المجموع : 3
ظلموك أيّتها الفتاة بجهلهم
ظلموك أيّتها الفتاة بجهلهم / إذ أكرهوك على الزواج بأشْيَبا
طمِعوا بوفر المال منه فأخجلوا / بفضول هاتيك المطامع أشعبا
أفكوكب نَحْس يُقارن في الورى / من سعد أخبية الغواني كوكبا
فإذا رفَضْتِ فما عليك برفضه / عارٌ وأن هاج الوليّ وأغضبا
أن الكريمة في الزواج لحُرّةٌ / والحرّ يأبى أن يعيش مذبذبا
قلب الفتاة أجلّ من أن يُشترَى / بالمال لكن بالمحبّة ُيجتَبَي
أتُباع أفئدة النساء كأنها / بعض المتاع وهنّ في عهد الصبا
هذا لعمر اللّه يأبى مثله / مَن عاش ذا شرفٍ وكان مُهَذَّبا
بيت الزواج إذا بَنَوْه مجدّداً / بالمال لا بالحبّ عاد ُمخرَّبا
يا مَن يساوِم في المُهُور ُمغالياً / ويميل في أمر الزواج إلى الحبا
أقصِر فكم من حرّة مذ اُنزلت / في منزل الرجل الغني بها نبا
أن الزواج محبّةٌ فإذا جرى / بسوى المحبّة كان شيئاً متعبا
لا مهر للحسناء إلا حبُّها / فبحبّها كان القران ُمحَبَّبا
خير النساء أقلّها لخطيبها / مهراً وأكثرها إليه تحبُّبا
وإذا الزواج جرى بغير تعارف / وتحابب فالخير أن نترهّبا
هو عندنا َرميُ الشِباك بلُجَّةٍ / أتُصيب أخبَثَ أم تصادف أطيبا
أو مثل محتطب بليل دامس / أيَدوس أفعى أم يلامس عقربا
ولقومنا في الشرق حال كلما / زدت أفتكاراً فيه زدت تعجُّبا
تركوا النساء بحالة يرثى لها / وقضَوْا عليها بالحجاب تعصُّبا
قل للاُلى ضربوا الحجاب على النسا / أفتعلمون بما جرى تحت العبا
شرف المليحة أن تكون أديبةً / وحجابها في الناس أن تتهذّبا
والوجه أن كان الحياء نقابه / أغنى فتاة الحيّ أن تتنَقّبا
واللؤم أجمع أن تكون نساؤنا / مثل النعاج وأن نكون الأذْؤبا
هل يعلم الشرقيّ أن حياته / تعلو إذا ربّى البنات وهذّبا
وقضى لها بالحق دون تحكُّم / فيها وعلّمها العلوم وأدّبا
فالشرق ليس بناهض إلا إذا / أدنى النساء من الرجال وقَرّبا
فإذا أدّعَيت تقدماً لرجاله / جاء التأخُّر في النساء مُكَذِّبا
من أين يَنهض قائماً مَن نصفه / يشكو السقام بفالِج ُمتَوَصِّبا
كيف البقاء له بغير تناسبٍ / والدهر خصّص بالبقاء الأنسبا
والشعر ليس بنافع أنشاده / حتى يكون عن الحقيقة معربا
تلك الحقيقة للرجال أزفّها / ولها اُقيم من القوافي مَوْكبا
سر في حياتك سير نابه
سر في حياتك سير نابه / ولُم الزمان ولا تُحابه
وإذا حللتَ بموطنٍ / فاجعل محلّك في هضابه
واختر لنفسك منزلاً / تهفو النجوم على قِبابه
ورُم العَلاء مخاطراً / فيما تحاول من لُبابه
فالمجد ليس يناله / إلا المخاطر في طِلابه
وإذا يخاطبك اللئي / مُ فصُمَّ سمعك عن خطابه
وإذا انبرى لك شاتماً / فاربأ بنفسك عن جوابه
فالروض ليس يَضيره / ما قد يطنطن من ذبابه
ولَرُبّ ذئب قد أتا / ك من ابن آدم في اهابه
ما امتاز قطّ عن ابن آ / وى شخصه بسوى ثيابه
وإذا ظفرت بذى الوفا / ء فحُطّ رحلك في رحابه
فأخوك مَن إن غاب عَنْ / ك رعى وِدادك في غيابه
