القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : حافِظ إِبراهِيم الكل
المجموع : 8
سَكَنَ الظَلامُ وَباتَ قَلبُكَ يَخفِقُ
سَكَنَ الظَلامُ وَباتَ قَلبُكَ يَخفِقُ / وَسَطا عَلى جَنبَيكَ هَمٌّ مُقلِقُ
حارَ الفِراشُ وَحِرتُ فيهِ فَأَنتُما / تَحتَ الظَلامِ مُعَذَّبٌ وَمُؤَرَّقُ
دَرَجَ الزَمانُ وَأَنتَ مَفتونُ المُنى / وَمَضى الشَبابُ وَأَنتَ ساهٍ مُطرِقُ
عَجَباً يَلَذُّ لَكَ السُكوتُ مَعَ الهَوى / وَسِواكَ يَبعَثُهُ الغَرامُ فَيَنطِقُ
خُلِقَ الغَرامُ لِأَصغَرَيكَ وَطالَما / ظَنّوا الظُنونَ بِأَصغَرَيكَ وَأَغرَقوا
وَرَمَوكَ بِالسَلوى وَلَو شَهِدوا الَّذي / تَطويهِ في تِلكَ الضُلوعِ لَأَشفَقوا
أَخفَيتَ أَسرارَ الفُؤادِ وَإِنَّما / سِرُّ الفُؤادِ مِنَ النَواظِرِ يُسرَقُ
نَفِّس بِرَبِّكَ عَن فُؤادِكَ كَربَهُ / وَاِرحَم حَشاكَ فَإِنَّها تَتَمَزَّقُ
وَاِذكُر لَنا عَهدَ الَّذينَ بِنايِهِم / جَمَعوا عَلَيكَ هُمومَهُم وَتَفَرَّقوا
ما لِلقَوافي أَنكَرَتكَ وَلَم تَكُن / لِكَسادِها في غَيرِ سوقِكَ تَنفُقُ
ما لِلبَيانِ بِغَيرِ بابِكَ واقِفاً / يَبكي وَيُعجِلُهُ البُكاءُ فَيَشرَقُ
إِنّي كَهَمِّكَ في الصَبابَةِ لَم أَزَل / أَلهو وَأَرتَجِلُ القَريضَ وَأَعشَقُ
نَفسي بِرَغمِ الحادِثاتِ فَتِيَّةٌ / عودي عَلى رَغمِ الكَوارِثِ مورِقُ
إِنَّ الَّذي أَغرى السُهادَ بِمُقلَتي / مُتَعَنِّتٌ قَلبي بِهِ مُتَعَلِّقُ
واثَقتُهُ أَلّا أَبوحَ وَإِنَّما / يَومَ الحِسابِ يُحَلُّ ذاكَ المَوثِقُ
وَشَقيتُ مِنهُ بِقُربِهِ وَبِعادِهِ / وَأَخو الشَقاءِ إِلى الشَقاءِ مُوَفَّقُ
صاحَبتُ أَسبابَ الرِضا لِرُكوبِهِ / مَتنَ الخِلافِ لِما بِهِ أَتَخَلَّقُ
وَصَبَرتُ مِنهُ عَلى الَّذي يَعيا بِهِ / حِلمُ الحَليمِ وَيَتَّقيهِ الأَحمَقُ
أَصبَحتُ كَالدَهرِيِّ أَعبُدُ شَعرَهُ / وَجَبينَهُ وَأَنا الشَريفُ المُعرِقُ
وَغَدَوتُ أَنظِمُ مِن ثَنايا ثَغرِهِ / دُرَراً أُقَلِّدُها المَها وَأُطَوِّقُ
صَبري اِستَثَرتَ دَفائِني وَهَزَزتَني / وَأَرَيتَني الإِبداعَ كَيفَ يُنَسَّقُ
فَأَبَحتَ لي شَكوى الهَوى وَسَبَقتَني / في مَدحِ عَبّاسٍ وَمِثلُكَ يَسبِقُ
قالَ الرَئيسُ فَما لِقَولٍ بَعدَهُ / باعٌ تَطولُ وَلا لِمَدحٍ رَونَقُ
شَوقي نَسَبتَ فَما مَلَكتُ مَدامِعي / مِن أَن يَسيلَ بِها النَسيبُ الشَيِّقُ
أَعجَزتَ أَطواقَ الأَنامِ بِمَدحِهِ / سَجَدَ البَيانُ لِرَبِّها وَالمَنطِقُ
لَم تَترُكا لي في المَدائِحِ فَضلَةً / يَجري بِها قَلَمي الضَعيفُ وَيَلحَقُ
نَفسي عَلى شَوقٍ لِمَدحِ أَميرِها / وَيَراعَتي بَينَ الأَنامِلِ أَشوَقُ
