المجموع : 11
لي منهل عذب الموارد طيب
لي منهل عذب الموارد طيب / منه سواي مقرَّب لا يشرب
فلذا أقول وثغر قولي أشنب / ما في المناهل منهل مستعذب
الأولى منه الألذ الأطيب /
ومكانتي عن شأوها منقوصة / رتب العلا ونقولها منصوصة
ما للكمال قواعد مرصوصة / أو في الوصال مكانة مخصوصة
إلا ومنزلتي أعز وأقرب /
جافيت عيني عن مضاجع غفوها / عمن يرجى عفوه عن هفوها
ومن الليالي إذ حظيت بجفوها / وهبت لي الآمال رونق صفوها
فحلت مناهلها وطاب المشرب /
أنا كفؤ كل جميلة ووسيمة / بمكانتي إن الأحق عليمة
كم رحت مطلوبا لكل قسيمة / وغدوت مخطوبا لكل كريمة
لا يهتدي فيها اللبيب فيخطب /
قومي الذين مجرَّب تنفيسم / للكرب عمن حفهم تأنيسهم
أنا غوث أهل بطانتي ورئيسهم / أنا من رجال لا يخاف جليسهم
ريب الزمان ولا يرى ما يرهب /
للعالم العلوي عزت نسبة / بهمو وهم يوم التصادم عصبة
ولجدهم للعرض باهت تربة / قوم لهم في كل مجد رتبة
علوية وبكل جيش موكب /
جعلت لي العلياء وكرا صرحها / فملأت من طرب صيد سوحها
ودرت حمائمها فألغت نوحها / أنا بلبل الأفراح أملأ دوحها
طربا وفي العلياء باز أشهب /
أمَّا الهوى فبنوده في قبضتي / منشورة وجنوده بمعيتي
ومن التصرف إذ ظفرت ببغيتي / أضحت جيوش الحرب تحت مشيئتي
طوعا ومهما رمته لا يعزب /
أعطاني الرب الكريم عطية / دعت المطالب كلها ملغية
وبأثر ما كنت الملحَّ عشية / أصبحت لا أملا ولا أمنية
أرجو ولا موعودة أترقب /
إني أتخذت حمى الرضا لي مربضا / وسرحت في ناديه لما روِّضا
وبهمة اليعسوب جدي المرتضى / مازلت أرتع في ميادين الرضا
حتى وهبت مكانة لا توهب /
أيامنا كفرائد منظومة / في الحسن أو ديباجة مرسومة
وبنا لساعة محشر معلومة / أضحى الزمان كحلة مرقومة
تزهو ونحن لها الطراز المذهب /
بزغت ببرج عبا الرسالة خمسنا / فمحت مآثر كل نفس نفسنا
وبأفقها لما تعذر طمسنا / أفلت شموس الاولين وشمسنا
أبدا على هام العلا لا تغرب /
شقق الرسائل غير مجد نشرها
شقق الرسائل غير مجد نشرها / بيد المشوق إلى لقا أحبابه
عن طه شقق المراحل في يد / كانت أناملها خفاف ركابه
قالوا لقد حضر الحبيب وغاب عن
قالوا لقد حضر الحبيب وغاب عن / ك المرتضى وحضوره مرغوب
فأجبتهم أما الحبيب فمرتضى / عندي وأما المرتضى فحبيب
عظُمَت من اللَهِ المواهب
عظُمَت من اللَهِ المواهب / فله علينا الشكر واجب
أهلاً بمقدم غائب / آبت بأوبته المآرب
قد كان يوم قدومه / يوماً يُعدُّ من العجائب
من طالعِ الزوراءِ لا / حَ هلالُ عيدٍ كان غارب
قد كان في أوج العرا / قِ غروبُه احدى الغرائب
حتى قضى بشروقهِ / ربُّ المشارقِ والمغارب
فسَرت إلى استقبالهِ / زُمرُ المراكبِ والمواكب
وعلا الدعا لخليفةِ / الزوراء من كل الجوانب
ملك حوى الاجلالَ بال / ذات المطهرةِ المذاهِب
لا زال باهر عزّهِ / باللَهِ للاعداء غالب
لِم لا وسعد الملكِ / منه عاد للسراء خالب
