القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ناصِيف اليازجي الكل
المجموع : 14
عَتَبَتْ سُعادُ ولم أكُنْ بالمُذنبِ
عَتَبَتْ سُعادُ ولم أكُنْ بالمُذنبِ / وعَرَفتُ عادَتها فلم أتَعتَّبِ
شِيَمُ الغواني إن تَدِلَّ إذا رأت / صبَّاً يَذِلُّ لها بقلبٍ طيِّبِ
أمَرَتْ لواحظُها الفَتَى فأطاعها / وَدَعَت فلبىَّ الشيخُ غيرَ مكذِبِّ
فَتَّانةُ العينينِ يَسكَرُ طَرْفُها / وأنا أُحَدُّ وها أنا لم أشرَبِ
سالَتْ ذوائِبُها ولاحَ جبينُها / فرأيتُ بدراً حلَّ بُرجَ العَقرَبِ
وتكلَّمتْ وتبسَّمَتْ لمَّا رأتْ / دمعي فتلكَ لآلئٌ لم تُثقَبِ
قد كُنتُ أطمَعُ في المَوَدَّةِ عِندَها / فإذا مَودَّتُها كبرْقٍ خُلَّبِ
ومَوَدَّةُ الحَسناءِ ضَيفٌ راحلٌ / مِيعادُهُ لثلاثةٍ أو أقرَبِ
ذُقتُ الصَّبابةَ في الشَبيبةِ أمرَداً / واليومَ شِبتُ فهل تليقُ بأشَيبِ
كلٌّ يعافُ العيبَ فيه فلو دَرَى / عيباً بهِ لم تَلقَ غيرَ مُهذَّبِ
ولقد عَرَكتُ الدَّهرَ أطلُبُ حِكمةً / فأفادَني والدَّهرُ خيرُ مؤدِّبِ
تُعطي التجاربُ حِكمةً لمجرِّبٍ / حَتَى تُرِّبي فوقَ تربيةِ الأبِ
ولقد تأمَّلتُ الزَمانَ وحُكمَهُ / فبُلِيتُ منهُ بعُجمةٍ لم تُعرَبِ
عارٌ عليَّ وشيخُنا المفتِي لهُ / رأيٌ يخلِّصُ بينَ بَكْرَ وتَغلبِ
هوَ كوكبٌ في الشرقِ يسطَعُ نُورُهُ / ويلوحُ فضلُ شُعاعِهِ في المَغربِ
يجلو الخُطوبَ وينجلي لكَ وَجهُهُ / فتَراهُ في الحالينِ أفضلَ كوكبِ
حَسَنُ الإصابةِ عِندَ كل مُلمَّةٍ / بادي البشاشةِ عندَ سُخطِ المغُضَبِ
مُتواضعٌ لجليسهِ من لُطفهِ / حتى كأنَّ جليسَهُ ذو المَنصبِ
رَيَّانُ من كأسِ الحقيقةِ لم يَدَعْ / إلا ثُمالَتَها التي لم تُطلَبِ
لم يَعشَقِ الدُنيا فلم يَجْزَعْ إذا / ولَّت وإنْ هيَ أقبَلَتْ لم يَطرَبِ
هانَ الزمانُ عليهِ لا مُتعَجِبٌ / مما يَرَى فيهِ وليسَ بمُعجَبِ
وَسِعَ العلومَ بجانبٍ من صَدرِهِ / رَحْبٍ وللعَمَلِ استَعَدَّ بأرحَبِ
أحصى من الكُتُبِ الذي كَتَبوا لنا / فيها وزادَ عليهِ ما لم يُكَتبِ
يجني فوائدَهُ الحكيمُ كغيرهِ / وتُفيدُ فَتْواهُ شُيوخَ المَذهبِ
يا مَن إذا اتَّسعَ القريضُ بذَكرِهِ / ضَغَطَ الأعاريضَ اقتحامُ الأضربِ
تزهو قوافينا لَدَيكَ سليمةً / ويُعابُ بالتقصيرِ قولُ المُطنِبِ
غَمَضَتْ صِفاتُكَ يا مُحمَّدُ دِقةً / فتحجَّبَتْ وبَرَزْتَ غيرَ محجَّبِ
