المجموع : 8
بي ما تحسّ وفي فؤادك ما بي
بي ما تحسّ وفي فؤادك ما بي / فتَعال نبكِ أيا نجيَّ شبابي
تجري الدموع وأنتَ دَانٍ واصلٌ / كمسيلهن وأنتَ في الغيَّابِ
أنكرت بي ناري عشية لامَسَت / شفتاي مِنك أنامل العنابِ
وجرت يميني في غَزيرٍ حالكٍ / مسترسل كالجدول المنسابِ
وسألت ما صمتي وما إطراقتي / وعَلامَ ظلَّت حيرة المرتابِ
أقبل أذقني ما اليقين وهاته / خلواً من الآلام والأوصابِ
أقبل لأقسم في حياتي مرةً / إن الذي أُسقاه ليس بصابِ
لهفي على هذا اليقين وطعمه / بفمي وتكذيبي شهيَّ شرابي
من أنتَ من أي العوالم ساحرٌ / مستأثر بأعنة الألبابِ
حدَّثت نفسي إذ رأيتُكَ بادياً / وأطَلت تسآلي بغير جوابِ
ما يصنع الملك الطهور بعالَمٍ / فانٍ وأيَّامٍ كلمع سرابِ
ما يصنع الأبرار بالأرض التي / ساوت من الأبرار والأوشابِ
دوَّارةً أبدَ السنين كعهدِها / من ليل آثامٍ لصبح متابِ
تغلو الحياة بها إلى أن تنتهي / عند التراب رخيصة كترابِ
يا هيكل الحسن المبارَك ركنه / الساحر النور الطهور رحابِ
لا صدقَ إلا في لهيبك وحده / وجلاله الباقي على الأحقابِ
قدمتُ قرباني إليك بقية / من مهجة ضاعت على الأحبابِ
وأَذبتُ جوهَرهَا فدَاءَ نَوَاظِر / قُدسِيَّةٍ عُلويّةِ المحرابِ
قل للذين بَكَوا على شوقي
قل للذين بَكَوا على شوقي / النادبين مصارع الشُّهبِ
والهفَتاهُ لمصر والشَّرق / ولدولة الأشعار والأدبِ
دنيا تَقَرُّ اليومَ في لحدٍ / وصحيفةٌ طُويت من المجدِ
ومُسافرٌ ماضٍ إلى الخلد / سَبَقَتهُ آلاءٌ بلا عَدِّ
هذا ثَرى مصرَ الكريمُ وكم / أكرمتَهُ وأشدتَ بالذكرِ
يلقاك في عطفِ الحبيبِ فنم / في النور لا في ظُلمةِ القبرِ
كم من دفينٍ رحتَ تحييهِ / وبَعثتَهُ وكَففتَ غُربَتَهُ
فاحلل عليه مكرَّماً فيه / يا طالما قَدَّست تُربتَهُ
يا نازلَ الصحراء موحشةً / ريَّانةً بالصمت والعدمِ
سالت بها العبرات مجهشةً / وجَرت بها الأحزان من قدمِ
هذا طريق قد ألفناهُ / نمشي وراءَ مُشَيَّعٍ غالِ
كم من حبيب قد بكيناهُ / لم يُمحَ من خلدٍ ولا بالِ
وكأنَّ يومك في فجيعته / هو أول الأيامِ في الشَّجنِ
وكأنَّما الباكي بدمعتهِ / ما ذاق قبلك لوعةَ الحزنِ
فاذهب كما ذهب النهار مضى / قد شيَّعَته مدامعُ الشفق
واغرب كما غرب الشعاع قضى / رفّت عليه جوانح الغسق
ما كنت إلاَّ أمةً ذهَبت / والعبقريَّة أمَّةُ الأمَم
أو شُعلة أبصارنا خلبت / ومنارة نُصبَت على عَلَمِ
يا راقداً قد بات في مَثوىً / بَعُدَت به الدُّنيا وما بَعُدَا
أين النجوم أصوغ ما أهوى / شعراً كشعرك خالداً أبدَا
لكنَّ حزني لو علمت به / لم يُبقِ لي صبراً ولا جُهدَا
فاعذر إلى يومٍ نفيك به / حقَّ النبوغ ونذكر المجدَا
وطنٌ دعا وفتى أجاب
وطنٌ دعا وفتى أجاب / بوركت يا عزم الشباب
