القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ حَمْدِيس الكل
المجموع : 9
وَدُجُنّةٍ كالنِّقْس صُبّ على الثرى
وَدُجُنّةٍ كالنِّقْس صُبّ على الثرى / مَزّقْتُ منها بالسّرَى جلبابا
زرتُ الحبائبَ والأعادي دونها / كضراغمٍ تُذكي العيونَ غضابا
ووطئتُ دونَ الحيّ نارَ عداوةٍ / لو كان واطئَها الحديدُ لذابا
بهوىً أشابَ مفارقي ولوَ انّه / يُلْقى على شرخ الشبابِ لَشابا
في مَتْنِ ناهبَةِ المدى يجري بها / عِرْقٌ تمكّنَ في النّجار وطابا
بزَبرجديّاتٍ إذا عَلَتِ الصّفا / وَقَعَتْ بواطنُها عليه صلابا
ونكادُ نَشْرَبُ من تَسامي جيدها / ماءً تسوقُ بهِ الرّياحُ سَحَابا
ذعرتْ غرابَ الليلِ بي فكأنّني / لأصِيدَهُ منها ركبتُ عُقابا
ومُصاحبي عضبٌ كأنّ فِرْنَده / نَمْلٌ مصاحبةٌ عليه ذبابا
فكأنّ شمساً في تألّقِ مائِهِ / مَجّتْ عليه مَعَ الشّعاعِ رُضَابا
والصّبح قَد دفَعَ النّجوم عُبَابه / كأنّهُ سيلٌ يَسُوقُ حبابا
فارقتُكُمْ وفراقكُمْ صَعْبُ
فارقتُكُمْ وفراقكُمْ صَعْبُ / لا الجسمُ يحمله ولا القلبُ
قُتِلَ البعادُ فما أشيرَ به / حَتّى تَمَزّقَ بَينَنا القربُ
أمقيمةٌ والرّكبُ مُرْتَحِلٌ / بالصّبرِ عنك تَرَحّلَ الركبُ
كم ذا يزورُ البحرَ بحرُ أسى / في العين منك جُمانُهُ رطبُ
ما كان نأيي عن ذراك قلىً / فيموتَ بعْد حياتِه الحبُّ
إني لأرجو السلمَ من زمنٍ / قامَتْ على ساقٍ له حرْبُ
والدهر إن يُسْعِدْ فربَّتَما / صَلُحَ الجموحُ وذلّل الصعبُ
صبٌّ يذوبُ إلى لقاءِ مُذِيبِهِ
صبٌّ يذوبُ إلى لقاءِ مُذِيبِهِ / يَسْتعذِبُ الآلامَ مِنْ تَعْذِيبهِ
عمّى هواهُ عن الوشاةِ مُكتماً / فجرَتْ مدامعُهُ بِشَرْحِ غريبهِ
كم لائمٍ والسمعُ يدفعُ لَوْمَهُ / والقلبُ يَدْفعُ قَلْيَهُ بوجيبهِ
ملكَ القلوبَ هوى الحسان فقل لنا / كيفَ انْتفاعُ جسومنا بقلوبهِ
وبم السلوّ إذا بدا ليَ مُثْمِراً / خُوطٌ يميسُ على ارتجاجِ كثيبهِ
والشوقُ يَزْخَرُ بحرُهُ بِقَبولِهِ / ودبورِهِ وشمالِهِ وجنوبِهِ
وبنفسيَ القمرُ الذي أحيا الهوى / وأماتَهُ بطلوعِهِ وغروبهِ
قرَنوا بوَرْدِ الخدّ عقربَ صُدْغه / وذَرَوْا ترابَ المسك فوق تريبهِ
والعين حَيْرَى من تألّقِ نُورِهِ / والنفسُ سكرَى من تضَوّعِ طيبهِ
في طَرْفِهِ مَرَضٌ ملاحتَهُ التي / ألْقَتْ عليّ أنينَهُ بكروبهِ
أعيا الطبيبَ علاجُهُ يا سحرَهُ / ألَدَيْكَ صَرْفٌ عن علاجِ طبيبهِ
إني لأذكرُهُ إذا أنْسى الوغى / قلبَ المحبِّ المحضِ ذكرَ حبيبهِ