إن كُنتَ تَبغِي من يَقومُ بحقِها / فاطلُبِ سِوايَ وقُل عذَرتُكَ فاذهَبِ
ماذا لَقيتُ من الحبيبِ وحُبِّهِ
ماذا لَقيتُ من الحبيبِ وحُبِّهِ / إلاَّ تَلاعُبَهُ بمُهجةِ صَبِّهِ
أغراهُ ذُلّي بالدَّلالِ وزادَهُ / عُجْباً فعلَّمني صِناعةَ عُجْبهِ
يا أيُّها الرَشأُ المُدِلُّ بعينهِ / لا تَفتِنِ الرَّجُلَ المُدِلَّ بقلبهِ
كَثُرتْ لَعَمْري في هَواكَ ذُنوبُهُ / لكنْ إليهِ كانَ أكثرُ ذَنْبهِ
من طالَ عن مَلَلِ الأحبَّةِ عَتْبُهُ / طالَ العِتابُ لنَفسهِ عن عَتْبهِ
داءٌ دخيلٌ ليسَ يُرجَى بُرْؤُهُ / لو أنَّ إسماعيلَ قامَ بطبِّهِ
من ذلكَ الشيخِ الرئيسِ ولفظِهِ / شيخٌ على الشيخِ الرئيسِ وكُتْبهِ
رَوَّى فخِلْنا عضْبَهُ من ذِهنهِ / ورَوى فخيِلَ لسانهُ من عَضْبهِ
هذا الحكيمُ الكاملُ الفرْدُ الذي / مُزِجَتْ بحكمتِهِ مَخافةُ ربِّهِ
لَزِمَ المدارِسَ في الدِّيارِ وذكرُهُ / قد سارَ في شرقِ الفضاءِ وغَرْبهِ
من دوحةِ الأتراكِ فَرْعٌ خِصْبهُ / يجري إلى فُرْس الزَّمانِ وعُرْبهِ
تُجنى فَوائِدُ قُربِهِ في بُعدِهِ / وتُخافُ وَحْشةُ بُعدِهِ في قُربِهِ
نَصَبَتْهُ دولةُ ذي السَريرِ فتَمَّمتْ / ألطافَها نحوَ العبادِ بنَصْبهِ
أحيَتْ مَواهبُها الأصِحَّةَ وابتَغَتْ / أنْ تَشمَلَ المَرْضَى فأحيْتهُم بهِ
يا أيُّها القلبُ الخَفوقُ بجانبي
يا أيُّها القلبُ الخَفوقُ بجانبي / قد صِرتَ وَيحْكَ حاضراً كالغائِبِ
الحَقْ بأهلِكَ في العِراقِ وخَلِّني / بالشأمِ في أهلي فلستَ بصاحبي
فَتَنَتكَ أفئِدةُ الرِّجالِ فلم تكن / مِمَّنْ أُصيبَ بأعيُنٍ وحواجبِ
عاطيتَ لكنْ لا بكأسِ مُنادمٍ / فَسكِرتَ لكِنْ لا بخَمرةِ شاربِ
ذُقتَ الهَوَى صِرْفاً وما كُلُّ الهَوَى / يَجِدُ الفتى فيهِ السبيلَ لعائبِ
حُبُّ الكريمِ كَرامةٌ لمُحِبِّهِ / ونَباهةُ المطلوبِ مجدُ الطالبِ
قد شاقَكَ العُمَرِيُّ قُطبُ زَمانهِ / مُتباعداً في صُورةِ المُتقاربِ
مُتَواترُ الآثارِ أردَفَ كُتْبَهُ / فأتَتْ كتزكيةِ الشُّهودِ لكاتبِ
هذا إمامٌ في الأئمَّةِ ذِكرُهُ / قد شاعَ بينَ مَشارقٍ ومَغاربِ
ولَئنْ تأخَّرَ في الزَّمانِ فإنَّهُ / عَقْدٌ يلي الآحادَ عندَ الحاسبِ
نَجْني الفرائدَ من بحارِ قريضِهِ / منظومةً من صُنعِ فِكرٍ ثاقبِ
من كلِّ قافيةٍ شَرُودٍ بيتُها / ضُربَتْ لهُ الأوتادُ بينَ ترائبِ
