القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ مَعصُوم المَدَني الكل
المجموع : 5
سَقياً لمَثناةِ الحجاز وطيبها
سَقياً لمَثناةِ الحجاز وطيبها / ولسوحِ رَوضَتِها وَسفح كثيبها
وَظِلالِ دوحٍ في شَريعتها الَّتي / تَنسابُ بين مَسيلها ومَسيبِها
وَرياضِ بَحرتها الَّتي فاقَت عَلى / كلِّ الرِياض بحسنِها وَبطيبها
يَنفي الوَبا عن مائِها وهوائِها / وَترابِها ما صَحَّ من تَركيبها
لِلَّه عقوتُها الَّتي نالَت بِها / نَفسي من اللَذّات كُلَّ نصيبها
كَم بِتُّ فيها ساحباً ذيلَ الصِبا / أَختالُ بين رَبابِها ورَبيبها
وَيكفُّني حلمُ الحِجا حتّى إِذا / دَبَّت حُميّا الكأسِ بعض دَبيبها
مزَّقتُ جلبابَ الوَقار بصبوَةٍ / ما زالَ دَهري مُعجَباً بعجيبها
واهاً لَها مِن لَيلَةٍ لم يأَلُ لَو / نُ سُلافها الذَهبيّ في تذهيبِها
كَم شنَّفت كأَساً بدُرِّ حَبابها / بل كم شفت نفساً بِقُرب حبيبها
يا ساقيَ الراح الشهيَّة هاتِها / وأَرح براحَتها فؤادَ كئيبها
قرِّب كؤوسَك لا نأَيتَ فَلا غِنىً / إِن رمتَ بُعدَ الهَمِّ من تقريبها
أَدِم اِصطِباحاً واغتِباقاً شربَها / فالأُنسُ مَوقوفٌ على شَرِّيبها
صِفها بأَحسنِ وصفِها ونُعوتها / واِختَر لها الأَلقابَ في تَلقيبها
حَمراءُ تسطعُ في الكؤوس كأَنَّها / ياقوتَةٌ ذابَت بكفِّ مُذيبها
صَرفت همومَ الشاربين بِصِرفها / واِفترَّ ثَغرُ الكأس من تَقطيبها
لو لَم يكن في الرَوض مغرسُ كرمها / ما رجَّعت ورقاءُ في تَطريبها
دعتِ العقولَ إِلى الذُهول فَلَم يفز / بجوامعِ اللذّات غَيرُ مُجيبها
وَمليحةٍ قد أَشبَهت شَمسَ الضُحى / في الحُسنِ عندَ طلوعها ومَغيبها
تَبدو فتختطِفُ العيونَ مضيئةً / بِشروقها وَتَغيبُ في غِربيبها
شبَّت فَشَبَّت في الحشا نارُ الأَسى / فقصرتُ أَشعاري على تشبيبها
ناسبتُها وَنَسَبتُ في شِعري بها / فاِعجب لحُسن نَسيبها لنَسيبها
ومنَ العجائب أَنَّ جمرةَ خدِّها / تَذكو فيشكو القَلبُ حرَّ لهيبها
ما زالَ منذُ فقدتها وَصَبي بها / يَقضي بصبِّ مدامعي وصَبيبها
ما ساغَ موردُ وَصلها لي ساعةً / الّا أَغصَّتني بعين رَقيبِها
باللَّه ربِّكم اِسمَعوا أَشرَح لكمِ / في الحُبِّ أَحوالي على تَرتيبها
أَبصَرتُها فعشقتُها فطلبتُها / فمُنِعتُها فَقَضيتُ من كلفي بها
يا عاذِلي ما رمتَ راحةَ مُهجتي / مِن وجدها بل زدتَ في تعذيبها
لا تكثرن نُصحي فتلكَ نصائحٌ / يَكفيكَ صدقُ هوايَ في تكذيبها
ما هُنَّ غَيرُ وساوسٍ تهذي بها / عندي وإن بالغتَ في تَهذيبها
هَيهات يَسلو بالمَلامة مغرَمٌ / يَزدادُ فَرطُ هواهُ من تأنيبها
