المجموع : 12
لو ذُقْتَ حين عَتَبتَ أَيْسرَ حُبِّه
لو ذُقْتَ حين عَتَبتَ أَيْسرَ حُبِّه / لَعلِمتَ حُلْوَ غرامِه من صابِه
ومن البليةِ أنْ يلومَ أخا الهوى / مَن ليس يعلمُ سهلَه من صَعْبِه
ما أنت منه إذا تَطاولَ ليلُه / قَلَقا ولَجَّتْ مُقْلَتاه بِشُهْبِه
وثمِلت من كأس الهوى ويدُ الهوى / تسقى جوارحَه بميَسم كَرْبِه
أنا بعضُ من سَبَتِ اللِّحاظُ فؤادَه / فسَرَى ولم يَحْفِل بلأمِة حَرْبه
يا ساكني مصرٍ أمَا من رحمةٍ / لمتيَّمٍ ذهبَ الغرامُ بلُبِّه
أمِن المروءةِ أن يزورَ بلادكم / مثلى ويرجعَ مُعْدِما من قلبه
بي منكمُ خَنِثُ الجفون يَشوبُها / خَفَرٌ أَقام قيامَة المُتَنبِّه
ماء يموجُ به النعيم لطافةً / لولا غِلالتُه لفُزْتُ بشُرْبه
يبدو فتستحلى العيونُ مَذاقَه / نَظَرا وتحترق القلوب بحبه
صَلِف تَوقَّفت المطامعُ دونَه / فالشمسُ أيسرُ مَطْلَبا من قُربْه
مَنْ راحِمٌ من عاصِمٌ من حاكِم / فيه فيُنصِفَ ذِلَّتي من عُجْبه
ولقد عزمتُ على السلوِّ مصمِّما / فإذا الجوانحُ كلها من حِزْبِه
وإذا هَواهُ أحاط بي فكأنني / فيه على التحريرِ نُقْطةُ قُطبِه
يا مَنْ يغطِّى شَيْبَه
يا مَنْ يغطِّى شَيْبَه / بُمحالِ تَزْويرِ الخِضابْ
ويظنُّ أن الناس عن / إدراكِ ذلك في حِجابْ
إن كان فِقْدانُ الشبا / ب من المُصيبات الصِّعاب
فزَوالُ عقِلك بالجنو / ن أشدُّ من عُدْم الشباب
ما أَغدرَ الدنيا وليس لغَدْرِها
ما أَغدرَ الدنيا وليس لغَدْرِها / أَثَرٌ يُقصِّر من لَجاجِة طالبِ
شَمْطاءُ تقتل بَعْلَها وفِعالها / مما يَزيد بها غَرامَ الخاطِب
أَقْصاهُ جَوْرُ البَيْنِ عن أحبابِهِ
أَقْصاهُ جَوْرُ البَيْنِ عن أحبابِهِ / وزَمانِه وبلادِه وشَبابِه
فبكى وما يغنى البكاء وإنما / هي روحه تَنْهلُّ في تسْكابِه
إن كان دمعُ العينِ راحةَ غيرِه / فدموعُه سببٌ لفَرْط غذابِه
دمعٌ كَواه لأن نارَ جَنانِه / سَبكتْه والعَبراتُ بعضُ مُذابه
يا هل إلى الأِسكندريةِ أَوْبَةٌ / فيُسَرّ قبلَ مَماتِه بإيابه
فَيرى مكان شَبابِه ونِصابه / وحُبَابه وصِحابه وعُبابه
حيثُ النسيمُ الساحليُّ يَزوره / ونَدى رياضِ الرمل عِطْرُ ثيابِه
وَشَفت ثَنايا الثَّغر أفواه الصَّبا / أُصُلا وَبرَّدها الندى برضابه
حتى يَشُقَّ شَقيقه أكمامَه / والأُقْحوانُ يَحُطُّ ثِنْى نِقابه
ويُجمِّش الرَّيحانَ راحُ رياحِه / فيَشُوقُ منه ما يُحدِّثُنا به
نِعْمَ المَحلُّ ونعم مُرْتَبَعٌ به / يَجْلُو جَنانَ الصَّبِّ من أَوْصابه
أَسَفي على ذاك الزمانِ لَوَ أَنّه / بالصَّخرِ فَتَّتَ منه صُمَّ صِلابه
يا ليتَني أَحْظى بشَمِّ نسيمِه / وبديعِ منظره وَلَثْم تُرابه
ويُعِلُّني ذاك الخليجُ بشَرْبةٍ / سِيما إذا انْتَسَجتْ دُروعُ حَبابه
وصَفا وراق وعاد مَدُّ زُلالِه / كالسيف جُرِّد من خِلال قِرابه
فكأنَّه والريحُ تَنْقُش مَتْنَه / حِرْزٌ عليه يُدَقُّ خَطُّ كِتابه
كالمِبْرد المنقوش نَقْشاً خَفَّفت / آثارَ مَوْقِعه يَدا ضُرَّابه
كضَفيرة الْخَوّاص أَمْكَنه لها / سَعَفٌ ضَفا فأرَقَّ ضَفْرَ لُبابه
حيثُ الغصونُ روَاقِصٌ وَيَمامُها / يَشْدوُ لطيبِ الزَّمْرِ من دُولابه
نَعرت نَواعيرُ المياهِ وأُتْرِعت / تلك التِّراعُ وفُضّ فَيْض عُبابه
حتى تُجرِّد سَيْفَه أَسيافُها / بجداولٍ جُدِّلْن في أعشابه
ياثالثَ القَمريْن حَسْبُك أنني
ياثالثَ القَمريْن حَسْبُك أنني / أصبحتُ ثالث عاذلٍ ورقيبِ
إن كان قد حَجَبوك دونَ زيارتي / فامتُن بطيفٍ ليس بالمحجوب
