القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : السَّرِي الرَّفّاء الكل
المجموع : 14
ما كفَّ شادِيَهُ اعتراضُ عتابِه
ما كفَّ شادِيَهُ اعتراضُ عتابِه / بل زادَه طرباً إلى أطرابِه
وأرى الصبابةَ إرْبةً لو لم يَشُبْ / يوماً حلاوتَها الفراقُ بصَابِه
هو موقِفٌ برَزتْ بُدورُ خيامهِ / للبَينِ واعترضتْ شموسُ قِبابِه
راحوا بمثلِ الرِّيمِ لولا ما أرى / من وَشْيِه وشُنوفِه وخِضابِه
مُترَدِّدٌ في الجَفْنِ ماءُ شُؤُونِه / متحدِّرٌ في الخَدِّ ماءُ شَبابِه
يهتزُّ غُصْنُ البانِ تحتَ ثيابِه / ويُضئُ بدرُ اللَّيلِ تحتَ نِقابِه
فالحُسْنُ ما يُخْفيهِ من تُفَّاحِه / خَفَراً وما يُبْديه من عُنَّابِه
أَيعودُ أَيَّتُها الخيامُ زمانُنا / أَم لا سبيلَ إليه بعدَ ذَهابِه
أيامَ أدفعُ عتبَه بعِتابِه / عني وأمزُجُ كأسَه برُضابِه
فسقاكِ ساقي المُزْنِ أعذبَ صَوبِه / وحَباكِ مُذْهِبُ غَيمِه بذَهابِه
نزعَ الوُشاةُ لنا بسَهْمِ قطيعَةٍ / تُرمى بسهمِ قطيعةٍ تَرمي بِه
ليتَ الزَّمانَ أصابَ حَبَّ قلوبِهم / بقنا ابنِ عبد الله أو بِحرابِه
بسلاحِ مُعتَلِّ السِّلاحِ وإنما / يعتلُّ بين طِعانِه وضِرابِه
ألوى إذا استلبَ المغاورُ بَزَّه / كانت نفوسُ الصيِّدِ من أسلابِه
ظَلَمَ التليدَ وليس من أعدائِه / وحبا الحسودَ وليس من أحبابِه
فالغيثُ يخجَلُ أن يلِمَّ بأرضِه / والليثُ يَفرَقُ أن يُطيفَ ببابِه
يغشى القِراعَ وينثني وسماتُه / في غَرْبِ مُنصُلِه وفي جِلبابِه
كالليثِ آثارُ اللقاء مُبيَّنَةٌ / في لِبدَتَيْهِ وفي شَبا أنيابِه
عَلِمَتْ ملوكُ الرومِ أنَّ حياتَها / ومماتَها في عَفوِه وعِقابِه
في كلِّ عامٍ غزوةٌ يَقضي بها / أَرَبَ القَنا وينالُ من آرابِه
أوفى فسدَّ شِعابَهم بعَرَمْرَمٍ / يغشى الفضاءَ الرَّحْبَ سَيلُ عُبابِه
كالطَّوْدِ لا تَثْنيهِ عن مُتمنِّعٍ / حتى يَدُقَّ رقابَه برقابِه
تُزْجي المَنُونَ جيادُه مخزومةً / بالحَزمِ أو يُحْدَى الرَّدى بركابِه
حتى تفسَّحَ في مجالسِ قَيصَرٍ / متحكِّماً في تاجِه ونهابِه
اللهُ جرَّدَ من عليٍّ سَيفَه / فحمى وذَبَّ عن الهُدى بذُبابِه
قَوْلِي إذا ضاقت عليَّ مذاهبي / من لي برَحْبِ العيشِ بينَ رِحابِه
فارقتُ مشربَه الذي لا تنطفي / غُلَلُ الحَشا إلا ببَردِ شَرابِه
ودخلتُ أبوابَ الندامةِ بعدَما / عصفَت بيَ الأحداثُ عن أبوابِه
هي زَلَّةُ الرأي التي نَكصَ الغِنَى / من سُوءٍ عُقباه على أعقابِه
فوحَقِّ نِعمَتِه عليَّ وطَوْلِه / قسَماً يقول السامعون كفى بِه
ما سَوَّلَتْ لي النَّفسُ هجرَ جَنابِه / عند الرحيل ولا اجتنابَ جِنابِه
أنَّى وقد نِلتُ السماءَ بقُرْبِه / وبلغْتُ قاصيةَ المُنى بثَوابِه
وحَوَيتُ فضلَ المالِ من إفضالِه / ومحاسنَ الآدابِ من آدابِه
لكنَّه رأيٌ حُرِمْتُ رَشادَهُ / وبَعُدْتُ عن تسديدهِ وصَوابِه
لا أحمَدُ الأيامَ بَعْدَ بَتاتِها / سبباً وصلتُ إليه من أسبابه
أأقومُ بين يَدَي سواه مؤمِّلاً / وأُنيخُ راحلةَ الرَّجاءِ ببابِه
هيهاتَ لستُ بشائمٍ برقَ امرئٍ / حتى يكونَ سَحابُهُ كَسَحَابِه
