المجموع : 3
قلبٌ لتَذْكار الأحِبَّةِ قَدْ صَبا
قلبٌ لتَذْكار الأحِبَّةِ قَدْ صَبا / فكأنه سَعَفٌ تهاداه الصَّبا
تُدْنيه من أرَج التواصلِ نفحةٌ / وتَصدُّه ريح الصدود تَنكُّبا
فيظل بين هدىً وبين نوى / وبين جوى وبين تلهفٍ متقلبا
طوراً يَشيبُ بِهِ الغرام وتارةً / يَهْمِي عَلَيْهِ الدمعُ مُزْناً صَيِّبا
فكأنه والشوقٌ تذكُو ناره / لَهبٌ تَطايرَ بالحَشا أُبدِي سَبا
عَجَباً لجَرْيان الدموع ومُهْجَتِي / تَصْلَى بنيرانِ الفراق تَلهُّبا
كلتاهما نار تَوقَّدُ بالحَشا / هَذِي لتنضَحَ والدموعُ لتَنضُبا
فاعجبْ لنارِ الشوقِ يُذكِيها البكا / والدمعُ من نار الفراق ِتصبَّبا
مَا لي وَمَا للدهرِ أطلب وَصْلَهم / فيَصدُّني ويَرى التفرُّقَ مذهبا
ما أظلمَ الدهرَ المُشِتَّ بأهلِه / لَمْ يرضَ إِلاَّ الأسنةَ مَرْكبا
بالله عَرِّج يَا أخَيَّ إذَا بَدَتْ / لَكَ بالنَّقا تِلْكَ المَرابعُ وانْدُبا
فهناك روضُ الحُسْنِ أَزْهَر عُودُه / فانزِل فَديتُك سائلاً مترقِّبا
فَلعلَّ أن يَرْنُو إليّ أَحِبَّتي / ولعل أن يدنوا إليَّ فأقرُبا
وارفُقْ فديتُك صاحبي أوَ مَا ترى / بَيْنَ المَرابِع مهجتي طَارتْ هَبَا
واحْدُو بنا خُوصَ الرِّكاب مشرِّفاً / فهواى قَصْدُ الرَّكبِ لَيْسَ مغرِّبا
وإِذَا تَباينتِ الخيامُ فعُجْ بِهَا / واقْرأ السلامَ أُهَيْلَ ذَيّاكَ الخِبَا
واستوقفَنَّ الركبَ وَيْحَكَ وَاتّئِد / فعَساي أَقضِي للأحبةِ مَطْلبا
ما كنتُ قبلَ اليومِ أدري مَا الهوى / فلِذاك كنتُ مُصدِّقاً ومكذِّبا
فسُقيتُ من كأسِ الفراق أَمَرَّه / فعرفتُ علمَ المرءِ أن يَتغرَّبا
كم ذا أَبيتُ بنار شوقي أصْطَلي / عَزَّ اللقا والسيلُ قَدْ بلغ الزُّبَى
يا لائماً كم ذا تلوم مُعَنِّفاً / أَقْصِرْ فليس اللومُ فَرْضاً موجَبا
لو كنتَ تعلم مَا بقلبي من جَوىً / لَعلمتَ نفسَك من سَحاجٍ أكْذَبا
أو مَا ترى جسمي لبُعدِ أحبَّتي / دَنِفاً ورأسي من غرامي أَشْهَبا
والعمرُ فِي شَرْخِ الشباب ولِمَّتي / صبحٌ بِهِ ليلُ الشبابِ تَغيَّبا
مَا لي وللأيام تَعكسُ مَطْلبي / وأَنا بِهَا شوقاً أَبيتُ معذَّبا
أهديتُها غصنَ الشَّبيبةِ مُورِقاً / فأتت تُعوِّضُني بفَوْدٍ أَشيَبا
نشرتْ عَلَى رأسي لواءً أبيضاً / فطَوتْ بِهِ من عارِضيَّ الغَيْهبا
فكأن إكليلَ المَشيبِ بمَفْرِقي / دَسْتُ الخليفة بالجلالِ تَجلْبَبا
