المجموع : 3
طَرفُ المحبّ مُوكَّلٌ بِعَذابِهِ
طَرفُ المحبّ مُوكَّلٌ بِعَذابِهِ / لا تَعذِلوهُ فَتأثموا بِعِتابِهِ
كَبِدٌ تعاوَرها الغَرامُ فَأَصبحت / زَفَراتُهُ قَد تَرجَمَت عَمّا بِهِ
وَجرت عليهِ نَوائِبٌ مِن دَهرِهِ / وَأَشدُّها فيه قِلى أَحبابِهِ
فَكأَنَّ داعيةَ الهَوى في جِسمِهِ / سَيفٌ يُقَطِّعه بحدِّ ذُبابِهِ
شابَت لِما تَلقاهُ قُذَّةُ صَبرِهِ / وَغَرامُهُ في عُنفُوانِ شَبابِهِ
لَم تَستَهِلَّ عَلى الخُدودِ دُموعُهُ / إِلّا لِسَقم دبَّ تَحتَ ثِيابِهِ
وَتَنوفَة أَنفقت فيها همةً / راضَت مِن التَهذيبِ حَلَّ صِعابه
أَكسبَت فيها القَلب عِلَّة حُرقَة / مُستأسِداً فاِختالَ في جِلبابِهِ
وَبَغيت للآمال منهج رُشدها / فَمَضَت تُنافِسُ في حَثيث طِلابِهِ
لا أَستَميحُ الدَهرَ سَيبَ عَطائِهِ / كرماً وَلا أَمتارُ وَبلَ سَحابِهِ
وَجَعَلتُ صَبري مَعقِلاً وان اِغتَدى / صَرفُ الزَمانِ بظفره وَبنابهِ
ما عُذرُ عَيني لا تَفيضُ فَتسكَبُ
ما عُذرُ عَيني لا تَفيضُ فَتسكَبُ / لِليَومِ تُدَّخرُ الدُموعُ وَتُطلَبُ
وَإِذا أَرَدتَ عَلى الصَبابَةِ شاهِداً / فالدَمعُ أَعدلُ شاهِدٍ لا يَكذِبُ
لَم يَستَبِق في العَينِ ماء شُؤونِها / إِلّا وَنارُ القَلبِ حرّى تَلهَبُ
لا مَرحَباً بالأَرحبيَّة أَوردت / خَبَراً يَضيقُ بِهِ الفَضاءَ الأَرحبُ
غَلبَ الأَسى فيها التَجَلَّدَ بَعدَ ما / كانَ التَجلدُّ بالأَسى لا يُغلَبُ
فَسَقى الغَمامُ الصَيِّبُ الخَضِلُ النَدى / قراً بمصرَ بِهِ الغمامُ الصَيِّبُ
غيثَ البِلادِ إِذا يًصوّحُ نَبتُها / وَدَعا الحَيا مِنها المَكانُ المُعشِبُ
بادي السَكينَة في النُفوسِ محكّمٌ / حَسَنُ اللِقاءِ إِلى القُلوب مُحَبَّب
يا ثُلمة ثَلَمَ الزَمانُ بِها العُلى / ما إِن تُسدّ وَصَدعُها ما يُرأبُ
عَظُمَت رزيّتهُ فأَقصر عاجِزٌ / عَن وَصفِ شِدَّتها وَقَصَّر مُطنِبُ
لَهفي عَلَيكَ وَما يَردُّ تَلَهُّفي / مَيتاً وَلَكِنَّ التأسُفَ يعذبُ
تَركَ القُلوبَ عَلى الأَسى مَوقوفةً / أَبَداً عَلى إِنَّ القُلوبَ تُقلَّبُ
نُحنا عَلَيهِ كَما / مَدحاً فَأَبكانا عَليهِ المُطرِبُ
وَإِذا عَتِبتُ عَلى اللَيالي بَعدَهُ / قالَ التأسي ما عَلَيها مَعتَبُ
ما عَهدُنا بالشَمسِ قَبلَكَ بُرجَها / نَعشٌ وَلا بَينَ المَقابِر تَغرُبُ
أُصبحتَ تَحتَ الأَرضِ تُرغِبُ في الأَسى / من كانَ نَحوَكَ في الحَوائج يَرغَبُ
يَهدي إِلَيهِ بِعَرفه طيبُ الثَرى / مَن كانَ يَهديهِ الثَناءُ الطَيِّبُ
ما كُنتُ أَحسَبُ قَبلَ دَفنِكَ في الثَرى / أَنَّ المَكارِمَ في التُرابِ تُغَيَّبُ
ما العَيشُ بَعدَكَ بالهنيّ وَإِنَّما / مَن عاشَ بَعدَكَ بِالحَياة مُعَذَّبُ
وَلَئِن قَضيتَ لَقَد تَرَكتَ كآبةً / ما تَنقَضي وَحَرارَةً ما تَذهب
أَتعبتَ بَعدَكَ دونَ شأوك كل من / وَطىء الحَصا بَل دون شأوك مُتعَبُ
مَن لِلمَعالي تُرتَقى أَو تَنثَني / مَن لِلمَحامِدِ تُقتَنى أَو تُكسَبُ
مَن للأُمور المشكِلاتِ يَحلُّها / مَن للثُغور المُستَضامَةِ يَغضَب
مَن لِلأَرامِلِ وَاليتامى كافِلاً / يَكفيهُمُ إِذ لا خَليلُ وَلا أَبُ
مَن للمقانِبِ وَالكَتائِبِ رَدُّها / إِن فُلَّ جَيشٌ أَو تقنَّع مِقنَبُ
صَلّى عَلَيكَ اللَهُ في مَلكوتِهِ / وَالصالِحونَ وَبعض ما تَستَوجِبُ
فاسلم صَلاحَ الدينِ ما هبَت صَباً / أَو لاحَ بَرقٌ أَو تَبدّا كَوكَبُ
لا زالَ عزّمكَ ماضياً ما يَنثَني / وَشَديدُ بأسِك ماضياً ما يَذهَبُ
وَجَميلُ صَبرِكَ في الرَزايا يَعتَلي / وَكَريمُ عُودِكَ في الحَوادث يَصلُب
حاشى وَقارَك أَن يَطيرَ بِهِ الأَسى / أَو أَن يُزَعزعه المَرامُ الأَصعَبُ
أَي اجتِماعٍ لَم يُرع بِتَفُرِّقٍ / يَوماً وَأَيّةُ فِرقَةٍ ما تُنكَبُ
كَم قَد دَجا خَطبٌ وَجأشُكٌ ثابِت / وَتقلَّبت حالٌ وَقَلبُكَ قُلَّبُ
وَإِذا تَخَطّاكَ الرَدى وَأَصابَنا / فَسَوى إِذا سَلم الذُرى وَالمنكِبُ
قالوا سَلا صَدَقوا عَن
قالوا سَلا صَدَقوا عَن / السُّلوان لَيسَ عَن الحَبيبِ
قالوا فَلِمَ ترك الزيا / رَةَ قُلتُ مِن خَوف الرَقيبِ
قالوا فَكَيفَ يَعيش مَع / هَذا فَقُلتُ مَن العَجيبِ