سَأهُزُّ بالكِلَمِ المُهذَّبِ عِطفَه / طَرَباً وأخلُبُ لبَّه بخلابِه
بِدَعٌ لو أنَّ الصَّبَّ يستَشفي بها / ألمَ الفِراقِ شَفَتْه من أوصابِه
وأحشُّها والليلُ قد سترَ الرُّبا / بدُجاه أو حَجَبَ الصُّوى بِحجابِه
حتى يعودَ الشَرْقَ لابسَ حُلَّةٍ / من أرجوانِ الفَجرِ أو زِريابِه
فعسى الزَّمانُ يَبُلُّ حَرَّ جوانحي / بصَفاءِ مَوِرِدِه وبَردِ حَبَابِه
فأفوزَ بالعَذْبِ النَّميرِ وينطوي / كَشْحُ الحسودِ على أليمِ عَذابِه
شَعَفُ الحبائلِ من رُبىً ومَلاعِبِ
شَعَفُ الحبائلِ من رُبىً ومَلاعِبِ / لم تخلُ من شَغَفٍ ودمعٍ ساكبِ
أَوْحَشْنَ إلا من وُقوفِ متيَّمٍ / وعَطِلْنَ إلا من حُليِّ سَحائبِ
ولقد صَحِبْتُ العَيشَ مَرْضِيَّ الهَوى / في ظِلِّها الأَوفَى خليعَ الصَّاحبِ
أيامَ لا حُكمُ الفِراقِ بجائرٍ / فيها ولا سَهمُ الزَّمانِ بصائبِ
ولربَّما حَالت شَوازبُ أُسْدِها / بين المُحِبِّ وبين سِرْبِ ربائبِ
وتتبَّعْتهُ ظِباؤُها بقَواضبٍ / من لَحْظِهَا وحُماتُها بقواضب
إذ حيُّها حَيُّ السُّرورِ وظِلُّها / رَحْبُ الجِنابِ بِهمْ عَزيزُ الجانِبِ
خفَقَانُ ألويَةٍ وغُرُّ صواهلٍ / وبُدورُ أنديةٍ وجَرْسُ كَتائبِ
وغرائبٌ في الحُسْنِ إلا أنها / تَرمي القلوبَ من الجَوى بغَرائبِ
أَنْهَبْنَا وردَ الخُدودِ وإنما / أَنْهَبْنَ ذاكَ الوردَ لُبَّ النَّاهبِ
إن كُنتِ عاتبةً عليَّ فما الرِّضا / عندي ولا العُتبى لأَوَّلِ عاتبِ
نُبِّئْتُ أنَّ الأغبياءَ تَوثَّبوا / سَفَهاً عليَّ مع الزَّمانِ الواثبِ
دَبَّتْ عقاربُهم إليَّ ولم تكُنْ / لِتَدِبَّ في ليلِ النَّفاقِ عقاربي
مِنْ مُنْكرٍ فضلي عليه ومُدَّعٍ / شِعري ولم أسمعْ بأخرسَ خاطب
هيهاتَ ما جَهْلُ الجَهولِ بمُسبلٍ / حُجُباً على نَجْمِ العلومِ الثَّاقبِ
وإذا العدوُّ أثارَ حِقداً لم يزلْ / يكتَنُّ في رَسَبَي حشاً وترائبِ
فلْيَستَعِدَّ لطعنةٍ من طاعنٍ / شاكي السِّلاحِ وضربةٍ من ضاربِ
ذنبي إلى الأعداء فضلُ مواقفي / والفضلُ ذنبٌ لستُ منه بتائبِ
اللهُ آثرَني بوهبٍ دونَهم / وأَخصَّني من وُدِّهِ بمواهبِ
مِلِكٌ إصاختُه لأوَّلِ صارخٍ / وسجالُ أنعُمِه لأوَّلِ طالبِ
جَذْلانُ يرغبُ في العُلا فَتِلادُه / مُصْغٍ لدعوةِ راغبٍ أو راهبِ
كالغيثِ يلقَى الطالبين بوابلٍ / سحٍّ ويلقى الحاسدين بحاصبِ
فصَّلتُ عِقْدَ مدائحي بخِلالِه / فكأنَّما فصَّلتُه بكواكبِ
وإذا انتضَتْ يُمناه نِضْوَ سيوفِه / أَذْكَى ضِرامَ الحربِ غيرَ مُحاربِ
أكرِمْ بسيفكَ من صَموتٍ راجلٍ / في النائباتِ ومن فصيحٍ راكبِ
تهتزُّ أعضاءُ الشُّجاعِ مخافةً / ما اهتزَّ بين أشاجعٍ ورَواجبِ
ما إن رأيتُ سِواه عَضْباً غِمْدُه / أحشاءُ حاليةِ المقلَّدِ كاعبِ
لم تَعْرَ من صِبْغِ الذَّوائبِ إذ غدَتْ / مَطمومةً ليسَت بذاتِ ذوائبِ
وكأنما طلَعَتْ مشارقُ حَلَّها / من حِليةِ الجنَّانِ فوقَ مغاربِ
ما حاربَ الصُّبحُ المُضئُ غياهباً / إلا أرتنا الصبحَ سِلْمُ غياهبِ
قد قلتُ إذ عاينتُ فضلَ بيانِه / وبيانَه كَمُلَتْ أداةُ الكاتبِ
