القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : جَميل صِدقي الزَّهاوي الكل
المجموع : 14
كل الَّذين عَن المواطن غابوا
كل الَّذين عَن المواطن غابوا / يا أم إلا أحمداً قد آبوا
يا أم قد جاءَ البَريد ولَم يجئ / من أَحمَدٍ يا أم بعد كتاب
أَخبرته يا أم في كتبي له / أني مرضت فَلَم يوافِ جواب
يا أم إن بقاءَ أحمد غائباً / للصبر مني والعزاء غياب
يا أم في قلبي اضطراب ماله / يا أم عن قلبي الشقيِّ ذهاب
يا أم مثلي وَالزَمان أمضّني / يا أم لَيسَ عَلى البكاء يعاب
ما كانَ ظني أن أَحمد مزمع / عني رَحيلاً لَيسَ منه مآب
يا أم إني اليوم صرت بأَحمدٍ / بعد الوثوق بعهده أرتاب
قالَت لَها الأم الشَفيقة خولة / ما كل ظنّ يا سعاد صواب
أَسعاد أَنت مريضة وأَخاف أن / تزداد فيك من الأسى الأوصاب
لا تَتْهميه بالسلو فَربما / عاقته في أَسفاره أَسباب
قَد يوقف الإنسان عَن منويِّه / ما لَيسَ قبلاً يَحتَويه حساب
لي من تأخر كتبه عنا نعم / عجب إذا فكرت فيه عجاب
لكن ذلك قَد يَكون لباعث / ظني بكشف غطائه كذاب
وَلننتظر يومين بعد فربما / تأتي لنا بحديثه الأصحاب
إنَّ الحَقيقَة عند ذلك تَنجَلي / فَيَزول عنا هَذا الاستغراب
زارَت سعاداً في المَساء صَديقةٌ / للدمع فوق خدودها تسكاب
قالَت لَها ما لي أَراك كَئيبةً / أَرَبابُ ماذا تَعلَمين رباب
لِم أَنت ساكتةٌ بربك أَخبري / هَل عض أَحمدَ للحَوادِث ناب
لا تَكتمي عني مغبة أَحمَدٍ / أَلَهُ بسوءٍ يا رباب أَصابوا
ماذا سمعت تحدثي فَقَد اِلتَوت / مني لأجل بكائك الأعصاب
قالَت عزاءَك يا سعاد تجلدي / فَلَقَد تقوَّض للرجاء قباب
إن اللصوص أَتوا بليلٍ أَحمداً / واِغتاله طمع لهم غلاب
قَد جاءَ في هَذا لِزَوجي قاسم / من صاحبٍ هَذا الصباح كتاب
أَخذت سعاداً رجفة عَصبية / من هول ما سمعت وَضاع صواب
فكأنما نبأُ الفَجيعَة جذوةٌ / وَكأَنَّما إِخبارها إِلهاب
من بعد ما اِحترقت بها اِنقضَّتْ كما / ينقضُّ من كبد السماء شهاب
وَتقلَّبت فوق التراب كأنها / حملٌ تعجَّل ذبحَهُ القصّاب
سقطت وَقَد خطف الرزية لونها / فكأنها فوق التراب تراب
رفعت إليها الأم واطئَ رأسها / وغدت تسائلها وليس تجاب
ثم اِرعوَت من بعد ساعة غيبةٍ / تَبكي كأن عيونها ميزاب
وَتَقول يا أم استبد بحكمه / فيَّ القضاء فَلي عليه عتاب
يا موت إنك أَنت حلو فاِقترب / إنَّ الحَياة من المرارة صاب
يا موت غيري إن يَهبَك فإنني / أنا لا أهابك والحياة أهاب
أمنيتي قد صرت من أمنيتي / أمنيتي أنَّ الحَياة عذاب
يا أم قد أَتَت الحتوف تزورني / أَهلاً وَسهلاً أَيُّها الأحباب
يا أم منها استوهبي لي مهلة / يا أم حتى ترجع الغياب
يا أم إن هناك أحمد يَبتَغي / عوداً إِليَّ ودونه الأبواب
ما تلك أَبوابٌ فَقَد حققتها / بل إنها بين الطَريق هضاب
وكأَنَّما في كل قمة هضبة / يا أم من تلك الهضاب غراب