فتفرَّجت كربُ القلو / ب به كما صفت المشارب
ولَكم به قَرّت عيو / ن كان عنها الغَمصُ عازب
ولكم كتابٍ قبلما / وافى تلقته كتائِب
فغدا حليّا للترا / ئب بعد ما حلَّ الحقائِب
بل ما تغرب من صنا / عةِ كفهِ بذلُ الرغائب
من لم يغب معزوفه / يوما فليسَ يُعد غائب
وافى البشيرَ بماجدٍ / يعلو المسومة السلاهب
وتقادُ بين يديه مسر / جَة النجائبِ كالجنائب
والمجدُ ليس ينال الا / بالمكارهِ والمتاعب
الصدرُ رحبٌ والجنا / نُ مشيَّع والرأى ثاقب
والقلب منه حافظ / والفِكرُ للاغراض صائب
لا عيب فيه وليس يبحثُ / عن خفياتَ المعائب
لكن نداه مقسم / بين الأباعدِ والاقارب
لا يستخفُّ وقارهُ / تحريشُ نمّامٍ مشاغب
وإذا اختبار منقبٍ / كشفَ النقابَ عن المناقب
فالحِلمُ من خير المنا / قبِ حين تُمتحَن النقائب
والحِقدَّ للصدرِ المنا / سبِ للمعالي لا يناسِب
والصفح شيمة من يرا / قِبُ قلَّ فيهِ من يقارِب
والصبرُ مقرونٌ بنصرٍ / ان نظرتَ إلى العواقب
حلوُ الأمورِ ومرُّها / سيان عند أخي التجارب
هذا ورُبَّ مخاطبٍ / أدرى وأفصحُ من مخاطب
ومن النشاطيّ الذي / بجانبه سمتِ المراتب
يرجى التسامح إذ غدا / مستوفيا اشعارَ كاتب
لا زال خادمُ بابهُ للأقب / ال والتوفيقِ صاحب
يحيى لأمراض الزمان علاجُها
يحيى لأمراض الزمان علاجُها / وبه الوزارةُ قد تكلّل تاجُها
قد جاء احنفُ إذ نأى حجّاجها / ملك به الأيامُ صحّ مزاجُها
ولها من العلل القديمة طببا /
ولمن تمرّض بالفؤاد لقد برى / قلمُ العدالةِ صحةً لما جرى
قد عمّ في انعامهِ كل الورى / فلحكمةِ فيها عليلاً ما ترى
غيرَ النسيمِ وغيرَ اجفانِ الظبا /
يحيى الوزارةُ فيه لاح سراجُها
يحيى الوزارةُ فيه لاح سراجُها / وبه الفضائل عزُّها ورواجُها
بجنابه العالي رقى معراجُها / ملكَ به الأيام صحَّ مزاجُها
ولها من العلل القديمة طببا /
من قاس كسرى في حجاه وقيصرا / رأيا فقد قاسَ الثريا بالثرى
بالحِلم ابرى كلَّ اسقامِ الورى / فلحكمة فيها عليلاً لا نرى
إلا النسيمَ وغيرَ أجفان الظِبا /
يحيى نظام الدين والدنيا معا
يحيى نظام الدين والدنيا معا / أحيا دروس العلم بعد ذهابِها
وبنى لنشر الفضل مدرسة حوت / كتبا فأوقفها على طلابها
للَه محتسبا أقام منارها / فعساه يجزى في جزيلٍ ثوابها
تلقى بها الطلاب بينَ مطالع / درر المسائلِ من خضمِّ عُبابها
ومُباحثِ ومناظرٍ ومدوِّنٍ / ومؤلّفِ ومدرسٍ بكتابها
فلذلك الفوريُّ قال مؤرّخاً / دارٌ يروج العلم داخلَ بابها
زارت حماكَ بكل بكر كاعب
زارت حماكَ بكل بكر كاعب / وبدت كبدرٍ لاح بين كواكبِ
وترنحت ورنت وأصبح صبُّها / ملقى قتيل ذوابل وقواضبِ
نثرت ذوائبها ففاح عبيرها / كالمسكِ فوق كواهل ومناكبِ
نظرت على بعد خيال رقيبها / فتحجبت من فرعها بغياهبِ
قد أحرقت كبدي بنار خدودها / سبكا فلا تطفى بدمع ساكبِ
لم أدر قبل قوامها ولحاظها / أن الردى بمعاطف وحواجبِ