لله درُّكَ يا ابنَ هارونَ الذي / أدنى العُفاةَ من السَّماحِ العازبِ
أغرَبْتَ في شِيَمٍ تلوحُ سِماتُها / في كاهلٍ للمجدِ أو في غاربِ
وشمائلٍ سارَتْ بهنَّ مدائحي / في الأرضِ سَيْرَ شمائلٍ وجَنائبِ
نضَّرْنَ وجهَ المكرُماتِ وطالما / سفرَتْ لنا عن حُرِّ وجهٍ شاحبِ
مالي أرى أوصابَ جسمِك غادَرتْ / قلبَ المكارمِ في عَذابٍ واصبِ
عُدْنا الغَمامَ الجَوْدَ منك ولم نَعُدْ / من قبلِها صوبَ الغَمامِ الصائبِ
لسنا نَذُمُّ أوائلَ النُّوبِ التي / جاءت أواخرُها بحَمْدِ عواقبِ
فاسعَدْ بعافيةِ الإلهِ فإنها / هِبَةٌ مُقابَلَةٌ بشُكْرٍ واجبِ
وتَمَلَّ سائرةً عليك مقيمةً / مَلكتْ وَدادَ أباعدٍ وأقاربِ
شَرِقَتْ بماءِ الطَّبْعِ حتَّى خِلتُها / شَرِقَتْ لِريِّقِها ببردٍ ذائبِ
يَشتاقُ طلعَتها الكريمُ إذا نَأتْ / شوقَ المحبِّ إلى لقاءِ حبائبِ
ويقولُ سامعُها إذا ما أُنْشِدَتْ / أعقودُ حَمْدٍ أم عُقودُ كَواكبِ
أَتظُنُّ أنَّ الدَّهرَ يُسعِفُ طالباً
أَتظُنُّ أنَّ الدَّهرَ يُسعِفُ طالباً / أو تُعتِبُ الأيّامُ منا عاتِبا
فُقِدَ النَّوالُ فعادَ بَرقاً خُلَّباً / ومضى السَّماحُ فعاد وعداً كاذِبا
وطوى الرَّدى شِيَمَ ابنِ فَهدٍ بعدما / نشرَتْ بدائعَ سُؤدُدٍ وغرائبا
ليتَ الرَّدى لمّا سما لَكَ جَحفلٌ / ملأَ البلادَ أسنَّةً وقواضبا
فيؤوبَ مغلوباً لديك مذمَّماً / وتؤوبَ محمودَ السجيَّةِ غالبا
يَبكيكَ عَزمٌ لم يزلْ إشراقُه / في كلِّ مُظِلمَةٍ شِهاباً ثاقبا
وسماءُ مجدٍ إن تَغَيَّمَ أُفقُها / أطلعْتَ فيها بالسيوفِ كواكبا
ورغائبٌ شيَّدْتَها بمواهبٍ / لو أنهنَّ نطَقْنَ قُمْنَ خواطبا
في مَضجَعٍ وسِع الحسينَ وجُودُه / يَسَعُ البلادَ مشارقاً ومغاربا
لو أنَّ قبراً جادَ ساكنُ لَحْدِهِ / لم يَرجِعِ المرتادُ منه خائبا
لأبي الفوارسِ في السَّماحِ مآربٌ
لأبي الفوارسِ في السَّماحِ مآربٌ / تُقضَى فتَقضي للعُفاةِ مآرِبا
مَلِكٌ أبرَّ على الملوكِ بهمَّةٍ / زِيدَتْ بها الأزدُ الكِرامُ مَناقِبا
وأغرُّ يَحسُنُ منظراً وضَرائباً / كالسَّيفِ يحسُنُ رَوْنقاً ومَضارِبا
ومُناسِبُ السَّيفِ الحُسامِ فإنْ جرَى / في الجودِ أصبحَ للسَّحابِ مُناسبا
شِيَمٌ كأنفاسِ الرِّياحِ جرَتْ على / زَهْرِ الرَّبيعِ شَمائلاً وجَنائبا
طلبَ العُفاةُ نوالَه فَبدا لهم / متهلِّلاً للحَمْدِ منهم طالبا
ورأى الزمانَ عليهم متعتِّباً / فغدا له بالمكرُماتِ مُعاتِبا
كم قد رأيتُ لبِشْرِهِ من شارِقٍ / يَحتَثُّ من جَدوى يديه سَحائِبا
فأريتُه زُهرَ الربيعِ مَدائحا / ورأيت منه حَيَا الرَّبيعِ مَواهبا
الماءُ يَلعَبُ كالأراقمِ مَوجُه
الماءُ يَلعَبُ كالأراقمِ مَوجُه / والسُّفْنُ بالأذنابِ فيه عَقارِبُ
والصَّوتُ من دُولابِ كلِّ متوَّجٍ / أطفالُ زَنْجٍ للرَّضاعِ نَوادِبُ
فانظُرْ إليه كأنه وكأنما / كِيزانُهُ والماءُ منها ساكبُ
فَلَكٌ يدورُ بأنجمٍ جُعِلَت له / كالعِقدِ فهي شَوارِقٌ وغَواربُ
جاءتْ هديَّتُكَ التي
جاءتْ هديَّتُكَ التي / هي شمسُنا بعدَ الغياب