غربان بينٍ في الروابي وُقَّعٍ / منها يدوّي في الفلا التنعاب
وأَرى الطَريق أمام أَحمد واضحاً / لكن عليه يا سلام ذئاب
يا رب عونك فالذئاب تلوح لي / مثل اللصوص وَفي الأكف حراب
يا أحمد اثبت في مكانك باسلاً / لا يوهننّك منهم الإرهاب
كن حيث أنت وَلا تخف ستجيء من / قبل الحكومة ذادةٌ أنجاب
تأتي لخفرك بعد عشر دقائق / منهم كهولٌ لا تني وَشباب
درء الحكومة عَن رعيتها الأذى / متحتِّم وَلَها الحماية داب
وَسيقبضون عَلى اللصوص وَتَنتَحي / بهمُ السجون وإن ذاك عقاب
وَتَعود مخفوراً إِليَّ مشيعاً / فيُقرُّ هذي العين منك إِياب
يا أم قَد هَجموا عليه بجمعهم / في مرة وَالهاجمون صعاب
يا أم وهو مدافع عَن نفسه / يا أم ما إن أحمدٌ هيّاب
شرعت حراب الهاجمين تنوشه / لِلَّه أحشاءٌ هناك تصاب
قَد خرَّ من أَلم الجراح لجنبه / وَتلطخت بدمائه الأثواب
قَتَلوا حليلي أمسكوهم إنهم / فروا إلى تلك الشعاب وَغابوا
قَتَلوه وَيلي ثم وَيلي غيلة / والقاتِلون أسافلٌ أَذناب
أين الحكومة أين أين رجالها / ناموا وَنوم أولي الحراسة عاب
أخذت تسليها هنالك خولةٌ / وَسحاب همّ سعادَ لا ينجاب
حتىّ قَضَت حزناً وذلك بعدما / عبثت بناعم جسمها الأوصاب
فتبوأت جدثاً به نامَت سقى / جدثاً به نامَت سعاد سحاب
كانَت كعاباً في غضير شبابها / لو أخَّر الموتَ الزؤامَ شباب
أَمّا المُصاب فإنه جلل
أَمّا المُصاب فإنه جلل / قد سيء منه الترك وَالعربُ
بكت العيون عَلى شَبيبَته / وَبَكى عليه العلم والأدب
إني لأَسمع صوت معولة / في اللَيل أَحشائي له تجب
هَل أُمُّه أَخذت بمصرعه / خبراً يقيناً فَهي تنتحب
طلب الخَطيب لَها محاكمة / نعم الخطاب وَحبذا الطلب
فإذا الجواب عَلى مسائله / هُوَ موته هَذا هُوَ العجب
حر تكلم غير ملتفت / سخطوا هناك عليه أَم جلبوا
بعد السؤال أَتَت مَنيته / فكأَنَّ ذاكَ لهذه سبب
إن صح ما قد شاع يومئذٍ / فلأَنتَ آخر من به نكبوا
الموت لما جد علمني / أن الحياة جَميعها لعب
وَلَقَد أَثار الطائشون وغى / كثرت بها الوَيلات وَالنوَبُ
وَتَسارَعوا في خوض غمرتها / وَبَدا لهم وَهْيٌ فما رأَبوا
متسابقين لجر مغنمها / وَالغاية القُصوى هيَ الذَهَب
لا تنتظر لعصابة رشداً / فيهم تَساوى الرأس وَالذَنب
لما رأوا أن الوجوه عنت / ركبوا الغُرور وَبئسما رَكِبوا
حتى إذا اِنكشفت حقيقتها / وَرأوا نتائج جهلهم هَرَبوا
تَجلو المَكاتِبُ كالكواكِبْ
تَجلو المَكاتِبُ كالكواكِبْ / ما لِلجَهالة من غياهبْ
كل الهداية وَالسنى / عند الكواكب وَالمكاتب
تَفشو الأشعة منهما / ملء المشارق وَالمغارب
إن المكاتِب عند قو / م مرتق لمن المآرب
هن المناهل للرجا / ل عَلى اختلاف في المشارب
وَهَل البلاد إذا خلت / منهن إلا كالخرائب
ما كانَ توجبه الحضا / رة فهو من أسنى المواجب
