القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ أبي حَصِينة الكل
المجموع : 4
لَو أَنَّ مَن سَأَلَ الطُلولَ يُجابُ
لَو أَنَّ مَن سَأَلَ الطُلولَ يُجابُ / لَسَأَلتُ رَسمَ الدارِ وَهوَ يَبابُ
عَن مُزنَةٍ وَعَنِ الرَبابِ سَقاهُما / وَسَقى المَنازِلَ مُزنَةٌ وَرَبابُ
سُلَمِيَّتَين سَمِيَّتينِ نَماهُما / فَرعٌ لآلِ مُطَرِّفٍ وَنِصابُ
عَلِقَ الفُؤادُ هَواهُما وَزَواهُما / عَنهُ الفِراقُ وَشاحجٌ نَعّابُ
أَمَنازِلَ الأَحبابِ ما صَنَعَ البِلى / بِكِ مِثلَ ما صَنَعَت بِنا الأَحبابُ
نجلُ العُيونِ وَعُودُهُنَّ كَواذِبٌ / وَفِعالُهُنَّ خَديعَةٌ وَخِلاب
مِن كُلّ واضِحَة الجَبينِ كَأَنَّها / قَمَرٌ تَكَشَّفَ عَن سَناهُ حِجابُ
مُتَقابِلاتٌ لِلزِيارَةِ في الدُجى / خَفَراً كَما تَتَقابَلُ الأَسرابُ
وَلَهُنَّ عَتبٌ بَينَهُنَّ كَأَنَّهُ / عَسَلٌ يُقَطِّرُهُ السُقاةُ مُذابُ
يا صاحَبيَّ ذَرا العِتابَ فَذَوُ الهَوى / صَعبٌ عَلَيهِ قَطيعَةٌ وَعِتابُ
صَرَمَت أُمامَةُ حَبلَهُ وَانتابَهُ / بَعدَ الرُقادِ خَيالُها المُنتابُ
زارَت وَلَم تَكُنِ الزِيارَةُ عادَةً / إِنّي بِزَورَةِ طَيفِها مُرتابُ
يا طَيفُ كَيفَ سَخَت بِكَ ابنَةُ مالِكٍ / وَالصُبحُ نَصلٌ وَالظَلامُ قِرابُ
وَالجَوُّ مُشتَبِكُ النُجومِ كَأَنَّهُ / كَأسٌ عَلاهُ مِنَ المِزاجِ حَبابُ
مِن حَولِ بَدرٍ في السَماءِ كَأَنَّهُ / وَجهُ المُعِزِّ وَحَولَهُ الأَصحابُ
مَلِكٌ عَلَيهِ مِنَ المَحامِدِ حُلَّةٌ / وَمِنَ التُقى دُونَ الثِيابِ ثِيابُ
حُلوُ الشَمائِلِ عَذبَةٌ أَخلاقُهُ / وَكَذاكَ أَخلاقُ الكِرامِ عِذابُ
لا عَيبَ فيهِ سِوى السَخاءِ فَلَيتَهُ / يَبقى وَيَبقى بِالسَخاءِ يُعابُ
وَتَراهُ سَهلاً وَهوَ إِن خاشَنتَهُ / خَشِنُ العَريكَةِ يُتَّقى وَيُهابُ
لا تُغرَرَنَّ بِهِ فَتَحتَ قَميصِهِ / لِلكَيدِ أَرقَمُ ضالَةٍ مُنسابُ
لِلّهِ دَرُّ المُدرِكِيِّ فَإِنَّهُ / لِلحَمدِ مُنذُ عَرَفتُهُ كَسّابُ
لا حامِلاً حِقداً وَلا مُتَطَلِّباً / عَتباً لِصاحِبِهِ وَلا مُغتابُ
يا واهِبَ الدُنيا لِأَيسَرِ طالِبٍ / ما خابَ مِنكَ وَلا يَخيِبُ طِلابُ
دارُ المَعُونَةِ دِمنَةٌ مَدروسَةٌ / لِلناسِ فيها جِيئَةٌ وَذَهابُ
أَنعِم عَلَيَّ بِها لِعَشرَةِ صِبيَةٍ / هِبَةً فَأَنتَ المُنعِمُ الوَهّابُ