لو لم يكن منها اللمى خمراً لما / خطرت وماست كالنزيف الشاربِ
ليلي طويل حالك كفروعها / وآلهفي صار كخطوِها المتقارب
أمسى الفؤادُ بشعرِها وبصدغِها / أبداً لسيعَ أساودٍ وعقاربِ
ولقد ركبت من الجياد مطهما / ينساب كالحيات بين سباسب
ألف الفلا لفُّ الفدافد بالربى / كالبرق يطوي البيد تحت الراكبِ
فكأنني من فوقه ملك ومن / وحش القفار أسير بين كواكب
أصبوا إلى نحو الحمى متلفتا / تلفا وقد ضاقت علي مذاهبي
مالي وصرف الدهر طال مطاله / عندي وأنعم لي بمنعِ مطالبي
ويهش أن هو ظل يهشِم اعظمي / أو بات ينهشني بنابٍ نوائبِ
إن رمتُ أن يطفى خرام صمائري / لم يرمها الا بصوتِ مصائبِ
سحّت وشحّت بالدموعِ وبالكرى / عيني وأولَتني بلونٍ شاحبِ
عمري مضى ما بين مذوَدِ عاذل / لذع الحشا مني وعين مراقبِ
أخطت سهام البينِ قلبي والهوى / لا زال يرميني بسهمٍ ضائبِ
أبلى النوى جسدي النحيف كأنني / قلمٌ بدا بيدي نصيف الكاتبِ
حبرٌ حلا في حبره قرطاسهُ / كالتبر لما لاح فوق ترائبِ
فسطورهُ وطروسهُ في حسنها / حاكت سماء زيّنت بكواكبِ
وكأنما أقلامه وبنانه / برقٌ سرى ما بين خمسِ سحائبِ
فلكم أفاد مروعا بيراعِه / وبكتبِه كم فل جيشَ كتائبِ
ولكم بعلم النحو أوضح منهجاً / أغنى اللبيبَ به عن ابن الحاجبِ
فطنٌ حوى من كلّ فن قلبَهُ / فكأنَّ فيه محاضرات الراغبِ
رقت لطافة شعره واستعبدَت / رِقّ ابن عبادٍ الوزيرِ الصاحبِ
لو رام نظمُ الدر في أصدافِه / وافى له بفرائدٍ وغرائبِ
أو للدراري شامَها أو شاءَها / طلعت عليه بطالع أو راغبِ
سبَكَ القريض وصاغَهُ حليا له / وبهِ ككفي عن صناعةِ كاسب
تجري القوافي تحتَ ظلِّ يراعهِ / وتظلُّ ترعاهُ بمقلةِ طالبِ
لو كان يرقى المرءُ في الشعر العلا / لعَلا على الشعري بعشرِ مراتبِ
تصبو إلى أخلاقهِ ريح الصبا / ويميلُ لطفاً كلُّ سارٍ ساربِ
حفّت به العليا فخف بحملها / وبحلمهِ أمسى كطودٍ راسبِ
ذربُ اللسان يذبُّ فيه مخاصما / واللفظُ عذبٌ كالنبات الدائبِ
ربحت تجارةُ حظِّهِ في خطهِ / وجرت سوابقهُ بسوقِ تجاربِ
لم يبتهج في الدهر في ذهبٍ ولم / يحزن على فقدان مالٍ ذاهبِ
يبدو محيّاه كبدرٍ طالعٍ / والرأي منه كالشهابِ الثاقبِ
لو قمت طولَ الدهرِ أنشدُ مدحة / بين الأنام فلم أقم بالواجبِ
ويمدحه العمري أب مؤرّخا / ترتيبُ مدحي في نصيفِ الكاتبِ
هُنّيتَ يا قاضي العرا
هُنّيتَ يا قاضي العرا / قِ المرتقى أعلى الرتب
بنوابغِ الكلم التي / فرنت بأطباقِ الذهب
قد قلت إذ ملك الشري
قد قلت إذ ملك الشري / فُ المرتجى اسنى كتاب
وغدا به مسنوعبا / لفصوله من كل باب
بكتاب استيعاب أس / ماء الهداةِ من الصحاب
حاز الشريف شرافة / واللَه من غير ارتياب
للَه درُّك يا ابن عبد البر مِن
للَه درُّك يا ابن عبد البر مِن / بحر طمى زخاره بعبابهِ
فلقد أجدتَ بما به استوعبتَ من / أسماء آل محمدٍ وصحابهِ
أنت الذي مستوعباً أصبحتَ كل / الفضلِ والإحسانِ في استيعابهِ