القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ناصِيف اليازجي الكل
المجموع : 7
كلَّفتُ حَمْلَ تحيتي ريحَ الصَّبا
كلَّفتُ حَمْلَ تحيتي ريحَ الصَّبا / فكأنني حمَّلتُها بعضَ الرُبى
لا تَحمِلُ الريحُ الجبالَ ولَيتَني / كلفتُها حَمْلي فإنّي كالهَبا
بَعُدَ المزارُ فلا مزارَ وطالما / جَدَّ البِعادُ إذا رَجَوتُ تَقَرُّبا
دُونَ الأحبَّةِ بحرُ ماءٍ دُونَهُ / للدمعِ بحرُ دمٍ أبَى أنْ يُركبا
ولَقد مرَرتُ على الدِّيارِ فهاجَني / نَظَرٌ أطَلْتُ لهُ الوُقوفَ تَعَجُّبا
خاطَبتُها أرجو الجوابَ فإنها / قد مازَجَتْ مُهَجَ الرِجالِ تصَبُّبا
ما بالُ هذا الدَّهرِ دامَ على النَوى / وعلى الوِصالِ عَهِدتُهُ مُتَقلِّبا
هَيْهاتِ ما للِدهرِ عَهدٌ صادقٌ / فَتراهُ يُخلِفُ كاذباً ومُكَذّبا
غَلَبَ البلاءُ الصبرَ في غَزَواتهِ / وقدِ استَجاشَ من الصَبابةِ مَوْكبا
والصبرُ من هِممِ القلوبِ ولم يَدَعْ / خَطْبُ النَّوى للصبرِ قلباً طَيِّبا
قد أجمَدتْ نُوَبُ الزمانِ قريحتي / كَمَداً وأنْستْني الكَلامَ المُعرَبا
فنَسيتُ إنشاءَ الرسائل كاتباً / ونَسيتُ أني كاتبٌ مُنذُ الصِّبا
يا أيها الشُهُبُ التي قد أغرَبتْ / عنا تُرَى هل تَلزَمينَ المغرِبا
سيَّارةٌ لا تَثبُتينَ فما لنا / مُذ غِبْتِ لم نرَ منك يوماً كوكبا
لا بُدَّ من يومٍ يَجِدُّ لهُ بنا / رأيٌ ولو لَعِبتْ بنا أيدي سَبَا
هيهاتِ لم يَمُتِ الزَمانُ وإنما / قد نامَ ثمَّ يَهُبُّ معقودَ الحُبَى
سَلْ مَطلِعَ القَمَرينِ من كَبِدِ السَّما
سَلْ مَطلِعَ القَمَرينِ من كَبِدِ السَّما / عن مَطلِعِ القمرينِ من كَبدِ الحِمَى
وانْظُرْ تَرَى شمساً تُسَمَّى حيدَراً / تُدلي إلى بدرٍ يُسَمَّى مُلحِما
رَبعٌ كَستْه كلُّ غاديةٍ كما / تُكْسَى الوُفودُ بهِ طِرازاً مُعلَما
فيَكادُ يخطِرُ لو أصابَ لهُ يداً / ويكادُ ينطِقُ لو أصابَ لهُ فما
قل للأميرَينِ اللذينِ تَرَى بهِ / مِن قابِ قَوسَينِ السَّلامُ عليكما
هَيَّجْتُما شَجَنَ القريضِ فطابَ لي / وأطَلْتُما أمَدَ الثَّناءِ فأفحَما
في الناسِ من يَقِفُ القريضُ ببابِهِ / خَجِلاً ومن يَلقَى القريضَ مُسلِّما
والشِّعرُ كم بيتٍ يُساوي بَدْرةً / منهُ وبيتٍ لا يُساوي دِرهَما
قد كُنتُ أرجُو ما أرى من طَلْعةٍ / غَرَّاءَ كانَ رَجاؤها يُرْوي الظَما
حتى ظَفِرتُ بحَضرةٍ هيَ كَعْبةٌ / للوَفدِ في شَهرٍ أراهُ مُحَرَّما
نادٍ تَرَى الشَيخَ الرئيسَ بصَدرِهِ / وتَرى بجانبِهِ الإمامَ الأعظَما
هُوَ مجمعُ البحرينِ في عِلمٍ وفي / كَرَمٍ ولا حَرَجٌ فحَدّثْ عنهما