ماذا أَقولُ وَأَنتُما في مَدحِهِ / بَحرانِ باتَ كِلاهُما يَتَدَفَّقُ
العَجزُ أَقعَدَني وَإِنَّ عَزائِمي / لَولاكُما فَوقَ السِماكِ تُحَلِّقُ
فَليَهنَئِ العَبّاسُ أَنَّ بِكَفِّهِ / عَلَمَينِ هَزَّهُما الوَلاءُ المُطلَقُ
وَليَبقَ ذُخراً لِلبِلادِ وَأَهلِها / يَعفو وَيَرحَمُ مَن يَشاءُ وَيُعتِقُ
عَبّاسُ وَالعيدُ الكَبيرُ كِلاهُما / مُتَأَلِّقٌ بِإِزائِهِ مُتَأَلِّقُ
هَذا لَهُ تَجري الدِماءُ وَذا لَهُ / تَجري القَرائِحُ بِالمَديحِ وَتُعنِقُ
صَدَقَ الَّذي قَد قالَ فيهِ وَحَسبُهُ / أَنَّ الزَمانَ لِما يَقولُ مُصَدِّقُ
لَكَ مِصرُ ماضيها وَحاضِرُها مَعاً / وَلَكَ الغَدُ المُتَحَتِّمُ المُتَحَقِّقُ
شَيخانِ قَد خَبَرا الوُجودَ وَأَدرَكا
شَيخانِ قَد خَبَرا الوُجودَ وَأَدرَكا / ما فيهِ مِن عِلَلٍ وَمِن أَسبابِ
وَاِستَبطَنا الأَشياءَ حَتّى طالَعا / وَجهَ الحَقيقَةِ مِن وَراءِ حِجابِ
خَمسونَ عاماً في الجِهادِ كِلاهُما / شاكي اليَراعَةِ طاهِرُ الجِلبابِ
لا تَعجَبوا اِن خَضَّبا قَلَمَيهِما / وَبَياضُ شَيبِهِما بِغَيرِ خِضابِ
فَلِكُلِّ حُسنٍ حِليَةٌ يُزهى بِها / وَأَرى اليَراعَةَ حِليَةَ الكُتّابِ
إِنّي نَظَرتُ إِلى اليَراعَةِ في يَدي / فَحَسِبتُها في القَدرِ عودَ ثِقابِ
وَنَظَرتُها تَنقَضُّ مِن كَفَّيهِما / فَوقَ الطُروسِ فَخِلتُها كَشِهابِ
يُزهى مُدَجَّجُنا بِرُمحٍ واحِدٍ / وَأَراهُما لا يُزهَيانِ بِغابِ
مُتَواضِعانِ وَلا أَرى مُتَكَبِّراً / غَيرَ الجَهولِ مُدَنَّساً بِالعابِ
يَتَجاذَبُ القُطرانِ مِن فَضلَيهِما / ذَيلَ الفَخارِ وَلَيسَ ذا بِعُجابِ
فَهُما هُنا عَلَمانِ مِن أَعلامِنا / وَهُما هُنالِكَ نُخبَةُ الأَنجابِ
جازا مَدى السَبعينَ لَم يَتَوانَيا / عَن وَصلِ حَمدٍ وَاِجتِنابِ سِبابِ
نَسَباهُما قَلَماهُما فَليَسحَبا / ذَيلاً عَلى الأَحسابِ وَالأَنسابِ
قَلَمانِ مَشروعانِ في شِقَّيهِما / وَحيٌ يُفيضُ عَلى أُولي الأَلبابِ
مُتَسانِدانِ إِذا الخُطوبُ تَأَلَّبَت / مُتَعانِقانِ تَعانُقَ الأَحبابِ
نَفَحاتُ آذارٍ إِذا لَم يُظلَما / فَإِذا هُما ظُلِما فَلَفحَةُ آبِ
ما سَوَّدا بَيضاءَ إِلّا بَيَّضا / بِالكاتِبَينِ صَحيفَةَ الإِعجابِ
لِلمَقصِدِ الأَسمى لَدى حَرَمِ النُهى / رَفَعا قِباباً حوجِزَت بِقِبابِ
خَطّا بِمُقتَطَفِ العُلومِ بَدائِعاً / وَرَوائِعاً بَقِيَت عَلى الأَحقابِ
جاءا لَنا مِن كُلِّ عِلمٍ نافِعٍ / أَو كُلِّ فَنٍّ مُمتِعٍ بِلُبابِ
في كُلِّ لَفظٍ حِكمَةٌ مَجلُوَّةٌ / وَبِكُلِّ سَطرٍ مَهبِطٌ لِصَوابِ