وإذا أصابك ما يَسُو / ءُ مُصابك من مصابه
وتراه يَيْجَح إن شكو / ت كأنّ ما بك بعض مابه
يا قوم هَرِم الزما / ن من التمادي في انقلابه
فلذاك عند الهاجرا / ت يَسيل شيء من لعابه
ما زال من خَرَف به / للناس يهذر في كذابه
يأتي بكل عجيبة / تدعو اللبيب إلى ارتيابه
والناس في عطش تسي / رُ إلى ارتواء من سرابه
فمتى يجود لنا الزما / ن ولو بَمْذقٍ من وطابه
وإلى متى هو ساتر / وجه الحقيقة في ضَبابه
يتلو بصَرف الحادثا / ت لنا فصولاً من كتابه
كم يدّعي وطنيةً / من لم تكن مرّت ببابه
فتراه يَنفَح لاغياً / فيها وينفُخ في جِرابه
ليكون مكتسباً بها / مالاً تهالك في اكتسابه
فكأنما هو صائد / وكأنما هي من كلابه
وتراه يرمي المخلصي / ن بكل سهم من جِعابه
ويَعيب قوماً بالخيا / نة والخيانة بعض عابه
لا بدّ للوطن العزي / ز من المستكّن لاضطرابه
من مجلس للشعب ين / ظر بالتأمّل في مآبه
وينوب عن أبناّئه / إن صادقوه على منابه
حتّى ترى أمر البلا / د به يعود إلى نصابه
أبهت حكومتنا لهِ / والشعب ليس له بآبه
أترى الحكومة تبتغي / ه ونحن نعرض عن طلابه
هذا لعمر أبيك ما / يدعو الحليم إلى انتحابه
هلا يقول القاعدو / ن مسارعين إلى انتخابه
كي ينقذ الوطن الذي / صرف الومان له بنابه
وغدا يهدد بالبوا / ر بنيه بورٌ في ترابه
إن لم يكن تكونوا مدركي / ه فلا محالة من خرابه
آب المسافرُ للديا / ر على اضطرار في إيابه
لو كان يَجْمح للإيا / ب لما تعجّل في ذهابه
قد كان يمرح في التغرُّ / ب بالحفاوة من صِحابه
لا تَعَجبنّ لخامل / لبِس النباهة في اغترابه
فالسيف أحسن ما يكو / ن إذا تجرّد من قِرابه
أما العراق فإن لي / كل الرجاء بأُسد غابه
ينجاب يأسي بالرجا / ء إذا نظرتُ إلى شبابه
من كل من هو في ظلام الل / يل أضوأ من شهابه
لمع الذكاء بوجهه / كالبرق يلمع في سحابه
يا من زكت أحسابهم / فأتوا بأخلاق نوابه
ووجوههم بالنَيِّرا / ت من النجوم لها مَشابه
إني لأشكر فضلكم / شكر المُثاب على ثوابه
كالروض يشكر وابلاً / حيّا الأزاهر بانسكابه
من جور مصر على العروبة أنها
من جور مصر على العروبة أنها / تتعمّد التمصير في آدابها
وتحيد عن آداب كلّ قبيلة / لم تنتحلها مصر في أنسابها
فترى بمصر تعصباً لأديبها / متحكّم النزغات في أعصابها
فأذكر أولي الآداب من غير الألى / في مصر يغضب منك أهل جنابها
وأشد بَمن في غير مصر منّوهاً / ما أن ترى فيها لقولك آبها
تحفى بمنشدها القريب وتدّعي / أن لن يكون له البعيد مشابها
فالشاعر المصري فيها فاضل / وسواه مفضول وأن يك نابها
وكأنما أمست مواهب ربّنا / مقصورة فيها على كتّابها
هذا لعمر اللَّه جور عدّه / من فرط ضلّتها اولو ألبابها
آداب كل معاشر كعلومهم / جلّت عن الأوطان في استنسابها
للعلم والآداب في كل الورى / دار محرّمة أجافة بابها
من أين كانت مصر في أقباطها / كمواطن الأعراب في أعرابها
أبت الجزيرة أن يفوق هزارها / صرد زقى في مصر زَقيَ غرابها