يا قوم إعداد المكا / تبِ فوق إعداد الكتائب
هذي مغذية النفو / س وَتلك مجلبة المعاطب
إن الكتاب هو المعل / لمُ وَالمسلي وَالمصاحب
أَوراقه في عين عش / شاق الهدى بيض كواعب
لا تَرتَقي بغداد إل / لا إن تكاثرت المكاتب
وإذا خلت منها فإن / نَ خلوها إحدى المصائب
أكبر بحاجتها إلى / إنشاء مكتبة تناسب
العلم نور بين أي / دي المرء في كل المطالب
وَالجهل أشبه بالظلا / م يحفه من كل جانب
العلم للحسنات يم / طر مثل هاطلة السحائب
العلم يعفى المرء في ال / أعمال من ثقل المتاعب
في العلم تَخفيف لما / يَعرو الحياة من النوائب
في العلم توسيع لأب / واب التجارة وَالمكاسب
في العلم إصلاح المفا / سد وَالعَقائد وَالمذاهب
لَيسَ الحَياة سوى وغىً / وَالناس مغلوب وَغالِب
وَالعلم في هَذا الجِها / د هُوَ السلاح لمن يحارب
بالعلم طار المرء حت / تى مر من بين السحائب
بالعلم قد تم اتصا / ل للمشارق بالمغارب
بالعلم صار يكلم ال / إنسان آخر وَهوَ عازب
بالعلم أَضحى الناس يط / وون البحار مَع السباسب
العلم في الدنيا أبٌ / زاك وأمٌّ للعجائب
أَنا لا أوفِّي ذكر ما / للعلم من غرر المناقب
الناس عندهم الشمو / س وَعندنا نور الحباحب
هاتوا لنا الأعمال إن / نَ القول يخلب أَو يؤارب
حتام تغتر العرو / بة بالأمانيِّ الكواذب
إن أَبطأت شمس الرقي / يِ فإنَّ فجر الشعب كاذب
يا قوم مرتبة العلو / م تفوق باقية المراتب
يا قوم إن العلم بال / إجماع محمود العواقب
يا قوم إن العلم يح / صل بالتعلم وَالتجارب
يا قَوم إن الجهل في / ذا العصر من أَخزى المعايب
يا قوم إن العلم ثمّ / العلم ثم العلم واجب
قد كنت أَرجو في الرؤوس جراءة
قد كنت أَرجو في الرؤوس جراءة / فإذا الرؤوس تلوذ بالأذناب
وجدوا طريقا للتقدم صالحاً / فمشوا به لكن إلى الأعقاب
الشَعب والوَطن الحَبيبُ
الشَعب والوَطن الحَبيبُ / يَستَصرِخان ولا تجيبُ
مرض الحَبيب وَخشيَتي / هي أن تلم به شعوب
الداء أعضل في المري / ض وَلا يداويه طَبيب
يا وجه لَيلى كنت وضا / ءً فما هَذا الشحوب
الموت في شرخ الشبا / ب لمن يعالجه رَهيب
يا ريح رفقاً فالَّذي / تلوينه غصن رطيب
بكت العيون دما وقب / ل بكائها بكت القلوب
الموت عين يشرب ال / أفراد منها وَالشعوب
ما إِن أُبالي بعد مَو / تي الشمس تطلع أَو تغيب
إِن الألى غصبوا الحقو / ق أمامهم يوم عصيب
وَلَقَد أثاروا فتنة / كالنار تتلف ما تصيب
أذمم بها من فتنة / هوجاء يمقتها اللَبيب
قَد أنكَروا نيرانها / حتى بدا منها اللهيب
يا حق مالك في سكو / ن الليل مضطرباً تلوب
يا حق لا تجزع كلا / نا في مواطنه غريب
أما الغَريب فللغَري / بِ بدار غربته نسيب
وَلَعَلَّ من قد بانَ عَن / أوطانه يوماً يؤوب
أَنا لا بَعيد عنك يا / وطني العَزيز وَلا قَريب
لِلَّه ما قاسى بمو / طنه من الحيف الأديب
لطمته كف قذْرة / وَكذاك تقترف الذنوب