حلَّيْتَ أفْقَ مَحلِّنا / منها بنَجْمٍ أو شِهاب
بسَليلَةِ النَّحلِ الكَري / م شقيقةِ النُّطَفِ العِذاب
صُفر الجُسومِ كأنما / صِيغَتْ من الذَّهَبِ المُذاب
فكأنَّ ماءَ الحُسنِ إذ / شَرَقَتْ به ماءُ الشَّباب
فإذا ذَكَتْ نيرانُها / ليلاً وجَدَّت في التهاب
أنساكَ طِيبُ دُخانِها / طِيبَ العبيرِ أو المَلاب
وإذا عرَتْها مَرْضةٌ / فَشِفَاؤُّها ضَربُ الرِّقاب
تَثني الدُّجى عن لونِه / فيعودُ مُبْيَضَّ الحِجاب
لولا غرائبُ فِعلِها / لارْتَدَّ في لونِ الغُراب
بكَرَت عليك مُغيرةُ الأَعرابِ
بكَرَت عليك مُغيرةُ الأَعرابِ / فاحفَظْ ثيابَك يا أبا الخطَّابِ
وَرَدَ العراقَ رَبيعَةُ بنُ مُكَدَّمٍ / وعُتيبَةُ بنُ الحارثِ بن شِهابِ
أفعِنْدَنا شكٌّ بأنهما هما / في الفَتْكِ لا في صِحَّةِ الأنسابِ
جلَبا إليكَ الشِّعْرَ من أوطانِه / جَلْبَ التِّجارِ طرائفَ الأجلابِ
فبدائعُ الشُّعراءِ فيما جَهَّزا / مقرونةٌ بغَرائبِ الكُتَّابِ
تبّاً لقومٍ لا تَزَالُ حُلومُهم / وعقولُهم في ضِلَّةِ وتَبابِ
لهما من الحَظِّ الصوارمُ والقَنا / ومن الطُّروسِ نفيسةُ الأسلابِ
شنَّا على الآدابِ أقبحَ غارةٍ / جَرحَتْ قلوبَ محاسنِ الآدابِ
فحَذارِ من حركاتِ صِلِّي قَفرةٍ / وحَذارِ من حَركاتِ لَيْثَيْ غابِ
لا يسلُبانِ أخا الثَّراءِ وإنما / يَتناهبانِ نتائجَ الألبابِ
إنْ عَزَّ موجودُ الكلامِ عليهما / فأنا الذي وقفَ الكلامُ ببابي
أو يَهبُطا من ذَلَّةٍ فأنا الذي / ضُربَتْ على الشَّرَفِ المُطِلِّ قبابي
كم حاولا أمدِي فطالَ عليهما / أن يُدرِكا إلاّ مثار تُرابي
عَجْزاً ولم تقِفِ العبيدُ إذا جرَتْ / يومَ الرِّهانِ مواقفَ الأربابِ
ولقد حَمَيْتُ الشِّعْرَ وهو لِمَعشَرٍ / رِمَمٍ سوى الأسماءِ والألقابِ
وضربْتُ عنه المُدَّعينَ وإنما / عن صُورَةِ الآدابِ كان ضِرابي
فغدَت نبيطُ الخالديةِ تَدَّعي / شِعري وتَرفُلُ في حَبيرِ ثيابي
أشياخُ عُمْرِ الزَّعفرانِ تراهُمُ / حولَ الصليبِ حَوانيَ الأصلابِ
نَزَلُوا ذَرَمَّةَ بين غَضِّ نواظرٍ / لم تَسْمُ مُذْ خُلِقَتْ وذُلِّ رِقابِ
وَطَنَ المُحرَّمَةِ الجسومِ نجاسةً / في خيرِ صُحفٍ نُزِّلَتْ وكِتابِ
من كلِّ أشقرَ باحثٍ خُرطُومُه / عن رِزقِه فتراه في إكْتابِ
خُزرِ العُيونِ خَفيَّةٍ أصواتُها / تُكْسي الرؤوسَ شوائلَ الأذنابِ
يحمي جَوانبَ سَرْحِها إيرادُها / فيبيتُ عنها مُشْرَعَ الأنيابِ
رُعيَتْ لشيخِ الخالديةِ بُرهةً / بل كان يَرعاها على الأحقابِ
أَسعيدُ إنَّك لو بَصُرْتَ بهاشمٍ / في العُمرِ غيرَ مُبجَّلِ الأصحابِ
مَحضَ المَذَلَّةِ راكباً عُكَّازَهُ / رَثَّ المعيشةِ شاحبَ الجِلبابِ
لحلفْتَ أنكَ لا تُطيلُ عِمامةً / مصقولةَ العَذبَاتِ والأهدابِ
نفقُوا بآلاتِ الخَنا وتوهَّمُوا / أنَّ الزَّمانَ جَرى بهم وكَبَا بي
قَوْمٌ إذا قَصدَوُا الملوكَ لمطلَبٍ / نُفِضَتْ عمائمُهُم على الأبوابِ
من كلِّ كَهْلٍ يستطيرُ سِبالُه / لَوْنَيْنِ بينَ أناملِ البَوَّابِ
مُغْضٍ على ذُلِّ الحجابِ يَرُدُّه / دامي الجبينِ تَجهُّمُ الحُجَّابِ