تَركَتْ لهُ هِمَمُ العُلَى مُتأخِّراً / في المجدِ ما فَرَضَتْ لهُ مُتقدِّما
شَرَفٌ تُلاقيهِ النُّجومُ ضئيلةً / تَرنُو إليهِ كما نُلاقي الأنجُما
ما زال يغنَمُ بالأسِنَّةِ رَهطُهُ / حتَّى غدت لهُمُ الأسِنّةُ مغنَما
إنّ المعاليَ في الزَّمانِ عرائسٌ / لا تَنجلي حتى تُخَضَّبَ بالدِّما
المَرْءُ في الدُنيا خَيالٌ قد سَرَى
المَرْءُ في الدُنيا خَيالٌ قد سَرَى / والعَيشُ مِثلُ الحُلم في سِنَةِ الكَرَى
والناسُ رَكْبٌ قد أناخَ بمَنزِلٍ / فبَنى على الطُّرُقِ المدائنَ والقُرَى
لا مَرحَباً إنْ جاءَتِ الدُّنيا ولا / أسَفاً إذا وَلَّتْ وما الدُّنيا تُرَى
هيَ كالسَّرابِ يَزيدُ مُهجةَ وارِدٍ / ظَمأً ويَملأُ مُقلتَيهِ مَنظَرا
غَرَّارةٌ يسبي الحكيمَ خِدَاعُها / مكراً ويُطغِي الفَيلَسُوفَ الأكبرا
لاحت لنا نارُ الحُباحِبِ في الدُّجَى / منها فخلنا أنَّها نارُ القِرَى
عِشْنا كأنَّا لم نَعِشْ ونموتُ عن / كَثَبٍ كأنّا لم نَكُنْ بينَ الوَرَى
ذَهَبَ الزَّمانُ ومَنْ طَواهُ مُقدَّماً / وكذاكَ يَذَهبُ مَن يَليهِ مُؤَخراً
نبكي ونَضحَكُ للمَنّيةِ والمُنَى / وكِلاهما عَبَثٌ يَدُورُ مُكرّرا
بِتْنا نُنادي حَيدَراً ويَحي وما / يُجدِي إذا بِتْنا نُنادِي حَيدَرا
هذا الأميرُ قَضَى فسالَتْ أكبُدٌ / ومَدامعٌ وجَرَى القَضاءُ بما جَرَى
لم تَحْمِهِ البِيضُ الصَوارِمُ والقَنا / والشُوسُ والجُرْدُ السَلاهِبُ والذُرَى
هذا الذي كنَّا نَعيِشُ بظِلِّهِ / قد صار تحتَ ظِلالِ رَمسٍ أقفَرا
هذا الذي ضبَطَ البِلادَ بكَفِّهِ / قد باتَ مغلولَ اليَدينِ مُعفَّرا
يا طالما أغنَى الفقيرَ بجُودِهِ / واليومَ صار أضَرَّ منهُ وأفقَرا
أمسَى وحيداً في جوانبِ حُفْرةٍ / مَن كان يَجمَعُ في حِماهُ عَسكَرا
مِنَّا السَّلامُ بكل تَكْرِمةٍ على / مَن لم يَمُدَّ إلى وَداعٍ خِنصِرا
قامت تُشيِّعُهُ الرِجالُ مُشخَّصاً / ومَضَتْ تُشيِّعُهُ القُلوبُ مُصوَّرا
أولى العِبادِ برَحمةٍ من لم يَكُنْ / عَرَفَ المَظَالِمَ في العِبادِ ولا دَرَى
وأحَقُّ بالإحسانِ مَن لم يُهمِل ال / مَعروفَ قَطُّ ولم يُباشِرْ مُنكرَا
بَكَتِ الأراملُ واليَتامَى حَسْرةً / لمَّا رأتْ قلبَ السَماحِ تَحسَّرا
وتَنهَّدَ المجدُ الذي ربَّاهُ من / صِغَرٍ فكانَ لهُ أباً ومُدبِّرا
سَلَبَ الزَّمانُ منَ الأفاضلِ دُرَّةً / لو كَلَّفوهُ بمِثلِها لَتَعذَّرا
ولرُبما نَفِدَ الزَّمانُ وذِكرُهُ / نُملي بهِ جُمَلاً ونَكتُبُ أسطُرا
قد كانَ عَوْفاً في الوَفاءِ ولم يَزَلْ / في الحِلمِ مَعْناً والسَماحةِ جَعْفَرا