والسيفُ في ضرب السيوف بسلّةٍ / في ضحكِهِ والموت في تقطيبهِ
وأقبَّ كاليعسوبِ تركبُ مَتْنَهُ / فركوبُ مَتْنِ البحرِ دون ركوبهِ
مُتَقَمّصٌ لوناً كأنّ سَوادَهُ / غُمِسَ الغرابُ الجَوْن في غِرْبيبهِ
يرْميكَ أوّلَ وَهْلَةٍ بِنشاطِهِ / كالماءِ فُضَّ الخَتْم عن أنبوبهِ
بقديم سَبْقٍ يستقلّ ببعضه / وكريم عرْقٍ في المدى يجري بهِ
وبأرْبعٍ جاءتكَ في ترْكيبها / بالطّبْعِ مُفْرَغَةً على تركيبهِ
فكأنّ حِدّةَ طَرْفِهِ وفؤادِهِ / من أُذْنِهِ نُقلتْ إلى عرقوبهِ
ألْقى على الأرض العريضة أرضَه / ثم اشتكى ضِيقاً لها بوثوبهِ
وجرَى ففاتَ البرْق سبقاً وانتهى / من قبلِ خطفته إلى مطلوبهِ
فَلِشِبْهِ دُهمتِهِ بدُهمةِ ليله / أمْسى يُفتّشهُ بفرْطِ لهيبهِ
ويرشّ سيفي بالنجيعِ مصارِعاً / للأسْدِ يُسْكنها بذيل عسيبهِ
ومهنّدٍ مثلِ الخليجِ تَصَفّقَتْ / طُرُقُ النسيمِ عليه من تَشْطِيبهِ
ربّتْهُ في النيرانِ كَفّا قَيْنِهِ / فهو الزّنادُ لهنّ يوم حروبهِ
وكأنّما في مائِهِ وسعيرِهِ / نَمْلٌ يسير بسبحه ودبيبهِ
وإذا أصابَ قذالَ ذِمْرٍ قَدّهُ / ومشَتْ يدي معه إلى مَرْغوبهِ
وكأنّما اقتسم الكميَّ مع الردى / ليكونَ منه نصيبُه كنصيبهِ
يا حُسنَ ساقِيَةٍ تمُدّ أناملاً
يا حُسنَ ساقِيَةٍ تمُدّ أناملاً / بِعَروسِ راحٍ في عقودِ حبابِ
تسقيكَ شمسَ سلافةٍ عِنبِيّةٍ / طَلَعَتْ على فَلَكٍ من العُنّابِ
ومُنبَّهٍ في حِجْرِ مَن شَدَواتُها / تَثْني الهمومَ بها على الأعْقابِ
وكأنّما الأجسامُ من إحسانها / مُلِئَتْ بأرواحٍ من الإطرابِ
وكأنّما يدُها فمٌ متكلِّمٌ / بالسحرِ فيهِ مِقْوَلُ المضرابِ
لم يدْرِ ما أَلقى من الحبّ
لم يدْرِ ما أَلقى من الحبّ / لاحٍ خليّ العينِ والقلبِ
شوقي وكربي ما درى بهما / فإليه يا شوقي ولا كربي
حتى تُقَلّبَ قَلْبَهَ حُرَقٌ / ويفرّ من جنبٍ إلى جنبِ
مَن كانَ يعذُبُ عندها تعذيبي
مَن كانَ يعذُبُ عندها تعذيبي / أَنّى تَرقّ لِعبرتي ونَحيبي
مِن أَين يَعلَمُ من ينام مسلَّماً / حُمَةً تؤرِّق مُقلةَ الملسوبِ
أَتَدبُّ في جَفنَيه طائِفة الكرى / وعقاربُ الأصداغ ذاتُ دبيبِ
وتَنامُ في وَردِ الخُدودِ ولَدغها / متسرّب من أعينٍ لِقُلوبِ
وكأنّما سَمٌّ مُذيبٌ مسكُها / أَيُذيبُني والمِسكُ غَير مُذيبِ
كيفَ السّبيلُ إِلى لِقاءِ غَريرة / تَلقى ابتِسامَ الشّيبِ بالتَقطيبِ
مِن أَينَ أرجو أَن أَفوزَ بِسَلمِها / والحَربُ بين شَبابِها وَمَشيبي
ما حبّ شَمس عَنكَ تَغرِبُ في الفَلا / مِن أَنجُمٍ طلعَت بِغَيرِ غروبِ