فَاللَفظُ فيهِ مُقَوَّمٌ بِصَحيفَةٍ / وَالسَطرُ فيهِ مُقَوَّمٌ بِكِتابِ
داني القُطوفِ كَريمَةٌ أَفياؤُهُ / عَذبُ الوُرودِ مُفَتَّحُ الأَبوابِ
ذُلُلٌ مَسالِكُهُ فَأَنّى جِئتَهُ / أَلفَيتَ نَفسَكَ في فَسيحِ رِحابِ
تَتَسابَقُ الأَقلامُ فيهِ وَلا تَرى / مِن عاثِرٍ فيها وَلا مِن نابي
كَم مِن يَراعَةِ كاتِبٍ جالَت بِهِ / وَلُعابُها في الطِرسِ حُلوُ رُضابِ
كَم مِن سُؤالٍ فيهِ كانَ جَوابُهُ / اِلهامَ نابِغَةٍ وَفَصلَ خِطابِ
كَم فيهِ مِن نَهرٍ جَرى بِطَريقَةٍ / تَرِدُ النُهى مِنهُ أَلَذَّ شَرابِ
وَقَفَت سُقاةُ الفَضلِ في جَنَباتِهِ / تُروي النُفوسَ بِمُترَعِ الأَكوابِ
ماذا أَعُدُّ وَهَذِهِ آياتُهُ / في العَدِّ تُعجِزُ أَمهَرَ الحُسّابِ
قَد نُسِّقَت وَتَآلَفَت فَكَأَنَّها / في الحُسنِ مِثلَ تَآلُفِ الأَحزابِ
وَتَرى تَهافُتَنا عَلَيهِ وَحِرصَنا / فَتَخالُ فيهِ مَقاعِدَ النُوّابِ
يا ثَروَةَ القُرّاءِ مِن عِلمٍ وَمِن / فَضلٍ وَمِن حِكَمٍ وَمِن آدابِ
الشَرقُ أَثبَتَ يَومَ عيدِكَ أَنَّهُ / مازالَ في رِيٍّ وَخِصبِ جَنابِ
عادَت سَماءُ الفَضلِ فيهِ فَأَطلَعَت / زُهراً مِنَ الأَعلامِ وَالأَقطابِ
العِلمُ شَرقِيٌّ تَغافَلَ أَهلُهُ / عَنهُ فَعاقَبَهُم بِطولِ غِيابِ
وَتَنَبَّهوا لِمُصابِهِم فَتَضَرَّعوا / فَعَفا وَعاوَدَهُم بِغَيرِ عِتابِ
فَتَذَوَّقوا طَعمَ الحَياةِ وَأَدرَكوا / ما في الجَهالَةِ مِن أَذىً وَتَبابِ
العِلمُ في البَأساءِ مُزنَةُ رَحمَةٍ / وَالجَهلُ في النَعماءِ سَوطُ عَذابِ
وَلَعَلَّ وِردَ العِلمِ مالَم يَرعَهُ / ساقٍ مِنَ الأَخلاقِ وِردُ سَرابِ
إِنّي قَرَأتُكَ في الكُهولَةِ وَالصِبا / وَمَلَأتُ مِن ثَمَرِ العُقولِ وِطابي
وَأَتَيتُ أَقضي بَعضَ ما أَولَيتَني / وَأَقولُ فيكَ الحَقَّ غَيرَ مُحابي
لَو كُنتُ في عَهدِ الفُتُوَّةِ لَم أَزَل / لَوَهبتُ لِلشَيخَينِ بُردَ شَبابي
لَكِنَّني أَبلَيتُهُ وَطَوَيتُهُ / وَتَخِذتُ مِن نَسجِ المَشيبِ ثِيابي
وَأَرى رِكابي حينَ شابَت لِمَّتي / يَحتَثُّها سَفَرٌ بِغَيرِ إِيابِ
يَعقوبُ إِنَّكَ قَد كَبِرتَ وَلَم تَزَل / في العِلمِ لا تَزدادُ غَيرَ تَصابي
لاحَت بِرَأسِكَ هِزَّةٌ وَلَعَلَّها / مِن وَقعِ فِكرِكَ لا مِنَ الأَعصابِ
فِكرٌ سَريعٌ كَرُّهُ مُتَدَفِّعٌ / كَتَدَفُّعِ الأَمواجِ فَوقَ عُبابِ
لا يَستَقِرُّ وَلا يُحَدِّثُ نَفسَهُ / أَن يَنثَني عَن جَيئَةٍ وَذَهابِ
أَو أَنَّها طَرَبٌ بِنَفسِكَ كُلَّما / وُفِّقتَ في بَحثٍ وَكَشفِ نِقابِ
أَو أَنَّها اِستِنكارُ ما شاهَدتَهُ / في الناسِ مِن لَهوٍ وَسوءِ مَآبِ
