المجموع : 8
نشرَ المُنَى طاوي السُّهوب
نشرَ المُنَى طاوي السُّهوب / ورجا السُكون من الدّؤوبِ
لم أقتعدْ ظَهْرَ السرى / إلاّ وآمالي جَنيبي
ولقد أقولُ لصاحبي / والعيسُ في خَرْقٍ رحيب
ثقْ بالمُجيبِ لمَنْ دعا / هُ إلى المَطالب لا المُخيب
فزِمامُ ما أرجوه في / ذا الوجهِ من عَرَضٍ قَريب
بيَد الأديبِ هلِ إنْ أتَيْ / تُ أنالُه بيَدِ الأديب
فلَكم أعاذ أخا الخطا / بِ بما أقالَ من الخُطوب
ولقد تَجاوز بالمجُدو / بِ لقَصْدِ جانبه الخَصيب
فاقْرِ السّلامَ عليه من / جارٍ لبَيْتَيْه غَريب
ما إن يُزارُ ولا يزو / ر لكَيْ يَخفَّ على القلوب
مَع صَفوِ وُدٍّ خالص / لا بالمخوضِ ولا المَشوب
صَحبَ الفؤادَ ودامَ مِن / عهْد الشبابِ إلى المشيب
ولقلَّما يسلو المُحبْ / بُ أخو الحِفاظ عن الحبيب
نَفسي فداؤك أيّهذا الصّاحبُ
نَفسي فداؤك أيّهذا الصّاحبُ / يا مَنْ هواهُ عليَّ حَقٌ واجبُ
لمْ طالَ تقصيري فما عاتَبْتني / فأنا الغداةَ مُقصّرٌ ومُعاتِب
ومنَ الدّليل على مَلالك أنّني / قد غبْتُ أياماً وماليَ طالب
وإذا رأيتَ العبْدَ يَهربُ ثُمَّ لم / يُطلَبْ فَمَولَى العَبْدِ منه هارب
أأحِبّتي الشاكِينَ طُولَ تَغَيّبي
أأحِبّتي الشاكِينَ طُولَ تَغَيّبي / والذّاهبينَ منَ الهوى في مَذْهبي
لا تحْسَبوا أنّي جَعْلتُ على النّوى / لجنابِكم بالاخْتيار تَجُّنبي
ما جُبْتُ آفاقَ البلادِ مُطَوِفّاً / إلا وأنتم في الوَرى مُتَطلبّي
سَعْيِي إليكم في الحقيقة والذي / تَجدون عنكم فهْو سَعْيُ الدّهر بي
أنحُوكمُ ويَرُدُّ وَجهْي القّهقَرّى / دَهْري فسَيْري مثْلُ سيْرِ الكَوكب
فالقَصدُ نحوَ المَشْرقِ الأقصى له / والسَّيرُ رأيَ العَينِ نحوَ المَغْرب
تاللهِ ما صَدق الوشاةُ بما حَكَوا / إنّي نسِيتُ العهدَ عند تَغرُّبي
هانَ الفراقُ عليَّ بعدَ فِراقِكم / والصَّعبُ يسهُلُ عند حَمْلِ الأصعَب
يا راكباً يُزْجي المطيّة غادياً / حتى تُبلِّغَهُ مُناخَ الأركَب
هل طالعاتٌ بالطُويْلعِ غُدوةً / تلك الشّموس الغارباتُ بِغُرَّب
مُتَنَقّباتٌ بالسّواعدِ رِقْبةً / من كُلِّ سافرةٍ ولم تَتنقَّب
بَيضاءَ أُختِ فوارسٍ تأْوِي إلى / بيتٍ بأشطان الرماح مُطَنَّب
كالظَّبيةِ الأدماءِ يَرتَعُ سرْبُها / في كلِّ وادٍ بالأسنّةِ مُعشِب
عَهْدي بها وغريبُها لم تَنْتَزِحْ / دارٌ به وغُرابها لم يَنْعَب