قالَت لمنشدها نسيبي ما لهُ / ليس النّسيب لمثله بنسيبِ
فإلام ينشدني تغزّلَ شاعرٍ / ما كان أولاه بوعظِ خطيبِ
يا هذه أصَدىً دعَوت مُرَدّداً / ليجيب منكَ فكان غير مجيبِ
ليتَ التفاتي في القَريض أعرتهِ / حُسْنَ التفاتك رحمةً لكئيبِ
وذكرت من ضربِ المرفّل صيغةً / بمرفّل من ذلكَ المسحوبِ
وعسى وعيدُك لا يضير فلم أجِدْ / في البحر ضرباً مؤلمَ المضروبِ
إنّ الزمانَ أصابني بزمانةٍ / أبلت بتجديدِ الحَياة قَشيبي
ففنيتُ إلّا ما تطالع فكرتي / بالحذق من حِكَمي ومن تجريبي
ووجدتُ علم الشعر أخفى من هوىً / لم تفشِهِ عينٌ لعين رقيبِ
ومدائحُ الحسنِ المبخّرَة التي / فغمتْ بِطيبِ الفخر أَنفَ الطيبِ
ذو همَّةٍ بَذَلَ الندى وحمى الهدى / بمهنّدٍ ذَرِبٍ بكفِّ ضروبِ
حامي الحقيقة عادلٌ لا تتّقي / في أرضه شاةٌ عداوةَ ذيبِ
ملكٌ غدا للعيد عيداً مُبْهجاً / هُمُعُ العلى حوليه ذات ضروبِ
وَرَدَ المصلّى في جلال مُعَظّمٍ / ووَقارِ مُختَشِع وسمتِ منيبِ
بعرَمرَم رَكبت لإِرجالِ العِدى / عقبانُ جوٍّ فيه أُسْدَ حروبِ
عُقِدَ اللواءُ به على ذي هيبةٍ / حالي المناسبِ بالكرامِ حسيبِ
والبُزلُ تجنحُ بالقبابِ تهادياً / عَوْمَ السفينِ بشمألٍ وجنوبِ
من كلّ رهوٍ في المقادة مشيُهُ / نَقلَ الخطى منه على ترتيبِ
وكأنّما تعلو غواربها رُبى / روضٍ بثجّاج الحيا مَهْضوبِ
ونَجائبٍ مثل القِسيِّ ضوامرٍ / وَصَلَت بقطعِ سَباسِبٍ وسهوبِ
من كلّ مختصرِ الفلاةِ بمُعجلٍ / فكأنها إيجازُ لفظِ أديبِ
يرعى الفلا بفمٍ وترعى نحضَهُ / من منْسَمٍ للمَروِ ذي تشذيبِ
ومطلةٍ في الخافقين خوافقٍ / كقلوب أعداءٍ ذَواتِ وجيبِ
من كلّ منشورٍ على أفق الوَغى / مسطورُهُ كالمُهْرَقِ المكتوبِ
جاءَتْ تتَرّبُهُ العتاقُ بنقعها / والريح تنفضه منَ التَتريبِ
أو كلّ ثعبانٍ يُناطُ بقَسْوَرٍ / بين البنود كمُحْنَقٍ وغَضُوبِ
صُوَر خُلِعْنَ على المَواتِ فخيلت / فيها الحياة بسورةٍ ووثوبِ
وفغرنَ أفواهاً رحاباً عُطّلَتْ / أشداقها من ألْسُنٍ ونيوبِ
من كلّ شخصٍ يحتسي من ريحِهِ / روحاً يحرّك جسمَه بهبوبِ
وترى بها العنقاءَ تنفضُ سِقْطَها / في نَفْنَفٍ للحائماتِ رحيبِ
وَصلتْ ذُرى المَهدِيّتين وهاجرَتْ / وكراً لها بالهِند غيرَ قريبِ
وصواهلٍ مثل العواسل عَدْوُهَا / أبداً لحربِ عدوّك المحروبِ
من كلّ وردٍ ما يشاكلُ لونَهُ / إلا تورّدُ وجنةِ المحبوبِ
وكأنّما كَنَزَتْ ذخيرةُ عِتْقِهِ / مِنهُ عبابَ البحر في يَعبوبِ
أَو أَدهمٍ داجي الإِهابِ كَأنّما / صَبَغَ الغرابَ بِلَونِهِ الغربيبِ