لَم يُلهِكَ الإِثراءُ عَن طَلَبِ العُلا / بِالجِدِّ لا بِتَصَيُّدِ الأَلقابِ
لَكَ في سَبيلِ العِلمِ أَجرُ مُجاهِدٍ / وَالصَبرُ أَجرُ مُلازِمِ المِحرابِ
وَإِلَيكَ مِن جُهدِ المُقِلِّ قَصيدَةً / يُغنيكَ موجَزُها عَنِ الإِسهابِ
لَولا السَقامُ وَما أُكابِدُ مِن أَسىً / لَلَحِقتُ في هَذا المَجالِ صِحابي
قَضَّيتُ عَهدَ حَداثَتي
قَضَّيتُ عَهدَ حَداثَتي / ما بَينَ ذُلٍّ وَاِغتِراب
لَم يُغنِ عَنّي بَينَ مَش / رِقِها وَمَغرِبِها اِضطِراب
صَفِرَت يَدي فَحَوى لَها / رَأسي وَجَوفي وَالوِطاب
وَأَنا اِبنُ عَشرٍ لَيسَ في / طَوقي مُكافَحَةُ الصِعاب
لَم يَبقَ مِن أَهلي سِوى / ذِكرٍ تَناساهُ الصِحاب
أَمشي يُرَنِّحُني الأَسى / وَالبُؤسُ تَرنيحَ الشَراب
فَلَكَم ظَلِلتُ عَلى طَوىً / يَومي وَبِتُّ عَلى تَباب
وَالجوعُ فَرّاسٌ لَهُ / ظُفرٌ يَصولُ بِهِ وَناب
فَكَأَنَّهُ في مُهجَتي / نَصلٌ تَغَلغَلَ لِلنِصاب
وَلَكَم صَحِبتُ الأَبيَضَي / نِ فَأَبلَيا بُردَ الشَباب
فَإِذا ظَفِرتُ بِكِسرَةٍ / فَإِدامُها مِنّي لُعاب
وَعَلَيَّ طِمرٌ لَو هَفَت / ريحُ الشَمالِ بِهِ لَذاب
فَخُروقُهُ وَمَصائِبي / في العَدِّ يُخطِئُها الحِساب
ما زِلتُ أوسِعُ مِحنَتي / صَبراً وَأَحتَمِلُ العَذاب
حَتّى تَنَفَّسَ صُبحُ إِق / بالي وَنَجمُ النَحسِ غاب
وَلِكُلِّ سَيفٍ مُصلَتٍ / لِحَوادِثِ الدُنيا قِراب
وَالعَيشُ في إِقبالِهِ / شَهدٌ وَفي الإِدبارِ صاب
فَتَلَقَّفَتني فِتيَةٌ / رُحبُ الشَمائِلِ وَالجَناب
مَهَدوا لِأَنفُسِهِم بِما / صَنَعوهُ زُلفى وَاِحتِساب
وَعَدَوا إِلى الحُسنى كَما / تَعدو المُطَهَّمَةُ العِراب
كَم أُسرَةٍ ضاقَ الرَجا / ءُ بِها وَأَعياها الطِلاب
دَقّوا عَلَيها بابَها / وَاللَيلُ مَسدولُ النِقاب
وَتَعاهَدوها مِثلَما / يَتَعاهَدُ النَبتَ السَحاب
وَجَمالُ صُنعِ البِرِّ أَل / لا يُستَشَفَّ لَهُ حِجاب
فَتَحوا المَدارِسَ حِسبَةً / وَتَنَظَّروا حُسنَ المَآب
فيها تَبَيَّنتُ الهُدى / وَقَرَأتُ فاتِحَةَ الكِتاب
وَبِها صَدَفتُ عَنِ الضَلا / لَةِ وَاِهتَدَيتُ إِلى الصَواب
وَغَدَوتُ إِنساناً تُجَم / مِلُهُ الفَضائِلُ لا الثِياب
مُتَبَصِّراً ذا فِطنَةٍ / تَنفي القُشورَ عَنِ اللُباب
جَمعِيَّةٌ خَيرِيَّةٌ / قامَت لِتَخفيفِ المُصاب
قَد كانَ فيها عَبدُهُ / غَوثاً يُلَبّي مَن أَهاب
لَم يَدعُ مِسماحاً إِلى / إِنعاشِها إِلّا أَجاب
ما غابَ عَنها مَرَّةً / حَتّى تَغَيَّبَ في التُراب
وَلِعاصِمٍ أَثَرٌ بِها / باقٍ وَذِكرٌ مُستَطاب
قَد كانَ يَحميها كَما / تَحمي مَجاثِمَها العُقاب