وإذا تَفقدَّتَ المَحامِدَ كلَّها / ألفَيتَ كُلَّ الصَيدِ في جَوفِ الفَرا
كلٌّ يُبالغُ في المديحِ بِشعرِهِ / ويَظَلُّ مادِحُهُ الأمينُ مُقَصِّرا
ومَتَى طَلَبْنا رِيبةً في نفسِهِ / كانَتْ لنا عَنقاءُ مَغرِبَ أيسَرا
ذاكَ الذي لم يَتَّخِذْ لكُنوزِهِ / عَرَضاً من الدُّنيا فصادَفَ جَوْهَرا
حَقٌّ على الخُطَباءِ ذِكرُ صِفاتِهِ / مَثَلاً شَرُوداً حينَ تَعلُو المِنْبرا
بَحرٌ حَواهُ النَّعشُ فوقَ مناكبٍ / تَسعَى ولم نَعهَدْ كذاكَ الأبحُرا
وفَريدةٌ في الرَّمس قد دُفِنَتْ وكم / من معدنٍ تحتَ التُّراب تَستَّرا
وَيلاهُ مِن هذي الحياةِ فإنَّها / كالظِلِّ تحتَ الشَمسِ يَمشِي القَهْقَرى
إنَّ الحياةَ هيَ الشبابُ وإن تَزِدْ / نَقَصتْ كلفظٍ بالزيادةِ صُغِّرِا
نرجو من الدُّنيا الدَّوامَ ونَفسُها / كحُطامِها ممَّا يُباعُ ويُشترَى
دُوَلٌ وأجيالٌ تَمُرُّ وتَنقَضي / فيها وتَبقَى الكائِناتُ كما تَرَى
فسَقَتْ غَوَادِي الفَضلِ تُربةَ فاضِلٍ / ممَّن يُؤَرَّخُ كان غُوثاً للوَرَى
كُنَّا نُؤَرّخُ فضلَ مِنْحةِ كَفِّهِ / صِرنا نؤَرّخُ رمسهُ تحتَ الثَّرى
لا تجزَعي يا نفسِ من حُكم الرَّدَى
لا تجزَعي يا نفسِ من حُكم الرَّدَى / إن كانَ ما لا بُدَّ منهُ ولا فِدَى
لا خيرَ في هذي الحياةِ فإنّها / تَزدادُ سُوءاً كُلَّما طالَ المَدَى
سُحقاً لها من سَكرةٍ لا تَنجلِي / إلاّ وحادي البينِ فينا قد حَدا
حُلمٌ يُسَرُّ بهِ الفَتَى في نَومِهِ / جهلاً ويَضحكُ حينَ يَذكرُهُ غدا
هيهاتِ ليسَ مُهَّذبٌ بينَ الوَرَى / زاغ الحكيمُ ومَنْ بِحكمتهِ اقتَدَى
لا يَصرفُ الإنسانُ قيمةَ دِرهَمٍ / عَبَثاً ويَصرِفُ عُمرَهُ الغالي سُدَى
نَسعَى لنمتلِكَ الحُطامَ لغيرنا / من قومِنا ولَقد يكونُ منَ العِدَى
ومنَ العجائِب أن يقومَ خطيبُنا / يَهدِي العِبادَ بحيثُ ضَلَّ فما اهتَدَى
قد شابتِ الدُنيا وشابَ زَمانُها / مَعها وظَلَّ الموتُ فيها أمرَدا
سَيفٌ على طولِ المَدَى يَفرِي ولا / يَنبو ولا يَشكو الفُلولَ ولا الصَدا
والعيشُ بعدَ الموتِ في دارِ البَقا / لا قبلَهُ فالموتُ يُحسبُ مَولِدا
والموتُ يختار النَّفيسَ لنفسِهِ / مِنَّا كما نختارُ نحنُ فما اعتَدَى
قد نالَ مِنَّا دُرَّةً مكنونةً / كانت لبَهجتِها الدَراري حُسَّدا
كَنْزٌ ذَخرناهُ لنا فاغتالَهُ / لِصُّ المنيةِ خاطفاً مُتَمرِّدا
هذا شَقيقُ الرُّوح فَارَقَ في الحَشَا / بيتاً له قد صارَ شطراً مُفْردا
ليلي لوَحشتهِ طويلٌ أسودٌ / ولَوِ استَطَعتُ جعلتُ صحبي أسوَدا
أسفي على النَقَّاشِ نُخبةِ عصرِهِ / في كلِّ فنٍّ مُطلقاً ومُقيَّدا
