المجموع : 14
وَمَعينُ ماءِ البِشرِ أَبرَقَ هَشَّةً
وَمَعينُ ماءِ البِشرِ أَبرَقَ هَشَّةً / فَكَرَعتُ مِن صَفَحاتِهِ في مَشرَبِ
مُتَهَلِّلٌ يَندى حَياءً وَجهَهُ / فَتراهُ بَينَ مُفَضَّضٍ وَمُذَهَّبِ
أَضنى الحُسامَ حَسادَةً فَفِرِندُهُ / دَمعٌ تَرَقرَقَ فَوقَهُ لَم يَسكُبِ
خَيَّمتُ مِنهُ بَينَ طَودٍ باذِخٍ / نالَ السِماكَ وَبَينَ وادٍ مُعشِبِ
تَهفو بِهِ نارُ القِرى فَكَأَنَّها / مَهما عَشا ضَيفٌ لِسانُ المُعرِبِ
حَمراءُ نازَعَتِ الرِياحَ رِداءَها / وَهناً وَزاحَمَتِ السَماءَ بِمَنكِبِ
ضَرَبَت سَماءً مِن دُخانٍ فَوقَها / لَم يُدرَ فيها شُعلَةٌ مِن كَوكَبِ
وَتَنَفَّسَت عَن كُلِّ نَفحَةِ جَمرَةٍ / باتَت لَها ريحُ الجَنوبِ بِمَرقَبِ
قَد أُلهِبَت فَتَذَهَّبَت فَكَأَنَّها / لِسُكونِ شَرِّ شِرارِها لَم تَلهَبِ
تَذكو وَراءَ رَمادِها فَكَأَنَّها / شَقراءُ تَمرَحُ في عَجاجٍ أَكهَبِ
وَاللَيلُ قَد وَلّى يُقَلِّصُ بُردَهُ / كَدّاً وَيَسحَبُ ذَيلَهُ في المَغرِبِ
وَكَأَنَّما نَجمُ الثُرَيّا سَحرَةً / كَفٌّ تُمَسِّحُ عَن مَعاطِفِ أَشهَبِ
يا رُبَّ قَطرٍ جامِدٍ حَلّى بِهِ
يا رُبَّ قَطرٍ جامِدٍ حَلّى بِهِ / نَحرَ الثَرى بَرَدٌ تَحَدَّر صائِبُ
حَصَبَ الأَباطِحَ مِنهُ ماءٌ جامِدٌ / غَشّى البِلادَ بِهِ عَذابٌ ذائِبُ
فَالأَرضُ تَضحَكُ عَن قَلائِدِ أَنجُمٍ / نُثِرَت بِها وَالجَوُّ جَهمٌ قاطِبُ
فَكَأَنَّما زَنَتِ البَسيطَةُ تَحتَهُ / فَأَكَبَّ يَرجُمُها الغَمامُ الحاصِبُ
وَنَدِيِّ أُنسٍ هَزَّني
وَنَدِيِّ أُنسٍ هَزَّني / هَزَّ الشَرابِ مِنَ الشَبابِ
وَاللَيلُ وَضّاحُ الجَبينِ / قَصيرُ أَذيالِ الثِيابِ
فَقَنَصتُ مِنهُ حَمامَةً / بَيضاءَ تَسنَحُ مِن غُرابِ
وَالنورُ مُبتَسِمٌ وَخَدُّ / الوَردِ مَحطوطُ النِقابِ
يَندى بِأَخلاقِ الصِحابِ / هُناكَ لابِنَدى السَحابِ
وَكِلاهُما نَثرٌ كَما / نَثَروا القَوافي بِالخِطابِ
فَكَأَنَّ كَأسَ سُلافَةٍ / ضَحِكَت إِلَيهِم عَن حَبابِ
هَل ساءَهُ أَن آلَ آساً وَردُهُ
هَل ساءَهُ أَن آلَ آساً وَردُهُ / وَتَعَطَّلَت مَن فيهِ كَأسٌ تُشرَبُ