ثَبَتَت وَكانَ ثَباتُها / يَدعو إِلى العَجَبِ العُجاب
وَالشَرقُ أَورَثَ أَهلَهُ / حُبَّ التَقَلُّبِ وَالخِلاب
فينا عَلى كَرَمِ الطِبا / عِ وَنُبلِها طَبعٌ يُعاب
داءُ التَواكُلِ وَهوَ في ال / عُمرانِ داعِيَةُ الخَراب
ثَبَتَت لِأَنَّ لَها إِلى / أَعتابِ مَولانا اِنتِساب
لَولا حُسَينٌ لَم تَدُم / إِلّا كَما دامَ الحَباب
اللَهُ أَدرَكَها بِهِ / بَحراً مَوارِدُهُ عِذاب
يا واهِبَ الآلافِ كَم / طَوَّقتَ بِالمِنَنِ الرِقاب
لَكَ ساحَةٌ عَلَوِيَّةٌ / ما أَمَّها أَمَلٌ وَخاب
مَهَّدتَ لِلأَخيارِ مَي / دانَ السِباقِ إِلى الثَواب
لا زِلتَ في القُطرَينِ مَح / روسَ الأَريكَةِ وَالرِكاب
قَصرَ الدُبارَةِ هَل أَتاكَ حَديثُنا
قَصرَ الدُبارَةِ هَل أَتاكَ حَديثُنا / فَالشَرقُ ريعَ لَهُ وَضَجَّ المَغرِبُ
أَهلاً بِساكِنِكَ الكَريمِ وَمَرحَباً / بَعدَ التَحِيَّةِ إِنَّني أَتَعَتَّبُ
نَقَلَت لَنا الأَسلاكُ عَنكَ رِسالَةً / باتَت لَها أَحشاؤُنا تَتَلَهَّبُ
ماذا أَقولُ وَأَنتَ أَصدَقُ ناقِلٍ / عَنّا وَلَكِنَّ السِياسَة تَكذِبُ
عَلَّمتَنا مَعنى الحَياةِ فَما لَنا / لا نَشرَئِبُّ لَها وَما لَكَ تَغضَبُ
أَنَقِمتَ مِنّا أَن نُحِسَّ وَإِنَّما / هَذا الَّذي تَدعو إِلَيهِ وَتَندُبُ
أَنتَ الَّذي يُعزى إِلَيهِ صَلاحُنا / فيما تُقَرِّرُهُ لَدَيكَ وَتَكتُبُ
إِن ضاقَ صَدرُ النيلِ عَمّا هالَهُ / يَومَ الحَمامِ فَإِنَّ صَدرَكَ أَرحَبُ
أَوَ كُلَّما باحَ الحَزينُ بِأَنَّةٍ / أَمسَت إِلى مَعنى التَعَصُّبِ تُنسَبُ
رِفقاً عَميدَ الدَولَتَينِ بِأُمَّةٍ / ضاقَ الرَجاءُ بِها وَضاقَ المَذهَبُ
رِفقاً عَميدَ الدَولَتَينِ بِأُمَّةٍ / لَيسَت بِغَيرِ وَلائِها تَتَعَذَّبُ
إِن أَرهَقوا صَيّادَكُم فَلَعَلَّهُم / لِلقوتِ لا لِلمُسلِمينَ تَعَصَّبوا
وَلَرُبَّما ضَنَّ الفَقيرُ بِقوتِهِ / وَسَخا بِمُهجَتِهِ عَلى مَن يَغصِبُ
في دِنشِوايَ وَأَنتَ عَنّا غائِبٌ / لَعِبَ القَضاءُ بِنا وَعَزَّ المَهرَبُ
حَسِبوا النُفوسَ مِنَ الحَمامِ بَديلَةً / فَتَسابَقوا في صَيدِهِنَّ وَصَوَّبوا
نُكِبوا وَأَقفَرَتِ المَنازِلُ بَعدَهُم / لَو كُنتَ حاضِرَ أَمرِهِم لَم يُنكَبوا
خَلَّيتَهُم وَالقاسِطونَ بِمَرصَدٍ / وَسِياطُهُم وَحِبالُهُم تَتَأَهَّبُ
جُلِدوا وَلَو مَنَّيتَهُم لَتَعَلَّقوا / بِحِبالِ مَن شُنِقوا وَلَم يَتَهَيَّبوا
شُنِقوا وَلَو مُنِحوا الخِيارَ لَأَهَّلوا / بِلَظى سِياطِ الجالِدينَ وَرَحَّبوا
يَتَحاسَدونَ عَلى المَماتِ وَكَأسُهُ / بَينَ الشِفاهِ وَطَعمُهُ لا يَعذُبُ
مَوتانِ هَذا عاجِلٌ مُتَنَمِّرٌ / يَرنو وَهَذا آجِلٌ يَتَرَقَّبُ