أسفي على غُصنِ النَقا أسفي على / بدرِ الدُّجى أسَفي على بحرِ النَّدَى
نُوحي عليهِ يا حَماماتِ اللِوَى / مَعنَا وسَكِّتْنَ الهَزارَ إذا شَدا
وابكي عليه يا غماماتِ الضُّحَى / عنَّا فإنَّ الدَّمعَ منَّا اُستُنفِدا
نوحي عليه أيُّها الدَّارُ التِّي / كانتْ ببهَجتهِ تنادي مَعْبَدا
نُوحي عليهِ أيُّها الكُتُبُ التِّي / كانت أعزَّ جليسهِ حيثُ انتَدَى
تَسقِي ببيروتَ المدامعُ دارَهُ / وثَراهُ في تَرْسيسَ يَسقيهِ النَّدَى
خافت عليهِ أن يُبارحَ وَجْهها / فَتبطَّنتْهُ بقلبها مُتَوطِّدا
يا أيُّها الذَّهَبُ المُصفَّى جوهراً / مالي رأيتُكَ في الثَّرى مُتَرَمِّدا
ياأيها الحجرُ الكريمُ المُصطفى / مالي رأيتك صرت عظْماً أجردا
يا أيُّها السَّيفُ الصَّقيلُ المُنتضَى / مالي رأيتُكَ في تُرابٍ مُغمَدا
أرثيكَ ثُمَّ أراكَ تطلُبُ فوقَ ما / أرثي فأغتَرِمُ الرِّثاءَ مُجدَّدا
منا السَّلامُ عليكَ لكنْ يا تُرَى / هل مَن يُبلِّغُكَ السَّلامَ مُرَدَّدا
هل تسمَعُ الدَّاعي إليك مُلبِّياً / أم يستجيبُ صُراخَهُ رَجْعُ الصَّدَى
نبكي عليكَ ولو رأيتَ بُكاءَنا / لَبَكيتَ أنتَ لأجلِنا مُتنهِّدا
لم تترُكِ الأحزانُ قلباً سالماً / منَّا فكيف نُطيقُ أن نَتَجلَّدا
مارونُ خُذْ بيدي فإني ساقطٌ / إن كانَ أبقى الدَّهرُ منكَ لنا يدا
ما كانَ ضَرَّكَ لو سمحتَ بنَظْرةٍ / قبلَ الفِراقِ بها أكونُ مُزَوَّدا
هَلاّ بعثتَ مُبرِّداً أشواقنا / برِسالةٍ نُرْوي برُؤْيتها الصَّدَى
مالي رأيتُكَ لا تقومُ بمَوعِدٍ / ولقد عَهِدتُكَ ليس تُخلِفُ مَوعِدا
قد كنتُ أنتَظِرُ المُبشِّرَ باللِقا / فإذا بناعِيكَ المُبكِّر قد غَدا
يا وَيحَ قلبي هل تَعودُ إلى الحِمى / هيهاتِ ليس العَودُ عندكَ أحمَدا
مَن كان يبغي أن يراكَ فقُلْ لهُ / مهلاً فإنَّك في الطَّريقِ على هُدَى
إن كُنتَ عِفْتَ اليومَ جيرتَنا فقد / جاوَرتَ رَبَّكَ في عُلاهُ سَرْمَدا
أو غِبتَ عن نَظَرٍ فقد خلَّفتَ بالتْ / تَأْريخِ ذِكراً في القُلوبِ مُخلَّدا
نادى مُنادِي البيِنِ حيَّ على السُّرَى
نادى مُنادِي البيِنِ حيَّ على السُّرَى / فتَنَّبهوا يا غافلينَ مِنَ الكَرَى
سَفَرٌ طويلٌ شاسعٌ فتَزَوَّدوا / زاداً يُبلِّغُكمُ إلى وادي القُرى
هذَا هُوَ الحَقُّ اليَقينُ فما لكم / تَلهُونَ عنهُ كالحديثِ المُفتَرَى
كم ترقُدونَ وعينُهُ سَهرَانةٌ / ولَكَمْ تَراكُم مُقلتاهُ ولا يُرَى
يَخشَى الفَتَى من حيثُ يَدرِي نَكبةً / وتُصيبُهُ من حيثُ لم يكُ قد دَرَى