فَكَأَنَّ صَفحَتَهُ وَنَدَّ عِذارِهِ / ماءٌ يَثورُ بِصَفحَتَيهِ طِحلِبُ
وَمُطَهَّمٍ شَرِقِ الأَديمِ كَأَنَّما
وَمُطَهَّمٍ شَرِقِ الأَديمِ كَأَنَّما / أَلِفَت مَعاطِفُهُ النَجيعَ خِضابا
طَرِبٌ إِذا غَنّى الحُسامُ مُمَزِّقٌ / ثَوبَ العَجاجَةِ جيئَةً وَذَهابا
قَدَحَت يَدُ الهَيجاءِ مِنهُ بارِقاً / مُتَلَهِّباً يُزجي القَتامَ سَحابا
وَرَمى الحِفاظُ بِهِ شَياطينَ العِدى / فَاِنقَضَّ في لَيلِ الغُبارِ شِهابا
بَسّامُ ثَغرِ الحَلي تَحسِبُ أَنَّهُ / كاسٌ أَثارَ بِها المِزاجُ حَبابا
لا وَالَّذي تُجلى الكُروبُ
لا وَالَّذي تُجلى الكُروبُ / بِهِ وَتَنفَرِجُ الخُطوب
لابِتُّ إِلّا بَينَ دَمعٍ / يَنهَمي وَحشاً يَذوب
حَرّانَ أَنتَشِقُ النَسيمَ / وَنِعمَ مَسلاةُ الكُروب
لاتَلتَقي الأَجفانُ فيكَ / وَلا المَضاجِعُ وَالجُنوب
أَبَداً أَحِنُّ إِلَيكَ شَوقاً / كَالغَريبِ مَعَ الغُروب
وَأَقولُ لِلريحِ الجَنوبِ / مَعَ الأَصيلِ صِلي الهُبوب
فَهَلِ اِستَطَبتَ بِيَ الشَمالَ / كَما اِستَطَبتُ بِكَ الجَنوب
وَأَغَرَّ كادَ لَطافَةً وَطَلاقَةً
وَأَغَرَّ كادَ لَطافَةً وَطَلاقَةً / يَنسابُ ماءً بَينَنا مَسكوبا
وَسنانَ يُدرِكُ كُلَّ قَلبٍ طالِباً / وَيَفوتُ كُلَّ مُتَيَّمٍ مَطلوبا
قَد قامَ في صَدرِ النَدامى فَاِستَوى / فَحَسِبتُهُ أَلِفاً بِهِ مَكتوبا
وَأَكَبَّ يَشرَبُها وَتَشرَبُ ذِهنَهُ / فَرَأَيتُ مِنهُ شارِباً مَشروبا
مَشمولَةً بَينا تُرى في كَفِّهِ / ماءً تُرى في خَدِّهِ أُلهوبا
فَتَقَ الشَبابُ بِوَجنَتَيها وَردَةً
فَتَقَ الشَبابُ بِوَجنَتَيها وَردَةً / في فَرعِ إِسحِلَةٍ تَميدُ شَبابا
وَضَحَت سَوالِفُ جيدِها سوسانَةً / وَتَوَرَّدَت أَطرافُها عُنّابا
بَيضاءُ فاضَ الحُسنُ ماءً فَوقَها / وَطَفا بِهِ الدُرُّ النَفيسُ حَبابا
بَينَ النُحورِ قِلادَةً تَحتَ الظَلامِ / غَمامَةً دونَ الصَباحِ نِقابا
نادَمتُها لَيلاً وَقَد طَلَعَت بِهِ / شَمساً وَقَد رَقَّ الشَرابُ سَرابا
وَتَرَنَّمَت حَتّى سَمِعتُ حَمامَةً / حَتّى إِذا حَسَرَت زَجَرتُ غُرابا
