المجموع : 4
طَرَقَت مُنَقَّبَةً تَروعُ تَحَجُّباً
طَرَقَت مُنَقَّبَةً تَروعُ تَحَجُّباً / هَيهاتَ يَأبى البَدرُ أَن يَتَنَقَّبا
وَالصُبحُ في حَلَكِ الدُجى مُتَنَقِّبٌ / وَحُلى الدَراري موشِكٌ أَن يُنهَبا
وَالفَجرُ يَكتُبُ في صَحيفَةِ أُفقِهِ / أَلِفاً مَحَت نورَ الهِلالِ المُذهَبا
بَيضاءُ يَخفى البَدرُ مِن إِشراقِها / قُصرى النُجومِ مَعَ الضُحى أَن تَغرُبا
وَدَّعتُها فَجَنَيتُ مِن مُرِّ النَوى / حُلوَ الوَداعِ مُنَعَّماً وَمُعَذَّبا
شَملٌ تَجَمَّعَ حينَ حانَ شَتاتُهُ / وَيَزيدُ إِشراقُ السَراجِ إِذا خَبا
ذِكرى تُحَرِّكُني عَلى يَأسٍ كَما / طُرِبَ الكَبيرُ لِذِكرِ أَيّامِ الصِبا
يُستَثقَلُ الخَبَرُ المُعادُ وَقَد أَرى / خَبَرَ الحَبيبِ عَلى الإِعادَةِ طَيِّبا
يَحلو عَلى تَردادِهِ فَكَأَنَّهُ / سَجَعُ الحَمامِ إِذا تَرَدَّدَ أَطرَبا
كَالأَوحَدِ اِبنِ الجَدِّ كُرِّرَ ذِكرُهُ / فَأَتى عَلى تَكرارِهِ مُستَعذَبا
شَيحانُ تَحجُبُهُ المَهابَةُ سافِراً / أَبَداً وَيُدنيهِ السَنا مُتَحَجِّبا
في وَجهِهِ وَبَنانِهِ وَبَيانِهِ / ما في الكَواكِبِ وَالسَحائِبِ وَالرُبى
أَعطى فَما أَكدى وَهَبَّ فَما وَنى / وَجَرى فَلَم يُلحَق وَهُزَّ فَما نَبا
عَقَدَت خَناصِرَها الرِجالُ لِذِكرِهِ / وَبَدا فَحَلّوا مِن مَهابَتِهِ الحُبا
تَلقاهُ مَحبوباً عَلى سَطَواتِهِ / وَعَلى نَداهُ وَبِشرِهِ مُتَهَيَّبا
كَالرُمحِ ذا نَصلَينِ أَينَ حَنَيتَهُ / أَلفَيتَهُ مِن حَومَتَيهِ مُذَرَّبا
كَالمَشرَفيِّ خَلابَةً وَذَلاقَةً / أَو كَالزَمانِ تَسَهُّلاً وَتَصَعُّبا
حِلمٌ حَكى رَضوى وَلَكِنَّ تَحتَهُ / بَأسٌ ذُرى رَضوى يَهِدُّ وَكَبكَبا
يَكتَنُّ مِنهُ البَطشُ تَحتَ سَكينَةٍ / كَالزَندِ يوجَدُ خامِداً مُتَلَهِّبا
تَأتي التَجارِبُ تَستَشيرُ ذَكاءَهُ / مَهما اِستَشارَ الأَذكِياءُ مُجَرَّبا
كَرُمَت أَرومَتُهُ وَأَينَعَ فَرعُهُ / فَحَوى الجَلالَةَ مَنسِباً أَو مَنصِبا
كَالرَوضِ راقَكَ مَنظَراً وَخَبَرتَهُ / فَوَجَدتَ عُنصُرَهُ الغَمامَ الصَيّبا
هَشُّ النَدى جَزِلُ الوَقارِ كَأَنَّهُ / بَحرٌ وَطَودٌ إِن حَبا وَإِن اِحتَبى
رَمَتِ المَعالي مِنهُ لَحظاً أَدعَجاً / وَاِفتَرَّ عَنهُ الزَهرُ ثَغراً أَشنَبا
اِيهٍ أَبا عَمرٍو وَوَصفُكَ قَد غَدا / عِزّاً تَسَمّى كافِياً لَكَ مَحسَبا