ومُفَهَّهَيْنِ تعرَّضا لِحرابَتي / فتعرَّضَتْ لهما صدورُ حِرابي
نَظَرا إلى شِعري يروقُ فتَرَّبا / منه خُدودَ كواعبٍ أترابِ
شرباه فاعترفا له بعُذوبَةٍ / ولرُبَّ عَذْبٍ عادَ سَوطَ عَذابِ
في غارةٍ لم تَنْثَلِمْ فيها الظُّبا / ضَرْباً ولم تَنْدَ القَنا بخِضابِ
تركَتْ غرائبَ مَنْطِقي في غُربَةٍ / مَسبيَّةً لا تَهْتَدي لإيابِ
جَرحى وما ضُرِبَتْ بحَدِّ مُهَنَّدٍ / أسرَى وما حُمِلَتْ على الأقتابِ
لَفْظٌ صقَلْتُ متونَه فكأنَّه / في مُشرقاتِ النَّظْمِ دُرُّ سِخابِ
وكأنما أجريْتُ في صفَحاتِه / حُرَّ اللُّجَينِ وخالصَ الزِّريابِ
أغربتُ في تحبيرِه فُرواتُه / في نُزهَةٍ منه وفي استغرابِ
وقطعتُ فيه شبيبةً لم تَشتغلْ / عن حُسْنِه بِصَباً ولا بتصابي
فإذا ترقرَقَ في الصَّحيفةِ ماؤُه / عَبِقَ النَّسيمُ فذاكَ ماءُ شبابي
يُصغي اللبيبُ له فيَقسِمُ لُبَّه / بين التعجُّبِ منه والإعجابِ
جِدٌّ يطيرُ شَرارُه وفُكاهَةٌ / تَستعطِفُ الأحبابَ للأحبابِ
أعزِزْ عليَّ بأن أرى أشلاءَه / تَدْمَى بِظفْرٍ للعدوِّ وناب
أفن رماه بغارة مأفونة / باعت ظباء الروم في الأعراب
أَأُخَيَّ قد عزَّيْتَني بحسيبةٍ / منه فعَزِّ بها ذوي الأحسابِ
عَزِّ الأكارِمَ أنها حَسَبُ النَّدى / فاضَتْ أنامِلُهم بغيرِ حسابِ
هم نافسوا في حَليهِ وبُرودِه / وَهُمُ أُثيبُوا عنه خيرَ ثَوابِ
وسَقَوه محتَفِلَ الحَيا رَيَّانَه / ورأَوا ذُنوباً سقيَه بذنابِ
إني أحذِّرُ مَنْ يقولُ قصيدةً / غرّاءَ خِدْنَيْ غارةٍ ونِهابِ
ذِئبَينِ إذ نَظَرا إلى سيَّارَةٍ / بَعَثا لها يوماً كيومِ ذُؤَابِ
عِلْجينِ إذ حَنَّ النَّواقِسُ صرَّحا / بالشَّوقِ أو حَنَّا حَنينَ النّابِ
شَغَفاً بذي القُربانِ يصدُقُ أنه / ينشقُّ من نَسَبٍ إليه قُرابِ
ورضىً عن الإنجيلِ يُظْهِرُ فيهما / غَضبَاً على الفُرقانِ والأحزابِ
إني نَبَذْتُ على السَّواءِ إليكما / فتأهبَّا للفادحِ المُنتابِ
نُصِبَتْ مجانيقُ الهجاءِ وإن رأَتْ / لكما ضُؤولَةَ مَنصِبٍ ونِصابِ
وإذا نَبذْتُ إلى امرئٍ ميثاقَه / فليَستعِدَّ لسطوتي وعِقابي
حاولتُما جبلاً كأنَّ رِعانَه / فَوقَ السَّحابِ الغُرِّ غُرُّ سحابِ
فإذا أصابَكما غضابُ سِهامِها / غَبَرتْ مدى الأيام غيرَ غِضابِ
وجريتُما في غِرَّةٍ فَنكصتُما / من سَوءةِ العُقبَى على الأعقابِ
ورميتُما المِسكَ الذَكيذَ بغَيْبةٍ / وذَكاؤه يُربي على المُغتابِ
فَلْتَلْفَحَنَّكُما سمائمُ مَنطِقي / ولتُغْرِقَنَّكُما سُيولُ شِعابي
ولْتَسريَنَّ مع الجَنوبِ إليكما / مغموسةً في الشَّرْي أو في الصَّابِ
ولْتَطْلْعَنَّ من الفِجاجِ كأنها / غُرَرُ الجيادِ لواحِقُ الأقرابِ
ولأَضْرِبَنَّكُما على ما خُنْتُما / بصوارمٍ للشِّعرِ غيرِ نَوَابِي
متواتراتٍ لا تغُبُّكما وهل / للصُّبحِ راعي الليلِ من إغبابِ
تشتقُّ أجبالُ الشَّقيقِ فإن سَرَت / ذاتَ اليمين خطَتْ غِمارَ الزَّابِ
نبلٌ أُغلغلُ منكما مسومةً / بمكامنِ الأحقادِ والأطرابِ
فأريكما الدنيا به مُغبرَّةً / حتى يُظَنَّ اليومُ يومَ ضَبابِ