وَالمُستَشارُ مُكاثِرٌ بِرِجالِهِ / وَمُعاجِزٌ وَمُناجِزٌ وَمُحَزِّبُ
يَختالُ في أَنحائِها مُتَبَسِّماً / وَالدَمعُ حَولَ رِكابِهِ يَتَصَبَّبُ
طاحوا بِأَربَعَةٍ فَأَردَوا خامِساً / هُوَ خَيرُ ما يَرجو العَميدُ وَيَطلُبُ
حُبٌّ يُحاوِلُ غَرسَهُ في أَنفُسٍ / يُجنى بِمَغرِسِها الثَناءُ الطَيِّبُ
كُن كَيفَ شِئتَ وَلا تَكِل أَرواحَنا / لِلمُستَشارِ فَإِنَّ عَدلَكَ أَخصَبُ
وَأَفِض عَلى بُندٍ إِذا وَلِيَ القَضا / رِفقاً يَهَشُّ لَهُ القَضاءُ وَيَطرَبُ
قَد كانَ حَولَكَ مِن رِجالِكَ نُخبَةٌ / ساسوا الأُمورَ فَدَرَّبوا وَتَدَرَّبوا
أَقصَيتَهُم عَنّا وَجِئتَ بِفِتيَةٍ / طاشَ الشَبابُ بِهِم وَطارَ المَنصِبُ
فَاِجعَل شِعارَكَ رَحمَةً وَمَوَدَّةً / إِنَّ القُلوبَ مَعَ المَوَدَّةِ تُكسَبُ
وَإِذا سُئِلتَ عَنِ الكِنانَةِ قُل لَهُم / هِيَ أُمَّةٌ تَلهو وَشَعبٌ يَلعَبُ
وَاِستَبقِ غَفلَتَها وَنَم عَنها تَنَم / فَالناسُ أَمثالُ الحَوادِثِ قُلَّبُ
قَصرَ الدُبارَةِ قَد نَقَض
قَصرَ الدُبارَةِ قَد نَقَض / تَ العَهدَ نَقضَ الغاصِبِ
أَخفَيتَ ما أَضمَرتَهُ / وَأَبَنتَ وُدَّ الصاحِبِ
الحَربُ أَروَحُ لِلنُفو / سِ مِنَ الحِيادِ الكاذِبِ
ما أَنتَ أَوَّلُ كَوكَبٍ
ما أَنتَ أَوَّلُ كَوكَبٍ / في الغَربِ أَدرَكَهُ المَغيب
فَهُناكَ أَقمارُ المَشا / رِقِ قَد أُتيحَ لَها الغُروب
داسَ الحِمامُ عَرينَ خا / لِكَ وَهوَ مَرهوبٌ مَهيب
لَم يَثنِهِ عَنكَ الرَئي / سُ وَلا رَمى عَنكَ الخُطوب
يا سَعدُ كَيفَ قَضى سَعي / دٌ وَهوَ مِن سَعدٍ قَريب
عَجَباً أَتَحمي أُمَّةً / وَتَخافُ جانِبَكَ الخُطوب
وَيُغالُ ضَيفُكَ وَاِبنُ أُخ / تِكَ وَهوَ عَن مِصرٍ غَريب
نُبِّئتُ أَنَّكَ قَد بَكَي / تَ وَهالَكَ اليَومُ العَصيب
وَإِذا بَكى سَعدٌ بَكَت / لِبُكائِهِ مِنّا القُلوب
يا آلَ زَغلولٍ ذَوى / مِن رَوضِكُم غُصنٌ رَطيب
فَقَدَت بِهِ مِصرٌ فَتىً / أَخلاقُهُ مِسكٌ وَطيب
يا آلَ زَغلولٍ وُعو / دُكُمُ عَلى الجُلّى صَليب
إِنّي لَأَخجَلُ أَن أُعَز / زِيَكُم وَكُلُّكُمُ أَريب
شاكي سِلاحِ الصَبرِ مُم / تَحِنٌ لِدُنياهُ لَبيب
خَطبُ الكِنانَةِ في فَقي / دِكُمُ لِخَطبِكُمُ يُشيب
لَم يَبقَ مِنّا واحِدٌ / إِلّا لَهُ مِنهُ نَصيب
لَعِبَ البِلى بِمُلاعِبِ الأَلبابِ
لَعِبَ البِلى بِمُلاعِبِ الأَلبابِ / وَمَحا بَشاشَةَ فَمِّكَ الخَلّابِ
وَطَوى الرَدى عَمرَو الكِنانَةِ غافِلاً / وَرَمى شِهابَ دَهائِهِ بِشِهابِ
مَن كانَ يَدري يَومَ سافَرَ أَنَّهُ / سَفَرٌ مِنَ الدُنيا بِغَيرِ إِيابِ
