المجموع : 29
لصَبا الحجازِ بَكى وَإِن لَم يَطربِ
لصَبا الحجازِ بَكى وَإِن لَم يَطربِ / صبٌّ تمسك من شذاه الطيِّبِ
يشكو الهَوى مما به بلسانه / وَيعيذها من قلبه المتلهب
بالله يا ريح الصبا حيي الحِمى / وَببثِّ ما يشكو إِليهِ تقرّبي
وَتردّدي بَيني وَبين أَحبتي / فَإِذا بَلغت فِنا الديار فشبّبي
وَتحملي عني السَلام تحيةً / وَلِجي إِلى تِلكَ الرُبى وَتَأدّبي
وَتبتلي وَصفي مذلة والهٍ / للأكرم الثاوي بطيبة يَثرب
وَقفي عَلى الأَعتاب ثمَّ وَسلِّمي / منّي عَلى قَبرٍ تشرّف بالنبي
قولي عُبيدُك يا رسول اللَه قَد / عرف الحقيقة بَعدَ أَيّ تَشعُّب
فَلَكَم أَطاع النَفس حينَ عَصى الهُدى / جهلاً وَكَم أَرضى الغرور بمغضب
ما قدّمت أَيديه إِلا حَسرةً / لِلنفس شيمة مسرفٍ لم يحسب
أَفنى الليالي في سِوى ما ينبغي / وَأَضاع سحبَ رضاً ببرقٍ خُلَّب
صحب الزَمانَ وَأَهلَه حتى إِذا / وَضح الرَشاد كَأَنه لَم يصحب
وَصَلَ الغرورَ وَفصَّلَ الأَوقاتَ في / غَير الحَقائق شأنَ من لم يَدأب
في الحَزم فرّطَ حيث أَفرط في الهَوى / سُلبَ الفراغَ بغير شغل موجب
ذهب المذاهبَ في انتِقا رأَيِ السوى / بشؤونه يا ليته لم يذهب
وَلَكَمْ صبا حيث الصِّبا ومع الشبا / ب مضى يُشبِّبُ بالغرير الربرب
وَلَكَم قضى الليل الطويل مفكراً / في شأن كل أَخ كمثل الكَوكَب
وَلَكَم بكى زيداً وحنّ لخالد / وَرعى هوى هندٍ وَتاه بزينب
كَم أَحرِمُ الأَجفانَ من سنة الكَرى / للغير ما رَقَبَت وَما لم ترقب
كَم أُجهِدُ النفس الأَبيةَ في هَوى / مَن لَم يَكُن بِأَخي الشَقيق وَلا أَبي
وَلَكم سَطا نَحوي الظَلامُ بِأَدهم / مِن هَمه وَدَهى الصَباح بأشهب
حجبتني الأَغيار عن دَرَكِ الهُدى / حَتّى بَدَت فَإِذا بِها لَم تحجب
شُكراً لعاقبة التجارب إِنَّها / كشفت عن الدُنيا نقابَ الغيهب
فإليك يا خير البرية حاجتي / وَجَّهتُها وَلأنتَ أَولى الناس بي
قدّمتُ نفساً قَد تؤّمن خوفَها / آمالٌ معترفٍ ذليلٍ مذنب
وَعرضتُ وجهاً سوّدَتهُ جنايةٌ / سينال نوراً منك إِن تك تجتبي
وَبسطتُ بالأعتاب خدّاً خاضعاً / سيفوز منها بالمنى وَالمطلب
وَعَلى رحابك قَد أنختُ مطيةً / إِن لَم يكرّم نُزْلُها لم تركب
يا رحمة الرَحمن بَين عباده / ارحم ذليلاً في معزتكم رَبِي
ارحمه وهو الكهل شارف شيبه / فَلَكَم رأفت بِهِ وَقد كان الصبي
يا حجة الديان ما لي حجةٌ / إلا الوقوف بذلةٍ وتأدّب
فَأَقل عثاري وَقل نجوتَ فطالما / بكَ قَد أَراح اللَه بالَ المتعب