فلقد وقَفْتُ اليومَ مَوقفَ زائرٍ / للطَّرْفِ منه في الديار مُقلِّب
لكَ في مدامِعيَ الغزيرةِ غُنْيةٌ / عن مِنّةٍ للرائح المُتحلّب
سِيانِ ذو هَدَبٍ إذا أروَى الثَّرى / يا دارَهابالقَطْرِ أو ذو هَيْدَب
إمّا تَريْني فوق ذِروةِ عِرْمسٍ / أطْوي الفلا أو فوق صَهوةِ سَلْهَب
وأخو اللّيالي ما يزالُ مُراوِحاً / ما بينَ أدَهم خيْلها والأشهَب
كالخِضْرِ في حَضَرٍ وبَدْوٍ موغِلاً / دهْري أُمزِّق سبْسباً عن سبْسَب
فالأرضُ لي كُرةٌ أُواصِلُ ضَربَها / وصَوالجي أيدي المطايا اللُّعَّب
وفِناء مَولانا المدى وخِطارُنا / من بعدِ نَيلِ المجدِ نُجحُ المَطْلب
مَلكٌ يظَلُّ مُحجَّباً من عزِّه / ونَداه مهما رُمْتَغُرمُحَجَّب
غُصَّت بصافنةِ الجيادِ عِراصُه / تدْعو إليه بنى الرَّجاء وتَطَّبي
رحبت فلو نطق الجمادُ لسامعٍ / نطقَتْ بأهلٍ للوفود ومَرحَب
ليس المَجرّةُ أنجُماً في أفقها / لكنّ ذيلَ عُلاه عالي المسْحب
أحَسودَهُ ألقيتَ شِلوك ناشباً / في نابِ أرقمَ أومخالبِ أغلَب
سَوّى الزمانَ وأهله بثقافهِ / واختصَّ كُلاباختصاصٍ معجِب
فالعجمُ فيه مثلُ خطٍّ معجَمٍ / والعربُ فيه مثلُ خَطٍ مُعْرَب
صدق الحنيَّةَ خلف رميٍ صائبٍ / بجيوشهِ من خلفِ رأيٍ أصوب
فيُديرُ في أثنائهنَ كلامه / كأسَ المنيةِ للعدُوِّ المُجلب
كالسيفِ ما ينفكُّ يهزمُ حدُّه / غِلَظَ الرّقابِ برِقةٍ في المضرِب
مُلئت قلوبُ عداهُ منه مخافة / خلَعت فؤادَ الخالعِ المتَوَثِّب
مِن معملٍ ليلاً لكيدٍ كامنٍ / أومُرسلٍ صُبحاً لخيلٍ شُزَّب
ونَصيحُ سُلطانٍ يُهذِّبُ مُلكه / من كُلِّ ماأهدَىمَقالُ مؤنِّب
ويَشُبُ فوق المُلكِ نارَ قريحةٍ / يأتيك منها الرأيُ غيرَ مصهَّب
فتَراهُ طولَ زمانه في مَعْرَكٍ / دونَ العُلا أبداًوهم في المَلعَب
قُطبٌ لدولته وكلٌّ أنجمٌ / والقُطبُ ثَبتٌ ليس بالمُتقلِّب
في كفِّه قَلَمٌ يَغُضُّ مضاؤُه / من كلِّ مَطْرورِ الغِرارِمُذَرَّب
مازال إمّا كالحسامِ المُنتضَى / يُروِي الصَّدَى أو كالغمامِ الصَيِّب
العيث يغلطُ حينَ يَنسخُ جُودَه / ولذاك يَظْفَرُ في البلادِ بمُجْدِب
واللّيثُ وَدَّتشَبُّهاً بيَمينه / لو كان من قَصَبٍ أُمدَّ لمِخْلَب
والنَّجمُ يَحْكي بُعْدَ غَورِك إن هوَى / وإذا سما يَحكي عُلُوًّ المَنصب
فيَرونه عن غايتَيْكَ مُقَصِّراً / في سَيرِه المُتَصِّعدِ المُتَصَوِّب
