المجموع : 5
طَرِبَ الْفُؤادُ وكانَ غَيْرَ طَرُوبِ
طَرِبَ الْفُؤادُ وكانَ غَيْرَ طَرُوبِ / والْمَرْءُ رَهْنُ بَشاشَةٍ وَقُطُوبِ
وَرَدَ الْبَشِيرُ فَقُلْتُ مِنْ سَرَفِ الْمُنَى / أَعِدِ الْحَدِيثَ عَليَّ فَهْوَ حَسِيبي
خَبَرٌ جَلا صَدَأَ الْقُلُوبِ فَلَمْ يَدَعْ / فِيهَا مَجالَ تَحَفُّزٍ لِوَجِيبِ
ضَرَحَ الْقَذَى كَقَمِيصِ يُوسُفَ عِنْدَمَا / وَرَدَ الْبَشِيرُ بِهِ إِلَى يَعْقُوبِ
فَلْتَهْنَ مِصْرُ وَأَهْلُهَا بِسَلامَةٍ / جاءَتْ لَهَا بِالأَمْنِ بَعْدَ خُطُوبِ
بِالْمَاجِدِ الْمَنْسُوبِ بَلْ بِالأَرْوَعِ الْ / مَشْبُوبِ بَلْ بِالأَبْلَجِ الْمَعْصُوبِ
رَبِّ الْعُلاَ وَالْمَجْدِ إِسْمَاعِيلَ مَنْ / وَضَحَتْ بِهِ الأَيَّامُ بَعْدَ شُحُوبِ
وَرَدَ الْبِلادَ ولَيْلُها مُتَراكِبٌ / فأَضاءَهَا كَالْكَوْكَبِ الْمَشْبُوبِ
بِرَوِيَّةٍ تَجْلُو الصَّوَابَ وَعَزْمَةٍ / تَمْضِي مَضاءَ اللَّهْذَمِ الْمَذْرُوبِ
مَلِكٌ تَرَفَّعَ أَنْ تَكُونَ صِفاتُهُ / إِلَّا لَهُ أَوْ لاِبْنِهِ الْمَحْبُوبِ
ذو هَيْبَةٍ تَكْفِيهِ سَوْقَ جُنُودِهِ / وَبَدِيهَةٍ تُغْنِي عَنِ التَّجْرِيبِ
نَمَّتْ شَمائِلُهُ عَلَى أَعْراقِهِ / نَمَّ النَّسِيمِ عَلَى أَرِيجِ الطِّيبِ
أَكْنِي بِزَهْرِ الرَّوْضِ عَنْ أَخْلاقِهِ / وَبِنَشْرِهِ عَنْ فَضْلِهِ الْمَرْغُوبِ
وأَقُولُ إِنَّ الْبَرْقَ يَحْكِي بِشْرَهُ / لَوْ كَانَ بَرْقُ الْمُزْنِ غَيْرَ خَلُوبِ
فَالْخِصْبُ في الدُّنْيَا عَلامَةُ عَدْلِهِ / والْغَيْثُ فَضْلَةُ جُودِهِ الْمَسْكُوبِ
أَجْرَى نَسِيمَ الأَمْنِ بَعْدَ رُكُودِهِ / وَأَفَاضَ مَاءَ الْعَدْلِ بَعْدَ نُضُوبِ
وَأَعَادَ مِصْرَ إِلَى جَمالِ شَبابِها / مِنْ بَعْدِ مَا لَبِسَتْ خِمَارَ مَشِيبِ
فَتَنَعَّمَتْ مِنْ فَيْضِهِ في غِبْطَةٍ / وَتَمَتَّعَتْ مِنْ عَدْلِهِ بِنَصِيبِ
وَإِذَا أَرادَ اللهُ رَحْمَةَ أُمَّةٍ / بَعَثَ الشِّفَاءَ لَهَا بِخَيْرِ طَبِيبِ
فَلَقَدْ مَلَكْتَ زِمَامَها وَسَقَيْتَها / بَعْدَ الصَّدَى مِنْ رَحْمَةٍ بِذَنُوبِ
فَغَدَتْ وَمَا فِي الأَرْضِ أَحْسَنُ بُقْعَةً / مِنْهَا لِمُزْدَرِعٍ وَلا لِكَسُوبِ
يَسْتَنُّ فِيهَا النِّيلُ بَيْنَ حَدَائِقٍ / غُلْبٍ ورَفَّافِ النَّباتِ خَصِيبِ
وتَرَى السَّفِينَ يَجُولُ فَوْقَ سَراتِهِ / زَفَّ الرِّئَالِ تَمَطَّرَتْ بِسُهُوبِ
مِنْ كُلِّ راقِصَةٍ عَلَى نَقْرِ الصَّبَا / تَخْتَالُ بَيْنَ شَمائِلٍ وَجَنُوبِ
مَلَكَتْ أَزِمَّتَها الرِّيَاحُ فَسَيْرُها / ضَرْبَانِ بَيْنَ تَحَفُّزٍ وَدَبِيبِ
فَإِذا أَطَلْتَ عِنَانَها وَقَفَتْ وإِنْ / أَقْصَرْتَهُ سَارَتْ بِغَيْرِ لُغُوبِ
فَانْعَمْ بِخَيْرِ وِلايَةٍ وَلّاكَها / رَبُّ الْعِبادِ بِرَغْمِ كُلِّ رَقِيبِ
