إن رمت توطئة المرام الأصعب
إن رمت توطئة المرام الأصعب / فاركب من الأقدام أخشن مركب
أربا بنفسك أن تذودك شهوة / دون انتصابك فوق اشرف منصب
لا تكثرن من الشباب وذكره / أنت ابن يومك لا ابن ماضي الأحقب
وتلاف من قبل الفوات فربما / أعياك غمز العود بعد تصلب
مالي وللنفر الطلاح تنافروا / عني كما نفر الغنى عن مترب
لا تنكري حالا تغير منهم / فالكل تحت مكوكب متقلب
أيروم غيرهم بقلبي مسكنا / يا سرب ما هذا كناسك فاسرب
كم من أخ لك غير أمك أمه / تنسيك سيرته أخاء المنسب
دارت بشملهم الليالي دورها / فتنقبوا كهلالها المتنقب
أقمرت يا ليل الحجون بأوجه / كانت إذا حجب الضحى لم تحجب
لم أنس ظعنهم المجد كأنه / يسعى به السلوان سعى القطرب
قف باجهام على ديارهم ونب / عن دمع صبهم بأوطف صيب
واحفظ مغيب القوم حفظ حضورهم / أنعم بهم من حاضرين وغيب
سحروا الشجي وهم رقاه فمن لنا / بالسحر يقرأ من عيون الربرب
بعثوا الخيال ندية نفحاته / كالريح لم تعثر بدو مجدب
لم أنس يوم خلت بها روادها / تجني أسارير السرور وتجتبي
وأدت بشاشته بنات همومها / فالتام شعب القوم بعد تشعب
أيام زاد نتاجها عقم النوى / ومن الغنيمة عقم من لم تنجب
إن اخلقت ديباجتي بسراهم / فمن التثبت بعدهم لم أسلب
لم يسلني بعد الديار ولم أصخ / اذنا لهينمة الغراب الأنعب
يا ساقيي بم التعلل بعدهم / هل في الإناء بقية لم تشرب
غادين لم يدعوا سهولة مغنم / بل اعقبوا نزوان يوم أصعب
تلك الوجوه خلت بكل ملاحة / أعزز بهاتيك الوجوه واحبب
كانوا إذا الآفاق قطب نوؤها / نوءا يهلل وجه كل مقطب
يا غلوة البيت التي نزحت بهم / لو طاش سهمك لم يفتني مأربي
أفكلما فطن الزمان لجيرة / طارت نعامته بذاك الموكب
أهذيم لا تنكر بمثل شرابهم / طربي ومن يشرب يلذ ويطرب
فاقدح لمحو الصحو أقداح الطلا / فالزند لولا قدحه لم يثقب
سفها لرأيك أي ترتيب على / من كان بغيته الغلام الشيرب كذا
ممنوع أطراف المراشف عذبها / لولاه مضمضة اللها لم تعذب
أتلومني والنفس مولعة به / أبعد خطاك بلومه أو قرب
واسلك من الأشياء واضح سبلها / ودع الأخير إلى الطريق المتعب
أيها فإن لكل ضيق فرجة / والغيث تلو البارق المتلهب
لم يثنني لاح ألح بذكركم / ومن الغباوة أن تميل إلى الغبى
أقلقتم كبدي فسامرني النوى / وصممت عن سمر النديم المطرب
من لم تؤدبه خلائق طبعه / الفيته بالسيف غير مؤدب
ورأيت الحي من لحاني صاحبي / يا نفس آن أوان أن لا تصحبي
وذري العتاب فما هنالك سامع / شرع عليك عتبت أم لم تعتبي
وبدا التساوي في المساوي للورى / شبه الأراقم ما خلت من معطب
معه يا خلي عن الشجي ولا تسل / عن موقع الأشياء غير مجرب
ضاق الخناق بهم ولكن الهوى / يرضي المحب بمثل جحر الأرنب
يا لاحيي ألم يقل لكما الهوى / إن اكتساب اللوم الأم مكسب
هل فيكما ان تنشدا لي ساعة / عقلا أضلته عقائل تغلب
أو تبردا لي مهجة حرانة / ألهبتها بشموس آل مهلب
يا سلم ما سلمت سهامك من دمي / فالسهم إن يك ذا نفوذ ينشب
هذي الديار بمقلتيك مطاحة / إن رمت تخضيب البنان فخضبي
لا تحسبي ليلى وليلك واحدا / شتان بين منعم ومعذب
بات الكرى أهدى إليك من القطا / وظلتت منه ولا كخابط غيهب
أنسيت يوم شجتك وعوعة الوغى / فأجبت داعيها بقلب قلب
والسمر ترسب في الكبود كعوبها / والخيل تطفح في الغدير الأصهب
والنفس مهما عوفيت من نكبة / نسيت مرارتها كأن لم تنكب
والدهر أتاء بكل عجيبة / من يعرف الأيام لم يتعجب
لم يبق للأكياس ضرس في فم / إلا وأورده مرير المشرب
لا تعجبا لفساد كل صحيحة / فالناس في زمن كجلد الأجرب
ليس الهوى مني ولست من الهوى / لولا اعتراض السرب يوم محصب
هي لحظة بين الحدوج أدرتها / يا نظرة كانت خلاف الأصوب
عثر الجواد وكان مأمون الخطى / ونبا الحسام وكان صلت المضرب
أزف الرحيل فهل صديق صادق / يلقى الخليل بخلة لم تكذب