يا صاحِ سيَفٌ أنت راقَ صِقالُه / ولقد بسطتُ إليك كفَّ مجَرِّب
بلِّغ أبا نصرٍنُصِرت َوَقلْ له / اِعتِب فإنّ الدَّهر ليس بمُعْتب
وانْه الزّمانَ عنِ الاساءةِ جاهداً / هل خادمٌ لذُراك غيرُ مُؤدَّب
اجمَعْ صِحابَك في الزمانِ تطُلْ بهم / فالرّمحُ يُوجَدُ نَظْمُه من أكعُب
واطْلٌبْ لتُدرِك ما تشاءُ مُظفَّراً / فلطالما أدركتَ ما لم تطلُب
وَعلى الوليِّ خلعْتَ من سَلَبِ العِدا / فاخلعْ كذاك مَدى اللّيالي واسْلُب
كم عزمةٍ لك قد رميْتَ لها العِدا / بالخيلِ تحمِلُ كلَّ شَهْمٍ مِحْرب
من كلِّ طَودٍ في العنان وَمَرُّهُ / كالبَرقِ تحت الفارسِ المتُلبِّب
أعزيزَ دينِ الله دعوةَ آمِلٍ / بذُراك قوْدَ مرامِه المُستَصعَب
جاء الشتاءُ يريدُ هَدْمى فابْننى / عجلاًوإلاّ تبتَدِرني يَكلَب
وغداً تَشيبُ من الجبالِ فروعُها / فتَطولُ حَيرةُ أشيبٍ في أشيب
وإذا بكَى للعَجْزِ أصبحَ دَمْعُه / في الهُدبِ منهُ كلؤلؤٍ في مِثْقَب
جُدبى على قَومي وُجدْ لي بالّذي / أَبغي وفي شَرفِ اصطناعي فارغب
فلقد حجَجتُك إذ عَلمتُك كَعبةً / كَيما تكونَ منَ الثّوابِ مُقرِبي
وأَرى مَعادي كالمعَاد وغيَبتي / ذنْبٌ تَقدَّم فاغفرْ للمُذْنِب
ياآلَ حامدٍ الكرامَ بَقيتُمُ / فلأنتُمُ للمُلكِ خَيْرُ بَني أَب
عَمْرِي لقد أصفَيْتُكم منّي الهوى / وعَصيتُ فيكم قَوْلَ كُلَ مُثَرِّب
وخَدمتُكم ليلَ الشّبابِ بطُولِه / حتّى بدا صُبْحُ العِذارِ الأشيَب
فلئن حَميْتَ من الحوادثِ جانبي / ياعُدَّتي لم تَحْمِ جانبَ أجنَب
لي في عُلاكَ مَقالُ كلّ بديعةٍ / يَرْويهِ كلُّ مُشَرِّقٍ ومُغَرِّب
لَذَّتْ بأفواهِ السُّراةِ عِذابُها / فكأنّها مَصْقولُ ثَغْرٍ أشنَب
مِدَحٌ لفِكْرٍ في المعاني مُغْرِبٍ / صِيغَتْ لمُلكٍ في المعالي مُغرِب
مُتَناولاتٌ من بعيدٍ دِقّةً / والأرضُ خيرُ رياضِها للمغرب
قد أتْعبتْ لكنّها لمّا أتَتْ / وَفْق المُنى فكأنها لم تُتْعِب
وقلائدٌ مِمّا نظَمْتُ أَوابدٌ / من كلِ قَولٍ أَنتَقيهِ مُهَذَّب
إحدى كراماتي بمَدحِك أنني / نَظّمْتُ دُرا وهْو غيرُ مُثقَّب
فأَجيدُها وأكُرُّ في أثنائها / من خَوْفِ نَقْدِك نَظْرةَ المُتَهيِّب
وصفاتُك العُلْيا هي الغُررُ التي / لوُضوحها صفةُ المُريح المُنصب
بَهَرت فإن أطنَبْتُ كنتُ كُمُوجزٍ / عَجْزاًوإن أوجزتُ كنتُ كمُطنِب
والشّعرُ سِحرٌ لا يحلُّ سوى الّذي / يَنْساغُ منه وصفُهُ بالطَّيِب