ظِلُّ الأمانِ وبهجةُ الدهرِ الَّذِي / بجَلاله وجهُ الزمانِ تَنقَّبا
سيفُ الإله بأرضِه ولخَلْقه / أذِن الإله بمَجْدِه أن يُخْطَبا
جادتْ بِهِ الأيامُ وهْي عَوابِسٌ / حَتَّى بدا سَمْتٌ بثَغْرٍ أَشْنَبا
وله الممالكُ صَفَّقت طرَباً وَقَدْ / حلفتْ لغير جلالهِ لن تَرْغَبا
موت بِهَا حِقبُ الزمانِ مَصونةً / فافْتضَّها بِكراً فعادتْ ثَيِّبا
واليومَ أضحتْ خُطةً مَا كلُّ من / رام المَعالي مثلَها أنْ يطلُبا
يا أَيُّهَا الملكُ الَّذِي بَهَر المَلا / بكمالك الدنيا تعالتْ مَنْصِبا
وبك المعالي أشرقتْ وتَرنَّمت / ورْقُ المكارِم بهجةً وتَطرُّبا
فضحتْ خِلالُكَ كلَّ ماضٍ فِي العُلَى / أَوَ من سعى لمثالِها أن يخطِبا
لَوْ كَانَ خُلْقُكَ فِي البحارِ اعْذَوْذَبتْ / أَوْ كَانَ فِي قفرٍ لَسال وأَعْشَبا
أغنتْ يداك بني الزمانِ ومثلَهم / فنَداك يُمطر مُخصِباً أَوْ مُجْدِبا
قتلتْ مَهابتُك العِدى وتَكفّلت / رَهَبُوتُ بأسِك للعَوالي والظُّبَا
فصِلات فَضلِكَ للعدو قَواتلٌ / أتكون ذي الرَّحَموتِ سمّاً مُعْطِبا
قَدْ جَرَّدتْك يدُ الزمان مُهنَّداً / لَوْ جَردتْه عَلَى الزمانِ لما نَبا
يا من عذَبْتِ بِهِ مَواردنا ومن / أضحتْ بِهِ الدنيا رَبِيعاً مُخْصِبا
سَمّاك ربك فَيْصلاً أَوَ مَا ترى / للسكونِ أصبحتَ المليكَ الأَغْلَبا
وأبوك تُركيّ الَّذِي تَرك الوَرى / خَدَماَ لَهُ بالسيفِ قَهْراً والحِبا
وسعيدُ نادرةُ الزمانِ بجِدِّه / وبجَدِّه عدنانِ ساد ويَعْرُبا
أَشْبالُ سلطانِ الهُمام بأحمدٍ / ذلتْ لديه الكائناتُ تَأَدُّبا
هَذَا الَّذِي تقف المكارم عنده / وباسمه يدعو المنيب تقربا
وُلِدوا عَلَى عرشِ السيادة وانْتَشَوا / بأربكة الملكوتِ ابناً أَوْ أبا
يَتناوبون عَلَى الخلافة سيداً / عن سيد حَتَّى اصطفَتْك الأَبْحَبا
ألقتْ إِلَيْكَ زِمامَها واستسلمتْ / لما رَأَتْكَ لَهَا الكَفيلَ الأَوْجَبا
الطيِّبُ ابنُ الطيبين وَلَمْ تجد / من طيبٍ إِلاَّ كريماً طيبا
فإليك يَا ابن الأَكْرمين ركائبي / تَخْدو وتقطع فِي سُراها السَّبسبا
جاءتْك تُرزِم بالحَنين تَشوُّقاً / لما استطابتْ فِي حِماكَ المَسْرَبا
أَوْ ليْتَني نِعَماً تكاد لوُسْعِها / فِيهَا تَبين الشمسُ حَتَّى تغْرُبا
لو كَانَ مَا فِي الأرض من قلمٍ جَرى / مِعْشارَ مَا أوليتَني لن يَكْتُبا