والراقصات بذي الأراك كأنها / حبب المدام تراقصت في الأكوب
لا روّعن الصحصحان بسهلب / في كل عضو منه همة سلهب
أي المرام يفوتني وقعيدتي / ريح يقال لها بقية شزب
لا تحسبن الأمر مزحة عابث / لاحت طلايعها فيا خيل اركبي
ما ضاقت الأرض الوساع على امرىء / هيهات ما في فجها من مذهب
ما للمعالي حاجة في عاجز / يأبى المعرس في هجير السبسب
والحزم حيزوم الأبى فخذ به / لا ترع شاءك في المكان المذئب
واحد عداوات الرجال ودارها / إن لم تكن جدة لديك فرحب
وافطن لادوية الأمور فإنما / سم الأفاعي غير سم العقرب
وإذا تنكه من مكان ريحه / فتخط منه إلى المكان الأطيب
نعم المعين على نيوب نوائب / بحديد ناب للشفار ومخلب
إني وإن أمسيت صفر أنامل / فمعظم الأفلاك غير مكوكب
يا ناق ان حمى سليمان الندى / مرعى الخصيب فيمميه لتخصبي
هذي منازله فراديس المنى / ومنابع الكرم التي لم تنضب
هبي له تصلي إلى حرم الغنى / لا بد من سبب لكل مسبب
أقليدس الحكماء إلا أنه / ترمى العدى منه بداء الثعلب
متسنم من كل مجد صهوة / إن تركب الشهب السواري يركب
طلعت بأبهة العجائب شمسه / باللَه يا شمس انظري وتعجبي
حلال عقد الدهر عاقد حله / بالماضيين مثقف ومشطب
صرام ما وصل الملوك من العرى / وصال ما صرم الزمان المستبي
متلبب بالحزم مدرع به / هناك سجف الدارع المتلبب
مختالة بدم الفوارس خيله / كالخود ترفل بالطراز المذهب
إن المعالي في سواه معارة / فكأنهن خضاب فود الأشيب
وعلى الملوك له ديون جمة / بضمان معتدل الشطاط وأحدب
لبس الخلاعة في الندى لا يرعوي / لطنين واش أو هرير مؤنب
يسخو بما لم يسخ ذو كرم به / ابداً ويعتذر اعتذار المذنب
وإذا تمردت الفوارس راعها / بطروق أروع كانقضاض الكوكب
يفني الألوف بواحد متنمر / لم يخش بائقة ولم يتهيب
ذيال سابغة يجر ذيولها / بين الأشاوس كالمدل المعجب
بأبي كسوب بالقنا لا ينثني / عن جيش أبرهة إذا لم يكسب
شرس المراس يقوم دون محله / كسرى مقام الخائف المتهيب
ملك ترعرع في المحامد ناشئا / وعلى رضاع العز والتقوى ربي
ومهذب لا طعن فيه لطاعن / وكذاك فليك طبع كل مهذب
قاد المعالي آخذا بخطامها / أخذا يدين خشونة المستصعب
مه يا مقل فقد ظفرت بواهب / من منفسات المال ما لم يوهب
وخذ الأمان من الزمان بخادر / ذي مخلب في كل جلد منشب
متورك فوق الحوادث راكب / من مصعبات الدهر ما لم يركب
أخذ الرئاسة عن أنابيب القنا / عما تدبره أنامل قعضب
وقف على أقدامه ونواله / شكر الوشيج ومشكلات المأرب
صفر من الشيم الدنايا مفعم / من كل صالحة وعز مؤشب
ثاني الأعنة من حوادث دهره / سيان ما صعبت وما لم تصعب
قرم تفرست القروم برأيه / كابن تورث ما تورث عن أب
والعز طورا بالحسام وتارة / بمهند من رأي كل مهذب
لا يمتطي إلا العويص قيادها / إن الأبية مركب الطبع الأبي
بأبي الذي يلقى الكتائب باسما / والحرب تكثر عن نواجذ مغضب
والخيل راقصة على نغم القنا / والبيض معجمة لصورة معرب
وله على أهل البسيطة كلها / فضل النجوم على سواد الغيهب
وإذا نشرت ذؤابة من علمه / عطرت نواحي شرقها والمغرب
فهو النهاية بالمعارف كلها / شرف به دون العوالم قد حبي
أمطوح الآراء بالحكم التي / كتبت على الإلهام ما لم يكتب
عجبا لخيلك كيف تحمل فارسا / قد زاحم الفلك المحيط بمنكب
كم صارم جردت منه صوارما / تفنى الشعوب بضربها المتشعب
وكتيبة شهباء رعت بها العدى / كالصبح غار على الظلام بأشهب
يأبيك كم تلهو سيوفك بالطلى / ملهى أصيبية بدارة ملهب
نهنه ظباك عن العدى مترفعا / فالرفق شنشنة السري المنجب
وإذا الأمور هفت وضل دليلها / كنت الهدوء لقلبها المتقلب
أنت الغياث إذا النفوس تحشرجت / بمصعد من كربها ومصوب
ومتى تعذر لابن انثى مطلب / ألفاك مغناطيس ذاك المطلب
يا سرحة المعروف إن قلائصي / هربت إليك من الزمان المجدب
حطت على رغم المحول رحالها / بأبل ناد للمكارم مخصب