أرساغُهُ دُرَرٌ على فيروزجٍ / لان الصفا من وقعهِ لصليبِ
يعدو ولا ظلٌّ له فكأنّهُ / بَرق فَيا لِلبرقِ مِن مركوبِ
أَو أَشهبٍ مثل الشهابِ ورَجمهِ / شخصَ المريدِ بِمُحرقٍ مشبوبِ
لا فرقَ ما بين الصباحَ وبينه / إلّا بِعَدْوٍ منه أو تقريبِ
أو أصفرٍ مثل البهار مغيّر / بسواد عَرْفٍ عَن سَوادِ عسيبِ
أو أشعلٍ للون فيه شُعْلَةٌ / تُذْكى بريحٍ منه ذاتُ هبوبِ
وكأنّه مرداة صخرٍ حَطّهُ / من عَلْوَ سيلٌ ماجَ في تَصويبِ
وكأنّما سَكِرَ الكميتُ بلونه / فلَهُ بمشيتِهِ اختيالُ طروبِ
وكأنّ حدّة طرفه وفؤادِه / من خَلْقِهِ في الأذنِ والعرقوبِ
وجَلَتْ سروجُ الحَلْيِ فوق متونها / سُرُجاً تألّقُ وهي ذاتُ لهيبِ
صَدَرَتْ منَ الذَهَب الثَقيلِ خِفافُها / ونشاطها متخثّرٌ بلغوبِ
وكأنّما من كلّ شمسٍ حلية / صيغتْ لكلّ مُسَوّمٍ مَجْنوبِ
صلّيتَ ثم قفوتَ مِلّةَ أحْمَدٍ / في نَحْرِ كلّ نجيبةٍ ونَجيبِ
مِن كُلّ مُرتَفِعِ السنام تَحمّلتْ / فيه المُدَى بالفرْيِ والتّرغيبِ
حيثُ الندى بعفاتِه مُتبرحٌ / تُسْديه كفّ متوَّج محجوبِ
يا من قوافينا مخافةَ نَقْدِهِ / خَلُصَتْ منَ التَنقيحِ وَالتَهذيبِ
لَم يَبقَ في الدنيا مَكان غَير ذا / يُجْري المديحَ به ذوو التأويبِ
خُذها عَروسَ مَحافل لا تجتلى / إلا بحلي علاك فَوقَ تَريبِ
لَم يَخرج الدرُّ الَّذي زينت به / إلّا بغوصٍ في البُحورِ قَريبِ
أَما بَناتي المفرداتِ فإنَّها / في الحُسنِ أَشهر من بناتِ حبيبِ
لا ينكحُ العذراءَ إلا ماجدٌ / تَبقَى بِعصمَتِه بقاءَ عسيبِ
وأنا أبو الحسناءِ والغرّاءِ إنْ / أُغْرِبْ فما الإغرابُ لي بغريبِ
يَدعو لكَ الحجّاجُ عند عجيجهم / وصِياحِهِمْ بالبيتِ في ترجيبِ
من كلّ أشعثَ مُحْرِمٍ بلغ المُنَى / بِمِنىً وأدركَ غايةَ المطلوبِ
يبكي بمكّة والحجونِ مُرَدّداً / وبيثربٍ يدعو بلا تَثريبِ
فَبَقيتَ في العليا لتدميرِ العِدَى / وغِنى الفَقير وفرجةِ المَكروبِ
أمْطَتْكَ همّتُك الغريمةَ فاركبِ
أمْطَتْكَ همّتُك الغريمةَ فاركبِ / لا تُلقِيَنّ عصاكَ دون المَطلبِ
ما بالُ ذي النظرِ الصحيح تقلّبتْ / في عينه الدنْيا ولم يَتقلّبِ
فاطوِ العجاجَ بكلّ يَعمُلَةٍ لها / عَوْمُ السفينةِ في سرابِ السَّبْسَبِ
شَرِّقْ لتجلوَ عن ضيائكَ ظلمةً / فالشمسُ يَمْرَضُ نورُها بالمغربِ
والماءُ يأجنُ في القرارةِ راكداً / فإذا عَلَتْكَ قذاتُهُ فَتَسَرّبِ
طالَ التغَرّبُ في بلادٍ خُصّصَتْ / بوخامةِ المرعى وَطَرْقِ المشربِ
