القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : شَرف الدّين الحِلّي الكل
المجموع : 3
لمن الأسود عرينها أَشِبُ
لمن الأسود عرينها أَشِبُ / تحت البنود تظلها العُذُب
ولمن خيام لا تشد لها / بسوى أنابيب القنا طُنُب
حيث الصقور تقل أسد شرى / غلب الطُّلى عاداتها الغَلب
لا غرو تستخفي البدور إذا / رفعت لنا من دونه الحُجُب
للظاهر الغازي الذي شرفت / بزمانه الأزمان والحقب
يبدو فتطرق من مهابته / فكأنما هو عنك محتجب
فإذا تَجَلَّى نور طلعته / فاسجد لعلك منه تقترب
فَلَثَمَّ سِرِّ الله طاعته / نزلت بها الآيات والكتب
وثم ظل الله مفزعنا / في النائبات إليه والهرب
جَبَل القلوب على محبته / فبطبعهن إليه تنجذب
فلزومها أسباب طاعته / بين الإلَه وبينه سبب
فالفوز والزلفى لقاصده / ولحاسديه الويل والحَرَب
عجبي لذُبَّله وقد سقيت / ماء الطُّلى ومتونها سُلُب
ولبيضه وهي الذكور وما / برحت تحيض دماً وتختضب
عشقت رقاب عداته فوشى / بجسومها سقم هو السطب
فإذا جرى ذكر الوصال لها / كادت من الأغماد تنسكب
تبكي وتشكو حر لوعتها / فيجول فيها الماء واللهب
ما زال كل من مخافته / يمشي وحشو فؤاده الرعُب
حتى حسبت الريح خافقة / في الجو خوف سطاه تضطرب
ملك ثنا أفضاله حرم / حجت إليه العُجم والعرب
يستمطرون سناء نائله / فيجودهم منها حيا سكب
وفدوا ولو وجدوا لفاقتهم / شوك القتاد جنوه واحتطوا
ورجوا وأقصى سؤلهم دَعَة / ما بعدها نص ولا نصب
ومضوا وأدنى ما أفيض لهم / من راحتيه فوق ما حسبوا
بخلت وقد سمحت أنامله / منها البحار وغارت السحب
فوشى بِتِلْكَ الهيج حاسده / لما استمر بجهده الصخب
ولكم رحى حرب بعزمته / دارت وصارمه لها قُطب
إِن قوتلوا قَتَلوا وإن سئلوا / بذلوا وإن هم غولبوا غَلَبوا
أُسْدٌ ولكن ما لهم أَجَم / إلا الصوارم والقنا الأَشِب
تتفجر الأرزاق إن نزلوا / وتزلزل الآفاق إن ركبوا
في جحفل لجب لخشيته / في كل أرض جحفل لجب
يختال في غاباته أسدٌ / سَلَبَ الأسود وماله سلبوا
ذا الملك واضحة أدلته / لا ما روى قوم وما كتبوا
أعلى مبانيه أخو همم / ما فوق رتبة مجدها رتب
تكبو الدوائر دون مركزه / وتحط عن شهبائه الشهب
ولقد أقول لآمل وخدت / برجائه المهرية النجب
قطعته ظهر الفلا همم / جد السرى في جنبها لعب
لا يستقر قراره ثقة / إن الغنى بالسعي يكتسب
ضيعت نفسك والمطي وما / أغناك نشدانٌ ولا طلب
أبْعدْت مُنْتجِعاً سراب فلاً / والبحر دونك ورده كثب
أسوى ابن يوسف تبتغي ملكاً / يؤويك حين تنوبك النوب
شِمْ بالخيام بروق أنعمه / لا أَوحشت من نوئها حلب
ملك بشد الملك قام وما / حلت تمائمه ولا السخب
برواقه الممدود مشتمل / بتاجه المعقود معتصب
يا أيها الملك الذي عجزت / عن وصفه الأشعار والخطب
خذ في الذي تهوي ودع نفراً / صدق الأماني عندهم كذب
فلقد أَرَحْتَ ولم تعد يدا / قوماً بهم يستحسن التعب