يا فتية النيل المسا / لم والكريم بلا حساب
جناته مرآتكم / ولكم خلائقها العِذاب
ولكم جمال الزهرِ رف / فَ على الأماليد الرطاب
ولكم فؤاد النهر رق / على المحاني والشعاب
يمضي فيضحك للسهو / لِ ولا يضن على الهضاب
حتى إذا نادتكم ال / أوطان والوادي أهاب
حتى إذا طغت الكوا / رث واستفزكم العذاب
أصبحتم كالغيل تح / ميه الليوث بألف ناب
قل للشباب اليوم يو / مكم الأغر المستطاب
اليوم يبدو حبّ مِص / ر فلا خفاءَ ولا حِجاب
إن كان إثماً يا شبا / بُ فلا رجوع ولا متاب
الله ينظر والليا / لي عندها لكم الحساب
والعهد في القلب المصا / بر والأمانة في الرقاب
هاتوا الفدا الغالي لمص / ر وأرخوه كالتراب
المال والأرواح كل / ل ضحيةٍ ولها ثواب
أقبلتُ أطرق منزل الأحباب
أقبلتُ أطرق منزل الأحباب / ودسست هذا الشّعر تحت الباب
أترى أكون بثثت شوقي كله / وشرحت حالي يا أولي الألباب
يا جارة الوادي إذ الوادي أخي / وكريم إحسان ولطف صحاب
قسماً بموصول المودة بيننا / هذي الزيارة لم تكن بحسابي
قد يجمع الله الشتيت ويلتقي / ناءٍ بناءٍ بعد طول غياب
يا هاجِري يا من هجرتَ بلا سبب
يا هاجِري يا من هجرتَ بلا سبب /
أترى العقاب بغير إثم قد وجب /
عجباً لقرص الشمس في البيت احتجب /
عجباً لأعجب ما يكون من العجب /
بي ما تحس وفي فؤادِكَ ما بي
بي ما تحس وفي فؤادِكَ ما بي / فتعالَ نبكي يا نجيَّ شبابي
تجري الدموعُ وأنت دانٍ واصلٌ / كمسيلِهنَّ وأنتَ في الغُيَّابِ
أنكرتَ بي ناري عشيةَ لامست / شفتاي منك أناملَ العنابِ
ومشت يميني في غزيرٍ حالكٍ / مسترسلٍ كالجدولِ المنسابِ
وسألت ما صمتي وما إطراقتي / وعلامَ ظلَّت حيرةُ المرتابِ
أقبل أذقني ما اليقينُ وهاته / خلواً من الآلامِ غيرَ مُشَابِ
أقبل لأقسمَ في حياتي مرةً / إنَّ الذي أسقاه ليسَ بصابِ
لهفي على هذا اليقينِ وطعمه / بفمي وتكذيبي شهيَّ شرابي
من أنتَ من أي العوالمِ ساحرٌ / مستأثر بأعنَّةِ الألبابِ
مهلاً سليلَ النور ما هذي الدنى / أبداً مكان جلاَلكَ الخلابِ
حدثتُ نفسي إذ رأيتك بادياً / وأطَلت تسآلي بغيرِ جوابِ
ما يصنع المَلَكُ الطهورُ بعالمٍ / فانٍ وأيامٍ كلمع سرابِ
ما يصنعُ الأبرارُ في الأرض التي / ساوت من الأبرارِ والأوشابِ
دوارةً أبدَ السنينِ كعهدها / من ليلِ آثامٍ لصبحِ مَتَابِ
تغلو الحياة بها إلى أن تَنتهي / عندَ الترابِ رخيصة كترابِ
أغفر خليلي الشكَّ في الرؤيا التي / ملكت عليَّ مَشاعِري وصَوابي
يا طالما ضجَّ الفؤادُ من المنى / وشَكا التماعَ سرابِها الكذَّابِ
يا هَيكل الحسنِ المباركِ ركنُه / الساحرَ النورِ الطهورَ رحابِ
لا صِدقَ إلا في لهيبِكَ وحده / وجلاله الباقي على الأحقابِ
قدمتُ قرباني إليه بقيةً / من مهجةٍ تَلفت على الأحبابِ
فإذا سمحت دفعت فيه دماءها / ورجعتُ أحمدُ من ذراكَ مآبي