وَلئن مدحتُ سواك وَهِيَ ضلالة / لا لاجتلاب عُلاً وَلا لتكسُّب
وَلئن شكا قلمي الدجى وَأَناملي / يا بئس ما كتبت وَما لم تكتب
فلأمحون ذنوبَها بقصائدٍ / تسعى بمدحك وَالثنا في مَوكب
زجّ الصَوافن في تنو
زجّ الصَوافن في تنو / ف البين من وادي الصحاب
وَاترك وَلَست بِتارك / ما بِالفُؤاد من التصاب
وَاهجر ديارك وَاجفُها / وَاشكو الجَميع إِلى الركاب
فَالسَيف يُغمد في الرقا / ب إِذا سللت من القِراب
وَالرمح يَعمل في الصدو / ر إِذا تَمادى في الضراب
فَإِلَيك عَن دار الشبا / ب وَقَد مَضى أَهل الشباب
قَد كانَ صُبحاً طالِعاً / وَاليَوم أَضحى في حجاب
خلِّ الدِيار وَأَهلها / وَدَع المَنازل وَالقباب
وَاستغن عن ظل القصو / ر بظل آجام وَغاب
وَاظمأ عن الماء الفرا / ت وَرِدْ أَجاجا من سَراب
وَارحل عَن السهل المضا / ع لصون عرضك في الصعاب
وافزع لِأَنَّة باشق / وَاطرب إِذا حجل الغراب
لَولا الحَياة وَحبها / وَاللَه ما ذلت رقاب
يا أَيُّها الرجل الَّذي / تَدري لِمَن أَعنى الخِطاب
ما بالإِقامة حَيث قَدْ / رٌ لا يُجَلُّ وَلا تهاب
وَالمَوت أَشهى للاسو / د بحدِّ أرهافٍ غضاب
مِن راحة في نعمة / تَقضي مرافقة الكلاب
كُل الدِيار إِذا صفت / دار وَأَهلوها صحاب
فَبجيرة تَعتاض جي / رانا وَلو خفي الصَواب
ما دام أَصل الناس صل / صالاً وَآخراهم تراب
كَم مشرق للبدر بعد تغرّبِ
كَم مشرق للبدر بعد تغرّبِ / كَم أَوبة للحظ بَعد تغرّبِ
كَم نعمة في نقمة كم يسرة / في عسرة وَسلامة في معطب
كَم للمهيمن مِن خَفايا حكمة / تَأَتيك ناصرةً بغير تأهُّب
كَم من شرور أَعقبت خَيراً وكم / مِن راحة ممنوحة من متعب
ما الدَهر إِلا حالةٌ وَتحوّلٌ / يختص بِالشنعاء حسن الطَيّب
كَم طالب قَد خانه ما يرتجى / كَم يائس يَحظى بغير تطلُّب
يا أَيَّها الشَهم الَّذي أَفضاله / عمت وَجدواه همت كَالصيِّب
لا تكترث مِن جور دَهر طَبعُه / أن لا يقي حرّاً وَإِن هوَ يجتبي
فجميل ذكرك بالثناء مخلدٌ / وَجليل صنعك شكرُه لم يذهب
وَحسام حزمك لَم يزل في صيقلٍ / وَجَواد عَزمك ما كبا عَن موجب
وَلَئن سُجنتَ فطالما اِحتجبَ النَدى / وَلَكَم تَوارى نيِّرٌ في غيهب
حبسوا نداك لذاك جف خصيبُهم / حجبوا ذكاءك فاغتدوا في موقب
فابشر وَثق بالله وارقب فضلَه / فَلكم تُصابُ مُنىً عَلى يأسٍ أبيّ
يا كَوكباً أَوج الكَمال وَناهجاً
يا كَوكباً أَوج الكَمال وَناهجاً / نَهجَ الجَلال وَبهجَتا الآدابِ
قَد شاقَنا لقياكُما فتكرّما / بصفا القدوم لحفلة الأَحباب