فلْتَعْلَما إن لم تَهُبَّ عليكما / أبداً نسيمَ جِنايتي وجَنابي
وَلْيَحْذَرِ الكّذابُ تِربُكُما يداً / باتتْ تَحِنُّ إلى طَلَى الكذَّابِ
فَلَكَمْ عدوٍّ قد أطلْتُ عَذابَه / بِكُلومِ رَيِّقَةِ الكلامِ عِذابِ
وشَّيْتُها قبلَ الحُتوفِ كما ارتدى / بالوَشْيِ ظهرُ الحيَّةِ المُنسابِ
لولا أبو الخطَّابِ طالَ تنكُّري / للخَطْبِ يظلِمُني وساءَ خِطابي
وهبَتْ شمائلُه الجزيلَ وأَبرأَتْ / يُمناه من نَدَبِ الزَّمانِ إهابي
وكفاكَ أنَّ الدَّهرَ أَعْتَبَنِي به / فَكَفَيْتُ عَتْبي عنده وعِتابي
طَلَعتْ شموسُ الخِدْرِ كَيْمَا تَغْرُبا
طَلَعتْ شموسُ الخِدْرِ كَيْمَا تَغْرُبا / وبدَتْ محاسنُها لِكَيْ تتغَّيبا
فكَفاه أن يَصِفَ الصبَّابةَ ناطقاً / دَمعٌ إذا وصفَ الصبَّابةَ أطنَبا
يا حَبَّذا شمسٌ جلَتْ عنها النَّوى / فجلَتْ على الصَّبَّ الشَّنيبِ الأشنَبا
وتعمَّدَتْه بِلَحظَةٍ لو أنَّها / سَهمٌ لَجازَ عن الشَّغافِ مُخضَّبا
قامَتْ تُمَيِّلُ للعِناقِ مُقوَّماً / كالخُوطِ أَبدعَ في الثِّمارِ وأَغرَبا
حملَتْ ذُراهُ الأُقحُوَانَ مُفَضَّضاً / يَسقي المُدامةَ والشَّقيقَ مُذَهَّبا
وأَبَتْ وقد أخذَ النِّقابُ جَمالَها / حركاتُ غُصنِ البانِ أن تَتَنَقَّبا
ما كنتِ إلا البدرَ فارقَ حُجْبَه / حتى إذا شِمْناه عادَ مُحجَّبا
فغدَوْتُ لا أدري أكان له الحِمى / لَمَّا تغيَّبَ مَشرِقاً أو مَغرِبا
فإذا الحَيا أعطى الرِّياحَ قِيادَه / فانقادَ تَجْنُبُهُ الجَنوبُ أو الصَّبا
فسقَى محّلاً بالعَقيقِ وخُلَّةً / ورُبىً بأطرافِ الغَميمِ ورَبرَبا
ما لي رأيتُ الدَّهرَ وكَّلَ صَرْفَه / بالقُلَّبيِّ الشَّهْمِ كيفَ تَقلَّبا
سَأُرِيهِ جِدّاً في مَخيلَةِ لاعبٍ / والنَّدبُ ليسَ يَجِدُّ حتى يَلعَبا
ومُعرِّضٍ لي بالطِّرادِ خَسَأتُه / ومتى رأيتَ اللَّيثَ طاردَ ثعلَبا
فَلْيَثْوِ في رَمْسِ الخُمولِ فإنني / نارٌ تضرَّمُ في ذُؤابةِ كبكبا
هيهاتَ جانبْتُ السَّفاهَ وأهلَه / حَدَثاً فكيف أرى السَّفاهةَ أشَيبا
وأَحلَّني عِزُّ الأميرِ مَحلَّةً / لو رامَني فيها الزَّمانُ تهيَّبا
عُدْنا بمُبْيَضِّ الصَّنَائعِ راضياً / منه ومُحمرّش العَواملِ مُغضَبا
غَمْرِ المَواهبِ لا يُساجلُ مُرغِباً / في المكرماتِ ولا يُطاولُ مُرهِبا
ومُمنَّعٍ يُردي العدوَّ إذا ارتدَى / بالسَّيفِ أو يحبُو الوليَّ إذا احتَبا
وأَغَرَّ لو نَطَقَتْ رِحابُ مَحَلِّه / قالَتْ لطُلاَّبِ المَكارمِ مَرحَبا
ناضلْتُ منه بذي السَّدادِ فما هَفَا / وضربْتُ منه بذي الفَقارِ فما نَبا
وصَحبِتُ أيامَ المَشيبِ بِجُودِه / مُبيْضَّةً فذمَمتُ أيامَ الصَّبا
بَشَرٌ كمِصباحِ الحَيا وخَلائِقٌ / تَخبو لبَهْجَتِها مصابيحُ الرُّبا
ومُناسِبٌ حازَ الفضيلةَ أعجَماً / فينا كما حازَ الفضيلةَ مُعِربا
إن شاءَ عُدَّ من الشُّعوبِ أجلَّها / أو شاءَ عَدَّ من القبائلِ تَغلِبا
يرتاحُ ما غَنَّى الحديدُ إلى الوغَى / فيخوضُ مَوجاً منه أكدرَ مُجلِبا
ويَكُرُّ مَطرورَ السِّنانِ كأنه / قمرٌ يطارِدُ في العَجاجةِ كَوكَبا