يَبغِي الفِرارَ من المَنيِّةِ جاهداً / وإلى المنيَّةِ كلَّ يومٍ قد جَرى
قُلْ للذي رامَ الفَخارَ بنفسِهِ / أنتَ الثَّرَى ومنَ الثَّرَى وإلى الثَّرَى
مَن يَفتخِرْ فبصالحِ العَمل الذي / كُنَّا نَعُدُّ لهُ الرَّئيسَ الأكبَرا
السَيِّدُ الحبرُ المُعظَّمُ شأنُهُ / ومَكانُهُ المرفوعُ في أعلَى الذُّرَى
العالِمُ العَلَمُ الإناءُ المُصطَفَى / والكاشفُ الخَطبَ الشَّديد إذا اعتَرَى
ذاك المُكلِّلُ تاجُ قَيصَرَ رأسَهُ / شَرَفاً وليسَ عليهِ دَولةُ قَيصَرا
ذاك الذي بيمينهِ قامَتْ عصَا / مُوسَى التِّي منها الجَمادُ تَفجَّرا
ذاكَ الذي شَقَّ القلوبَ فكادَ أنْ / يُجري منَ الأجفانِ بحراً أحمَرا
ذاكَ الذي أبكى هياكلَ بِيعةٍ / قد كانَ يُضحِكُها وأبكى المِنبَرا
ذو الهِمَّةِ العُليا التي أضحَى بها / فَرداً يَقودُ إلى النوائبِ عسكَرا
وخليفةُ الرُّسُلِ الذي هيهاتِ أن / يُؤَتى لهُ بخليفةٍ بينَ الوَرَى
المُهتدِي الهادي الأمينُ لشَعبِهِ / كالماءِ يجرِي طاهراً ومُطَهِّرَا
ذو الغَيرةِ العُظمَى التي اتَّقَدَتَ بهِ / مثلَ اللَظَى بينَ الهَشِيمِ تَسعَّرا
دَقَّت معَانيهِ ورَقَّ نسيمُها / وسَمَت على أوهامِنا أنْ تُحصَرا
فإذا طلَبناها فقد رُمْنا السُّهَى / وإذا ذَكرناها فَتقْنا العَنْبَرا
رُكنٌ هَوَى بدِيارِ مِصرَ فأوشَكَتْ / منهُ رُبى لُبنانَ أن تَتَفطَّرا
ضَجَّت بهِ الإسكنْدَريَّةُ هَيبةً / فكأنَّ فوقَ سريرهِ الإسكَنْدَرا
يا أيُّها الطُورُ الذي عَبِثَتْ بهِ / أيدي المَنُونِ فمالَ محلولَ العُرَى
غَدَرَت بك الأيَّامُ مظلوماً كما / تُدعى فألَقَتْ في التُّرابِ الجوهرا
يجري القَضاءُ بما أرادَ ولم يكن / مِمَّنْ يُراعِي ما نُريدُ إذا جرى
كأسٌ إذا فاتَ النديمَ مُقدَّماً / ذَكَرَ العُهودَ فلم يَفُتْهُ مُؤَخرّا
هذا فِراقُ الدَّهرِ لا نُحصِي لهُ / عَدَدَ السِنينَ ولا نَعُدُّ الأشُهرا
من أجلِهِ خُلِقَ الزَمانُ وأهلُهُ / وكِلاهُما يَمضي عليهِ كما تَرَى
أعَلِمْتِ ما بالقلبِ من نارِ الجَوَى
أعَلِمْتِ ما بالقلبِ من نارِ الجَوَى / يا ظَبْيةً بينَ المُحجَّرِ واللِوَى
وَرَدَ الهَوَى منكم عليَّ وهكذا / كانَ اشتِعالُ النَّارِ من ذاكَ الهَوَى
قالت تَميِلُ إلى السِّوى فأجَبتُها / أينَ السِّوَى ولَعلَّ في الدُّنيا سِوَى
لو كُنتُ أعلمُ عِندَ غَيركِ بُلْغةً / لكَرِهتُ أن أطوي حَشايَ على الطَوَى
وبمُهجتي شَوقٌ أقامَ كأنَّهُ / مَلِكٌ على عَرشِ الفُؤادِ قدِ استَوَى
أطعَمتُهُ قلبي الكليمَ فما اكتَفَى / وسقَيتُهُ دمعي السَّجيمَ فما ارتَوَى
قد كُنتُ أحسَبُهُ كضَيفٍ نازلٍ / فإذا أنا ضَيفٌ إليهِ قد أوى