فهُم عَبيدُكَ لا أَخافُ عَلَيهِمُ / ظَمَأً وَبَحرُكَ زاخِرٌ عَبّابُ
وَاِفعَل كَما فَعَلَ الخَليفَةُ جَعفَرٌ / بِالبُحتُرِيِّ وَرَهطُهُ الأَنجابُ
أَقناهُمُ مالا يَبيدُ وَقابَلوا / ذاكَ الفَعالَ بِمِثلِهِ فَأَصابُوا
وَنَداكَ أَوسَعُ وَالَّذي أَنا قائِلٌ / أَبقى وَمالُكَ لِلعُفاةِ نِهابُ
وَلَقَد سَأَلتَكَ واثِقاً بِكَ إِنَّني / أَدعُوكَ عِندَ مَطالِبي فَأُجابُ
يابنَ الكِرامِ وَلَو سَأَلتُكَ عامِراً / لَوَهَبتَنيهِ فَكَيفَ وَهوَ خَرابُ
وَبِكُلِّ فَضلٍ مِن يَمينكَ طالِبٌ / وَلَرُبَّما تَتَفاضَلُ الطُلّابُ
وَأَنا الحَقيقُ وَلَو سَأَلتُ مَشَقَّةً / وَالخَيرُ عِندَ الخيِّرينَ يُصابُ
أَغنى عَلَيّاً صالِحٌ بِنَوالِهِ / قِدماً وَأَغنى قاسِماً وَثّابُ
وَمُفَضَّلٌ سَبَغَت عَلَيهِ لِفاتِكٍ / دُونَ المُلوكِ مَواهِبٌ وَرِغابُ
لَم يَترُكُوا لَهُمُ كَما أَنا تارِكٌ / لَكَ بَعدَ ما تَتَطاوَلُ الأَحقابُ
حَمداً كَحاشِيَةِ الرِداءِ مُحبَّراً / لا الحَضرُ تُحسِنُهُ وَلا الأَعرابُ
ما كُلُّ مَن صاغَ الكَلامَ بِماهِرٍ / فيهِ وَلا كُلُّ الجِيادِ عِرابُ
وَمِن النَباتِ ذَوابِلٌ وَمَعابِلٌ / وَمِنَ الحَديدِ أَخِلَّةٌ وَحِرابُ
تَفديكَ رُوحُ فَتىً تَبَسَّمَ رَوضُهُ / مِمّا سَقاهُ غَمامُكَ السَكّابُ
مِن بَعدِ ما قاسى الخُمولَ وَداسَهُ / دَوسَ الهَشيمِ زَمانُهُ اللعّابُ
كَم شاعِرٍ طَلَبَ العُلى فَتَقَطّعَت / مِن دُون مَطلَبِهِ بِهِ الأَسبابُ
غَيري فَإِني مُذ أَتَيتُكَ قاصِداً / ما اِستَدّ دُوني لِلفَوائِدِ بابُ
لي مِنكَ في خِصبِ الزَمانِ وَجَدبِهِ / مَرعىً أَغَنُّ وَرَوضَةٌ مِعشابُ
فَلأَشكُرَنَّكَ ما حَيِيتُ وَإِن أَمُت / شَكَرَتكَ بَعدَ بَنيّها الآدابُ
وَإَلَيكَ مُحكَمَةً إِذا هِيَ أُبرِزَت / خَطَبَت إِلى أَخَواتِها الخُطّابُ
تَسري كَما تَسري النُجومُ وَيَهتَدي / رَكبٌ بِساطِعِ نُورِها وَرِكابُ
وَلَها إِذا هَرِمَ الزَمانُ وَأَهلُهُ / عُمرٌ كَعُمرِكَ دائِمٌ وَشَبابُ
فَثَوابُها ما قَد عَلِمتَ وَرُبَّما / يَأتيكَ مِن دونِ الثَوابِ ثَوابُ
أَهلاً بِطَيفِ خَيالِها المُتَأَوِّبِ
أَهلاً بِطَيفِ خَيالِها المُتَأَوِّبِ / وَاللَيلُ تَحتَ رِواقِهِ لَم يَضرِبِ
طَيفٌ تَرَحَّلَ زائِراً مِن مَشرِقٍ / كَلِفَ الفُؤادُ بِحُبِّهِ مِن مَغرِبِ