وأذبتُ جوهرها فداءَ نواظرٍ / علويةٍ قدسيةِ المحرابِ
طَلِّق شجونَكَ في ثرى الأحبابِ
طَلِّق شجونَكَ في ثرى الأحبابِ / وانثر دموعَ العينِ دون حسابِ
لم لا تفيضُ مدامعاً ومواجعاً / لصديقكَ الثاوي بغيرِ مآبِ
يا لوعة الدنيا وراء مودع / يمضي إلى الأخرى بألفِ نوابِ
أسفاً لنصر الدين أينَ جنانُه / وحنانُه الشافي من الأوصابِ
ويدٌ كعيسى كم شَفَت من علةٍ / وأَست صريعَ وجيعةٍ وعذابِ
يجتمعُ الشاكونَ ملءَ رحابِه / متوافدينَ على أَبرِّ رحابِ
فيظل يدفع عنهم شبح الردى / ويردُّ ردَّ الواثق الغلابِ
ما كان في وهمٍ ولا في خاطرٍ / أنَّ الرَّدَى لطبيبهم بالبابِ
أو هكذا الدنيا وذاكَ مآلُهَا / أسفاً لغادرةٍ كلمعِ سرابِ
تغلو الحياةُ بها إلى أن تنتهي / عندَ التراب رخيصةً كترابِ
أو هكذا الدنيا وذاك مآلُهَا / أوَ ذاكَ وعدُ خيالِهَا الكذابِ
أملٌ على أملٍ وآخرةُ المنى / نومٌ على نومٍ مَدَى الأحقابِ
يا أيها الثاوي المكفّنُ بالرِّضا / ما يصنعُ الملكَانِ يومَ حسابِ
أيُّ الحساب لذاهبٍ وحياتُه / علوية قدسيةُ المحرابِ
فُتحَت له الجنات واحتفلَ ال / ملائكُ بالطهورِ الصادقِ الأوابِ
أمسيتَ قُربَ الحقِّ فاسمع صوتَه / ذَهَبَ الحِمامُ بحيرةِ المرتابِ
وخلعتَ ثوبَ العيشِ وهو مهلهلٌ / فالبس كما تهوَى جديدَ شبابِ
واظفر بنورِ الخلدِ قد بُلغته / أنتَ الجديرُ بمجدِه الخلابِ
قَدِّم لبسيوني قريضَكَ واعتذر
قَدِّم لبسيوني قريضَكَ واعتذر / غُرَرُ القريضِ أقلُّ ما يجزى بِه
لكنه زهرُ المحبِّ وورده / وتحيةُ الوافي إلى أصحابِه
إن كانَ يومُكَ ذا فإني شاربٌ / كأسَ السرور ومنتشٍ بحبابِه
اليومَ يوم للأحبةِ كلِّها / فَدعِ الصديقَ يُثبكَ ممَّا به
لو زعَّمُوكَ على الشباب جعلتَه / كالسيلِ يزخر في قويِّ عبابِهِ
كم وقفةٍ لك بيننَا في مجلسٍ / أقسمتُ كنتَ به شبابَ شبابِهِ
خيلتُ سعداً في قويِّ بيانِه / ورأيتُ قسا في حماسِ خطابِهِ
لا تذكرنَّ ليَ السنينَ وعدها / العمرُ يقدرُ بالفعالِ النابِهِ
كم لمسةٍ سوداءَ تعلو هامة / شاخت وأدركها البلى بخرابِهِ
كم لمسةٍ مثل النهارِ أشعةً / هي قبلةُ الساري ونورُ ركابِهِ
كالأفقِ مبيضُّ الغمائمِ مشرقٌ / والشمسُ تلمعُ من وراءِ سحابِهِ
يا رُبَّ طودٍ بالثلوج متَوَّجٍ / ما مسَّت الدنيا جديد إهابِهِ
سجد الربيعُ مكبراً لجلاله / وتلفَّتَ الوادي بخضرِ هضابِهِ
لِمَ لا يكرمُ ذلك الليث الذي / جَمَعَ الضراغمَ كلها في غابِهِ
مهما يَدُر بالشرقِ خطبٌ تلقهم / في ظله وتراهُمُ في بابِهِ
فترى فلسطينَ الشهيدةَ عنده / وترى العراقَ لدى كريمِ رحابِهِ
لو يستطيعُ مشَى لك الفضلُ الذي / قضيت عمركَ في ارتيادِ شرابِهِ
ومشَى إلى تكريمِكَ الوطنُ الذي / لولا التقَى صليتَ في محرابِهِ