أثْنى جميلاً مَن تَعوَّدَ سَمْعَهُ / فيهِ ولكن بالخَليقِ الواجبِ
أثْنى بما هُوَ أهلُهُ فكأنَّما / أهدَى لنا من نفسِهِ بمناقبِ
شَرَفٌ لَبِستُ طِرازَهُ فاهتزَّني / عُجباً إلى ما فوقَ فوقِ مراتبي
فإذا ادَّعيتُ جعلتُ ذلكَ شاهدي / وإذا افتخرتُ جعلتُ ذلكَ ناسبي
يا جابرَ القلبِ الكسيرِ بلُطفهِ / ماذا تَرَى في أمرِ قلبٍ ذائبِ
ما زالَ يقُعِدُهُ الهَوَى ويُقيمهُ / كالفعلِ بينَ جوازمٍ ونواصبِ
أُردُدْ فُؤاداً لي أراك غَصَبتَهُ / مني فإنَّ الرَدَّ حُكمُ الغاصبِ
ما كانَ أسمَحَني به لكنَّهُ / وَقفُ العِراقِ فلا يَصِحُّ لِواهبِ
شَوْقي إلى من لم تَراهُ نواظري / في قُطرِ أرضٍ لم تَطأهُ ركائبي
أحببتُ زَوراءَ العِراقِ لأجلِهِ / ولأجلِها أطرافَ ذاكَ الجانبِ
حَقُّ المحبَّةِ للقُلوبِ فقد أرَى / حُبَّ الوُجوهِ عليهِ لَمْحةُ كاذبِ
وإذا تَعرَّضَ دُونَ عينٍ حاجبٌ / فهُناكَ قلبٌ لا يُرَدُّ بحاجبِ
أفديكَ يا مَن ليسَ لي في حُبّهِ / فضلٌ فذاكَ علَيَّ ضَربةُ لازبِ
أحسنتَ في قَولٍ وفِعلٍ بارعاً / وكِلاهُما للنَّفسِ أكبرُ جاذبِ
أنتَ الذي نالَ الكمالَ موفَّقاً / مَن رازقٍ من شاءَ غيرَ مُحاسبِ
فإذا نظمتَ فأنتَ أبلغُ شاعرٍ / وإذا نثرتَ فأنتَ أفصحُ خاطبِ
وإذا نظرتَ فعن شِهابٍ ثاقبٍ / وإذا فَكَرْتَ فعن حُسامٍ قاضبِ
وإذا جَرَتْ لكَ في الطُروسِ يَراعةٌ / فسوادُ وَشمٍ في مَعاصِمِ كاعبِ
هذِهْ رَسولٌ لي إليكَ وليتني / كُنتُ الرَسولَ لها بَمعْرِضِ نائبِ
شاميَّةٌ من آلِ عيسى أقبلَتْ / في ذِمَّةِ العُمَريِّ تحتَ مَضاربِ
عذراءُ يَثْنيها الحَياءُ مهَابةً / وتَقُودُها الأشواقُ قَوْدَ جنائبِ
نَزَعتْ إلى ماءِ الفُراتِ وما دَرَتْ / كم أغْرَقَتْ صَهَواتُهُ من راكبِ
تلكَ البقيَّةُ من ذخائرِ أعجَمٍ / تَلقَى البقيَّةَ من كِرامِ أعاربِ
من كل نابغةٍ يُفيضُ كأنَّما / نُشِرَ الفَرَزْدَقُ في تميمَ لغالبِ
ماذا يقومُ ولو تَطاوَلَ قاصرٌ / بِمَدىً تُقصِّرُ فيهِ جُرْدُ سَلاهبِ
فلكَ الجميلُ إذا عَذَرتَ وإن تَلُمْ / فلقد أصَبْتَ وما المَلُومُ بعاتبِ
من كانَ كاتبَ نُونِ هذا الحاجِبِ
من كانَ كاتبَ نُونِ هذا الحاجِبِ / هَيهاتَ لَيسَتْ من صِناعةِ كاتبِ
ومَنِ الذي خَضَبَ الخُدُودَ بحُمرةٍ / يا مَيُّ أم لَيسَتْ بصَبْغةِ خاضِبِ
بأبي التِّي من آلِ بَدرٍ وَجْهُهُا / ولِحاظُها من رَهْطِ آلِ مُحاربِ