ما ضره من لطمها / لو أنها كف خضيب
وَلَقَد أحاول أن أَتو / ب من القَريض ولا أتوب
وَلَقَد ركبت عبابه / عمراً فَما نفع الركوب
قد خلت فيه محاسناً / وإذا محاسنه عيوب
ما إن رأَيت موقراً / كالشيخ كلله المشيب
في وجهه غضباً على ال / أيام إذ كذبت قطوب
وَله بمستنّ الطَري / ق لحاجة فيه دَبيب
يَمشي إِلى غاياته / حذراً فتقذفه الدروب
لا تتبعنَّ الظن إِن / نَ الظن أكثره كذوب
دَع ما يريبك في الأمو / ر إلى الَّذي هُوَ لا يريب
ساءلت شيخا قد تحد
ساءلت شيخا قد تحد / دبَ ما تفتش في التراب
فأجابَني متأوهاً / ضيعتُ أَيّامَ الشباب
نقدت قريضي ثُلَّةٌ
نقدت قريضي ثُلَّةٌ / لا تعرف الأدب اللُّبابا
فرفعت مذودتي أذب / بُ بها عن الأدب الذبابا
ماذا برقراق السحائب
ماذا برقراق السحائب / ضمن المجرة من كواكب
ليست كمزعم بعضهم / نهراً يفيض على الجوانب
كلا ولا هي لو تعي / زبدٌ بوجه السيل ذائب
كلا ولا وادٍ على / طرفيهِ قد صفت كتائب
حيث الأسنة ثَمَّ في ال / هبوات تضحك والقواضب
أهناك جيش لا أبا / لك حذوه جيش محارب
فلننتظر حتى نرى / من ذا من الجيشين غالب
كلّا ولا سدُمٌ حوت / غازاً فهذا الظن كاذب
لكن شموس جاريا / ت ضمن هاتيك السحائب
بل إن هاتيك السحا / ئب ذات انجمها الثواقب
أجرامها يسبحن في / بحر الأثير لكل جانب
الكل يذهب في الفضا / ء على اختلافٍ في المذاهب
وعلى ارتباطٍ بينها / بقوى جواهرها الجواذب
يا أيّهذا العالم ال / نجمي كم بك من عجائب
كم زار منك نظامنا / جرمٌ يجدّ السير دائب
جرمٌ بديعٌ شكله / جرمٌ يعدّ من الغرائب
فله نواةٌ ذات نو / رٍ مشرقٍ وله ذوائب
ويضئ حتى تستضى / ء به المشارق والمغارب
ويزيد إشراقاً على / إشراقهِ مهما يقارب
حتى إذا ما دار حو / ل الشمس سافر وهو آيب
فكأنه متحملٌ / في زوره كتباً لغائب
أَمخبرٌ أحد النجو / م لشمسنا بعض المطالب
يا عالماً يحوي عوا / لم سائرات في مواكب
كم من شموس فيك أك / ثرها عن الأبصار عازب
شسعت فأسفر بعدها / عن مثل أنوار الحباحب
وهناك لولا أبعد ال / أبعاد نيران لواهب
تجلو أشعتها المني / رة ما هناك من الغياهب
وتوازنت أجرامها / فالكل مجذوب وجاذب
ولها توابغ في تن / قلها السريع لها تصاحب
تحكى توابع شمسنا / فتطوف منها في الجوانب
وعلى توابعها تدو / ر توابع أخرى صواحب
العلم هذا رأيهُ / فيها ورأُى العلم صائب
يرضى به من كان ذا / نظرٍ بعين العقل ثاقب
لكن من جهل الحقا / ئق من سماعته مغاضب
ومن المصائب أن تخا / طب جاهلاً ومن المصائب
أما الحياة فان ظن / ن العقل فيها غير خائب
أيجوز أن الأرض تُس / كن وحدها بين الكواكب
وتكون غير الأرض خا / لية كأمثال الخرائب
هذا لعمري إن يص / ح فانه لمن العجائب
إن الحياة تبين حي / ث ترى لها وسطاً يناسب
ما أوحش الأجرام لم / تمرح بها بيض كواعب
وترى كأحسنها العيو / ن النجل فيها والحواجب