فطويتُ أحشائي على الألم الّذي / لم يشفه إلّا وجودُ المذهبِ
إنّ الخطوبَ طَرَقْنَني في جنّة / أخْرَجْنني منها خروج المذنبِ
من سالَمَ الضعفاءَ راموا حرْبَهُ / فالبسْ لكلّ الناسِ شِكّةَ محرَبِ
كلٌّ لأشراكِ التحيّلِ ناصِبٌ / فاخلبْ بني دنياك إن لم تغلبِ
من كلّ مركومِ الجهالةِ مُبْهمٍ / فكأنّما هوَ قطعةٌ من غَيْهبِ
لا يكذبُ الإِنسانَ رائدُ عَقلهِ / فامْرُرْ تُمَجّ وكنْ عذوباً تُشْرَبِ
ولربّ محتقَرٍ تركتُ جوابَهُ / والليثُ يأنفُ عن جوابِ الثعلبِ
لاتحسبنّي في الرجال بُغَاثَةً / إني لأقْعَصُ كلّ لَقْوَةِ مَرْقَبِ
أَصبَحتُ مثلَ السَّيفِ أبلى غمدهُ / طولُ اعتقالِ نجاده بالمنكبِ
إن يعلُهُ صدأ فكمْ من صَفحةٍ / مصقولةٍ للماء تحت الطُّحلبِ
كم من قوافٍ كالشوارد صِرْتُها / عن مثلِ جرْجرَةِ الفنيق المُصْعَبِ
ودقائقٍ بالفكر قد نَظّمْتُها / ولوَ انَّهُنَّ لآلئٌ لم تُثقبِ
وصلتْ يدي بالطبع فهو عقيدُها / فقليلُ إيجازي كثيرُ المُسْهبِ
نَفَثَ البديعُ بسحره في مِقْوَلي / فَنَطَقْتُ بالجاديّ والمُتَذهّبِ
لوْ أنّنا طيرٌ لقيلَ لخيرنا / غرّدْ وقيلَ لشرّنا لا تنعبِ
وإذا اعتقدتَ العدلَ ثم وزنتَني / رَجحتْ حصاتي في القريض بكبكبِ
إنّي لأغمِدُ من لساني مُنْصُلاً / لو شئتُ صَمّمَ وهو دامي المضربِ
ما زلتُ أشربُ كأسَهُ من كفّهِ
ما زلتُ أشربُ كأسَهُ من كفّهِ / ورضابُهُ نُقْلٌ على ما أشرَبُ
حتى انجلى الإصباحُ عن إظلامه / كالستر يُرفع عن مليكٍ يحجبُ
والشهبُ في غربِ السماءِ سواقطٌ / كبناتِ ماءٍ في غديرٍ تَرْسُبُ
قَبَسٌ بكفّ مديرها أم كوكبُ
قَبَسٌ بكفّ مديرها أم كوكبُ / يَنْشَقّ منه عن الصّباح الغيهبُ
وأريجُ مسكٍ فاحَ عن نفَحاتها / فذوائبُ الظلماءِ منه تَطَيّبُ
قالوا الصبوحُ فقلتُ قَرِّبْ كأسَهُ / إنّي لِمُهديها بها أتَقَرّبُ
لا تسقني اللبنَ الحليبَ فإنّ لي / في كلّ داليَةٍ ضروعاً تحلبُ
وذخيرَةٍ للعيشِ مَرّ لعمرها / عَدَدٌ يشقّ على يَدَيْ من يحسبُ
دَبّابَةٌ في الرّأسِ يَصْعَدُ سُكْرُها / فتجدّ منا بالعقولِ وتلعبُ
دارَتْ بعقلي سَورةٌ من كأسها / حتى كأنّ الأرضَ تحتي لولبُ
باكرتُها والليلُ فيه حُشاشَةٌ / يستلّها بالرّفقِ منه المغربُ
والجوّ أقبَلَ في تراكبِ مُزْنهِ / قُزَحٌ بعطفةِ قَوْسِهِ يَتَنَكّبُ
صابتْ فأضْحَكَتِ النديمَ بأكْؤُسٍ / عَهدي به من نقطهنَّ يُقَطبُ
والبشرُ في شربِ المدامةِ فارتقبْ / منها سرورَ النفسِ ساعةَ تَعْذُبُ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025