عَجَباً لَهُ وافى وَكَم مِن دُونِهِ / مِن مَهمَهٍ قَفرٍ وَمَرتٍ سَبسَبِ
أَحبِب إِلَيَّ بِزَينَبٍ وَبِزائِرٍ / وافى إِلَيَّ مَعَ الكَرى مِن زَينَبِ
بَيضاءَ واضِحَةِ التَرائِبِ طَفلَةٍ / جَيداءَ مُغزِلَةٍ عَقيلِةِ رَبرَبِ
يا حَبَّذا مِنّي الدِيارُ قَريبَةً / بِالشِعبِ حينَ الشَملُ لَم يَتَشَعَّبِ
وَلَقَد جَرَيتُ بِكُلِّ أَرضٍ مَجهَلٍ / وَقَطَعتُ غارِبَةَ البِلادِ الغُرَّبِ
وَوَرَدتُ آجِنَةَ المِياهِ مُهَتِّكاً / عَنهُنَّ أَصحابي سُتورَ الطُحلُبِ
وَأَعَدتُ بادِنَةَ القِلاصِ رَذِيَّةً / مِن كُلِّ مُشرِفَةِ الغَوارِبِ ذِعلِبِ
حَتّى وَصَلتُ إِلَيكَ يا بَحرَ النَدى / يا بنَ الكِرامِ ذَوي الفِعالَ الأَنجَبِ
يابنَ المُلوكِ السابِقينَ إِلى العلى / وَالواهِبينَ جَزيلَ ما لَم يوهَبِ
وَالطاعِنينَ بِكُلِّ أَسمَرَ ذابِلٍ / وَالضارِبينَ بِكُلِّ أَبيَضَ مِقضَبِ
وَالخائِضِينَ غِمارَ كُلِّ كَريهَةٍ / في ظَهرِ كُلِّ أَقبّ أَجرَدَ سَلهَبِ
وَالنازِلينَ بِقُورِ كُلِّ ثَنِيَّةٍ / لِلمَكرُماتِ وَكُلِّ فَجٍّ مُخصِبِ
أَولادِ مِردادسِ الَّذينَ أَكُفُّهم / مِثلُ السَحائِبِ في الزَمانِ المُجدِبِ
شُمُّ الأُنوفِ مِنَ المُلوكِ أَعِزَّةٌ / كَسَبوا مِنَ المَعروفِ ما لَم يُكسَبِ
وَلَقَد بَنى لَهُمُ ثِمالٌ في العُلى / عَيطاءَ لاحِقَةَ الذُرى بِالكَوكَبِ
مَلِكٌ بِرَحبَةِ مالِكٍ وَحَديثُهُ / في مُشرِقِ وَصِفاتُهُ في مَغرِبِ
زُرهُ تَزُر مَلِكاً تُوافي عِندَهُ / ما شِئتَ مِن أَهلِ لَدَيهِ وَمَرحَبِ
وَإِذا رَأَيتَ رَأَيتَهُ في دَستِهِ / قَمَراً وَلَيثاً قَسورا في مَوكِبِ
وُلِدَ المعِزُّ وَصالِحٌ مِن طِينةٍ / وَكَذاكَ يُولَدُ طَيِّبٌ مِن طَيّبِ
يا أَيُّها المُلِكُ الَّذي إِحسانُهُ / يَهمي عَلَينا مِن نَداهُ بِصَيِّبِ
لِلّهِ دَرُّكَ وَالأُسُودُ عَوابِسٌ / تَختالُ في حُلَلِ العَجاجِ الأَصهَبِ
لَمّا طَلَعتَ عَلى سَمَندٍ سابِحٍ / في لَونِ حَليِ لِجامِهِ وَالمَركَبِ
سُودٌ قَوائِمُهُ وَلَكن جِسمُه / لَولا السَبائب كَالقَميصِ المُذهَبِ
نَهَدَت مَراكِلُهُ وَأَشرَفَ مَتنُهُ / وَعَلَت مَناكِبُهُ عُلُوَّ المرقَبِ
وَكَأَنَّما خاضَ الدُجى فَتَسَربَلَت / مِنهُ شَوامِتُهُ بِمِثلِ الغَيهَبِ
سَلِسُ القِيادِ كَأَنَّ فَضلَ عِنانِهِ / مِمّا يَلينُ مُرَكَّبٌ في لَولَبٍ