وَتفضّلا بزيارة نَزهو بِها / وَنُقيم ماتمَ ذلةِ الكذاب
الغُصنُ شابَهُ قدَّه فَتعجّبا
الغُصنُ شابَهُ قدَّه فَتعجّبا / وَالبَدرُ أَبصَر وَجهَه فَتحجّبا
وَتَعرّف الرَوضُ النَضيرُ بعَرفه / حَتّى سَرَت بِعَبيره ريحُ الصَبا
وَالوُرقُ ملَّت غصنَها لما رَأَت / قَلبي عَلى هَذا القَوام تَقلَّبا
وَالرَوض تَنثرُ زَهرَه أَكمامُه / فَوق الثَرى شكراً لهُ وَتَحبُّبا
يا حسنَ ذاكَ الوَجه تحتَ شُعوره / كَيفَ انجَلى بَدراً وَأَرسَل غَيهبا
ظَبياً أَقول وَلَيسَ يَحسنُ أُنسُهُ / بدراً أَظنّ وَلَيسَ يَسبي من سبا
لِلّه ما فعل الدلالُ وَتيهُهُ / بقلوبنا مَعَ ما استرقّ وَعَذَّبا
أَبجَنَّةٍ من خدّهِ أَو حبَّةٍ / مِن خاله شغلَ الشجيَّ وَأَوصبا
أَم باللآلئ من ثَنايا ثَغرِه / بَهرَ العُقولَ وَصانَها وَاستصعبا
أَشكو لَهُ وَلهي بِهِ تَشوُّقي / وَهوَ الَّذي أَشكو عَلى ما أَوجَبا
فَيَقول إِن لواحظي مِن دَأبها / قَتلُ النُفوس وَما عَسى أَن تطلبا
فَاردد فؤادَك ما استطعتَ وَلا تَكُن / تَهوى مَليكاً بِالجَمال تَغلّبا
فَإِلامَ أَشكو وَالزَمانُ يَردّني / وَأَراه يَبتدرُ الحَشاشةَ مَنهبا
يا رَبَّ كُلِّ مَلاحةٍ صِل رَبَّ كل / ل صَبابةٍ فيكَ العَذاب استعذبا
يَقضي اللَيالي من جَفاك بحالةٍ / فَرِحَ العَذولُ لَها وَلامَ وَأَسهبا
داوي حَشاشتَهُ فَقَد أَسقمتَهُ / وَارفق بِهِ جسماً نحيلاً كَالهَبا
أَيكلَّفُ القَلبُ التصبُّرَ بعد ما / ولي القَرارَ بحبكم وَاستصحبا
آهٍ عَلى زَمَن السلوّ وَأُنسه / ما مرّ إِلا كَالنَسيم عَلى الربى
أَأَراك تنكر ما يقرّ بِهِ الوَفا / وَتَتيه معتزاً وَتبعدُ مَطلبا
وَأَنا الَّذي وَجدي عَليك عَلمتَه / وَعَفاف نَفسي وَاحتمالي الرقبا
وَلَقَد تَواصل بَين جفني وَالبُكا / لما هَجرت وَلم أَجد لي مَذهَبا
وَلطالما رام العَواذلُ سَلوتي / لَكنهم جَهلوا فَضلّوا المَأربا
وَلطالما قالوا محبٌّ ضلّ في / حبٍّ وَمَحبوبٌ جَفا وَتجنّبا
وَلطالما زعموا وَظَنّوا ضلةً / وَدَفعت فَيصلَ لومِهم حَتّى نَبا
أَلَهُم قُلوبٌ بِالعُيون جَريحةٌ / أَم مِنهُمُ من للمحبة جرّبا
كَلا لَقَد نَقلوا الحَديثَ مَرجَّماً / وَتَوغّلوا سبلَ الضَلال تَشعُّبا
حَتّى اِهتَدوا مني بِنارِ جَوانِحي / وَاستسلموا لي حين حَقّقت النَبا
فارع الوَفا وَاحفظ حُقوقَ متيّمٍ / فلذي الهَوى من ذي الهَوى ما اِستَوجَبا
يا طفلة يُثني عَلى
يا طفلة يُثني عَلى / خَطراتها لُطف الصَّبا
وَضاحة الوَجنات مِن / ماء النَضارة وَالصِّبا