أَأَشيمُ بارقةَ الغَمام وقد غدَتْ / يُمنَى أبي الحَسَنِ الغمامَ الصيِّبا
قاظَ الزَّمانُ فكنتَ ظِلاً سَجْسَجاً / ونأى الربيعُ فكنتَ رُوْضاً مُعْشِبا
تَرَكَ القصائدَ قَصَّرَت عن عَدِّ ما / يُسدِي ومن يُحصي الحَصَى والأثْلَبا
والطالبيّون انْتَحَتْكَ وفودُهُم / فرأَوا نَداكَ الغَمْرَ قرَّبَ مطلَبا
لا حظْتَهم والفكرُ يَصرِفُ عنهم / لحْظَ النَّواظرِ بِغضةً وتجنُّبا
فنظمْتَهم جمعاً وقد نَشَرَتْهُمُ / أيدي الزَّمانِ فَفُرِّقُوا أيدي سَبا
أَحْبَبْتَ ذا القُربى وليس يُحِبُّه / إلا امْرُؤٌ رفَضَ الغريبَ الأجنَبا
أمَّا الصِّيامُ فقد أجبْتَ دُعاءَهُ / ورأيْتَه فِعلاً أغرَّ مُهذَّبا
شهرٌ وصلْتَ صيامَه بقِيامِه / فَنضَوْتَهُ نِضْوَ الجَوانحِ مُتعَبا
فأجِبْ دُعاءَ الفِطرِ مُصْطَبِحاً فقدْ / ناداك حَيَّ على الصَّباحِ فثوَّبا
وتَمَلَّها بِكْراً فلستُ مُزوِّجاً / شَرَفَ الشريفِ من المدائحِ ثَيِّبا
حمْداً أمَرَّ الفِكر ُسِلْكَ نِظامِه / فأصاب دُرّاً من عُلاكَ مثقَّبا
إن حَلَّ أوطنَ في صُدورِ رُواتِه / أو سارَ شَرَّقَ في البلادِ وغرَّبا
مَنْ لي برَدِّ سوالفِ الأحقابِ
مَنْ لي برَدِّ سوالفِ الأحقابِ / ومآربٍ أعيَتْ على الطُلاَّبِ
أتبعْتُها نَفَسَ المحبِّ تضرَّمَتْ / أحشاؤُه لتَفرُّقِ الأحبابِ
أتبعْتُها نَظَرَ المَشُوقِ تجمَّعتْ / زَفَراتُه لتَفرُّقِ الأترابِ
إنَّ الظِّباءَ حَمتْ مراتِعَها الظُّبا / ورَعَتْ سوائمُها أُسودَ الغابِ
من كلِّ سكرَى اللَّحظِ أثمرَ غصنُها / نوعين من وردٍ ومن عُنَّابِ
ريَّا أخَاضَتْنا على ظمإِ الهوى / من وعدِها الممطولِ لَمْعَ سَرابِ
للهِ أعرابيّةٌ غدرَتْ بنا / إنَّ النِّفاقَ سَجِيَّةُ الأعرابِ
حَجَبَت محاسنَها الخيامُ ولو بَدَتْ / كانَ العَفافُ لها أتمَّ حِجابِ
وأحلَّها من قلبِ عاشِقِها الهوى / من وعدِها الممطولِ لَمْعَ سَرابِ
هيهاتَ ما صدَرَتْ عقودُ نسيبِه / عن لوعةٍ كمَنَتْ ولا أوصابِ
لكنَّها فِكَرٌ إذا ما سُومِرَتْ / باتتْ تُفَتِّحُ زَهرَةَ الآدابِ
يَهْنى العواذلَ أنَّه هَجَرَ الصِّبا / أُنف الشَّبابِ مُعَذَّلَ الأصحابِ
لحْظُ الكواعبِ سرَّه فوَجَدْتَه / عَفَّ السَّريرَةِ طاهرَ الأثوابِ
كم قُلْنَ لمَّا قامَ في مِحرابِه / سِيَّانِ أنتَ ودُميةُ المِحرابِ
يا حُسْنَ ما خَلَعَتْ على أعطافِه / أيدي الصِّبا وأو زانَه بتصابي
إنَّ الوعيدَ ثَناه عن آرائِه / حتى تجنَّبَ مُونِقَ الآدابِ
الآنَ قَصَّرَتِ النَّوائبُ فاغتدَتْ / بِنَدى الأميرِ كليلةَ الأنيابِ
سَفَرَتْ لنا من رأيه وحُسامِه / عن ضوْءِ صُبْحٍ مُسْفرٍ وشِهابِ
مَلِكٌ عُقودُ الحمدِ مِلْءُ يمينِه / ونَداه ملءُ حقائبِ الطُّلاَّبِ
شفَعَ النَّدى لعُفاتِه بنَدىً كما / شفَعَ الرَّبيعُ سَحابةً بسَحابِ
وعَفا فردَّ البِيضَ في أغمادِها / وسَطا فَعلَّ متونَها بخِضابِ
وجَرى فبينَ مقصِّرٍ عن شأوِه / متخلِّفٍ عنه وآخرَ كابي
شيَّدتَ مجدَكَ فاعْمَلَنْ بمهذَّبٍ / بينَ القبائلِ والشُّعوبِ لُبابِ
وَنَصَبَتْ نفسَك للنبيِّ وآلِه / حتى شَفَيْتَهُمُ من الطُّلاُّبِ