فَطَعَنتَ وَالفُرسانُ حَولَكَ شُزَّبٌ / بِالرُمحِ طَعنَةَ صالِحيِّ المَنصِبِ
وَرَأَت حُماتُك مِنكَ لَيثَ كَريهَةٍ / يُوفي عَلى لَيثِ العَرينِ المُغضَبِ
عُريانَ في رَهَج الوَغى وَكَأَنَّهُ / شاكي السِلاحِ بِنابِهِ وَالمخلَبِ
فَتَرَكتَهُ جَزَرَ السُيوفِ تنُوشُهُ / وَكَذا فَعَالُكَ في رَعيلِ المِقنَبِ
يا مَن عَلَيهِ مِنَ المُلوكِ مُعَوَّلي / وَإِلَيهِ مِن صَرفِ الحَوادِثِ مَهرَبي
وافَيتُ نَحوَكَ مِن بِلادٍ مَطعَمي / مِن فَيضِ فَضلِكَ مُذ عُرِفتُ وَمَشرَبي
وَعَجِبتُ كَيفَ صَبَرت عَنكَ وَإَِنَّما / بِكَ في البِلادِ تَصَرُّفي وَتَقَلُّبي
لَكِن مَرِضت كَما عَلِمتَ وَلَم تَكُن / لِي مُنّةٌ في جِيئَةٍ أَو مَذهَبِ
فابسُط ليَ العُذرَ الَّذي أَوضَحتُهُ / وَاستَوصِ بي خَيراً وَدَنِّ وَقَرِّبِ
فَإِذا سَلِمتَ فَكُلُّ صَعبٍ هَيِّنٌ / عِندي وَمَن سالَمتَهُ لَم يَعطَبِ
لَو كانَ يَنفَعُ في الزَمانِ عِتابُ
لَو كانَ يَنفَعُ في الزَمانِ عِتابُ / لَعَتَبتُهُ في الرَبعِ وَهوَ يَبابُ
عُجنا عَلَيهِ العِيسَ نَسأَل رَسمَهُ / لَو كانَ مَن سَأَلَ الطُلُولَ يَجابُ
زَمَنٌ لِأَحبابٍ نُحِبُّ دِيارَهُم / مِن أَجلِهِم فَكَأَنَّها أَحبابُ
لَمّا جَعَلنا في العُيونِ تُرابَها / لَم يَبقَ في تِلكَ الرُبوعِ تُرابُ
مِن بَعدِ ما سالَت شُعُوبُ مَدامِعٍ / سالَت لَهُنَّ مَدامِعٌ وَشِعابُ
يا رَبعُ قَبَّحَكَ الزَمانُ وَطالَما / زانَت عِراصَكَ زَينَبٌ وَرَبابُ
أَيّامَ يُلتَثَمُ التُرابُ إِذا مَشَت / في دِمنَتَيكَ كَواعِبٌ أَترابُ
مِثلُ الشُمُوسِ عَلى غَوارِبِ أَينُقٍ / يَغرُبنَ عَنكَ إِذا يَصيحُ غُرابُ
لا يُستَدامُ وَدادُهُنّ بِخُطوَةٍ / إِن لَم يَدُم لَكَ ثَروَةٌ وَشَبابُ
ذَر حُبَّهُنَّ فَإِنَّهُنَّ فَوارِكٌ / وَمَقالُهُنَّ خَديعَةٌ وَخِلابُ
وَإِذا طَلَبتَ مِنَ الزَمانِ طِلابَةً / بِالسَيفِ لَم يَعذُب عَلَيكَ طِلابُ
إِنَّ المَمالِكَ لا يَصُونُ وُجُوهَها / إِلّا طِعانٌ دُونَها وَضِرابُ
وَالعِزُّ مارَدَّ المُعِزُّ بِسَيفِهِ / مِن بَعدِ ما ذَهَبَت بِهِ الأَحقابُ
غَضِبَت قَناهُ لِقَومِهِ فَاستَرجَعَت / لَهُمُ المَمالِكَ وَالمُلوكُ غِضابُ
وَأَعادَ عِزَّ بَني كِلابٍ بَعدَما / عَرِيَت مِنَ العِزِّ الأَشَمِّ كِلابُ