مَا آثَرُوكَ لَها بِغَيرِ رَوِيَّةٍ / بَلْ لاِعْتِصامِهِمُ بِخَيْرِ لَبِيبِ
فَاسْمَعْ مَقالَةَ صادِقٍ لَمْ يَنْتَسِبْ / لِسِوَاكَ في أَدَبٍ وَلا تَهْذِيبِ
أَوْلَيْتَهُ خَيْراً فَقَامَ بِشُكْرِهِ / وَالشُّكْرُ لِلإِحْسَانِ خَيْرُ ضَرِيبِ
فَاعْطِفْ عَلَيْهِ تَجِدْ سَلِيلَ كَرَامَةٍ / أَهْلاً لِحُسْنِ الأَهْلِ وَالتَّرْحِيبِ
يُنْبِيكَ ظاهِرُهُ بِوُدِّ ضَمِيرِهِ / وَالْوَجْهُ وَسْمَةُ مُخْلِصٍ وَمُرِيبِ
وَإِلَيْكَ مِنْ حَوْكِ اللِّسَانِ حَبِيرَةً / يُغْنِيكَ رَوْنَقُها عَنِ التَّشْبِيبِ
حَضَرِيَّةَ الأَنْسَابِ إِلَّا أَنَّها / بَدَوِيَّةٌ في الطَّبْعِ وَالتَّرْكِيبِ
وَلِعَتْ بِمَنْطِقِهَا النُّفُوسُ غَرَابَةً / وَالنَّفْسُ مُولَعَةٌ بِكُلِّ غَرِيبِ
أَرْسَلْتُها مَثَلاً بِمَدْحِكَ فِي الْوَرَى / وَالسَّهْمُ مَنْسُوبٌ لِكُلِّ مُصِيبِ
كَلِمٌ أَثَرْتُ بِها جَوَادَ بَراعَةٍ / لا يُقْتَفَى في الْحُضْرِ وَالتَّقْريبِ
تَرَكَ الْوَلِيدَ مُلَثَّماً بِغُبارِهِ / وَمَضَى فَكَفْكَفَ مِنْ عِنَانِ حَبِيبِ
فَاسْتَجْلِهَا تَلْمَحْ خِلالَكَ بَيْنَهَا / فِي وَشْيِ بُرْدٍ لِلْكَلامِ قَشِيبِ
كَزُجَاجَةِ التَّصْوِيرِ شَفَّتْ فَاجْتَلَتْ / مِنْ وَصْفِهِ ما كانَ غَيْرَ قَرِيبِ
لا زِلْتَ فِي فَلَكِ الْمَعَالِي كَوْكَباً / تُهْدِي الضِّياءَ لأَعْيُنٍ وَقُلُوبِ
قُمْ هَاتِها واللَّيْلُ مَالَ عَمُودُهُ
قُمْ هَاتِها واللَّيْلُ مَالَ عَمُودُهُ / لِلْغَرْبِ وانْتَشَرَتْ جُنُودُ الْمَغْرِبِ
وَبَدَا الْهِلالُ عَلَى الأَصِيلِ كَأَنَّهُ / نُونٌ مُفَضَّضَةٌ بِرَقٍّ مُذْهَبِ
ذَهَبَ الهَوَى بِمَخِيلَتِي وَشَبابِي
ذَهَبَ الهَوَى بِمَخِيلَتِي وَشَبابِي / وَأَقَمْتُ بَيْنَ مَلاَمَةٍ وَعِتَابِ
هِيَ نَظْرَةٌ كَانَتْ حِبالَةَ خُدْعَةٍ / مَلَكَتْ عَلَيَّ بَدِيهَتي وَصَوابِي
نَصَبَتْ حَبائِلَ هُدْبِهَا فَتَصَيَّدَتْ / قَلْبي فَراحَ فَرِيسَةَ الأَهْدابِ
مَا كُنْتُ أَعْلَمُ قَبْلَ طَارِقَةِ الْهَوَى / أَنَّ الْعُيُونَ مَصايِدُ الأَلْبابِ
وَمِنَ الْعَجائِبِ في الْهَوَى أَنَّ الفَتَى / يُدْعَى إِلَيْهِ بِأَهْوَنِ الأَسْبَابِ
فَارْبَحْ مَلامَكَ يَا عَذُولُ فَإِنَّنِي / راضٍ بِسُقْمِي فِي الْهَوَى وَعَذَابِي
إِنِّي إِذَا ما الْخِلُّ خَاسَ بِعَهْدِهِ
إِنِّي إِذَا ما الْخِلُّ خَاسَ بِعَهْدِهِ / بَعدَ الوِدادِ فَلَسْتُ مِنْ أَصْحَابِهِ
وإِذَا عَتَبْتُ عَلَيْهِ ثُمَّتَ لَمْ يَعُدْ / عَنْ غَيِّهِ لَمْ أَكْتَرِثْ لعِتَابِهِ
لا تَرْكَنَنَّ إِلَى الِعَدُوِّ فَإِنَّهُ
لا تَرْكَنَنَّ إِلَى الِعَدُوِّ فَإِنَّهُ / يَبْغِي سِقَاطَكَ بِالحَدِيثِ الْمُعْجِبِ
كَالنَّارِ تَخْتَدِعُ الْفَراشَ بِحُسْنِهَا / فَيَنَالُ مِنْهُ الْبُؤْسُ إِنْ لَمْ يَعْطَبِ