واللهِ ما آسَى لأعْظمِ فائتٍ / إنْ كنتَ من قِبَلِ الزمان نصيبي
مالي بخِلتُ بكم كبُخلِ زمانِنا / للأَفْضَلِ المُحْيِي الوَرَى بضَريبِ
وسمحتمُ بي معْ صحيحِ مودتي / كسَماحِه للناسِ بالموهوب
ماذا يقول المادحو
ماذا يقول المادحو / نَ وأنت مُخترع الغَرائبْ
أعْجزتَ كلَّ فضيلةٍ / حتى تَعجَّبتِ العَجائب
ووهبتَ أهلَ الأرضِ حَ / تى لم تجدْ في الخلقِ طالب
وفَضَحتَ فضلَ السابِقي / ن فصار مَدْحهمُ مَثالب
فُقْتَ الكواكبَ ضِعْف ما / فاقت على الأرضِ الكواكب
فنِهاية العَلْياءِ أنْ / زلُ ما علوتَ منَ المَراتب
وإذا أَشرتَ بعَزْمةٍ / ضاقتْ على الدهرِ المذَاهب
وإذا دَنوتَ من الوَغَى / فالموتُ أَجْزعُ من تُحارب
وإذا الملوكُ تَفاخرَتْ / برفيع أَقْدارِ المَناصب
فلِعَبْدِ عبدِكَ فيهمُ / فَخْرُ الأسودِ على الثعالب
قالوا مَحَا الجُدريُّ بهجتَه
قالوا مَحَا الجُدريُّ بهجتَه / قَسَما بربِّ مِنىً لقد كَذَبوا
لكنْ صفَتْ صهباءُ وَجْنتِه / لونا فجَمَّلَ صَفْوَها الحبب
رحلوا فلولا أنني
رحلوا فلولا أنني / أرجو الإيابَ قَضَيتُ نَحْبِي
واللهِ ما فارقتُهم / لكنني فارقتُ قلبي
جاء الرسولُ لعَبْدِه بكِتابِه
جاء الرسولُ لعَبْدِه بكِتابِه / فيه لطائفُ لَوْمِه وعِتابِهِ
فقرأتُ مُودَعه ففَتَّح لفظُه / معنىً كزَهْرِ الروضِ غِبَّ سَحابه
أقسمتُ لو أخفَى الرسولُ مكانَه / لَسَرىَ النسيمُ بعَرْفِه فوَشَى به
الروض في قِرْطاسه والمِسْك في / أنفاسه والسِّحْر في آدابه
كالأمنِ للملهوف من أعدائه / والوَصْلِ للمهجور من أحبابه
كالنوم بين جفون من فقد الكرى / سَهَرا لما يلقاه من أَوْصابه
لَفْظٌ لو اجتمع الخَليقةُ كلُّها / في واحدٍ أَعْياه ردُّ جَوابه
لو مَرَّ بالكِنْدِىِّ أَيْسَرُ لفظةٍ / من شِعْره لَثم التراب ببابه
مَنْ ذا يُجارِى البحرَ في تياره / مَن ذا يزور اللَّيْثَ داخلَ غابه
جُرمْى أقلُّ وإنْ تَعاظَمَ كَثْرةً / من أن يُغيِّر سيدي عن دابِه
يا سادةً حازُوا المَنا
يا سادةً حازُوا المَنا / صبْ والمَراتب والمَناقبْ
وتَحصَّنوا بالمكرما / تِ من المَعايب والمَثالب
فاقوا البريةَ مثلما / فاقت على التُّرْبِ الكواكب
لا تحسبوا أني جهل / تُ الحكم في سُنن الجذائب
فلها شروطٌ كلُّ شر / طٍ شائع في الناس دائب
طورا تكون بسكّرٍ / في اللوز تحت الدهن راسب
زهراءُ قد ستر الزجا / ج شعاعها من كل جانب
والطيبُ يُفشِى سِرَّها / بين الأباعد والأقارب
والرتبة الوسطى يٌقَدِّ / مها تَبابعةٌ وحاجب
مثل الخروف وجامة ال / حلواء تأتي في العواقب
ولربما جاءَت بجَدْ / يٍ أو بجنبٍ عنه نائب
وأقلَّ ما تأتي إذا / حضرتْ بعصيانٍ أطايب
إلا جذابتَنا فقد / جاءت مخالفةَ المذاهب
لم نتخذ في وقتها / شيئاً سوى الأُشْنان صاحب
فكُلوا فليس بحازمٍ / من باع موجودا بغائب
فلنا حديث باطن / لم تعلموه من الغرائب
مولاىَ قد وَصَلَ الكتابْ
مولاىَ قد وَصَلَ الكتابْ / كالرَّوض دَبَّجه السَّحابْ
كالعز وافَقه الغنى / والحسن وافقه الشباب
يُنبِي عنِ الودّ الذي / لا يَسْتحيل ولا يُشاب
وحلاوةِ العَتْب الذي / تحكي حلاوته الرضاب
عتبٌ يحث على الذنو / ب لكي يكون له إياب
مَلَك القلوب فما لها / عن سحر موقعه حجاب
وَصَل الكتابُ فكان موقعُ قُرْبِه
وَصَل الكتابُ فكان موقعُ قُرْبِه / مني مواقعَ أَوْجُهِ الأحبابِ
فكأنه أهدى أَجلَّ مآربي / حتى لقاءَك ثم عصرَ شبابي
وقرأتُه وفهمتُ ما فيه فيا / لله ما يَحْوِيهِ من آداب
فجزالةُ العلماءِ في أثنائه / ممزوجةٌ بحلاوةِ الكتّاب