شَهِدُوا بِفَضلِ أَبيهِ فَاعتَرَفَت لَهُ / بِالمَنِّ مِن فَلِّ الجُيوشِ رَقابُ
وَلَقَد تَيَقَّنَتِ العَشِيرَةُ أَنَّهُ / ظُفرٌ لَها في النائِباتِ وَناب
نامُوا وَأَسهَرَ عَينَهُ في عَزِّهِم / حَتّى بَنى قُطرَيهِ وَهوَ خَرابُ
وَعَفا عَنِ الجاني إِلَيهِ وَعَفوُهُ / عَن قُدرَةٍ مِثلُ العِقابِ عِقابُ
وَبَنى لَهُم في العِزِّ بَيتاً ما بَنى / شَبَهاً لَهُ زُفَرٌ وَلا جَوّابُ
بَيتٌ بَناهُ اللَهُ لَم يُسمَك لَهُ / عَمَدٌ وَلَم تُمدَد لَهُ أَطنابُ
فَليَشكُروا مَلِكاً بِهِ وَبِخَيلِهِ / فَخَرَت كُهُولٌ مِنهُمُ وَشَبابُ
حَمِدُوهُ إِذ عَرَفُوا سَجِيَّةَ غَيرِهِ / وَالشَهدُ يُحمَدَ حينَ يُجنى الصابُ
هَنّاهُمُ بِمَعايِشٍ لَم يَهنِهِم / فِيها طَعامٌ قَبلَهُ وَشَرابُ
وَوَفى بِما سَلَبَت قَناهُ فَرَدَّهُ / وَمَتى تُرَدُّ مِنَ القَنا أَسلابُ
لَو لَم يُطالَب بِالَّذي هُوَ آخِذٌ / أَخَذَتهُ مِن أَموالِهِ الطُلّابُ
وَإِذا الكَريمُ حَوى الجَسيمَ سَخا بِهِ / كَالبَحرِ ما لِلشَيءِ فيهِ رَبابُ
لا يَعجَبُوا مِمّا فَعَلتَ فَكُلُّ ما / تَأتي بِهِ في العالَمينَ عُجابُ
وَلَقَد عَفَفتَ عَنِ الحَريمِ وَلَم يَكُن / لَكَ باطِنٌ يَغتابُهُ المُغتابُ
وَحَجَبتَهُنَّ عَنِ العُيونِ بِغَيرَةٍ / هِيَ دُونَهُنَّ مَعَ الحِجابِ حِجابُ
وَأَنِفتَ أَن تَرضى بِهِنَّ حَلائِلاً / وَبُعُولُهُنَّ غَطارِفٌ أَنجابُ
ظَفِرَت قَناكَ بِضِعفِ ما ظَفِرُوا بِهِ / إِنَّ الكَريمَ مُظَفَّرٌ غَلّابُ
وَطَلَبتَ ثَأرَكَ فاشتَهَرتَ وَرَدَّ ما / أَخَذَت عِداكَ الصارِمُ القِرضابُ
وَلَقِيتَ في نَصبِ المَكارِمِ وَالعُلى / نَصَباً فَأَنتَ الناصِبُ النَصّابُ
وَلَقَد أَتَتكَ مِن الإِمامِ مَواهِبٌ / ضاقَت بِها الفَلَواتُ وَهِيَ رِحابُ
تَمشي بِها القُبُّ العِتاقُ وَخُنَّقٌ / مِثلُ الأَهِلَّةِ فَوقَهُنَّ قِبابُ
وَمُخَلَّقٌ شَختُ النِطاقِ خِتامُهُ / مِسكُ العَتيرَةِ وَالحَريرُ إِهابُ
سُطِرَت رِقابُ عِداكُمُ بِسُطُورِهِ / مُذ فُضَّ فَهوَ مُهَنَّدٌ وَكِتابُ
وَكَأَنَّ هالاتِ البُدورِ عَمائِمٌ / لَكُمُ وَأَنوارُ الشَموسِ ثِيابُ
لِلّهِ دَرُّكُمُ فَأَنتُم مَعشَرٌ / ما فِيكُمُ لِلعائِبِينَ مَعابُ
طُلتُم بِأَلقابِ الإِمامِ وَطُلتُم / مِن قَبلِ ذاكَ وَمالَكُم أَلقابُ
لَو لَم تَكُن أَلقابُكُم مَذكُورَةً / أَغنَتكُمُ عَن ذِكرِها الأَحسابُ