فاذْهَبْ بسلْكِك فانِظمِ الدرَّ الذي / تَرضاه أو فاذْهَبْ بحَبْلك فاحْطِب
بَخِلَ اللّئامُ فكذّبوا مُدّاحَهم / هل في الجَهام يلوحُ غيرُ الخُلَّب
أعدى زمانَكَ حُسْنُ ذِكرِك فابتنَى / مَجداً لدَهرٍ قد سما بكَ مُنْجِب
نُهدي إليه وأنت فيه ثناءنا / كالغمِدِ حُلِّي للحسامِ المِقْضَب
فاسْلَمْ لنا ماأطْرَبتْ مَسجوعةً / في مِنَبرِ الأغصانِ خُطبةُ أخطَب
واسْعَدْ بشَهْرِ الصومِ أولى وافد / منك الغداةَ وقد أتى بتَقَرُّب
وأْذَنْ له ما كَرَّ حَوْ لٌ راجِعٌ / يَرْجعْ غليك مع السَّعود ويَذْهَب
في ظلِ مُلْكٍ لا يُصَغِّرِ قَدْرَه / إلاّرجاءُ مَزيدِه المُترقّب
من حُكْمِ طَرفي إذ يكونُ مُريبا
من حُكْمِ طَرفي إذ يكونُ مُريبا / ألاّ أعُدَّ على الوشاةِ ذُنوبا
الدّمعُ منه فلِمْ أُعاتبُ واشياً / والمَنْعُ منك فلِمْ ألومُ رقيبا
يا عاشقاً لعِبَ البكاءُ بعَيْنِه / واشتاق لو يَصلُ المَشوقُ حبيبا
أعْياهُ ما تَطْوى الضُّلوعُ من الهوَى / فأسالَ ما تذري الجفون غروبا
إن كنت تبعث بالحنين تحية / أو كنت تأمُرُ مُقلةً لتَصوبا
فإلى الخيالِ إذا تأوَّب طيْفُه / وعلى النّسيمِ إذا استقَلَّ هبوبا
الطّارِقَينِ على البعادِ مُتيَّماً / والمُسعِدَينِ على الغرامِ كئيبا
وخواطراً مَرحَتْ إليك صبابةً / وجوانحاً مُلئتْ عليك نُدوبا
يا بَرْقُ لم يَقدَحْ زِنادُك مَوْهِناً / إلا ليُوقِعَ في حشايَ لهيبا
عَندي من العَبَراتِ ما تَسقي بها / للعامريّه أجرَعا وكَثيبا
دِمنَاً وقَفْتُ على رسومِ عِراصِها / سمعِي المَلومَ ودمعيَ المَسكوبا
فلقد عَهِدتُ بها الطُلول مَغانياً / ولقد عَهِدْتُ بها النّوارَ ربيبا
وصحِبتُ أيامَ الوِصالِ قصيرةً / ولَبِستُ رَيْعانَ الشّبابِ قَشيبا
وبمُهْجتَي سكَنٌ أجَدَّ مع النّوى / عَتْباًوساق مَع الرِكابِ قلوبا
فغدا بقلبي في الظّعائن مَرْكَبا / وبكُلِّ قَلبٍ غيره مجنوبا
كُلُّ الخطوبِ من الزّمانِ حَسِبْتُها / وفِراقُ قَلبي لم يكنْ مَحْسوبا
مَرَّتْ على رأسي ضُروب شدائدٍ / لو أنّهُنّ ظهَرن كُنَّ مشيبا
وطلَبْتُ بالأدبِ الغنَى فحُرِمتُه / فعَلِمْتُ ما كُلُّ السّديدِ مُصيبا
ما عابَني لا الحياءُ إليهمُ / حَسبُ المحاسنِ أن تكون عُيوبا
لا تُكثِرنَّ من الزَّمانِ تَعجُّباً / ليس العجيبُ من الزّمانِ عَجيبا
وقصِدْ أبا العباسِ تَلق ببابه / الوجهَ طلقاًوالفناءَ رحيبا