تغزو كما تغزو الكُماةُ وإنَّما / تَدَعُ العِدَى وتُرِيدُ غزوَ الصَّاحبِ
قُلْ للَّتي نَهَبَتْ فُؤادَ مُحبِّها / بئِسَ الغنيمةُ نَهبُ قلبٍ ذَائبِ
نَهَبَتْ خُلاصةَ مالِها من بيتِها / نفسي فِداكِ فأينَ رِبحُ الناهِبِ
كم بينَ مَن يجفو الخَليِطَ وبينَ من / يصبو إلى حُبِّ البعيدِ الغائبِ
مَن كان يهوَى فلْيَكُنْ كَمُحمَّدٍ / يَهوَى ويُهوَى بالخليقِ الواجبِ
ذَاكَ الذي منهُ المَحَبَّةُ نحوَنا / قَطَعَتْ سَباسِبَ أُرِدفَتْ بسباسبِ
كلُّ الصِّحابِ نُريدُ تَجرِبةً لهم / وهوَ الغَنيُّ عنِ امتِحانِ تَجارِبِ
أهدَى إليَّ رسالةً آمَنتُ عنْ / ثِقَةٍ بها لما أتَتْ بعَجائِبِ
حَمَلَتْ على ضُعفٍ بها من صَبْوةٍ / ما ليسَ تَحمِلُهُ مُتونُ نجائبِ
عَرَبيةٌ جاءَت بلُطفِ حواضرٍ / من رِقَّةِ المَعْنى ولَفظِ أعاربِ
نَقَشَتْ سَواداً في البَياضِ كأنَّهُ / نَقشُ الغَوالي في وجوهِ كواعبِ
يامن دعا فأجاب قلبي طائعاً / لبَّيكَ من داعٍ عزيزِ الجانبِ
ذاكَ ابتِداءٌ مالَهُ من ناسخٍ / ولُ ارِتفاعٌ مالهُ من ناصِبِ
أنتَ الوفيُّ الصادقُ الحُبِّ الذي / يَبقَى على طولِ الزَّمانِ الكاذبِ
ولقَد تَوازَنتِ المحَبَّةُ بينَنا / كتَوازُنِ الأجزاءِ في المُتقاَربِ
حَمَّلْتَني من فضلِ جُودِكَ مِنَّةً / عَظُمَتْ ولكن ليس تُثقِلُ غاربي
مِنَنُ الكِرامِ على الرِّجالِ خفيفةٌ / إذ ليسَ من عَيبٍ بِهِنَّ لعائبِ
حَزَنُ القلوبِ على الغريبِ غريبُ
حَزَنُ القلوبِ على الغريبِ غريبُ / حتى تكادَ لهُ القلوبُ تذوبُ
والموتُ في نفسِ الحقيقةِ واحدٌ / لكن يُفرِّقُ بينهُ الأُسلوبُ
كلٌّ نراهُ على الطَّريقِ مسافراً / أبداً وما أحدٌ نراهُ يأُوبُ
يا سَفرةً بَعُدتْ مَسافةُ دارِها / عنَّا وأمَّا يومُها فقريبُ
عَجَباً لِمن يُمسي ويُصبحُ خائفاً / من مَوتهِ ولهُ الحياةُ تَطيبُ
طَفَحَت على بَصَرِ القلوبِ غِشاوةٌ / حتى تَساوى أحمقٌ ولبيبُ
يقضي الفَتى أيَّامَهُ في غفلةٍ / ويَلومُ كلَّ مُغَفَّلٍ ويَعيبُ
شَمِلَ الغُرورُ النَّاسَ حتى ضَلَّ مَن / يَهدي وذابَ من السَّقامِ طبيبُ
قُل للخطيبِ على الجُموعِ أفدَتَهم / نُصحاً ولكن مَن عليكَ خطيبُ
إن لم يكُن عَملُ الخطيبِ كقولهِ / فَمَنِ الذي يدعو بهِ فيُجيبُ
يا مَن نسمِّيهِ الحبيبَ وإنَّهُ / رَجُلٌ إلى كلِّ القلوبِ حبيبُ
قد غِبتَ عنَّا في التُّرابِ ولم يكُنْ / عهدُ الكواكبِ في التُّرابِ تغيبُ