قالَ العِدا لِلشّامِ لَمّا عُدتُمُ / هَذي الأُسُودُ بِها اِحتَمى ذا الغابُ
أَبناءُ مِرداسٍ وَأَيُّ مَعاشِرٍ / جُبِلُوا عَلى طِيبِ الأُصولِ فَطابُوا
لا يَقلَقونَ إِذا تُلِمُّ مُلِمَّةٌ / وَكَأَنَّهُم في النائِباتِ هِضاب
قَومٌ إِذا حَضَروا الثَناءَ عَلَيهِمُ / في مَحفِلٍ حَضَرُوا وَهُم غُيّابُ
مِن كُلِّ مَيمُونِ النَقِيبَةِ مُسفِرٍ / عَن حُرِّ وَجهٍ حُطَّ عَنهُ نِقابُ
يَهديكَ في اللَيلِ البَهيمِ بِنُورِهِ / وَكَأَنَّما يَهديكَ مِنهُ شِهابُ
سَهلُ القِيادِ وَرُبَّما لاقَيتُهُ / صَعبَ الظُلامَةِ وَالخُطُوبُ صِعابُ
وَلَقَد بَنى مَجدُ الإِمامِ لِقَومِهِ / مَجداً تَحِيرُ لِمِثلِهِ الأَلبابُ
مَلِكٌ يَضُرُّ كَما يَسُرُّ بِرِفدِهِ / وَالدُرُّ في المُرِّ الأُجاجِ يُصابُ
ثَبتُ العَزيمَةِ لا يَطيشُ بِلُبِّهِ / جَهلٌ وَلا يَخفى عَلَيهِ صَوابُ
يا أَيُّها المَلِكُ الَّذي شَهِدَت لَهُ / طَيٌّ بِكُلِّ فَضيلَةٍ وَجَناب
لا يَومَ أَسعَدُ مِنهُ يَوماً حَلَّقَت / فيهِ وَراءَكَ رايَةٌ وَعُقابُ
نَشَرَت لَها ريحُ الشِمالِ ذَوائِباً / شَتّى عَلَيهِنَّ النُضارُ مُذابُ
مَعقُودَةٌ بِالعِزِّ إِلّا أَنَّها / عَذَبٌ لِحاسِدِكُم بِهِنَّ عَذابُ
فَاسعَد بِما خُوِّلتَ وَابقَ مُخَلَّداً / ما لِلسَعادَةِ عَن ذَراكَ ذَهابُ
وَالبَس حُلى مَدحي فَلَيسَ بِعاطِلٍ / جِيدٌ لَهُ هَذا المَديحُ سِخابُ
عَرَّج فَحَيِّ مَنازِلَ الأَحبابِ
عَرَّج فَحَيِّ مَنازِلَ الأَحبابِ / مَحَّت كَما مَحَّت سُطُورُ كِتابِ
وَالمِم بِدارٍ لِلرَّبابِ وَقُل لَها / يا دارُ جادَ رُباكِ صَوبُ رَبابِ
فَلَطَالَما حَلَّت بِرَبعِكَ كاعِبٌ / كَالبَدرِ بَينَ كَواعِبِ أَترابِ
لَولا مَراشِفُها العِذابُ لَما هَوى / جَلَدِي وَلا غَرِيَ الهَوى بِعَذابي
عَتَبَت عَلى بُعدِ المَزارِ وَكَيفَ لِي / لَو زالَ ذاكَ العَتبُ بِالإِعتابِ
لا تُذنِبِي الرَجُلَ الغَرِيبَ عَلى النَوى / فَالذَنبُ ذَنبُ غُرابِكِ النَعّابِ
وَاستَغفِرِي مِمّا جَنَيتِ وَقَد حَدا / حادِي النَوى بِرِكابِكُم وَرِكابِي
يَومَ النَظِيرُ وَقَد سَأَلتُكِ نَظرَةً / ما كانَ ضَرَّكِ لَو رَدَدتِ جَوابي
يا هَذِهِ لا تَحسَبِيني واهِباً / لَكُمُ دَمي المَطلُولَ يَومَ حِسابي