أبتِ النّجيبةُ أن تزورَ بصاحبي / إلاّ أغرَّ من الكرامِ نجيبا
مازال بي طرَب إليه يهزَّني / ولِمثْله خلقَ الفُؤادُ طَروبا
لاتَعدَمِ الآفاقُ منه مكارماً / نَقَل الركائبُ ذكرَها المجلوبا
ومخائلاً موقوقةً وفضائلاً / ملأتْ قلوبَ الحاسدِين وجيبا
نَدْبُ يسُرُّ جليسَهُ بلقائه / أخلاقُ صدقٍ هُذّبَتتْ تَهذيبا
يَبْغي الكريمُ بها العلاءَويجتَبي / أملُ الفقير نوالَهُ المَوهوبا
فكأنّه صَرْفُ الزمانِ إذا سعَى / يوماً لراجٍ لم يَكُنْ ليَخيبا
وكأنّه الظّفر الهَنيءُ بُلوغُه / يَلْتَذُّهُ مَن كان منه قَريبا
تَتداولُ الأملاكُ من آرائه / شُهُباً تُصيبُ بها الظُنونُ غيوبا
فكأنّها الأيّامُ وهي مُضيئةٌ / مَن ساعَدْتُه لم يكُنْ مَغْلوبا
يا ماجداً ما لاح بارِقُ بِشرِه / إلا بوابلِ جُودِه مَصحوبا
آوى الوفاءَ إلى كريمِ جَنابه / إذ كان في هذا الزّمان غَريبا
ما زلتَ تُخجِلُ بالكتابِ كتائباً / أبداً وتُفصِلَ بالخطابِ خُطوبا
حتى لقد غارتْ أنابيبُ القنا / وحَسَدْن مَسَّك ذلكَ الأُنبوبا
فلوِ استطعْن تَشبُّهاً بقُدودهِ / لدنَوْن منه وانتَشرنَ كُعوبا
ولذاك كلُّ مُثقفٍ يومَ الوغى / يَبْكي دماً يَدعُ السّنان خَصيبا
يا أحمدُ بنَ عليٍّ القرمُ الذّي / ما زال للدّاعي الصريخِ مُجيبا
والمُستعانُ على العَلاء بجاهه / والمُستثابُ فلا يَزالُ مُثيبا
مَن كان مَطْلَبُه بساحَتك الغنى / فالمَجدُ أقصى ما أكونُ طَلوبا
وهُو الوزيرُ فإنْ بلَغْتَ فطالما / بلَغ الفتى بك مَجْدَه المكْتوبا
فاعْقِدْ به سَبَبي ودُونَك فارتَهنْ / شُكْراً يُعيرُ صَبا الأصائلِ طيبا
إني أُدِلُّ على عُلاك بهمّةٍ / بلَغَتْ بوُدِّك مَطْمَحاً مَطْلوبا
وأمُتّ بالقُربى إليك فطالما / جُعل الأديبُ من الأديبِ نَسيبا
مَن شاء أن يَصِلَ امرأاً فبمَوْقعٍ / والمجدُ أن يَصلَ الأديبُ أديبا
أعدِ التأملَ أيُّها المُرتابُ
أعدِ التأملَ أيُّها المُرتابُ / ما هكذا يتَعاتَبُ الأحبابُ
أمِنَ الحبيبِ مَلالةٌ وقطيعةٌ / وعلى المُحِبِّ مَلامةٌ وعِتاب
قُلْ لِلَّذينَ شَهدْتُ وَقفةَ عَتْبهم / فَرْداً وأنصارُ الرِضا غُيّاب
يا عاتِبينَ هُمُ جَنوا وهمُ جَفَوا / هذا لعَمْرُ أبيكمُ إغراب
غَضِبوا وتلك من اللُّيوثِ سَجيةٌ / رِقُ الفرائسِ واللُّيوثُ غِضاب
وعَدُوا الظِّماءَ الماءَ ثُمَّ تَراجَعوا / وإذا الشرابُ من الوُعود سَراب