وَيَرى السلوَّ مصيبةً من بعدما / رشقته نبلُ لحاظِها بمصيبها
ما زِلتُ أَنتخبُ القَريضَ لوصفها / وَلمدح مُنتخَب العُلى ونجيبها
مُولي المَعارِف والعوارفِ والنَدى / وَعريفِ ساداتِ الهُدى وَنَقيبها
إِن عُدَّت الأَنسابُ فهو نسيبُها / وَحسيبُها المَشهور واِبنُ حسيبها
حازَ الفخارَ بِنسبةٍ نبويَّةٍ / هي في غنىً عن بُردها وقضيبها
وَروى مُعنعنَ مجده بروايةٍ / جَلَّت عن ابن قَرينها وقَريبها
ندبٌ إِذا اِفتُرِعَت منابرُ مِدحةٍ / كانَت مناقبه لسانَ خَطيبها
وَإِذا المَجالسُ بالصدور تَزاحمَت / فَحسينُها الحسنيُّ صَدرُ رَحيبها
هو كَعبةُ الفَضلِ الَّتي يَهوي لَها / من أُمَّة الفُضلاءِ قَلبُ مُنيبها
ذَلَّت وأَذعَنتِ الأباةُ لمجدِهِ / إِذعانَ هائبها لبأس مهيبها
يا أَيُّها الشَهمُ الَّذي سَبقَ الوَرى / بِبَعيدِ غاياتِ العُلى وَقَريبها
جُزتَ السَماءَ بمُرتَقىً قد قصَّرت / عن أَن تَنالَ عُلاه كفُّ خَضيبها
وَحويتَ إِبّانَ الشَباب مَفاخراً / لم يحوِها شيبٌ أَوانَ مَشيبها
لِلَّه دَرُّكَ من جَواد ماجِدٍ / ضحِكت به الآمالُ بعد نَحيبها
وإِليكها غَرّاءَ تستلبُ النُهى / بأَوانسِ الأَلفاظِ دونَ غَريبها
وافتكَ تشرحُ شوقَ نَفسي عندما / حنَّت إلى لُقياكَ حَنَّة نيبِها
قايس بها الأَشعارَ في حُسنٍ تجد / شعرَ المحبِّ يَفوقُ شِعرَ حَبيبِها
واِسلم ودُم في نعمةٍ طولَ المدى / تَختالُ من أَبرادِها بقَشيبها
ما رنَّحت ريحُ الصبا زهرَ الرُبى / أَو غرَّدت وَرقاءُ فوقَ قضيبها
أَرأَيتَ بين المأزِمين كواعبا
أَرأَيتَ بين المأزِمين كواعبا / أَسفرنَ أَقماراً ولُحنَ كواكِبا
رنَّحنَ من أَعطافِهنَّ ذوابلاً / وَنَضَونَ من أَجفانهنَّ قواضِبا
وَغَدونَ يَمنحنَ العيونَ مواهِباً / حُسناً ويَسبينَ القُلوبَ نواهِبا
ما رحنَ في كِلَل الجَلال غوارِباً / حتّى أرينَ من الجَمال غَرائِبا
من كُلِّ واضحةِ الجَبين كأَنَّها / قَمَرٌ يُنيرُ مِن الفُروع غياهبا
تَختالُ من مَرح الشَبيبةِ والصِبا / فَتُعيدُ فَودَ أَخي الشَبيبةِ شائِبا
فاقَت عَلى أَترابِها لَمّا جَلَت / تَحتَ العُقود مَع النُهودِ ترائبا
لا تَعجَبوا لتهتُّكي فيها وقد / أَبدَت من الحُسن البَديع عَجائبا
تَرنو لواحظُها فَيفري طرفُها / عَن حَدِّه المسنونِ قَلبي الواجِبا
فحَذارِ من تِلكَ اللِحاظِ فإنَّها / أَمضى من البيض الرِقاق مَضاربا
ما زالَ دَمعُ العين منّي صائِبا / وَجداً وَسَهمُ العينِ منها صائبا
وَصَبا بِها قَلبي فَراقَ لَهُ الهوى / عَذباً وَلَم يَرَه عَذاباً واصِبا
وتزيدُني ظمأً مَواردُ حُبِّها / وَلَقَد وردتُ من الغَرام مَشارِبا