وَلَقَد ضَنِيتُ فَما يَكادُ مِنَ النَوى / جَسَدِي يَبِينُ لِطَيفِكِ المُنتَابِ
أَهلاً وَسَهلاً بِالخَيالِ فَإِنَّهُ / حَيّ فَأَحيَانِي وفَرَّجَ ما بِي
وَشَكَوتُ في كَبِدِي إِلَيهِ مِنَ الجَوى / ناراً فَبَرَّدَها بِبَردِ رُضابِ
وَتَنُوفَةٍ سِربُ النَعامِ كَأَنَّهُ / فِيها سَفِينٌ في بُحُورِ سَرابِ
داوِيَّةٍ قَفرٍ طَوَيتُ مُتُونَها / بِنَجِيبَةٍ مَطوِيَّةِ الأَقرابِ
مَوّارَةِ الضَبعَينِ أَذهَبَ نَيَّها / نِيّاتُ شَعثٍ لِلفَلا جَوّابِ
شَكَتِ الكَلالَ فَما شَكَوتُ وَدَأبُها / ما تَشتَكِيهِ مِنَ الكَلالِ وَدابِي
حَتّى تُبَلِّغَني المُعِزَّ فَإِنَّهُ / رِيفُ العُفاةِ وَمَنجَعُ الطُلّابِ
أَلِفَ المُرُوَّةَ مِن صِباهُ فَقَلبُهُ / أَبَداً إِلى تِلكَ المُرُوَّةِ صابِ
يُخشى وَيُرجى فَهوَ كُلَّ عَشِيَّةٍ / لَم يَخلُ فيها مِن نَدىً وَعِقابِ
ذُو عَزمَةٍ تَنجابُ كُلُّ كَرِيهَةٍ / عَن وَجهِهِ في القَسطَلِ المُنجابِ
وَالسُمرُ تَخطِرُ في الصُدُورِ صُدُورُها / وَتُخَلِّفُ الأَعقابَ لِلأَعقابِ
في مَأزِقٍ يَنبُو الحُسامُ وَقَلبُهُ / مِثلُ الحُسامِ العَضبِ لَيسَ بِنابِ
مَلِكٌ مَراتِبُهُ أَجَلُّ مَراتِبٍ / وَنِصابُهُ في المَجدِ خَيرُ نِصابِ
زَينُ الفَوارِسِ وَالمَذاكي شُزَّبٌ / تَردِي وَزَينُ مَجالِسِ الشُرّابِ
وَلَقَد بَنى لِلمَجدِ بَيتَ مَكارِمٍ / لَم يَخلُ مِن فَضلٍ وَبَذلِ رِغابِ
بَيتاً لَهُ مِن ذِي الجَلالِ دَعائِمٌ / تُغنيهِ عَن عَمَدٍ وَعَن أَطنابِ
تَجِدُ المَقاوِي فيهِ كُلَّ عَشِيَّةٍ / غُرَّ الجِفانِ كَأَنَّهُنَّ خَوابِ
لا يَعرِفُ الفِعلَ القَبيحَ وَلا يَرى / أَحَدٌ عَلَيهِ طَريقَةً لِمَعابِ
مَلِكٌ حَباني بالجَميلِ فَواجِبٌ / أَلّا أُرى في حُبِّهِ بِمُحابِ
لَكِن أَصُوغُ لَهُ الثَناءَ مُحَبَّراً / يَبقى عَلى الأَعوامِ وَالأَحقابِ
مَدحاً كَأَنَّ الرَوضَ فاحَ نَسِيمُهُ / وَيَذُبُّ ما يُخشى بِحَدِّ ذُبابِ
قَد كانَ أُغلِقَ كُلُّ بابِ مُرُوءَةٍ / فَفَتَحتَ أَنتَ رِتاجَ ذاكَ البابِ
وَدَفَعتُمُ صَرفَ الزَمانِ وَريبَهُ / عَنّا وَحامَيتُم عَنِ الأَحسابِ
عِش للزَمانِ وَأَهلِهِ في نِعمَةٍ / مَحجُوبَةٍ عَن صَرفِهِ بِحِجابِ
فَلَأَنتَ أَكرَمُ سَيِّدٍ في عامِرٍ / خِيماً وَأَبسَطُهُم يَداً لِثَوابِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025