ويُحِبُّهم قلبي وَفَوا أو أَخْلَفوا / ويَخُصُّهم وُدّي صَفَوا أو شابوا
وإذا نظَرْتَ إلى القلوبِ فإنّما / أربابُها الأحبابُ لا الأرباب
عَتَبٌ أُقلِّبُ فيه طَرْفَ تَرقُّبي / فعسى يكونُ وراءه إعتاب
وإقامةٌ للعُذْرِ منكم خِيفةً / أن يَشْمَتَ المُتتَبِّع العَيّاب
ما في جَفائكم إذا أنا لم أَخُنْ / سَبَبٌ يُعافُ حديثُهُ ويَعُاب
سَخِطَ النَبيُّ على البريء وما درى / مِمّا جَناهُ الآفِكُ الكذّاب
حتى استبان له بَوحْيٍ نازلٍ / أنّ الذّي قال الوُشاةُ كِذاب
بل لو ثَبَتَّ عليه بعد تَبَيُّنٍ / قضَتِ العُقولُ بأنّ ذاكَ عُجاب
فأمُرْ تُطَعْ فيما أردْت مُحَكَّماً / في الحالتيْن فما تَراهُ صَواب
جَدِّدْ عُهودَ مَودةٍ من قبلِ أن / تَقْضي بوَشْكِ دروسِها الأحقاب
واعْمُرُ فؤاداً أنت نازلُ سِرِّهِ / فسِواهُ من صَفْوِ الولاء خراب
مَيّزْ مُحبَّك من سِواه فإنّما / يُرجَى لإرغامِ العدا ويَهُاب
واعِطفْ على قَلْبٍ ذهَبتَ بأنسِه / فعَساه أن يَعتادَهُ الإطراب
واجرُرْ ذُيولَ العُمرِ في ربْعِ العُلا / والمَجْدِ ما جادَ الرِّياضَ سَحاب
عُوجوا عليها أَيُّها الرّكْبُ
عُوجوا عليها أَيُّها الرّكْبُ / لا عَارَ أن يَتساعَدَ الصَّحْبُ
كُلٌّ له قَلْب ولا ألَمٌ / عَجَباً ولِي ألمٌ ولا قَلْب
مالي سوى نَفَسٍ أُرَددُه / وَجْداً وَعيْنٍ دَمْعُا سَكْب
للهِ يومَ الجِزْعِ مَوقفُنا / لمّا تَعرَّضَ للمَها سِرْب
مُتَطِلعاتٌ للعُيونِ ضُحىً / وأكُفُّها لوجوهِها نُقْب
يَرمُقْنَ من شَبَكِ البنانِ فما / يَرْنو حليمُ القومِ أو يَصبْو
مِن كُلِّ فاتنةٍ لمِعْصَمِها / تُبدِي فيَشجَى القَلْبُ والقُلب
يَستَعذِبُ السّمعُ الملامَ لها / إنّ الغرامَ عذابُه عَذْب
مَدَّتْ إليَّ يداً تُودِعُني / فدَنا إليها المُغرَمُ الصّبّ
كالسّهْمِ راميهِ يُقَرّبُه / ولأجْلِ بُعْدٍ ذلك القُرب
كم ليلةٍ لي في الهوى سَلَفتْ / لم يَلْقَ لي هُدْباً بها هُدب
كم فارقَ الأحبابُ فابتَعثوا / حُزْني إلى أن فارقَ الحُبّ
فاليَومَ صُنْتُ حجابَ قلبيَ أن / تَسبيهِ بيضٌ صانَها الحُجب
وإذا تَصافَن أدمُعي حِصصاً / وَفْدُ الهموم فهجْرُكم كَعْب
فلْيَهنأِ الواشينَ أنّهم / شَبّوا لنا ناراً فما تَخْبو
ألْقَوا قذىً في عينِ أُلفتِنا / حتّى تَكَدّرَ ذلك الشِرب
وبعَثْتُ للعُتْبَى نهايةَ ما / يُرضيهمُ فتَضاعَفَ العَتْب