جودٌ تَدفّق بالبَسيطَةِ فارتوتْ / فَضَح السحائبَ موجُه أن تَسْكُبا
فلأنت روحٌ والعوالم هيكلٌ / أُودعتَ سِراً فِي الوجود مُحجَّبا
كَلّت يداي وضاق وُسْعُ قَريحتي / ولسانُ حالي عن لساني أَعْرَبا
لم أَذمُمِ الشعراءِ فِي فَلتاتِهم / بَهرت محاسُنك الفَصيح المُعْرِبا
فالعجز أعذَر للفتى وأَبَرُّ من / طلبِ المديحِ إذَا تَلعثَم أَوْ كَبا
لولا عظيمُ العَفْوِ يَسْتُر ذِلَّتِي / مَا كنتُ مِنْ بيْن العبيدِ مُقرَّبا
فكمالُ مجدِكَ كَلَّ عن إدراكه / وَصْفِي فَأَضْحى عن مديحي أَغْرَبا
الصبرُ أَجملُ والتَّجمُّل أَنْسَبُ
الصبرُ أَجملُ والتَّجمُّل أَنْسَبُ / والصمتُ عن كُنْزِ اللّجاجةِ أَصْوَبُ
وبحدِّ عزمِك فاحتملْ مَضَض الجَفا / إن كَانَ خِلُّكَ عن وِصالك يَرْغب
واسلِمْ لحكمٍ يرتضيه فإنما / حكمُ الأحبةِ للنفوسِ محبَّب
واصبِر عَلَى مَا حمَّلتْك يدُ النَّوى / واطلب من الأيام مَا هي تطلب
واقنَعْ بما يأتي الزمانُ فإنه / زمنٌ كقلبِ المرءِ قَدْ يتقلَّب
وإذا الحبيبُ سَقاك كأس صدودِه / فامزُجْه صبراً علَّ كأسَك يَعْذُبُ
وعلى سبيلِ رِضى الأَحبّة فاسْتَقِم / لَوْ عن وصالك أَعْرَضوا وتَجنَّبُوا
فَلَرُبَّ سانحةٍ تمر عَشيَّةً / ولعل رَبْعَك بعد جَدْبِك يُخصِبُ
إن المحبَّ وإنْ تباعدَ ساعةً / فَلَرُبَّما بعد التباعدِ يقرُب
إنْ لَمْ يكن بالصبر أَغْتَبِقُ الجَفا / فبِأَيِّ كاسٍ من هواكم أشرب
فالشوقُ يجذب زَفْرتي فأردُّها / خوفَ الرقيبِ لزفرتي يَترقَّب
ولَرُبَّ يومٍ قادني شوقي إِلَى / عَتْب الحبيبِ فلا أراني أعتِبُ
فأرى المُحالَ تَغَيُّري فِي الودِّ إذ / طبعُ المَحبةِ للمودة يجذِب
لولا التجاذبُ فِي الطبيعةِ لَمْ يقم / كَوْنٌ وأحكامُ الطبيعةِ تعلبُ
ما للهوى يَسْطُو بعَضْبٍ لَهْذمٍ / ولمهجتي بدمِ الصَّبابةِ تُخضَب
يا عاذلي والعذلُ مَجْلَبة الضَّنَى / إن الجفا بعد التواصُلِ يَصْعُب
لو كنت تَدرِي مَا حملتُ من الهوى / لَعلمتَ أن الحب أَمرٌ مُتعِبُ
لو نارُ وَجْدِي بالبحارِ لأَصبحتْ / غَوْراً وماءُ صبابتي لا يَنْضَب
يا مُتْلِفِي بالهجرِ حَسْبُك ذا الجَفا / فالحبُّ يقتل والتَّجافِي يَسلُب
عَجَباً لقلبٍ لا يرِقُّ وإنه / أَقْسَى من الصخرِ الأصَمِّ وأَصْلَبُ
إن الغرامَ إذَا تَحَكَّم فِي الفتى / فهو البَلا إنْ لَمْ يجد كل يطلبُ