فأعزَّ نصرَكَ منهمُ باقي الهُدَى / وأذلَّ عنه بقيَّةَ الأحزابِ
نَزَلوا فِناكَ مُخضبَّينَ أَعِزَّةً / ما بين رَحبِ خلائقٍ ورِحابِ
فكأنما حَلُّوا بيثربَ منه أو / نَزَلوا بمكةَ في رُبىً وهِضابِ
فَاسْلَمْ أبا حَسَنٍ ليومِ مَكارمٍ / وُطْفٍ سحائبُها ويومِ عِقابِ
لم تَنْضُ أثوابَ الصيِّامِ مُودّشعاً / حتى كساكَ الفِطْرُ ثَوبَ ثَوابِ
فَاسْعَدْ بعيدٍ عادَ كوكبُ سَعْدِه / طَلْقَ الضِّياءِ مؤكَّدَ الأسبابِ
وتَحلَّها نظْمَ اللسانِ وإنما / نَظْمُ اللّسانِ فرائدُ الألبابِ
لو صافَحَت سَمْعَ الوليدِ جَثَا لَها / أرسومُ دارٍ أم سُطورُ كتابِ
بل لو تأمَّلَها ابنُ أوسٍ لم يَقُلْ / لو أنَّ دهراً رَدَّ رَجْعَ جوابي
وقريبةٍ من كلِّ قلبٍ إن بدَتْ
وقريبةٍ من كلِّ قلبٍ إن بدَتْ / للمَرءِ أدناها إليه وقرَّبَا
روَّى القلوبَ نسيمُها وتلهَّبَتْ / حُسْناً فأذكَت في القلوبِ تلهُّبا
صفراءُ ما عنَّتْ لِعَيْنيْ ناظرٍ / إلا تَوهَّمَها سِناناً مُذْهَبا
فَكَأنَّها ذَهَبٌ حَوى كافورةً / فغدا بِرَيَّاها وراحَ مُطَيَّبَا
وأَغنَّ كالَّرشإ الغَري
وأَغنَّ كالَّرشإ الغَري / رِ نَشا خِلالَ الرَّبربِ
في خَدِّه وردٌ حَما / ةُ من القِطافِ بعَقرَبِ
لما سَقاه قهوةً / في الكاسِ ذاتَ تلهُّبِ
حيَّا بدِسْتَنْبُويَّةٍ / مثلِ السِّنانِ المُذْهَبِ
لَبِسَت مُصَندَلةَ الثِّيابِ فَمن رأى
لَبِسَت مُصَندَلةَ الثِّيابِ فَمن رأى / قمراً تَسربَلَ بعدَها أثوابا
وحَكَت من الرَّشإ الرَّبيبِ ثلاثةً / عيْناً وجِيداً مُفتِناً وإهابا
فلقَد حَدا برقُ الغلي
فلقَد حَدا برقُ الغلي / لِ سحائبَ الدمعِ السَّكوبِ
لولاه لم يكُ للمنا / زلِ في دُموعي من نصيبِ
وردَتْ عليه صوالجٌ / لَعِبَت بحبّاتِ القلوبِ
لَمَّا خطبتُ نَدى الحُسي / نِ أَمِنْتُ غائلةَ الخُطوبِ
قَمرُ النَّدى بل ضيغمُ ال / هيجاءِ في اليومِ العَصيبِ
فعُفاتُه في مَرتَعٍ / من سَيْبِ راحتِه خَصيبِ
شِيَمٌ حَليِنَ من الثنا / ءِ كما عَطَلْنَ من العُيوبِ
بغرائبٍ تَهْدي اللُّبا / بَ من الثَّناءِ إلى اللَّبيبِ
لو صافحَتْ سَمَعَ المُحِبْ / بِ لأذهلْتهُ عن الحبيبِ
وسألتُ عنه فقيلَ مَاتَ لِمَا به
وسألتُ عنه فقيلَ مَاتَ لِمَا به / قلبُ النَّدى لا شكَّ ماتَ لِما به
وكأنَّما بَخُلَ الزَّمانُ على الوَرى / ببقائِه أو هابَه فبدا به
فلِمَن أصونُ مَدامعي من بعدِه / ولأيِّما أبكيهِ من أسبابِه
لخِطابِه لجوابِه لِصوابِه / لِحفاظِه لِثوابِه لِعقابِه
للحَملِ عن مُنتابِه للنُّصْحِ عن / أسبابِه للصَّفْحِ عن مُغتابِه
لِلبيضِ من أثوابِه للزُّهرِ من / آرائِهِ للغُرِّ من آدابِه
لِحجاه أم لِنُهاهُ أم لِقراه أم / لعُلاه أم لنَداه في أصحابِه
أم من يُرَجِّي بعدَه صرَفَ الرَّدى / عن نفسِه بجِلادِه وضِرابِه
هيهاتَ لا يُغني البُكاءُ إذا سَطا / أَسَدُ الزمانِ بمِخلَبيْهِ ونابِه
ولَئِنْ سَقاهُ الموتُ كأساً مُرَّةً / فلْيَشربنَّ الموتُ مثلَ شَرابِه

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025