ومضىَ بُجَيْرٌ باذلاً دَمَه / للصلْحِ فازدادتْ بهِ الحَرْب
وإذا أتَى زمَنُ الفساد تَرَى / من حيث تُصِلحَ يَكبُرُ الخَطب
وإذا انقضَى فأقَلُّ من نَفَسٍ / فيه يَعود ذليلاً الصَّعب
لايَنْتُ أيّامي وكم زَمَنٍ / تَرْكُ الغِلابِ به هو الغَلب
قد أغتدِي بالعِيسِ مُبتكِراً / والصبْحُ طِفْلٌ في الدجى يَحبو
والرّكبُ يَطلُع في أوائلهم / أنجابُ قومٍ تحتَهم نُجب
مِن كلِّ حَرْفٍ من حُروفِ سُرىً / مُتَعاقَباها الرَّفع والنّصب
سارَتْ تُلاعبُ ظِلّها مَرَحاً / وكأنّ تابعةً لها سَقب
دستِ العُلا والمكرماتِ بنا / ودَعا الجمالَ الماءُ والعُشب
وتَخيّرتْ أرضاً يَحُلُّ بها / قاضي القُضاةِ فعَمّنا الخِصب
رَحُبَتْ خُطاها في مَزارِ فتىً / للزّائرينَ فِناؤه رَحْب
ركْنٌ به الإسلام شُدَّ فقد / حَجّتْ ذُراه العُجْمُ والعُرب
شَمسٌ فتَاويهِ أشِعَتُها / فبِها يَضيء الشَرْقُ والغرب
وغدا القنا الخَطّيّ من قلَمٍ / فَرْدٍ يُخَطُّ بكَفّهِ رُعب
ولَرأْيهِ الآراءُ تابِعةٌ / كالجِذْلِ يَستَشْفي به الجُرب
يضَعُ الأمورَ به مَواضِعَها / فتُديمُ حَمْدَ هِنائهِ النُّقْب
يا ماجداً لذُيولِ هِمّتِه / شَرَفاً على أعلى السُها سَحب
ما أبصرتْ عينٌ له زَمناً / مِثْلاً ولا نَطقتْ به الكُتْب
من مَعْشَرٍ بغَمامِ أنمُلِهمْ / عن آمليهم يُطْرَدُ الجَدْب
بِيضُ الوجوهِ ففي الحباءهمُ / هِضَبٌ تَسُحُّ وفي الحُبا هَضب
فلكٌ يَظَلُّ علىالعباد إذا / يَجْري وسامي رأيهِ القُطب
منه استنارَ شهابُ دينِ هُدىً / منهم نشا وله العُلا تِرب
فلقد عَلا ما شاءَ طَودُ عُلاً / لشهابِ دينٍ فوقَه شَبّ
فَبقِيتُما مُتَسرْ بِلَىْ حُلَلٍ / للعِزِّ لا يُخشَى لها سَلب
حتّى تَرى هذا الشِّهابَ غدا / ووراءه من نَسْلِه شُهب
يا ناصراً للدينِ تُبصرُهُ / ولسانه من دونه عضب
بصوارم الآراء تنصره / والصّارمُ الهِنْدِيُّ قد ينْبو
ضرْبٌ من الأعمالِ تُعمِلُه / لا طَعْنَ يَعدِلهُ ولا ضرب
يا عادلاً في حُكمِه أبداً / لم منك أدنَى نَظْرةٍ حَسْب
بكَ جئْتُ أستَعدِي على زَمَني / وخضامُه إن لم تُعِنْ صَعْب
فإلى متى تَغْزو حوادثُه / وإلى متى قَلبي لها نَهب
أوسَعْتُ قَوماً في الورى مِقةً / فإذا لِمَقْتٍ لي بها حَلب
وغرَسْتُ آمالاً لتَحْلوَ لي / ثَمَراتُهنّ فمازكا التُّرب
والبَخْتُ ما لم يأتِ مُقبِلُه / طَبْعاً فما لزِمامِه جَذب