حَلَّيتَ حِمصاً بِالبَقيعِ مَدائِحاً / وَحَمَيتَ مِنها بِالعَرينِ مُؤَشَّبا
حَسُنَت فَعادَ اللَيلُ صُبحاً نَيِّراً / فيها وَصارَ الصَلدُ رَوضاً مُعشبِا
أَفهَقتَ حَتّى البَحرُ يُدعى جَدوَلاً / وَأَضَأتَ حَتّى الشَمسُ تُدعى كَوكَبا
وَشَقيُّ قَومٍ لا كَما زَعَمَ اِسمُهُ / بارى عُلاكَ فَما جَرى حَتّى كَبا
فَرَأى حُسامَكَ فيهِ بَرقاً ساطِعاً / وَرَأى مُناهُ فيكَ بَرقاً خُلَّبا
أَلبَستَهُ طَوقَ المَنِيَّةِ أَحمَراً / فَكَسَوتَنا التَأمينَ أَخضَرَ مُخصِبا
ما كانَ إِلّا أَن جَعَلتَ عِتابَهُ / بِكَلامِ أَلسِنَةِ الغُمُدِ مُعَتِّبا
إِنَّ الغَليظَ مِنَ الرِقابِ إِذا عَتا / لَم يَنهَهُ إِلّا الرِقاقُ مِنَ الظُبى
دَمَّثتَ طاغينا جَبَرتَ مَهيضَنا / أَرشَدتَ جاهِلَنا الطَريقَ الأَصوَبا
كَالنَجمِ أَحرَقَ مارِداً وَسَقى الثَرى / مِن نَوئِهِ رَيّاً وَنَوَّرَ غَيهَبا
وَكَأَنَّ بابَكَ كَعبَةٌ يَمحو بِها / زَلّاتِهِ مَن قَد أَتاها مُذنِبا
تَلقى الجَماهِرَ حَولَهُ فَكَأَنَّهُم / مِن كَثرَةٍ وَتَضاؤُلٍ رِجلُ الدَبا
كَالصَائِمينَ عَشِيَّةَ الإِفطارَ قَد / مَدّوا العُيونَ إِلى الهِلالِ تَرَقُّبا
أَوَلَيتَ ما لَو كانَ نُطقي مُعجَباً / عَن شُكرِهِ لَرَأَيتَ حالي مُعرِبا
وَكَفى بِمَدحِكَ نَيلَ سُؤلٍ إِنَّني / نَزَّهتُ فيكَ الشِعرَ عَن أَن يَكذِبا
فَإِلَيكَ مِن مَدحي أَغَرَّ مُذَهَّباً / أَتحَفتُ مِنكَ بِهِ أَغَرَّ مُهَذَّبا
لَولا بَديعٌ مِن فَعالِكَ مُغرِبٌ / ما حاكَ مادِحُكَ البَديعَ المُغرِبا
ما عُذرُ أَرضٍ تُربُها مِن عَنبَرٍ / أَن لا يَطيبَ بِها الشَمالُ وَلا الصَبا
غَنِيَت عَنِ التَشريفِ ذاتُكَ مِثلَما / تَغنى عَنِ الأَسلاكِ أَجيادُ الظِبا
فَاِطلَع بِأُفقِ الفَخرِ شَمسَ رِياسَةٍ / وَالشَرقُ يَحسِدُ في سَناكَ المَغرِبا
لاموا فَلَمّا لاحَ مَوضِعُ صَبوَتي
لاموا فَلَمّا لاحَ مَوضِعُ صَبوَتي / قالوا لَقَد جِئتَ الهَوى مِن بابِهِ
شَرِقَت بِدَمعي وَجنَتي شَوقاً إِلى / ذي وَجنَةٍ شَرِقَت بِماءِ شَبابِهِ
حُلوِ الكَلامِ كَأَنَّما الفاظُهُ / يَشرَبنَ عِندَ النُطقِ شَهدَ رُضابِهِ
بِاللَهِ يا موسى وَقَد لَذَّ الرَدى / أَجهِز وَلا تُبقِ الجَريحَ لِما بِهِ
هاروتُ أَودَعَ في لِحاظِكَ سِحرَهُ / فَأَصابَ قَلبي مِنكَ مِثلُ عَذابِهِ
صَحَّحتَ يَأسي مِن وِصالِكَ مِثلَما / قَد صَحَّ يَأسُ الحَرفِ مِن إِعرابِهِ
صَبٌّ تَحَكَّمَ كَيفَ شاءَ حَبيبُهُ