يا ساكني تلك النجو / م على اختلافٍ في المراتب
إني مخاطبكم فلا / تلووا الوجوه عن المخاطب
باللَه قولوا لي أَأَن / تم مثلنا غرض النوائب
إنا نعاتبكم إذا / لم تفصحوا إنا نعاتب
أَحَياتكم كحياتنا / لا تكتموا عنا متاعب
أم هل هناك حياتكم / صفوٌ فليس بها شوائب
إنا لنفزع من مصا / ئب لاجئين إلى مصائب
إنا بظاهر أرضنا / قسمان مغصوب وغاصب
الظلم ضيَّق في وجو / ه رجائنا طرق المكاسب
والعلم مغلوب فلا / يعلى بهِ والجهل غالب
إنا بحال لو علم / تم غير محمود العواقب
نسعى لنفع الآخري / ن من الذين لهم مناصب
ونعيش في حال التعا / سة بالأمانيِّ الكواذب
لهفي على الشبان قد / سلكوا سبيلاً للمعاطب
غيلوا بكل قساوة / فبكتهمُ حتى الأجانب
ويلي على بيضٍ نشر / ن من الأسى سود الذوائب
يخمشن حرَّ وجوههن / ن ويلتدمن عَلَى الترائب
يبكين فقد أعزة / ماتوا فهن لهم نوادب
ناشدت شيخاً قد تقو
ناشدت شيخاً قد تقو / وس ما تفتش في الترابِ
فأجاب يا ولدي لقد / ضيعتُ أيام الشباب
ذهب الشباب وكل شيء طيب
ذهب الشباب وكل شيء طيب / وأتى المشيب وكل شيء متعب
ذهب الشباب وما تريث غاربا / في ليلي الداجي غروب الكوكب
ذهب الشباب ولم يودعني اجل / ذهب الشباب وليته لم يذهب
اجمل به لما استقل مغادرا / اياي من لذاته في موكب
ولقد تحلب دمع عيني بعده / ما خير دمع ليس بالمتحلب
واتى المشيب ولم اكن لما اتى / متبوء رأسي له بمرحب
الدهر قطب يوم شابت لمتي / وجهاً له قد كان غير مقطب
يوم الحياة من المشيب عصبصب / ولعل يوم الموت غير عصبصب
اني لاطلب في حياتي راحة / ويعز الا في المنية مطلبي
ويكاد نسر الموت وهو محلق / ينقض مندفعا علي بمخلب
انا لا اود ركوب نعش سابق / هيهات ان النعش اخشن مركب
يا عين انك بالدموع غنية / ما تصنعين بها اذا لم تسكن
كان الهوى في مهد قلبي خافيا / فشدوت اوقظه بلحن مطرب
وذكرت اذ انا قد نبت بجنبه / نبت الحمام بكالئ معشوشب
حتى اذا اشتعل المشيب رأيته / يلقى رمادا فوق رأسي الاشيب
عقلي يؤنبني على شططي به / اما ضميري فهو غير مؤنبي
بعد الشباب اليك مالي حاجة / يا شمس احلامي الجميلة فاغربي
لم يبق غير الشعر لي من صاحب / يرعى العهود وليس بالمتقلب
ابكي به افراح عهد ذاهب / في عهدي الباقي الذي لم يذهب
الشعر مبدئي الذي استصفيته / والشعر ديني في الحياة ومذهبي
والشعر مصباح ازيل بضوئه / ما في ليالي محنتي من غيهب
وانا لم اعاشر في حياتي كلها / ناساً مشاربهم تخالف مشربي
يا حق اني في جميع مواقفي / متحزب لك لو يفيد تحزبي
من بعد ما انتظرت حقابا
من بعد ما انتظرت حقابا / ثارت فمزقت الحجابا
عربية عرفت اخيراً / كيف تنبذ ما ارابا
كان الحجاب يسومها / خسفاً ويرهقها عذابا
وسيطلب التاريخ من / ناس لها ظلموا حسابا
سألت لها حرية / منهم فما لقيت جوابا
حتى اذا ما استيأست / خرقت بايديها النقابا