قد كان ظَنّي غيرَ ذا لهُمُ / والظّنُّ طِرْفٌ ربّما يَكبُو
ولئن تَدارك منهمُ نَظَرٌ / وأُتيحَ إثْرَ تَصَدُّعٍ شَعب
فلقد تُقصِّرُ دون غايتِه / أيدي الجوادِ ويُدرِكُ العَقب
والفَجْرُ ليس بكائنٍ أبداً / صِدْقٌ له ما لم يَكُنْ كِذب
يا صاحباً لو لا عِنايتُه / بَوليّه ضاقَتْ به الرُحب
حالي عنِ المعَهود حائلةٌ / مَرِضَتْ وأنت بِبُرْئها طَبّ
وأشَدُّ ما بي أنّ مَرضتها / من حيث كان تَوقَّعَ الطِبّ
خذْها تَهُزُّ العِطْفَ من طَرَبٍ / حتى كأنّ رُواتَها شَرب
مَوشِيّةً وَشْيَ الرّياضِ وقد / سَحَبتْ عليها ذَيْلَها السُّحب
تُجلَى عليك وأيُّ مَنقبَةٍ / إلا وأنت لِبكرِها خِطب
وإليك لا منك اشتيكتُ بها / فاسمَعْ فشِعْبُك للهُدَى شَعب
وإذا شَحذْتَ العزْمَ مُؤتنِفاً / نَصْري فحِزْبُ اللهِ لي حِزب
فمتى يُقبِّضُ أن أقولَ وقد / تَمّتْ لديك مَطالبي الجُرب
كم بِتُّ ذا أرَقٍ وذا قَلَقٍ / فالآنَ قَرَّ الجَفْنُ والجَنب
جُدْلي بجِدٍّ منك أحْىَ به / فالدّهرُ دَهرٌ كُلُّه لعب
أمّا القريضُ فعَنْه يَشغلُني / زَمَنٌ خَبيئةُ صَدْرِه خِبّ
فاليومَ لي من نظْمِه عَجَبٌ / ولقد عُمِّرْتُ ولي بهِ عُجب
شَبَكُ الكريم قصيدةٌ نُظِمتْ / وبديعُ بَيتٍ وَسْطَها الحَبّ
فأصِخْ وأولِ من الصنائع ما / تَرضى المَبادىءُ منه والغِبّ
فالجودُ فِعْلٌ واحدٌ وبه / لك شاكرانِ العَبْدُ والرَّبّ
يا أهلَ بغدادٍ سقَى عَهْدِي بكم
يا أهلَ بغدادٍ سقَى عَهْدِي بكم / غيْثٌ يَبيتُ لكم كَدْمعِي ساكِبا
لولا خُطوبُ الدّهرِ كنتُ لعَودةٍ / منّي إليكم قبلَ مَوْتِي خاطبا
شَوْقي إليكم غالبٌ لو لم تَكُنْ / غِيَرُ اللّيالي الغالباتِ الغالبا
بيني وبينكمُ وغىً مَشْبوبةٌ / أضحَتْ تَلُفُّ أعاجما وأعاربا
وصفائحاً بيضَ المُتونِ صَوارماً / وسَوابحاً قُبَّ البُطونِ شَوازبا
ولفُرقةٍ الألافِ والشَمْلِ الّذي / ما زِلْتُ للتّشْتيتِ منهُ مُراقبا
كان النّوى تَكْفِي فكيف بها إذا / جمَع الزّمانُ لنا نوىً ونوائبا
فلذاكَ لا أَجِدُ السّبيلَ مُطالِعاً / لكُم ولا أجِدُ الرَّسولَ مُكاتِبا
وكذاك ما يَنفكُّ قَلْبي شاهداً / لكُم وما يَنفكُّ شَخْصي غائبا
ومُنازعي في أوّلِ اسْ
ومُنازعي في أوّلِ اسْ / مِكَ والجوابُ عليكَ واجِبْ
ومن النّوائبِ أننّي / في مثْلِ هذا الشُّغْلِ نائب
ومن العجائبِ أنَ لي / صَبْراً على هذِي العجائب