وَصَقيلِ إِفرِندِ الشَبابِ بِطَرفِهِ
وَصَقيلِ إِفرِندِ الشَبابِ بِطَرفِهِ / سَقَمٌ وَلِلعَضبِ الحُسامِ ذُبابُ
يَمشي الهُوَينا نَخوَةً وَلَرُبَّما / أَطَرتَهُ طَوراً نَشوَةٌ وَشَبابُ
شَتّى المَحاسِنِ لِلوَضاءَةِ رَيطَةٌ / أَبَداً عَلَيهِ وَلِلحَياءِ نِقابُ
وَبِمَعطِفَيهِ لِلشَبيبَةِ مَنهَلٌ / قَد شَفَّ عَنهُ مِنَ القَميصِ سَرابُ
عَبَرَ الخَليجَ سِباحَةً فَكَأَنَّما / أَهوى فَشَقَّ بِهِ السَماءَ شِهابُ
تَطفو لِغُرَّتِهِ هُناكَ حَبابَةٌ / وَيَموجُ مِن رِدفٍ أَلَفَّ عُبابُ
وَلَئِن تَرَكتُ مِنَ التَصابي مَركَباً / وَلِكُلِّ مَرحَلَةٍ تُجابُ رِكابُ
لَقَد اِحتَلَلتُ بِشاطِئَيهِ يَهُزُّني / طَرَباً شَبابٌ راقَني وَشَرابُ
وَاِنسابَ بي نَهرٌ يَعُبُّ وَزَورَقٌ / فَتَحَمَّلَتني عَقرَبٌ وَحُبابُ
وَرَكِبتُ دِجلَتَهُ يُضاحِكُني بِها / فَرِحاً حَبيبٌ شاقَني وَحَبابُ
نَجلو مِنَ الدُنيا عَروساً بَينَنا / حَسناءَ تُرشَفُ وَالمُدامُ رُضابُ
ثُمَّ اِرتَحَلتُ وَلِلسَماءِ ذُؤابَةٌ / شَهباءُ تُخضَبُ وَالظَلامُ خِضابُ
تَلوي مَعاطِفي الصَبابَةُ وَالصِبا / وَاللَيلُ دونَ الكاشِحينَ حِجابُ
حَيثُ اِستَقَلَّ الجِسرُ فَوقَ زَوارِقٍ / نُسِقَت كَما تَتَواكَبُ الأَحبابُ
لَم تَستَبِق وَكَأَنَّها مُصطَفَّةً / دُهمٌ تُنازِعُكَ السِباقَ عِرابُ
مِن كُلِّ غِربيبِ الأَديمِ لَوَ اِنَّهُ / قَبلَ النَعيبِ لَعيفَ مِنهُ غُرابُ
عَوجاءُ تُعطَفُ ثُمَّ تُرسَلُ تارَةً
عَوجاءُ تُعطَفُ ثُمَّ تُرسَلُ تارَةً / فَكَأَنَّما هِيَ حَيَّةٌ تَنسابُ
وَإِذا اِنحَنَت وَالسَهمُ مِنها خارِجٌ / فَهِيَ الهِلالُ اِنقَضَّ مِنهُ شِهابُ
سَقِياً لِيَومٍ قَد أَنَختُ بِسَرحَةٍ
سَقِياً لِيَومٍ قَد أَنَختُ بِسَرحَةٍ / رَيّا تُلاعِبُها الشَمالُ فَتَلعَبُ
سَكرى يُغَنّيها الحَمامُ فَتَنثَني / طَرَباً وَيَسقيها الغَمامُ فَتَشرَبُ
يَلهو فَتُرفَعُ لِلشَبيبَةِ رايَةٌ / فيهِ وَيَطلُعُ لِلبَهارَةِ كَوكَبُ
وَالرَوضُ وَجهٌ أَزهَرٌ وَالظُلُّ فَرعٌ / أَسوَدٌ وَالماءُ ثَغرٌ أَشنَبُ
في حَيثُ أَطرَبَنا الحَمامُ عَشِيَّةً / فَشَدا يُغَنّينا الحَمامُ المُطرِبُ