أَتكلَّف السُّلوانَ وهو يَعُزُّنِي / إن السلوَّ عن الأحبة يَعْزُب
للهِ من زمنٍ حكمتَ ببَيْنِنا / مَا أنت إِلاَّ للفراق مُسبِّب
لا زلتَ مُغْرىً بالتَّشتُّتِ والقِلى / فِي كل يومٍ للعجائبِ تَجْلِب
إنَّ الزمانَ أبٌ لكل عجيبةٍ / تأتي وَمَا تَلِد الليالي أعجَب
أَيْنَ الفرارُ من الزمانِ وأهلِه / فجميعُهم شَرَك المَكائِدِ يَنْصِب
لا تأمَنَنَّ من الزمانِ فإنه / لا يأمنُ الدهرَ الخئونَ مجرِّب
ما هَذِهِ الأيامُ إِلاَّ عِبْرَةٌ / حارَ اللبيبُ لها وضاق المَذْهَب
لم يبقَ لي وَزَرُ أَلوذُ بِهِ سوى / كَنَفِ الخليفةِ مَنْ إِلَيْهِ المَهْرَب
ملكٌ يجير من الزمانِ وأهلِه / من كل مَا يَخْشَى ويَرْهَب
فإليه يُلجَأُ فِي المَخاوِف كلِّها / وإِليه فِي كل المَكارِم يُرْغَب
سِرٌّ بَدَتْه ضمائرٌ قدسيّة / وَنَمَتْهُ شُوسٌ للخلافة تُنْدَب
فهمُ نجومٌ للهُداةِ وللعُلى / وهمُ رُجومٌ للطُّغاةِ وأَشْهُب
من آلِ أحمدَ سادةٌ عربيةٌ / بزغتْ شموسُهُمُ فزال الغَيْهَبُ
لازالتِ العَلياءُ فيهم دُولةً / مَا دار فِي أُفْقِ المَجرَّةِ كوكب
يَتَابعون أئمةً قَدْ يَهتدِي / بهُداهمُ شرقُ العُلى والمَغْرِب
فَلَك يدور عَلَى البَرِيَّةِ قُطْبُه / مَلِك تُدار بِهِ الأمور وتُنْسَب
لَمْ أخشَ نائبةَ الزمانِ وفيصلٌ / بيد الزمانِ عَلَى النوائب يَضْرِب
فبفيصلٍ رسختْ عَلَى أعتابِها / قدمُ للمَالكِ إِذ بِهِ تَتَرَتَّب
فهو الَّذِي سَفَرت كواكبُ مجدِه / وبفضلِه فَوْقَ المنابرِ يُخْطَب
وهو الَّذِي قَدْ عشتُ فِي أكنافِه / ونشأْت فِي نَعْمَائِه أَتقلَّبُ
مُدَّت عَلَى الدنيا سُراْدقُ حلمِه / وبصَفْحَةِ العَليا نَداه يُكتَب
مَا ضامني زمنٌ ولا تَرِبت يدي / مذ صرتُ تَحْتَ وَلائِهِ أَتحسَّب
كم نعمةٍ طَفَحت عليَّ وكم يدٍ / ولكم فضائل لا تُعَدُّ وتُحْسَب
فعليه شُكري مَا حييتُ وإِنْ أَمُتْ / فلسانُ شكرِي بالمدائح يُعرِب
خَلِّ التَّجَهُّمَ والثَّلَبْ
خَلِّ التَّجَهُّمَ والثَّلَبْ / واخشَ المهالكَ والعَطَبْ
أَوَ مَا ترى الأيامَ تَلْ / وِي بالأَعِنَّةِ لَمْ تَهَبْ
لا تركبِ العَشْوَاءَ جه / لاً فالوَبالُ لمن ركب
وتَوَقَّ داهيةَ الليا / لي فالدُّنَا تُبْدِي العَجَب
واعصِ الهوى فالنفسُ تأ / مر بالفواحشِ والرِّيَب
واحذر مُطاولة الملو / ك ولا تُغالب من غَلَبْ