فَكأنَّها لما بَدَت / تَسبى بلحظتها الظِّبا
شَمسٌ زَهَت في أُفقِها / تَجلو الزجاجةَ كَوكَبا
الغانياتُ تبسّمت لمطالبي
الغانياتُ تبسّمت لمطالبي / وَعجبنَ من قَولي هلمّ حبائِبي
وَسفرنَ عَن غررٍ صِباحٍ كَالصَبا / ح حفظنَها في لَيل شعرٍ واقب
وَتأودنّ فَقلتُ أَغصانُ النَقا / حَتّى التفتن ظَننتُ عِينَ رَبارب
وَجلونَ لي كَأساً يكاد ضياؤها / يُخفي زجاجتَها لعَين الشارب
فَطفقتُ أَحسوها رَحيقاً قَرقَفاً / وَأَفوز من رَشف اللَمى بِمآربي
حَتّى أَضعن الخَمسَ في حبّاتها / وَذَهَبنَ في دين الغَرام مَذاهبي
وَسعت بي الصَهباء حَتّى إِنَّني / لَولا الحزامة ما صحبت تَأدّبي
لِلّه أَوقات الشَباب فَإِنَّها / أَحلى زَمَان العُمر فيما نَجتبي
مَن كُنتِِ أَنتِ مَرادَه كَم يَتعبُ
مَن كُنتِِ أَنتِ مَرادَه كَم يَتعبُ / وَيُلامُ في هَذا الغَرام وَيَعتبُ
وَفَتى يرجّي الشَمسَ في أُفق السَما / يَحتاج أَن يدنيه مِنها كَوكَب
أَين اللَيالي السالفاتُ بحاجرٍ / قَد كانَ فيها للخلاعة ملعب
يا ظبيةً نفرَت وَقَد بعُدَ المَدى / كَم مرّ بي وَبَكى عليّ الربرب
هَل تذكرينَ عَلى التهاجُرِ وَصلةً / وَالرَكب حث وَالمُخالس يرقب
وَأَنا وَأَنتِ كَما أَراد لَنا الهَوى / يَشكو النَوى وَمشرِّقٌ وَمُغَرِّب
نَظر الحَبيبُ بسحر عَينٍ صائبهْ
نَظر الحَبيبُ بسحر عَينٍ صائبهْ / سَلبت نُهايَ بِكَهرَباها الجاذبهْ
وَزهى ضيا شَمسِ الجَبين فَأَثّرت / عِندي اِنفِعالات الهَوى متعاقبه
بعث الهَوى بحرارةٍ في مُهجَتي / حلّت فُؤادي أَدمعاً متساكبه
لا تُنكروا تَأثيرَ سَيفَيْ جفنِه / بِالطَبع فَهوَ الحدُّ وَهيَ الغالبه
كَيفَ البَساطة وَالغَرامُ مَركّبٌ / مِن نَظرةٍ جادَت وَنَفس وَاجبه
وَبدقة نَظرية تَبدو لَنا / بِظَواهرٍ وَحَقائقٍ متناسبه
سَكَنت لَواحظُه فحرّكتِ الهَوى / وَأَتَت بِحُكمٍ في القُلوب الذاهبه
وَلّت لذاذاتُ الصَبابة وَالصِّبا
وَلّت لذاذاتُ الصَبابة وَالصِّبا / كَالطَيفِ في أَجفان ذي أَرقٍ صبا
فَإِلَيكِ لا تَرمي الفؤادَ فَقَد كَفى / ما جال فيهِ من سواكِ وَأوصبا
وَإِلَيكِ كُفِّي عن مداعبةِ امرئٍ / لم يُبقِ فيهِ الدَهرُ عِندَك مأربا
فَلَقَد قَضيتُ مَع الشَبابِ وَأَهلِه / زَمَناً يَعزُّ مرورُه لَكن نَبا
وَالقَلب بَوّأَهُ سواكنَ قَبلُ ذا / أَحبابُ صدقٍ يا لَهُنَّ حَبائبا
كَيفَ الصَبابة بَعدَ أَيام الصبا / أَم كَيفَ يَجملُ أَن أَهيمَ وَأَطربا
وَالكَأسُ هاجرَ وَالنَديمُ سرت بِهِ / رَكبُ النَوى فَتحالفا فاستصحبا