أتُرَى تفوزُ الأُذنُ منك بمَسمعٍ / إن لم يكُن للعينِ منكَ نصيبُ
يا غُربةً طالت عليكَ بغُربةٍ / قد جُرَّ فوقَكَ ذيلُها المسحوبُ
فارقتَ رَبعاً كانَ يرجو عوْدةً / لم يدرِ أنَّ رجاءَهُ سيخيبُ
إن كنتَ قد سافرتَ غيرَ مُودِّعٍ / فقد اقتَفَتْكَ وشَيَّعتْكَ قُلوبُ
فعليكَ من لدُنِ المُهَيْمنِ رحمةٌ / يَسقي ضريحَكَ غيثُها المَسكوبُ
قد كنتَ تُرضِي اللهَ حَسْبَ كتابهِ / فَلَكَ الرِّضَى في لَوحِهِ مَكتوبُ
دَعْني فلستُ على الزَّمانِ بعاتبِ
دَعْني فلستُ على الزَّمانِ بعاتبِ / ليسَ الزَّمانُ كما علمتَ بصاحِبِ
وإذا وعدتَ النَّفسَ فيهِ براحةٍ / وعَدَتْكَ أن تُثنى بخَجْلةِ كاذبِ
كَثُرت نوائبُهُ عليَّ وإنَّما / ألفيتُ منهُ ملجأً للهاربِ
مولىً ظفرت بودِّه متباعداً / فرجوت منه وسيلةَ المتقارِبِ
وطَمِعتُ منهُ على البِعادِ بضَوئهِ / إذ تلكَ عادةُ كلِّ نجمٍ ثاقبِ
هو عِصمةُ الدَّاعي وغَوْثُ الملتجي / وكِفايةُ الرَّاجي وكَنزُ الطالبِ
في كفِهِّ البيضاءِ خمسُ أناملٍ / يدعونها في الأرضِ خمسَ سَحائِبِ
تُروي القريبَ من الجوانبِ حَولها / وتَسوقُ عارِضها لأبَعدِ جانِبِ
مولايَ إني قد دعوتكَ دَعوةً / بلسانِ قلبٍ لا لسانِ مُخاطبِ
نَقَشَ الرَّجاءُ على فُؤادي أسطُراً / أجلَى وأثبَتَ من مِدادِ الكاتِبِ
ما ضَرَّنا أن كُنتَ لست بحاضرٍ / فينا وفضلُ نَداكَ ليسَ بغائبِ
في قُبَّةِ الأفلاكِ بدرٌ واحدٌ / يكفي لضوءِ مَشارقٍ ومَغارِبِ
قُلِّدتَ سيفَ نِيابةٍ شرَّفتَهُ / حتى أريتَ النَّاسَ فضلَ النائِبِ
للسيفِ فضلٌ في المَضاءِ وإنَّما / لا يَقبَلُ الإنكارَ فضلُ الضَّارِبِ
ذَهَبَ الحبيبُ فيا حُشاشةُ ذُوبي
ذَهَبَ الحبيبُ فيا حُشاشةُ ذُوبي / أسَفاً عليهِ ويا دُموعُ أَجيبي
ربَّيتُهُ للبينِ حتَّى جاءَهُ / في جِنح ليلٍ خاطفاً كالذيبِ
يا أيُّها الأُمُّ الحزينةُ أجمِلي / صبراً فإنَّ الصَّبرَ خيرُ طبيبِ
لا تَخلَعي ثوبَ الحِدادِ ولازِمي / ندباً عليهِ يليقُ بالمندوبِ
هذا هُوَ الغُصنُ الرَّطيبُ أصابهُ / سهمُ القضاءِ فماتَ غيرَ رطيبِ
مَنْ للكِتابةِ والحِسابةِ بعدَهُ / ولصحِّةِ التَّدبيرِ والتدريبِ
لا أستحي أن قُلتُ قَلَّ نظيرُهُ / بينَ الرِّجالِ فلستُ غيرَ مُصِيبِ
والمرءُ يُطلِقُ في الكلامِ لسانَهُ / أن كانَ لا يَخشَى من التكذيبِ
