المجموع : 4
زمنٌ يمرّ بقوّتي وشبابي
زمنٌ يمرّ بقوّتي وشبابي / قصداً ليلحقني بدارِ تبابِ
فيحلُّ تركيبي ويفسد صورتي / بالفعلِ تحت جنادل وتراب
فاعجب لبعدٍ فيه قربُ مسافةٍ / قد حال ما بيني وبين صحابي
إني أقمتُ حبيسَبيتٍ مُوحشٍ / في غايةِ الشوقِ إلى الأحبابِ
مستنظراً متهيئاً للقاءِ من / يؤتى إليَّ به منَ الغيابِ
لكن على كرهٍ يكون مجيئهم / فهو همُ في رؤيتي بأيابِ
إني لأسمعهم وإن خَفَتُوا بما / نعطَقوا وما أستطيع ردَّ جوابِ
ويكون ما كتبتْ يداي وما به / نطقُ اللسانِ مقيداً بكتاب
حتى تُجازى كلُّ نفسٍ سعيها / يومَ الوقوفِ عليه يومَ حسابِ
فيُجازى بالإحسانُ حسناً والذي / هو سيءٌ يعفو وينظر ما بي
ظني به ظنٌ جميلٌ ما أنا / في الظنِّ بالرحمن بالمرتاب
إني رضيعٌ ما فطمت لجودِه / كيف الفِطام وما وقفتُ بباب
الجودُ أمي والرضاعة مسكني / وجميع ما عندي من الوهاب
إن سيرت صمّ الجبال سراباً
إن سيرت صمّ الجبال سراباً / وتفتحت أفلاكها أبوابا
يبدو لنا من لم تزل سبحاته / تفني الحجابَ وتحرقُ الحجابا
فعرفته بالنفي لم أعرفه بالإ / ثبات ما إنْ لم أكن مرتابا
فأذاقني من حيرة قامتْ بنا / لشهودِه في الأكثرين عَذابا
فلبثت في نار الطبيعة عنده / من أجل هذا مدَّةً أحقابا
لما خصصت الأكثرين ولم أقل / عم الوجودَ مظاهر أكبابا
إني طمعت من الشهودِ مطاعما / وشربتُ ماءَ المعصراتِ شرابا
وشهدته في غيرِ صورةِ عقدنا / فرأيتُ أمراً في الشهود عجابا
فوددت اني لم أزل في غيبة / في غيبِه أو لا أزالُ تُرابا
فدعا بديوانِ الوجودِ ورأسه / عند التقي وأرادَ منه حسابا
فأجابه لما دعاه ملبِّياً / سَمعاً وطوعاً ثم قال صَوابا
أوحى إليه أن اتخذ دارَ الشقا / للمسرفينَ المجرمين مآبا
جلَّ الإله الحقُّ إجلاله / قدساً وتعظيماً وعزَّ جنابا
فإذا أتته من المهيمنِ تحفةٌ / قطع الثيابَ وقطعَ الأسبابا
إني لأعلم أن شيئاً ما هنا
إني لأعلم أن شيئاً ما هنا / ويقالُ لي ما أنت عنه بغائبِ
وتحقق الأمرين عبدٌ مؤمنٌ / بمغيبة عنا وقولُ الصاحبِ
فتراه في هذا وذاك مقلِّداً / والقولُ بالحكمين ضربةُ لازبِ
كالنفي في الرمي الذي شهدوا له / ثبتاً من الرامي الإمام النائب
لا يمترون ولا يشك بأنه / لم يرمِ إلا الحق في يد حاجب
فالحكم في هذا وذاك كمثله / في قصة المغصوب مع يد غاضب
دور غريب ليس يعرف سرَّه / إلا الذي يأتي بصورة ذاهب
طلبت ذَلولُ عزيزها لتزيله
طلبت ذَلولُ عزيزها لتزيله / عن ظهرها كرماً به فأجابا
عن إذن خالقها دعتْه لنفسها / فلذاك لبى طائعاً وأنابا
قد ألبسته من الترابِ لغيرة / قامت بها حباً له جلبابا
مما تحب مقامه في بطنها / ألقتْ عليه جنادلاً وترابا
حتى يقيم بها إلى اليوم الذي / يُدعى ليحضر موقفاً وحسابا
فيفوز بالخير الأعم ويعتلى / نحو الكثيب ليبصر الأحبابا