حَزِنَت عَلَيهِ عُقولُنا وَقُلوبُنا / وَبَكَت وَحُزنُ العَقلِ شَرُّ مُصابِ
القَلبُ يُنسيهِ الغِيابُ أَليفَهُ / وَالعَقلُ لا يُنسيهِ طولُ غِيابِ
بِالأَمسِ ماتَ أَجَلُّنا وَأَعَزُّنا / جاهاً وَأَبقانا عَلى الأَحقابِ
وَاليَومَ قَد غالَ الحِمامُ أَسَدَّنا / رَأياً فَطاحَ بِحِكمَةٍ وَصَوابِ
رَأسٌ يُدَبِّرُ في الخَفاءِ كَأَنَّهُ / قَدَرٌ يُدَبِّرُ مِن وَراءِ حِجابِ
حَتّى إِذا أَرضى النُهى وَتَناسَقَت / آياتُهُ راعَ الوَرى بِعُجابِ
يَمشي عَلى سَنَنِ الحِجا مُتَمَهِّلاً / بَينَ العُداةِ الكُثرِ وَالأَحبابِ
تَتَناثَرُ الأَقوالُ عَن جَنَباتِهِ / مِن شانِئٍ وَمُناصِرٍ وَمُحابي
لا المَدحُ يُغريهِ وَلا يُلوي بِهِ / عَن نَجدِهِ المَرسومِ وَقعُ سِبابِ
حُلوُ التَواضُعِ لَم يُخالِط نَفسَهُ / زَهوُ المُدِلِّ يُحاطُ بِالإِعجابِ
حُلوُ الأَناةِ إِذا يَسوسُ وَعِندَهُ / أَنَّ التَعَجُّلَ آفَةُ الأَقطابِ
حُلوُ السُكوتِ كَكَوكَبٍ مُتَأَلِّقٍ / وَاللَيلُ ساجٍ أَسوَدُ الجِلبابِ
يَهدي السَبيلَ لِسالِكيهِ وَلَم يُرِد / شُكراً وَلَم يَعمَل لِنَيلِ ثَوابِ
مُتَمَكِّنٌ مِن نَفسِهِ لَم يَعرُهُ / قَلَقُ الضَعيفِ وَحَيرَةُ المُرتابِ
يَزِنُ الأُمورَ كَأَنَّما هُوَ صَيرَفٌ / يَزِنُ النُضارَ بِدِقَّةٍ وَحِسابِ
وَيَحُلُّ غامِضَها بِثاقِبِ ذِهنِهِ / حَلَّ الطَبيبِ عَناصِرَ الأَعشابِ
وَيَقيسُ شُقَّتَها بِمِقياسِ النُهى / فَتَرى صَحيحَ قِياسِ الاِصطِرلابِ
مُتَبَسِّمٌ وَعَلى مَعارِفِ وَجهِهِ / آياتُ ما يَلقى مِنَ الأَوصابِ
شِيَمٌ تَرُدُّ الناقِمينَ لِوُدِّهِ / وَشَمائِلٌ تَستَلُّ حِقدَ النابي
يُرضي المُرَتِّلَ في الكَنيسَةِ صُنعُهُ / كَيساً وَيُرضي ساكِنَ المِحرابِ
يَرتاحُ لِلمَعروفِ لا مُتَرَبِّحاً / فيهِ وَلا هُوَ في الجَميلِ مُرابي
يُروي الصَديقَ مِنَ الوَفاءِ وَلَم يَكُن / بِالحاسِدِ النُعمى وَلا المُغتابِ
لَم يَبدُ فينا جازِعاً أَو غاضِباً / لاهُمَّ إِلّا غَضبَةَ النُوّابِ
وَبُكاؤُهُ في يَومِ سَعدٍ زادَني / عِلماً بِأَنَّ اليَومَ يَومُ تَباتِ
قامَت صِعابٌ في مَسالِكِ سَعيِهِ / مِن بَعدِ سَعدٍ دُعِّمَت بِصِعابِ
فَظَهيرُهُ عِندَ النِضالِ وَرُكنُهُ / أَمسى حَديثَ جَنادِلٍ وَتُرابِ
لِلَّهِ سِرٌّ في بِنايَةِ ثَروَتٍ / سُبحانَ باني هَذِهِ الأَعصابِ
إِنّي سَأَلتُ العارِفينَ فَلَم أَفُز / مِنهُم عَلى عِرفانِهِم بِجَوابِ
هُوَ مُستَقيمٌ مُلتَوٍ هُوَ لَيِّنٌ / صُلبٌ هُوَ الواعي هُوَ المُتَغابي
هُوَ حُوَّلٌ هُوَ قُلَّبٌ هُوَ واضِحٌ / هُوَ غامِضٌ هُوَ قاطِعٌ هُوَ نابي