فيقين فكرك لا يخالطه / فكر ولا تعتاده ريب
فالنصر مُرْتقِبٌ بحيث متى / ناديته والأمر مرتقب
لله حلمك أيما جبل / ما قيل يوماً هزه الغضب
أحييت ميت مقاصدي بندىً / لولاه ضم عظامي التُّرَب
وأجرتني والحادثات لها / من خَلْفِيَ التقريب والجنب
فعلام لا أثني عليك كما / أثنى على صوب الحيا العشب
فاسلم لنصرة دولة أبداً / تضفو عليك برودها القشب
أرحِ المَطِيَّ من الوجيف المنصب
أرحِ المَطِيَّ من الوجيف المنصب / في ظل ذا الشرف المنيف المنصب
وأنخ بأطراف الخيام ولا تُرَع / لأسود غابات القنا المتأشب
واهتف بحي على الفلاح إذا بدا / فلق الصباح تجده غير منكب
واغش المقر الظاهري فإنه / كنز الفقير وموطن المتغرب
فالشرب غير مصرد والسرب غير مش / رد والسعي غير مخيب
أَسِمِ المَطِيَّ فليس بعد رياضه / وحياضه من مرتع أو مشرب
وأقم فإن عطل الثرى من حليه / في خصب كل مشرق ومغرب
زر مانحاً في نوبة أو واضحاً / في كربة أو صافحاً عن مذنب
سلطان أهل الله كافي أرضها / كيد الخطوب وسطوة المتقلب
غازي بن يوسف خير من شقت له / جرداء جلباب العجاج الكرب
في حيث تلقى الدهر أعزل ماله / بطش وصارمه كليل المضرب
لو ضاقت الأرض الفضاء بأهلها / رحبت بأهلاً من نداه ومرحب
مبيض وجه الحمد محمر الظُّبا / بالضرب مخضر الجناب المُخْصب
متيقظ العزمات وهو مهوم / متبسم في الحادث المتقطب
يا بن الذي حطم الصليب بحطمة / مُلْد القنا في كل صُلب صُلَّب
من كان غير أبيك حين تناصرت / حمس الفرنج فصدهم عن يثرب
تالله ما كان النبي محمد / يرضى عن الإسلام لو لم يغضب
كم حط في حطين صدق جهاده / من عز كل متوج ومصعب
بر تنقل فيك بعد وفاته / فزكت وراثة طيب عن طيب
فلذاك عز لجار ملكك أن يرى / متخوفاً من حادث مترقب
ظل الفرنج وناك عنهم غاية / يقضى لهم لتسهل المتصعب
فأقمت والرأي المؤيد حائل / وثبتَّ والعزمات ذات توثب
وطفقت تنقض كل أمر أبرموا / فعنت أواخره لأول مضرب
ريعوا لبرق منك حدث ومضه / عن وابل من نوء سخط صيِّب
وَرَأُوا الجبال الشم ليست عصمة / من مد زاخر بحرك المغلولب
فمضوا يجنهم الظلام وما رأوا / من جُنَّة تنجيهم كالغيهب
مسك من الليل البهيم تنفست / بشراه عن كافور صبح أشهب
تركوا الحصون مخافة وكعاطب / من خوف بأسك هارب لم يعطب
وتلفتوا وكأنما قطع الدجى / غشيتهم بغبار هذا الموكب
فأبت مهابتك المعظم صيتها / عن حد كل مثقف ومشطب
فدع الذوابل وادعات والظُّبا / مغمودة واطعن بجدك واضرب
لو تبلغ الشمس المنيرة بعض ما / أوتيت من شرف العلا لم تغرب
فلأجهدن إلى علاك حوادثاً / ألقت بآمال إليك ومطلب
أغربت في رفدي كما أغربت في / حمدي فيا بشرى لسعي تقربي
فإليك محكمة تضوع نشرها / عن حول بصفات مجدك قلب
ثملت بها الألباب فهي سلافة / بسوى ثنائك كأسها لم يقطب
فاسلم لها ولربها ولأمة / تدعو لملكك بالثناء الأطيب
أضحى المحب من الغرام لما به