صَبٌّ تَحَكَّمَ كَيفَ شاءَ حَبيبُهُ / فَغَدا وَطولُ الهَجرِ مِنهُ نَصيبُهُ
مَصفي الهَوى مَهجورُهُ وَحَريصُهُ / مَمنوعُهُ وَبَريئُهُ مَعتوبُهُ
كَذِبُ المُنى وَقفٌ عَلى صِدقِ الهَوى / وَبِحَيثُ يَصفو العَيشُ ثَمَّ خُطوبُهُ
يا نَجمَ حُسنٍ في جُفوني نَوءُهُ / وَبِأَضلُعي خَفَقانُهُ وَلَهيبُهُ
أَوَما تَرِقُّ عَلى رَهينِ بَلابِلٍ / رَقَّت عَلَيكَ دُموعُهُ وَنَسيبُهُ
وَلِهٌ يَحِنُّ إِلى كَلامِكَ سَمعُهُ / وَلَو أَنَّهُ عَتبٌ تُشَبُّ حُروبُهُ
وَيَوَدُّ أَن لَو ذابَ مِن فِرطِ الضَنى / لِيَعودَهُ في العائِدينَ مُذيبُهُ
مَهما رَنا لِيَراكَ حَجَّبَ عَينَهُ / دَمعٌ تَحَيَّرَ وَسطَها مَسكوبُهُ
وَإِذا تَناوَمَ لِلخَيالِ يَصيدُهُ / ساقَ السُهادَ سِياقُهُ وَنَحيبُهُ
فَالدَمعُ فيكَ مَعَ النَهارِ خَصيمُهُ / وَالسُهدُ فيكَ مَعَ الكَلامِ رَقيبُهُ
فَمَتى يَفوزُ وَمِن عِداهُ بَعضُهُ / وَمَتى يُفيقُ وَمِن ضَناهُ طَبيبُهُ
إن طافَ شَيطانُ السَلوِّ بِخاطِري / فَشِهابُ شَوقي في المَكانِ يُصيبُهُ
مَن لي بِهِ حُلواً لَدى عَطَلٍ لَهُ / وَمَحاسِنُ القَمَرِ المُنيرِ عُيوبُهُ
مَنهوبُ ما تَحتَ النِقابِ عَفيفُهُ / نَهّابُ ما بَينَ الجُفونِ مُريبُهُ
قاسي الَّذي بَينَ الجَوانِحِ فَظُّهُ / لَدنُ الَّذي بَينَ البُرودِ رَطيبُهُ
وَجهٌ أَرَقُّ مِنَ النَسيمِ يُغَيُرُني / مَرُّ النَسيمِ بِوَجهِهِ وَهُبوبُهُ
خَدٌّ يَفُضُّ عُرى التُقى تَفضيضُهُ / عَنّي وَيُذهِبُ عِفَّتي تَذهيبُهُ
يُذكي الحَياءُ بِوَجنَتَيهِ جَمرَةً / فَيَكادُ نَدُّ الخالِ يَعبَقُ طيبُهُ
غُفِرَت جَرائِمُ لَحظِهِ لِسَقامِهِ / فَسَطا وَلَم تُكتَب عَلَيهِ ذُنوبُهُ
ما ضَرَّ موسى لَو يَشُقُّ مَدامِعي / بَحراً لِيَغرَقَ عاذِلي وَرَقيبُهُ
هِيَ طَلعَةُ السَعدِ الأَغَرِّ فَمَرحَبا
هِيَ طَلعَةُ السَعدِ الأَغَرِّ فَمَرحَبا / وَسَنا الرِئاسَةِ قَد أَضاءَ فَلا خَبا
فَرعٌ أَزاهِرُهُ المَناقِبُ نابِتٌ / في المَعلُواتِ الشُمِّ لا شُمَّ الرُبى
اللَهُ خَوَّلَ مِنهُ آجامَ العُلى / لَيثاً وَآفاقَ الرِئاسَةِ كَوكَبا
هَشَّت لِمَطلَعِهِ الأَسِرَّةُ وَالأَسِنّ / ةُ وَالمَحَفِلُ وَالمَحافِلُ وَالظُبى
لا تَحمِلوهُ عَلى المُهودِ فَإِنَّهُ / لَيَرى ظُهورَ الخَيلِ أَوطَأَ مَركَبا
وَلتَفطِموهُ عَنِ اللَبانِ فَإِنَّهُ / لَيَرى دَمَ الأَبطالِ أَحلى مَشرَبا