نَقضَ الهَوى عَهدي وَلَستُ بِناقض / عَهدي لِأَهليه عَلى ما استوجبا
فَرعى إلهي غبطةً ذهبت عَلى / غَيظِ العذول وَلَوعةً لَن تذهبا
وَسَقى الشَبابَ وَأَهلَه وَغُرورَه / صَوبُ الحَيا ما ضاءَ نجمٌ أَو خبا
فَلَقَد مَضى لا رجعةً لمودّعٍ / مِنهُ وَلا مسعى يقرّبُ مطلبا
وَلطالما قَد بتُّ تَحتَ جَناحه / في لَيلة أَجلو الزجاجةَ كَوكَبا
وَلطالما رُعتُ الرَعيلَ صَواهلاً / وَقنصتُ من تلكَ الملاعب رَبرَبا
وَلطالما وَفّيتُ ما اشترط الهَوى / وَذهبتُ في دين المَلاعب مذهبا
كُلٌّ تَولّى ما علمت بقدره / لَكن تحقّقت الَّذي قَد أَعقبا
وَاللَه لَولا أَدمُعٌ رقرقتُها
وَاللَه لَولا أَدمُعٌ رقرقتُها / لبدا شواظٌ للحشا وَتلهَّبا
أَو كُنتُ ممن يَبتلي في حَزمه / لفضحت عَزماً في الأُمور تَقَلّبا
لَكنني جرّبتُ دَهري فَارعوت / نَفسي وَحسبُك مَن دَراه وَجرّبا
بنتَ الكِرام ترفّقي
بنتَ الكِرام ترفّقي / بي قَد مَضى زَمَن الشَبابْ
لا تَشغلين القَلب بَع / دَ فَراغه عَمّا أَنابْ
لا تَسلبين اللبَّ من / ني بالتودّد وَالتَصابْ
فَالحُب نَقص بعد ما / بلغ الشَباب بنا المصاب
وَلَقَد مَضى ما قَد مَضى / وَالعُمرُ جاوز بي النصاب
فَقل السلام عَلى الشَبا / ب وَطيبِ أَيام الشَراب
أَو بَعدَ ما اسوَدّ العذا / رُ وخطَّ عارضيَ الكتاب
أَرجو المدامةَ وَالدُمى / وَأَطيع شَوقي وَالكعاب
لِلّه قَلبٌ مِن فراقك ذائبُ
لِلّه قَلبٌ مِن فراقك ذائبُ / أَبَدا وَطَرفٌ بِالمَدامع ساكبُ
وَسهاد جفن كلَّما جنّ الدجى / وَخفوقُ صَدرٍ لا تَقيهِ تَرائب
وَتذكُّرٌ من والهٍ وَتفكُّرٌ / كلٌّ حضورٌ وَالمسلّي الغائب
وَإِذا تَأوّه عَن فؤادٍ جازعٍ / ضجّت عَلَيهِ في السَماء كَواكب
وَإِذا بَكى قالوا غَريقٌ هالكٌ / ضلّت مسالكه وَشطّ الجانب
وَإِذا شكى قَدَّ الأَحبةِ للنقا / هاجَت عَلَيهِ بَلابلٌ تتجاوب
وَإِذا ترقّبَ زورةً من طيفهم / حَكمَ السهادُ وَذاكَ حُكمٌ واجب
يا لَيتَ شعري وَاللَيالي غرّةٌ / هَل نَلتَقي يَوماً فَيبردَ لاهب
وَنَرى لُبانات اللَوى من هزةٍ / ما بَين ذاكَ كَما عهدت مَلاعب
وَنبلَّ من ماء العُذَيب حشاشةً / طالَت حَرارتُها وَخاب الطالب
وَتَطوفَ كاساتُ الهَنا ما بَيننا / وَيَكونَ فينا وَصلةٌ وَتحابُب
وَأَرى لذاك الوَجه بَدراً زاهِراً / وَعَلَيهِ لَيلُ الشَعرِ داجٍ وَاقِب
وَتَعودَ هاتيك اللَيالي بَعدَ ما / جدّت مَطاياها وَحثّ الجائب
وَيَروقَ منهلُ وَدّنا وَيُقالَ رِدْ / صَفوَ المُنى شَبب وَزال الشائب