لَم أَصحُ قطُّ وَكَيفَ يَصحو في الهَوى / مَن راحَ مِن راحِ المحبَّة شارِبا
لَم تَرضَ لي أَنّي أَهيمُ بحُسنِها / حتّى هَجَرتُ أَحبَّةً وَحَبائِبا
أَدنو فيُقصيني جَفاها راهِباً / منها وتُدنيني الصَبابَةُ راغِبا
يا صاحبي إِن كنتَ غيرَ مُلائمي / فَدَع المَلامَة لي عِدمتُكَ صاحِبا
لي مَذهَبٌ فيما أَراهُ وقد أَرى / لِلناسِ فيما يَعشَقون مذاهِبا
قسماً بصدقِ هوايَ وهو أَليَّةٌ / يُلفى لدَيها كُلُّ واشٍ كاذِبا
لَو أَنَّني أَفنَيتُ فيها مُهجَتي / وَقَضَيتُ نَحبي ما قَضيتُ الواجِبا
قَد حالَ ما بيني وَبَينَ مآربي
قَد حالَ ما بيني وَبَينَ مآربي / سُخطي تحمُّلَ منَّةٍ من واهِبِ
لَو كُنتُ أَرضى بالخضوع لمطلبٍ / ما اِستصعَبت يَوماً عليَّ مطالبي
خيَّرتُ نَفسي بَينَ عزِّ المكتفي / بِأَقلِّ ما يَكفي وَذُلِّ الراغبِ
فتخيَّرت عزَّ القَنوع وأَنشدَت / دَعني فَلَيسَ الذلُّ ضَربةَ لازِبِ
لا فَرقَ ما بَينَ المَنيَّة والمُنى / إِن نالَ من عِرضي لِسانُ الثالبِ
إنّي لأَسغبُ والمَطاعِمُ جمَّةٌ / حذراً وخوفاً من مقالةِ عائِبِ
أَصدى ولا أَرِدُ الزُلالَ المُشتَهى / ما لَم ترُق مِمّا يَشينُ مَشاربي
وَعلى اِحتمالي للفَوادِح أَنَّني / ليروعُني هَجرُ الحَبيب العاتبِ
وَيشوقُني ذِكرُ الصَبابة والصِبا / وَيَروقُني حُسنُ الرداح الكاعِبِ
لا تَملكُ الأَعداءُ فضلَ مقادَتي / وَيقودُني ما شاءَ ودُّ الصاحِبِ
إِنّي لأَعذُبُ في مذاقِ أَحبَّتي / وَعدايَ منّي في عَذابٍ واصبِ
وَمَتى يَظُنُّ بي الصَديقُ تملُّقاً / لَم يَلقَني إلّا بظنٍّ كاذِبِ
وإذا رأى منّي الحضورَ لرغبةٍ / أَولَيتُهُ ودَّ الصديق الغائبِ
سيّان عندي مَن أَحَبَّ ومَن قَلى / إِن غضَّ طَرفاً عَن رِعاية جانبي
جرَّبتُ أَبناءَ الزَمان فَلَم أَجِد / من لم تُفدني الزُهدَ فيه تَجاربي
يا أَيُّها المولى الَّذي
يا أَيُّها المولى الَّذي / أَضحى بِمَجدٍ مُستَطابِ
ما كان ردّي للكتاب / وحقِّ فضلكَ وَالكتابِ
إلّا لعلمكَ أنَّه / قِشرٌ وسُمّيَ باللُبابِ
فاِصفَح بفضلك عَن فَتىً / قَد ضَلَّ في لَيلِ الشَبابِ
وَالشيخُ أولى من عَفا / عن ذَنبِ غِرٍّ في التَصابي
أَفديه من رَشأ تَبدّى واِختَفى
أَفديه من رَشأ تَبدّى واِختَفى / كالبَدرِ عند طُلوعه ومغيبهِ
يَجفو وَيهجرُ مُعرضاً متدلِّلاً / وَيصدُّ معتذراً بخوفِ رقيبهِ
نَفسي الفِداءُ له فقد حَسُن الهوى / فيه وطابَ بحسنه وبطيبهِ
ما شاءَ فَليصنَع فَقَلبيَ طوعُهُ / ودَع العذولَ يلجُّ في تأَنيبهِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025