هُوَ ذَلِكَ الطِلَّسمُ مَن أَعيا الحِجا / حَلّاً وَماتَ وَلَم يَفُز بِطِلابِ
هُوَ ما تَراهُ مُفاوِضاً كَيفَ اِنبَرى / لِكَبيرِهِم بِذَكائِهِ الوَثّابِ
لَم يَأتِ مِن بابِ لِصَيدِ دَهائِهِ / إِلّا نَجا بِدَهائِهِ مِن بابِ
وَيَظَلُّ يَرقُبُهُ وَيَغزو كِبرَهُ / بِلُيونَةٍ وَلَباقَةٍ وَخِلابِ
وَيَروضُهُ حَتّى يَرى أُسطولَهُ / خَشَباً تَناثَرَ فَوقَ ظَهرِ عُبابِ
وَيَرى صُنوفاً مِن ذَكاءٍ صُفِّفَت / دونَ الحِمى تُعيي أُسودَ الغابِ
وَأَتى بِأَقصى ما يَنالُ مُفاوِضٌ / يَسعى بِغَيرِ كَتائِبٍ وَحِرابِ
وَاِستَلَّ مِن أَشداقِ آسادِ الشَرى / عَلَماً عَضَضنَ عَلَيهِ بِالأَنيابِ
خَلَقاً خَبا ضَوءُ الهِلالِ لِطَيِّهِ / جَمَّ التَوَجُّعِ دامِيَ الأَهدابِ
فَاِخضَرَّ فَوقَ رُبوعِ مِصرٍ عودُهُ / في مَنبِتٍ خِصبٍ وَرَحبِ جَنابِ
إِن فاتَهُ بَعضُ الأَماني فَاِذكُروا / أَنّا أَمامَ مُحَنَّكينَ صِلابِ
قَد جازَ تَيهاءَ الأُمورِ وَلَم يَكُن / في وَعرِها وَكُؤودِها بِالكابي
رَجُلٌ يُفاوِضُ وَحدَهُ عَن أُمَّةٍ / إِن لَم يَفُز فَوزاً فَلَيسَ بِعابِ
رَفَعَ الحِمايَةَ بَعدَما بُسِطَت عَلى / أَبناءِ مِصرَ وَأُيِّدَت بِكِتابِ
وَأَتى لِمِصرَ وَأَهلِها بِسِيادَةٍ / مَرفوعَةِ الأَعلامِ وَالأَطنابِ
غَفراً فَلَستُ بِبالِغٍ فيكَ المَدى / إِنّي غَذَذتُ إِلى مَداكَ رِكابي
كَم مَوقِفٍ لَكَ في الجِهادِ مُسَجَّلٍ / بِشَهادَةِ الأَعداءِ وَالأَصحابِ
في خَطبِ مِصرَ لِبُطرُسٍ أَخمَدتَها / مَشبوبَةً كانَت عَلى الأَبوابِ
أَلَّفتَ بَينَ العُنصُرَينِ فَأَصبَحا / رَتقاً وَكُنتَ مُوَفِّقَ الأَسبابِ
خالَفتُ فيكَ الجازِعينِ فَلَم أَنُح / حُزناً عَلَيكَ وَأَنتَ مِن أَترابي
النَوحُ في الجُلّى اِجتِهادُ مُقَصِّرٍ / أَلفى دُعاءَ الصَبرِ غَيرَ مُجابِ
فَأَنا الَّذي يَبكي بِشِعرٍ خالِدٍ / يَبقى عَلى الأَجيالِ لِلأَعقابِ
قَد كُنتَ تُحسِنُ بي وَتَرقُبُ جَولَتي / في حَلبَةِ الشُعَراءِ وَالكُتّابِ
وَتَهَشُّ إِن لاقَيتَني وَتَخُصُّني / بِالبِشرِ في ناديكَ وَالتِرحابِ
فَاِذهَب كَما ذَهَبَ الرَبيعُ بِنَورِهِ / تَأسى الرِياضُ عَلَيهِ غِبَّ ذَهابِ
بَدَأَ المَماتُ يَدِبُّ في أَترابي
بَدَأَ المَماتُ يَدِبُّ في أَترابي / وَبَدَأتُ أَعرِفُ وَحشَةَ الأَحبابِ
يا بابِلِيُّ فِداكَ إِلفُكَ في الصِبا / وَفِدا شَبابِكَ في التُرابِ شَبابي
قَد كُنتَ خُلصاني وَمَوضِعَ حاجَتي / وَمَقَرَّ آمالي وَخَيرَ صِحابي
فَاِذهَب كَما ذَهَبَ الكِرامُ مُشَيَّعاً / بِالمَجدِ مَبكِيّاً مِنَ الأَحبابِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025