فرأت امام سفورها / للمجد افنية رحابا
ذهبت كزوبعة لها / صخب فاحمدت الذهابا
احسنت يا ابنة يعرب / صنعاً واتبعت الصوابا
فلقد كفاك غضاضة / ذاك الشقاء بما اصابا
ليس الجمود سوى خنو / ع قد يجر لك التبابا
ان الحياة لتبتغي / في عصرنا هذا انقلابا
ظهرت تباشير له / تبني المنى منها قبابا
خوضي الى المجد الاثيل / مع الألى خاضوا الصعابا
وتنكبي الوهد الذي / يخفيك واطلبي الهضابا
اما العباب فانه / ان حال فاقتحمي العبابا
الحق حقك فانشديه / في محاولة طلابا
واذا ابوا فخذيه / منهم في مكافحة غلابا
لا تعبئي ابدا بغر / بان يواصلن النعابا
وذرى من الدين القشو / ر جميعها وخذي اللبابا
لا خير في ناس اذا / افحمتهم ولوا غضابا
عزوا الحجاب الى الكتا / ب فليتهم قرأوا الكتابا
ان التعصب مانع / ان تبصر العين الصوابا
ما عاش شعب نصفه / قد شل من داء اصابا
ما كان خدرك غير سجن / مظلم يولي اكتئابا
اني لارجو ان ارى / التوقير في الفتيان دابا
والوم من مردوا فلم / يبغوا عن السفه اجتنابا
كم من خراف حين ادجى / ليلها انقلبت ذئابا
لما رأت لحما طريا / ابرزت ظفراً ونابا
ولرب فاتنة العيو / ب لحاظها تحكي الحرابا
وترى خصائل شعرها / فتخالها تبراً مذابا
زفت الى وحش فسلت / في حيازته اكتئابا
واجاعها شحاً ولم / يحسب لجوعتها حسابا
هل ظن ان المرهق / الغرثان يلتهم الترابا
ولقد إلى منها الأسى / فتفجرت تبكي المصابا
ان الأسى اما إلى / ليفجر الصم الصلابا
وتعاتب الاقدار لو / يسمعن من احد عتابا
ذم الجهالة انها / ما اورثت الا خرابا
يا ماء اهلي اين انت / فانني اشكوا اللهابا
يا قبر ليلى انت تحوي / فيك زنبقة كعابا
حيتك واكفة الحيا / تهمي فتنسكب انسكابا
كم مثلها من نسوة / يرجون في الصبر الثوابا
يلوين من جور الرجا / ل وقد تبرمن الرقابا
مالي رجاء في الشيو / خ وانما ارجو الشبابا
من كل وثاب اذا / اغريته اقتحم الصعابا
الناس في الآراء يختلفون / بعدا واقترابا
بسم المنى لاقلهم / خطأ واكثرهم صوابا
اني ارحب بالالى / بلد لرشيد بهن طابا
اوليننا النعم الرغا / ب وما توخين الثوابا
بل خدمة الوطن العزيز / بهن عن بعد اهابا
نعم سأشكرها ومن / لا يشكر النعم الرغابا
وكذاك تشكر كل ار / ض عضها الجدب السحابا
يا نور هذا الحفل قد / بلغت بطولتك النصابا
لا تحسبي للمرجفين / ومن روى عنهم حسابا
نقدت قريضي ثلة
نقدت قريضي ثلة / لا تعرف الأدب اللبابا
فرفعت مذودتي أذب / ب بها عن الأدب الذبابا
ذهب الشباب وانت بعد ذهابه
ذهب الشباب وانت بعد ذهابه / متمسك بالعيش من اذنابه
أيطيب عيش الروح بعد عيائه / ويطيب عيش الجسم بعد خرابه
اهوى الصباح فانني
اهوى الصباح فانني / في ظله انسى اكتئابي
وكأنما هو قطعة / رجعت اليّ من الشباب

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025