أضحى المحب من الغرام لما به / وشفاؤه نظر إلى أحبابِه
دنِف له كلفٌ بسكان الحمى / أوصى به ما شاء من أَوْصا بِه
لو شاء من سلب الكرى عن جفنه / وجفاه أهداه إلى أهدابه
ثمل القوام يكاد يقطر خجلة / من صفحتي خديه ماء شبابه
تجني العيون الورد من وجناته / غضّاً إذا ضَرَّجتها بعتابه
ولربّ ليلة موعد لبس الدجى / في جنحها ما طال من جلبابه
نازلتها بالأبلجين جبينه / وسلاف كأس يمينه وحبابه
حتى إذا ما السكر مال بعِطفه / وعرفت أية منة لشرابه
قبلته مترشفاً فعجبت من / شربي بدُر الثغر خمر رضابه
يا حسنها من ليلة كرمت ولو / حكمت على عمري برفع حسابه
ما زلت أصرع بالطّلى ذاك الطلى / في نفعها وأعفُّ عن أثوابه
حتى بدا فلق الصباح كأنه / صفحات موسى عند رفع حجابه
الشاذويّ مناقباً عبقت شذاً / أخفى سواد المسك بين عبابه
ذو مفخر جاز السماء وخيمت / فوق السماء مُطَنَّبات قبابه
دقت حقيقة منتهاه وإنما / هذي النجوم الزهر من أطنابه
لا تدرك الآمال غاية فخرها / إلا إذا حلّت بسفح هضابه
ملك إذا ما لجَّ في إجدائه / أعطى الأمان العام من إجدابه
سل حلمه إن فاض في كرم تَلُذْ / بالطَّوْدِ من آذيِّهِ وعبابه
وحذارِ إن جاشت غوارب يَمِّه / لا تغرقنك ماطرات سحابه
فالدهر مغتبط بدولة ملكه / نشوان ليس يفيق من إعجابه
بالحمر من أسيافه والخضر من / أكنافه والبيض من أنسابه
إنْ جاد فارجُ الغيث من إعطائه / أو جدَّ فاخشَ الليث في إعطابه
يزداد في ليل العجاج جبينه / نوراً إذا ما انجاب عن أنجابه
في حيث يسري النصر تحت ركابه / وكواسر العقبان فوق عِقابه
لا يطمعنك البشر في إغضائه / وحذار ثم حذار من إغضابه
فالغيث أعظم رحمة وأعمها / نفعاً ومنه السيل في إرهابه
ما أطرب الأفلاك في دورانها / لتزاحم الأملاك في أبوابه
دانوا لأبلج عاد ليّ مناقب / يجلو محيا الفخر تحت نقابه
فإذا أقامهم الحجاب أمامه / جعلوا شفيع الاذن لثم قرابه
دع ما يفخم في السماحة حاتماً / لا تخدعنَّك لامعات سرابه
كم بين من يهب الألوف وبين ذي / فقر يدل عليه نبح كلابه
وإذا الدجى أرخى ستور ظلاله / وتهيب السارون شقّ إهابه
عدت مناقبه العفاة وأدلجوا / واستوضحت بالزُّهر من أحسابه
يا ابن السرى هجر الكرى وخدت به / ذات البرى فارتاد نجح طلابه
اسمِ المنى في روض أنعمه تجد / ثمر الغنى عذب الجنى بجنابه
يا من تناحرت الخطوب فردّها / عني ودهري كاشرٌ عن نابه
أنا بعض من خففت ثقل همومه / وأعدت مثقلة ظهور ركابه
سوغتني طعم الحياة ولم أكن / لولاه أعرف شهده من صابه
وأغثتني بعد الغياث فلم يضع / كاسي مناقبكم حلى آدابه
وتداركتني عطفة شاهية / نكس الزمان بها على أعقابه
فلأَمْلأَنَّ الدهر منك قلائداً / تبقى جواهرها على أعقابه
مع أن قد جلت صفاتك واعتلت / عن مدح مختصر وعن إطنابه
فبقيت تحيي بالغنى رمم المنى / يا من أنار سعودها بإيابه

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025