وَيَنالَ من بَعد النَوى ذاكَ اللقا / فَتسرُّ أَحبابٌ وَيَهنى الراغب
تَفديك لذاتُ الحَياة وَطيبُها
تَفديك لذاتُ الحَياة وَطيبُها / أَزمانَ من أَحببتُ كانَ مصاحبي
إِذ لا نُفيق من الطِّلا إِلا إِلى / رَشفِ اللَمى من عانسٍ أَو كاعب
وَلَقَد تَوالَت ما علمتُ بِقَدرِها / حَتّى تولّت بالغرورِ الكاذب
إِني ذكرتُكمُ وَقَد بعُدَ اللقا
إِني ذكرتُكمُ وَقَد بعُدَ اللقا / ما بَينَنا وَتَغلّقت أَبوابُهُ
وَالريحُ تلعبُ بالغصون فتنثني / مثلَ الطَعين تقطّعت أَسبابُهُ
ناحَت بِها الوَرقا وَقُلتُ بَكيتُ مَن / مُبكي الَّذي عَنهُ نَأَت أَحبابُهُ
ناحَت وَوَجهُ الشَمس قلّ بهاؤه / وَاللَيلُ يَسترُ حالِكاً جلبابُهُ
لا تَأمننّ عَلى المودّة صاحباً
لا تَأمننّ عَلى المودّة صاحباً / أَبداً ولا تَرجو الوَفا من صاحبِ
بَعدي وَبعدك من يؤمّل ذا الوَفا / في الناس يَرجو موعداً من كاذب
زُرناكمُ حتى سئمتم وَدّنا / وَالماءُ أوفره يَغصُّ بشارب
فَلأهجرنَّكمُ وَقَلبي عِندَكُم / وَأَقولُ قَد خانَ العُهودَ حبائبي
أَبشرْ إِذا عَرضٌ ذهبْ
أَبشرْ إِذا عَرضٌ ذهبْ / نلت المَفاخر وَالذهبْ
وَإِذا عَلوت عَلى الأُيو / ر عَلوت غايات الرتب
فَالدرّ لا يَعلو عَلى ال / تيجان إلا إن ثُقِب
فاسمع نصيحةَ عارفٍ / لَكنه يَأبى السَبب
كُن ابن مجهول وَإل / لا تحت طاعة من طلب
واحذر مُعيقاً مِن نُها / كَ وَخفْ نصيحاً من أدب
عَنكَ الأَغاني وَالغَواني الكاعبَهْ
عَنكَ الأَغاني وَالغَواني الكاعبَهْ / وَدع التمسك بالأَماني اللاعبهْ
فَالعُمر وَلي وَالشَبيبةُ أَعرضت / وَمضت فَأَبقت في الحَشاشة لاهبه
تَسعى إِلى الدُنيا تعمِّرُها وَما / فَكرت يَوماً أَنَّها لَك خاربه
تَبكي عَلى مال وَمالُكَ ذاهبٌ / وَأَراك تضحكُ من حياة ذاهبه
وَالصَفوَ تَرجو وَالزَمانُ مكدّرٌ / وَتدافع الأَقدار وَهِيَ الغالبه
فَاعرض وُقيتَ عن الغواية وَالهَوى / فَالغاية القصوى لعمرك كاذبه
فَلمن وفى الدَهر الخؤون بعهده / وَلأيّ ظامٍ قَد أَساغ مشاربه
فُرَصٌ الهَوى سَببٌ إِلى غصص النَوى / لَو يَعلم المجهود جب متاعبه
وَلوَ اَسفرت بكرُ الغيوبِ لثامَها / لبكى الضحوكُ بل استعار النادبه
مازجتُ دَهري إمتزاجَ مجرّبٍ / فَأَنا الزَمان فخذ إِليك عجائبه
فَإِذا أَردت الأنس مِل عن أنسه / وَادفع بواعثه وَجانب جانبه
وَالق الخطوب تجملاً وَتحملاً / وَاضحك لها مهما تبدّت غاضبه
وَخذ الخمولَ تُرح فؤادَك عن غوا / ئل ما يفوتك أَو تفوت مكاسبه