وارفُقْ فديتك لا تسا / وي بالأُنوفِ مع الذّنَب
فالمرءُ يدَّخر الجمي / لَ وخيرُ مَا كُنِزَ الأدب
شُغْلُ الفتى بعيوبه / يَكْفيه عن عيبٍ كَثَب
من بات يحفظ نفسَه / عن سبِّ قومٍ لَمْ يُسَبّْ
جُرح اللسانِ ووَقْعُه / أَمْضَى من السيف العَضَي
لا غَرْوَ أن حَسَدَ الأَسافِ / لُ من تَعالَى فِي الرُّيَب
إن الفتى بالفضل يُح / سَد لا بإنشاءِ الكذب
لما تخيّل للعِدى / نيلُ العُلى قالوا نَثِب
لم يحسَبوا أن الظنو / ن خيالُ وهمٍ لَمْ يُصِب
شاموا بروقَ المجدِ فِي / أَفلاكِها تَحْتَ السُّحُب
قالوا السماءُ مَنالُها / منا نراه قَدْ قرُب
يَتخبَّطون بجهلهم / مثلَ الفَراشِ عَلَى الشُّهب
فاعجَبْ لمن لا يرعوي / عن جهله أَفلاَ يَتُب
قَدْ شاهد الأمرَ المَهُو / ل بمسْكَدٍ لما وَثَب
فتجمعوا يتسللو / ن من السَّباسِب والحَدَب
فَغَدَوا فَرائسَ للذئا / بِ وللكلاب وللَّهَب
فكذاك عاقبةُ المغرْ / رِرِ نفسَه مهما طلَب
قل للذي شَمِت الكرا / مَ فما عَلَى أعمى عَتَب
قَدْ يَشْرَق الظمآن بال / ماءِ الزُّلالِ إِذَا شرِب
يهفو الكريمُ وتارةً / يَكْبو الجوادُ عَلَى الرُّكَب
وإِذا اختفى ضوءُ الصبا / حِ عَلَى الضَّريرِ هو السبب
طلب السِّياحة جارُنا / فله الحِمى حَتَّى يَؤُب
لا زالت الأشرافُ تك / رم ضيفَها أَنَّى ذهَب
لما تَذمَّر قاصداً / منا الخفيرُ لَهُ وَجَب
فمضى يُقطِّعُ آمناً / صَحراً الفَدافِد والهِضَب
قامت عَلَيْهِ عصابةٌ / لا يعرِفون سوى العُشُب
لا يَألفون سوى الكهو / ف إِذَا الغزالةُ تلتهب
لا يفقَهون من الكلا / مِ سوى الغُراب إِذَا نَعَب
لا يأكلون سوى الضُّبوب / من السُّروب أَوْ الحَلَب
أعرابُ باديةٍ جُفا / ةٌ صُنْعُهم حملُ الحَطَب
قَدْ عرقلوهُ عن المسا / عي والسُّرَى وعن الخَبَب
فأتى الصَّريخُ بمَسْكَدٍ / يا للحِفاظِ وللعَرَب
أبفيصلٍ تَهْدى الرّعا / ع شماتةً يا للحَرَب
أبفيصلٍ تُغرى الخدا / ئع والمكائد بالنَّشبِ
أبفيصلٍ يُبدى اللس / ان بَذاءَةً يَا للعَجب
يَا للكرام أتتْكمُ / شُمُّ المَعاطِس والحَسَب
لو نودِبوا بالعالم ال / عُلْوِيِّ منهم لاحْتَجَب
من ذَبَّ عن أعراضِهم / فهو الحَرِيُّ بيا النَّسب
سَلمانُ منا يَا أولِي / بيتِ النبوةِ يُحْتَسَبْ
قَدْ طُهِّرت أَبدانُهم / من كل رِجْسٍ أَوْ وَصَب
يَتعاقَبون عَلَى الخلا / فة سادةً بَيْنَ العرَبْ
