ذَا المَدْحُ يَأْتِي مِنْ أَرِيجِ ثَنَائِهِ
ذَا المَدْحُ يَأْتِي مِنْ أَرِيجِ ثَنَائِهِ / بِصَحَائِفٍ مَسْطُورَةٍ مَقْرُوَّةِ
وَكَأَنَّ مَنْ وَافَتْهُ مِنْهُ كسْوَةٌ / مَلِكٌ دِمَشْقُ أَتَتْ بِهِ لِلْكُسْوَةِ
وَالْمَادِحُونَ لَهُ وَإِنْ أَغْبَوا كَمَنْ / قَدْ قَابَلَ الْبَحْرَ الْخِضَمَّ بِحُسْوَةِ
نَدْبٌ حَلِيمٌ مُشْفِقٌ مُتَعطِّفٌ / وَرَدَى الْوَرَى مِنْ عَفْوِهِ فِي غَفْوةِ
وَأَتَى بِمِثْلِ حِجَارَةٍ مِنْ بَأْسِهِ / فَرَمَتْ أَعَادِيَهُ الكِلاَبُ وَأَشْوَتِ
مُفْنِي جُيُوشَ الرُّومِ وَهْيَ نَوَاهِدٌ / فِيهَا مِنَ الْكُفَّارِ أَخْبَثُ حُشْوَةِ
نَوْبٌ تَجَمَّعَ بِالْعَشِيِّ ضُيُوفُهُ / وَيُفَرِّقُ الْغَارَاتِ عِنْدَ الضَّحْوَةِ
يَثْنِى العِدَى صَرْعَى كَشَرْبٍ أَخْلَدَتْ / بِهِمُ إِلَى الأرْضِ ارْتِضَاعَةُ قَهْوَةِ
ذُو الْفَضْلِ بَادٍ عَفْوُهُ عَنْ زَلَّةٍ / ذُو الحِلْم مُغْضٍ مَجْدُهُ عَنْ هَفْوَةِ
الصَّادِعُ الآتِي لِغُرِّ مَنَاقِبٍ / بِأَجَلِّ أَسْمَاءِ الْعُلاَ مَدْعُوَّةِ
وَالْمَجْدُ يَخْطُبُ كُلَّ نَفْسٍ حُرَّةٍ / بِمَتَاعِبٍ يَوْمَ الْوَغَى مَمْنُوَّةِ
وَالْفَرْعُ لِلأَصْلِ الْمُشَرِّفِ تَابِعٌ / طِيبُ الْحَرِيرِ بِطِيبِ أَصْلِ التُّوْتَةِ
لَمْ تُلْهِهِ الدُّنْيَا وَلاَ شَهَوَاتُهَا / أَرَأَيْتَ ذَا عَقْلٍ يَلَذُّ بِشَهْوَةِ
قَدْ حِيلَ بَيْنَ العِيرِ وَالنَزَوَانِ عَنْ / قَهْرٍ فَلاَ طَمَعٌ لَهُ فِي نَزْوَةِ
تَزْهُو بِهِ الدُّنْيَا وَيَزْهَى مِثْلُهَا / مَرْقَى العُلاَ وَالْمَجْدِ أَعْظَمَ زَهْوَةِ
ذُو الْمَالِ مَا إِنْ زَالَ وَهْوَ مُفَوَّتٌ / وَثَنَاؤُهُ وَالْمَدْحُ غَيْرُ مُفَوَّتِ
ذُو الرُّمْحِ يَغْدُو وَالِجاً فِي ثَغْرِهِ / كَشُعَاعِ شَمْسٍ وَالِجٍ فِي كُوَّةِ
وَلَسَوْفَ يَمْلِكُ رُومَةً وَجَمِيعَ مَا / مَلَكَ الْعِدَى مِنْ بُرْتُغَالَ لِجِنْوَةِ
ذُو هِمَّةٍ أَعْزِزْ بِهَا مِنْ هِمَّةٍ / لِكَمَالِهَا وَجَلاَلِهَا مَعْزُوَّةِ
وَالصَّبْرُ مُرٌّ فِي الْمَذَاقَةِ أَوَّلاً / لَكِنْ يَؤولُ إِلَى عَوَاقِبَ حُلْوَةِ