وَاخش المصيبةَ في السلامة واعتصم / إن تلقها فالصبح بعد الواقبه
وارض القضاء فلست تسطع ردَّه / وَحضيضَ عيشٍ لست تبلغ غاربه
وَاصبر كما صبر الكرامُ ولِنْ كما / لانت غصونُ الأَيك طوع الجاذبه
وَاحفظ لقدر الناس تخطئى عندهم / بجميل ذكرٍ لا تنال مراتبه
وَاردد عيونَك عن عيوبِ سواك بل / واشغل بعيبك منك نفساً عائبه
وَالقول زِنه فلن يضرّك فوتُه / لكن إِذا أَكثرت فاخشَ العاقبه
وَاذا عزمت فشاورنّ ذوي النهى / فلربما وافتْكَ منهم غائبه
وَالعفو بعد الإقتدار محببٌ / وَالحلم حزمٌ إن أمنت عواقبه
واصحب كريماً للزمان فربما / دافعت بالصدر الصديق نوائبه
واسبر خليلك لا تخنه وإنما / خف إِن يخنك وَسل لبيباً صاحبه
فالحزم إن لم يغن ذا حزم لدى ال / قدر المؤزل فهوَ يرشد صاحبه
وَالجهل ظلمات يضل بها الفتى / وَالعلم نور قد يزيل غياهبه
وَالحرص يسعى بالعزيز لذلة / ومتى تعفف عنه نال مطالبه
والجود والبخل اتبع وسطاً هما / إنّ النفوس لها حقوق واجبه
وإذا ملكت فلا تطش عن عزة / واخش البوادر والليالي الناهبه
واحذر مهاناً قد تكفله الَّذي / ما ارتدّت الآمال منه خائبه
وانظر بعين الفكر واذكر إنما / من طينة صوّرت حقاً لازبه
وَصن السَرائر في الفؤاد فَإِنَّهُ / أَوفى محافظة وَخَير مخاطبه
إِياك أَن يغررك عيشٌ مقبلٌ / لَكن بشكر اللَه عزّز واجبه
وَاعلم بِأَنك سَوف تلقى ناقداً / أَدرى بما قد جئت منك وَحاسبه
كَيفَ التلذذ بالحياة وبعدها / يَوم تُشيبُ الطفلَ فيهِ الطالبه
وَالمَوت يَزأرُ في الزَمان هزبرُه / وَالناس بين مداعب وَمداعبه
وَالكُل في غفلاتهم وَكأنهم / لم يدرجوا عن ذاهب من ذاهبه
الغَيث يعلم أَنه ابنُ سحابةٍ
الغَيث يعلم أَنه ابنُ سحابةٍ / وَالخَندريسُ بأنها بنتُ العنبْ
وَالدرّ يفهم أَنه من خضرمٍ / يحوي نظائرَه على ما قد وَجب
وَالمرء في أَخلاقه وَمقاله / معنىً يدل عليه إن جُهِلَ النسب
فإذا فقدت الجدّ فاختر بعده / أن تنتمي لأب شريف كالأدب
ثمن الفتى في الناس قدرُ كماله / لا كالبهيمة من لُجينٍ أَو ذهب
من يَأتِ بَيتَ المجد من أَبوابِهِ
من يَأتِ بَيتَ المجد من أَبوابِهِ / أَو يَروي قَول السَعد عن أَربابِهِ
يَرقى السَماء بسلَّمٍ وَلعلَّه / لا يَنثني بالعزِّ عن أَسبابه
وَاعلم بِأَنّ المَرء يُردي نَفسَه / بعلوّ همتِه وَطُول حسابه
وَلَكَم يَرى وِردَ الصَفا فَيردّه / عَن نَيله حَزمٌ وَيَعلم ما بِهِ
وَلَقَد يَردّ الكَأس حَيث يودّه / حَبرٌ دَرى أن سم ضمن شَرابه
ما أَتعب الإنسان إِلا بذله / للمعتفي وَالكدّ غب طلابه