فهمُ همُ أبناء سُل / طانَ الغَطارِفةِ النُّجُب
لا يرجِعون إِذَا دُعُوا / عند النِّزَال عَلَى العَقِب
أَوْ يورَدون حياضَ موتٍ / بالمَنايا يُنْتَهَب
قام الخليفةُ بَيْنَنا / لَمَّ الكتائِبَ وانْتَدَب
فأنى يُشمِّر ساعِداً / حامي الحَقيقة بالقُضب
فكأنه ملِك الصَّواعقِ / قَدْ تَقَنَّع بالغَضَب
فتَيمَّم البحرَ الخضَمْ / مَ وَلَمْ يُنَهْنِههْ الرَّهَب
فغدتْ عيونُ القوم شا / خصةً إِلَيْهِ مُذ وَثَب
ركب السفينةَ فاستطا / رَ لهيبُها لما استنب
فتَزعزعتْ وتمايلتْ / وغدت تَميسُ من الطَّرَب
بَحرِي رُخاءً كالريا / حِ كَأَنَّها بَرقٌ خَلَب
فجرى النُّضار بِهَا ومَدْ / دَ البحرُ كَفّاً قَدْ تَرِب
لما رأى كفَّ الإما / م تَمُدُّ بحراً من ذهب
ألقَى المتاعَ تكرُّماً / منه عَلَيْهِ إذ طَلب
ليثُ العرينِ بكفِّه / غيثُ السَّماحةِ يَنْسكِب
لم يُبقِ منهُ الجودُ إل / لاَ ماءَ وجه لَمْ يَشِب
وَهَب الإلَهُ لَهُ الخلا / فةَ مُنعِماً لما وَهَب
اللهُ أعلَمُ حَيْثُ يج / عل أمرَه لَمْ يضطرِب
قَدْ أفلح المأمون حَقْ / قاً إِذ بفيصلَ يَحْتَسِب
من ذا يُخاصم فيصلاً / إن المخاصِمَ مقتَضَب
من ذا يُعاند فيصلاً / إن المعانِد فِي نَصَب
فأتى إِلَى صورٍ لكي / يحمي النزيلَ المُغْتَرِب
فتقلقلت فكأنها / قلبُ العدو إِذَا وَجَب
فأتى الرعيةُ مذعني / نَ بكل وادٍ أَوْ سَهَب
والخيلُ تُعلن بالصَّهي / ل إِذ المَدافع تَنْتَحِب
والقنصل المخفورُ يم / شي بَيْنَنا لَمْ يحتجِب
فكأنه عَلَم عَلَى / روس الرجالِ قَدْ انْتَصب
قَرَّ المَليكُ بحِصْنِها / وإِذَا القبائل تجتلِب
فكأنها شُهْب تَقاذَف / أَوْ سحاب قَدْ سرب
إِلاَّ أميرَ الشرقِ قَدْ / رام الصوابَ فلم يُصِب
عيسى وأصحابٌ لَهُ / من قابل والمنترب
ركب الخِلافَ جميعُهم / قَدْ فاز من لَمْ يرتكِب
ضَلُّوا كقابض أَسودٍ / بالليل لما يحتطِب
أو من أَراق شرابه / طمع السَّرابِ إِذَا الْتَهب
طُوبَى لعامرَ وابنه / ذَاكَ الكَمِيُّ المُحتَسب
ومشايخ منهم أَتَوا / من آل شمس تنتسب
فهمُ إِذَا مَا لستُصرِخوا / جَرَس الحديد لهم جَلب
يتواثَبون عَلَى المَنونِ / إِذَا المنيةُ تَنْتَشِب
والحمدُ للهِ الَّذِي / كلُّ الثناءِ لَهُ وَجَب
رَدَّ العُداة كَأَنَّهم / حُمُر تفر من الرُّعُب
ساءوا وساء صَنيعُهم باءوا / بسوءِ المُنْقَلَب