ولَقَد سَمَحتُ لهُ بأنْ يكوِي الحَشا / فكَوَى ولكنْ ما رَضِي حتى شَوَى
ولرُبَّ طَيفٍ زارَني فوَجَدتُهُ / داءً عليَّ وكُنتُ أحسَبُهُ دَوا
وافى فحيَّا مُؤنِساً يُرِوي الظَّما / ومَضَى فوَدَّعَ جارحاً يُوهِي القُوَى
صارت تخافُ النَّومَ عيني بَعدَهُ / لا تَجزَعي ذَاكَ الكِتابُ قدِ انطَوَى
شَغَلَت فُؤادي عن مُغازَلةِ المَهَى / شِيمٌ لَوَت قلبي إليها فالتَوَى
للخِضْرِ أخلاقٌ يكادُ ثناؤُها / يَخَضرُّ منهُ كلُّ عُودٍ قدْ ذَوَى
طابت موارِدُها فَتُبِهجُ مَن رأى / وتَسُرُّ مَن سَمِعَ الحديثَ ومن رَوَى
قُلْ للّذي يزهو بمَكرْمُةٍ لهُ / هذا الذي كُلَّ المَكارمِ قد حَوَى
يَقضِي حُقوقَ الدِّينِ والدُّنيا معاً / في الجَهْرِ والنَجْوَى على حَدٍّ سَوا
هُوَ رُكنُ بيتِ الرَّعدِ وَهْوَ عَمُودُهُ / فيهِ الجَلالُ بجانبِ التَّقوَى ثَوَى
طُوِيَت على الإخلاصِ نيَّةُ قلبِهِ / ولِكُلِّ عبدٍ عندَ رَبِّكَ ما نَوَى
سادَ البلادَ فكان رَبَّ عَشيرةٍ / بينَ العَشائِرِ باتَ مرفوعَ اللِوا
أعيا المظَالمَ أنْ تَجُوزَ بِلادَهُ / يوماً ولو طَارَتْ إليها في الهوا
يا أيُّها الرَّعدُ الذي في الحربِ لو / وقَعَتْ صَواعِقُهُ على جَبَلٍ هَوَى
مَلأَ المَسامِعَ منكَ صِيتٌ قارعٌ / والرَّعدُ يَقرَعُ كلَّ سَمْعٍ إذ دَوَى
لا يستطيعُ البُعدُ حَجْبَ جَمالِهِ / كالصُّبحِ ليسَ يَصُّدُ شُهرَتَهُ النَّوَى
يا مَعشَرَ الشُّعرَاءِ تلكَ صِفاتُهُ / ما ضَلَّ صاحبكُم بِهِنَّ وما غَوَى
إنّي نَطَقتُ بما رأيتُ وبعضُهُ / مِمَّا سَمِعتُ فما نَطَقتُ عَنِ الهَوَى
قل للوزيرِ إذا وَقفْتَ ببابهِ
قل للوزيرِ إذا وَقفْتَ ببابهِ / ناسبتَ بينَ مُحمَّدٍ والمُصطَفَى
أرجعتَ طرْفكَ في الرِّجالِ مكرِّراً / حتى اصطفيتَ اليومَ أصدَقَ مَنْ وَفَى
لقدِ اصطفيتَ مُهذَّباً لو أنَّهُ / وُلِّي على مُلكِ ابنِ داودٍ كَفَى
يُغنيكَ عن حَمْلِ القَنا بيَراعهِ / وبرأيهِ عن أن تَسُلَّ الأسيُفا
مُتَيقِّظٌ للدَّهرِ ينظرُ ما بدا / منهُ ولا يَخَفى عليهِ ما اختَفى
وإذا اشتكتْ دُنياهُ حادِثَ عِلَّةٍ / فيمينُهُ البِيضاءُ ضامنةُ الشِّفَا
يا أيُّها الشَّهمُ الذي مِعرَاجُهُ / لا يُرتَقَى وطريُقهُ لا يُقتَفَى
تُملي علينا من صِفاتِكَ اسطُراً / عند المديحِ إذا كتبنا أحرُفا
خُذها إليكَ رسالةً أرجو لها / عَفوَ الكِرامِ وإنَّ مِثْلَكَ مَن عَفا
راحت تُهنِّي المُصطَفى لكرامةٍ / وأنا أُهنِّئْها بوَجهِ المُصطفَى

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025