إنّي وَقَفتُ على جَوانبِ قبرهِ / أسقي ثراهُ بمدمعي المصبوبِ
ولقد كتبتُ لهُ على صَفَحاتهِ / يا لَوْعتي مِن ذلكَ المكتوبِ
لَكَ يا ضريحُ كَرامةٌ ومحبَّةٌ / عندي لأنَّكَ قد حَوَيتَ حبيبي
يا حسنَها مِن رِحلةٍ تُغنيكَ عن
يا حسنَها مِن رِحلةٍ تُغنيكَ عن / تَعَبِ الرَّحيلِ وغُربةِ المتغرِّبِ
فيكونُ فِكرُكَ في البلادِ مُسافِراً / ويكونُ جسمُكَ ثابتاً لم يَذهبِ
للهِ منُشئِها اللبيبُ فإنَّهُ / شَرَحَ الصُّدورَ بشرحهِ المُستعذَبِ
يُعطيكَ مِرآةَ البلادِ جليَّةً / فَتَرى بها المحجوبَ غيرَ مُحجَّبِ
فكأنَّهُ نَقَلَ البِلادَ إليكَ أو / أنت انتقلتَ إلى بِلادِ المَغرِبِ
قبرٌ سقاهُ اللهُ غَيثَ كرامةٍ
قبرٌ سقاهُ اللهُ غَيثَ كرامةٍ / وروَى برحمتهِ جوانِبَ تُربهِ
مِن فوقهِ أيدي المؤرِّخِ سَطَّرتْ / الياسُ زَهَّارٌ برحمةِ ربِّهِ
قد شادَ هذا البُرجَ يوسُفُ عصرِهِ
قد شادَ هذا البُرجَ يوسُفُ عصرِهِ / من آلِ سَيُّورَ الأكارِمِ يُنسَبُ
قالت لَدَى البابِ المؤرِّخِ وَفْدُهُ / هذا لنا بُرجٌ وهذا كوكبُ
يا حُسنَ حَمَّامٍ سَمَا بنقائهِ
يا حُسنَ حَمَّامٍ سَمَا بنقائهِ / وهوائِهِ وبطيبِهِ وطُيُوبهِ
فيهِ سليمُ القلبِ يدعُو ربَّهُ / ويرومُ بالتاريخِ غَسْلَ ذُنوبِهِ
هذا ابنُ رزقِ اللهِ فارسُ قد مَضَى
هذا ابنُ رزقِ اللهِ فارسُ قد مَضَى / أجَلاً على تَقَوى الإلهِ وحُبِّهِ
قد كانَ حُسنُ سُلوكِهِ في ما مَضَى / أرِّخ بَشيراً بالرِّضى مِن رَبِّهِ
هذا فؤادُ الدَّولةِ السَّامي الذي
هذا فؤادُ الدَّولةِ السَّامي الذي / رُدِفَت مراتبُ مَجدهِ بمراتبِ
هُوَ أهلُ ذاكَ وفوقَ ذاكَ إلى مَدَى / ما ليسَ يستوفيهِ ضربُ الحاسبِ
كالبحرِ يحمِلُ كلَّ ما في الأرض مِن / سُفُنٍ ويفضُلُ منهُ أعظَمُ جانبِ
زادتْ مراتبُهُ ثلاثاً فوقَ ما / كانت عليهِ وذاكَ عينُ الواجبِ
كالشَّمسِ حلَّت مِن ذُرَى تأريخِها / أوجاً فصاحَبَها ثلاثُ كواكبِ
هذا ابنُ إبراهيمَ فِيعاني الذي
هذا ابنُ إبراهيمَ فِيعاني الذي / كانت كقلبِ أبيهِ صَفوةُ قلبِهِ
فُجِعَتْ به بيروتُ مَسقِطُ رأسهِ / وبَكَت عليهِ دِمَشقُ مَوقِعُ تُرْبهِ
قد حلَّ في هذا الضريحِ بجسمِهِ / والنَّفسُ في روضِ النّعيمِ وخِصبِهِ
فنقشتُ في اللوحِ المؤرَّخٍ راسِماً / سَكَبَتْ على أنطونَ رحمةُ رَبِّهِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025