وَالْبُخْلُ شَيْنٌ لِلْفَتَى كَالْوَجْهِ إِنْ / شَانَتْهُ أَعْرَاضٌ لَهُ بِاللَّقْوَةِ
أَسْيَافُهُ سُلَّتْ فَأَسْقَطَتِ الطُّلَى / وَسِهَامُهُ رَمَتِ العُدَاةَ فَأَشْوَتِ
بَادِي الْجَلاَلَةِ وَالْوَقَارِ إِذَا احْتَبَى / أَبْصَرْتَ هَضْباً عَاقِداً لِلْحَبْوَةِ
وَكَمِ امْرِىءٍ لَمْ يَفْتَكِرْ لَمَّا يَغِي / وَالْغَيُّ يُوقِعُ أَهْلَهُ فِي هُوَّةِ
تَزْهى بِهِ أَبْنَاءُ نَصْرٍ مِثْلَ مَا / يَزْهَى شُرَيْحٌ فِي بَنِيهِ بَحَيْوَةِ
يُبْدِي غَدَاةَ الْجُودِ مُعْجِبَ لِينِهِ / وَلَهُ غَدَاةَ الْحَرْبِ أَعْظَمُ قَسْوَةِ
كَمْ يَهْوِي رَأْسُ عَدُوِّهِ عَنْ رُمْحِهِ / فَكَأَنَّهُ حَرْبٌ بِمِخْلَبِ لَقْوَةِ
مِنْ بَاذِلٍ يُعْطِي الْجَزِيلَ وَبَأْسُهُ / كَمْ مِنْ عَدُوٍّ خَافَهُ وَعَدُوَّةِ
مِنْ أُسْرَةٍ أَعْرَاضُهُمْ مَمْدُوحَةٌ / أَبَداً فَمَا يُوصَفْنَ بِالْمَهْجُوَّةِ
حَلّوا بِأَنْدِيَةِ الْمَكَارِمِ وَالْعُلاَ / كَقُرَيْشٍ إِذْ حَلُوا بِدَارِ النَّدْوَةِ
النَّاهِدُونَ إِلَى الْعِدَى بِكَتَائِبٍ / كَالسَّيْلِ فَاضَ عُبَابُهُ فِي فَجْوَةِ
وَالْحَرْبُ تَكْشِفُ عَنْ مُحَيَّا نَصْرِهِمْ / كَالْبَحْرِ يَكْشِفُ شَطُّهُ عَنْ فُوَّةِ
مِنْ آلِ يَعْرُبَ فِي الصَّمِيمِ جَحَاجِحٌ / بِهِمُ الْمَعَالِي أصَبَحَتْ فِي نَخْوَةِ
الضَّارِبُونَ الْهَامَ هَامَ عُدَاتِهِمْ / بِصوَارِمٍ لاَ تَخْتَشِي مِنْ نَبْوَةِ
وَالطَّاعِنونَ بِسُمْرِهِمْ ثَغْرَ الْعِدَى / وَالنَّقْعُ يَكْشِفُ في الوَغَى عَنْ هَبْوَة
وَالطَّاعِنُونَ مِنَ الثَّنَايَا بِالرَّدَى / كَالأُسْدِ أَمَّنَها الشَّرَى مِنْ كَبْوَةِ
مَوْلاَيَ قَدْ خَلَّدْتُ فِيكَ مَدَائِحاً / فَامْنُنْ وَخُذْهَا كَيْفَ شِئْتَ بِقُوَّةِ
وَاقْبَلْ عَرُوساً مِنْ بِنَاتِ قَصَائِدِي / تُجْلَى عَلَيْكَ الدَّهْرَ أَحْسَنَ جُلْوَةِ
وَإِذَا رَأَيْتَ بُنُوَّةً مَشْكُورَةً / مِنْهَا فَأَوْجِبْ قَبْلُ شُكْرَ أُبُوَّةِ
لاَ زِلْتَ فِي السَّعْدِ الْمُجَدَّدِ مَا سَعَا / وَفْدُ الْهُدَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