها قوتَ الوُحوشِ فَأَصبَحَت / عِندَ العَريكَةِ وَهيَ مِن أَقواتِها
يا حامِلَ الأَثقالِ وَهيَ شَدائِدٌ / وَالخائِضَ الأَهوالِ مِن غَمَراتِها
وَمُفَرِّجَ الكُرَبِ الَّتي لَو صافَحَت / شُمَّ الجِبالِ لزَلزَلَت هَضباتِها
قَد كادَ يُغرِقُ بَحرُ نائِلِكَ الوَرى / فَجَعَلتَ سِرَّ الجودِ سُفنَ نَجاتِها
فَاِسعَد بِعيدٍ أَنتُمُ عيدٌ لَهُ / وَمَواسِمٍ بِكُمُ هَنا ميقاتِها
فِطرٌ فَطَرتَ بِيُمنِهِ كَبِدَ العِدى / فَشَغَلتَ أَنفُسَها بِها عَن ذاتِها
وَوَصَلتَ فيهِ العاكِفينَ عَلى التُقى / فَشَرِكتَها في صَومِها وَصَلاتِها
فَاِستَجلِها مِن حورِ حِلَّةِ بابِلٍ / فَلِذاكَ تُبدي السِحرَ مِن نَفَثاتِها
ظَمآنَةٌ لِلقاكَ وَهيَ رَوِيَّةٌ / بِبِدائِعٍ تَروي غَليلَ رُواتِها
لا تَبتَغي مَهراً سِوى إِجرائِها / مِن قُربِ حَضرَتِكُم عَلى عاداتِها
تَستَنجِزُ الوَعدَ الشَريفَ لِرَيِّها / لِتَروعَ قَلبَ عُداتِها بِعِداتِها
هَذي كُنوزُ الشُكرِ وافِرَةٌ لَكُم / فَاِجعَل نَجازَ الوَعدِ بَعضَ زَكاتِها
تابَ الزَمانُ مِنَ الذُنوبِ فَواتِ
تابَ الزَمانُ مِنَ الذُنوبِ فَواتِ / وَاِغنَم لَذيذَ العَيشِ قَبلَ فَواتِ
تَمَّ السُرورُ بِنا فَقُم يا صاحِبي / نَستَدرِكِ الاضي بِنَهبِ الآتي
تاقَت إِلى شُربِ المُدامِ نُفوسُنا / لا تَذهَبَنَّ بَطالَةُ الأَوقاتِ
تَوَّج بِكاساتِ الطَلى هامَ الرُبى / في رَوضَةِ مَطلولَةِ الزَهَراتِ
تَغدو سُلافُ القَطرِ دائِرَةً بِها / وَالكَأسُ دائِرَةً بِكَفِّ سُقاةِ
تَلفُ النُضارِ عَلى العُقارِ غَنيمَتي / وَفَراغُ راحاتي عَلى الراحاتِ
تَركي لِأَكياسِ النُضاءِ جَهالَةً / مَن ذا أَحَقَّ بِها مِنَ الكاساتِ
تَبَّت يَدا مَن تابَ عَن رَشفِ الطَلى / وَالكَأسُ مُتَّقِدٌ كَخَدِّ فَتاةِ
تِبرِيَّةٌ لَولا مُلازَمَتي لَها / أَصبَحتُ مَعصوماً مِنَ الزَلّاتِ
تابِع إِلى أَوقاتِها داعي الصِبا / وَاِعجَب لِما فيها مِنَ الآياتِ
تَمِّم بِها نَقصَ السُرورِ فَإِنَّها / عِندَ الكِرامِ تَميمَةُ اللَذّاتِ
تِلكَ الخَمائِلُ وَالرِياضُ كَأَنَّها / خَدُّ الغُلامِ مُنَمَّقٌ بِنَباتِ
تَبدو وَقَد يَبدو النَدى بِمُتونِها / صَدَأً فَتَلقَطُهُ يَدُ النَسَماتِ
تَسري عَلى صَفَحاتِها ريحُ الصَبا / بِسَحائِبٍ مُنهَلَّةِ العَبَراتِ
تَستَلُّ فيها لِلبُروقِ صَوارِماً / كَصَوارِمِ المَنصورِ في الغاراتِ
تَعِبٌ لِتَحصيلِ الثَناءِ مُجَرِّدٌ / لِلمَجدِ عَزماً صادِقَ اللَحَظاتِ
تَبِعَ الهَوى قَومٌ فَكانَ هَواهُ في / طَلَبِ العُلى وَتَجَنُّبِ الشَهَواتِ
تَرَكَ الكَتائِبَ في السَباسِبِ شُرَّداً / فَتَرى الزَمانَ مُقَيَّدَ الخُطَواتِ
تَمَّت مَحاسِنُهُ بِحُسنِ خَلاقِهِ / وَسَنا فَزادَ الحُسنُ بِالحَسَناتِ
تاهَت بِهِ الدُنيا وَلولا جودُهُ / كانَ الأَنامُ هَباً بِغَيرِ هِباتِ
تَبكي خَزائِنُهُ عَلى أَموالِهِ / مِن حَرِّ قَلبٍ دائِمِ الحَسَراتِ
تَتَبَسَّمُ الأَيّامُ عِندَ بُكائِها / فَكَأَنَّهُنَّ بِها مِنَ الشُمّاتِ
تَسمو بِهِمَّتِكَ اِبنَ أُرتُقَ هِمَّةٌ / حَفَّت بِأَلوِيَةٍ مِنَ العَزَماتِ
تُردي صُروفَ الدَهرِ وَهيَ سَواكِنٌ / إِنَّ السُكونَ لَها مِنَ الحَرَكاتِ
تاقَت إِلَيكَ قُلوبُ قومٍ أَصبَحَت / تُلقي إِلَيكَ مَعارِقَ الفَلَواتِ
تَرَكوا عَلى شاطي الفُراتِ دِيارَهُم / وَسَعوا إِلَيكَ فَأَحدَقوا بِفُراتِ
يُهدي إِلَيكَ المادِحونَ جَواهِراً / مَنظومَةً كَقَلائِدِ اللَبّاتِ
تَحَلو صِفاتُكَ في القُلوبِ كَأَنَّها / جاءَت لِمَعنىً عارِضٍ في الذاتِ
تِه في الأَنامِ فَلا بَرِحتَ مُؤَمَّلاً / تَجلو الجُفونَ وَتَملَأُ الجَفَناتِ
ما كنت ممن يستشيط بسره
ما كنت ممن يستشيط بسره / فيذوع والأعضاء منه صموت
لكن عمر السر عندي ساعة / يستوطن الأحشاء ثم يموت