وَاِهتَزَّ عِطفُ الغُصنِ مِن طَرَبٍ بِنا / وَاِفتَرَّ عَن ثَغرِ الهِلالِ المَغرِبُ
فَكَأَنَّهُ وَالحُسنُ مُقتَرِنٌ بِهِ / طَوقٌ عَلى بُردِ الغَمامَةِ مُذهَبُ
في فِتيَةٍ تَسري فَيَنصَدِعُ الدُجى / عَنها وَتَنزِلُ بِالجَديبِ فَيَخصِبُ
كَرُموا فَلا غَيثُ السَماحَةِ مُخلِفٌ / يَوماً وَلا بَرقُ اللَطافَةِ خُلَّبُ
مِن كُلِّ أَزهَرَ لِلنَعيمِ بِوَجهِهِ / ماءٌ يُرَقرِقُهُ الشَبابُ فَيَسكُبُ
يارُبَّ وَضّاحِ الجَبينِ كَأَنَّما
يارُبَّ وَضّاحِ الجَبينِ كَأَنَّما / رَسمُ العِذارِ بِصَفحَتَيهِ كِتابُ
تَغرى بِطَلعَتِهِ العُيونُ مَهابَةً / وَتَبيتُ تَعشَقُ عَقلَهُ الأَلبابُ
خُلِعَت عَلَيهِ مِنَ الصَباحِ غِلالَةٌ / تَندى وَمِن شَفَقِ السَماءِ نِقابُ
فَكَرَعتُ مِن ماءِ الصِبا في مَنهَلٍ / قَد شُقَّ عَنهُ مِنَ القَميصِ سَرابُ
في حَيثُ لِلريحِ الرَخاءِ تَنَفُّسٌ / أَرِجٌ وَلِلماءِ الفُراتِ عُبابُ
وَلَرُبَّ غَضِّ الجِسمِ مَدَّ بِخَوضِهِ / شَبَحاً كَما شَقَّ السَماءَ شِهابُ
وَلَقَد أَنَختُ بِشاطِئَيهِ يَهُزُّني / طَرَباً شَبابٌ راقَني وَشَرابُ
وَبَكَيتُ دِجلَتَهُ يُضاحِكُني بِها / مَرَحاً حَبيبٌ شاقَني وَحَبابُ
مالِلعِذارِ وَكانَ وَجهُكَ قِبلَةً
مالِلعِذارِ وَكانَ وَجهُكَ قِبلَةً / قَد خَطَّ فيهِ مِنَ الدُجى مِحرابا
وَإِذا الشَبابُ وَكانَ لَيسَ بِخاشِعٍ / قَد خَرَّ فيهِ راكِعاً وَأَنابا
وَلَقَد عَلِمتُ بِكَونِ ثَغرِكَ بارِقاً / أَن سَوفَ يُزجى لِلعِذارِ سَحابا
يا لينَ عَطفي وَاِخضِرارِ جَنابي
يا لينَ عَطفي وَاِخضِرارِ جَنابي / لِرَفيفِ آدابٍ وَماءِ شَبابِ
راقا وَرَقّا فَاِلتَقى بِهِما مَعاً / ثَغرُ الحَبابِ وَأَوجُهُ الأَحبابِ
فَسَجَعتُ ثُِمَّ حَمامَةً وَمِنَ المُنى / أَنّي اِستَعَرتُ لَها جَناحَ غُرابِ
وَسَكِرتُ سُكرَي قَهوَةٍ وَشَبيبَةٍ / وَسَحَبتُ مِن ذَيلَي هَوىً وَتَصابي
وَأَمّا وَطِرفي إِنَّهُ لَمُبَرِّزٌ / في حَلبَةِ الشُعَراءِ وَالكُتّابِ
مُتَخايِلٌ في صَدرِ كُلِّ جَريدَةٍ / بِقَصيدَةٍ وَكَتيبَةٍ لِكِتابِ