القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : الحَيْص بَيْص الكل
المجموع : 5
هبني كتمتُ لواعجَ البُرَحاءِ
هبني كتمتُ لواعجَ البُرَحاءِ / فمن المكتِّمُ عبْرتي وبُكائي
لا تنْهَ عن قلقي فإنَّ تَصَبُّري / فيما ألمَّ مُباينٌ لوفائي
كيف التصبُّرُ والهمومُ أسِنَّةٌ / يخْطرْن بين حيازمي وحَشائي
كيف التبصر والرزية بالذي / جلت رزيته عن الأرزاء
بمُطاردِ الأيام في آمالهِ / كَطِرادِه في مأزقِ الهَيْجاءِ
والماليء الدُّنيا بذكرِ مناقبٍ / صُرِّفْنَ بين السَّير والإسْراءِ
بفتى الندى والبأس والمُرضي العُلى / في يوم مكْرمةٍ ويوم لِقاء
بأبي الأغر وأيُّ كُنيةِ ماجدٍ / فقد الزمانُ وأيُّ خِدْنِ عَلاءِ
منْ طالما شُجع الردى فأعادهُ / من بأسه والرأي في الجُبناء
وتجمَّعتْ غِيَرُ الزمانِ فَرَدَّها / مَغلولةً بأسِنَّةِ الآراءِ
وتضايقتْ خططٌ به فأباحها / خُدعاً قضيْنَ بمخلصٍ ونَجاءِ
طرقَ النَّعيُّ فلم يكن لي مسمعٌ / يصغي إلى المكروهةِ الروْعاءِ
فطفِقْتُ أنَّهم الحديثَ كغيره / من سائر الأخبار والأنباءِ
وإذا الردى قد أمْكنتْهُ غِرَّةٌ / منْ قِرْنه فجرى بلا إبْقاءِ
لا طعم بعد أبي الأغَرُّ لحالةٍ / وإن اكتست من رونقٍ وبهاءِ
صُرعتْ لمصرعه المقاصِدُ والمُنى / فالناسُ كلُّهمُ بغيرِ رجاءِ
ترك الجنودَ بضيعةٍ من بعدهِ / يمشونَ للأرزاقِ في عشواءِ
ما زالَ يُعطيهم ومنْ لم يُعْطهِ / فرض العطاء له على الأعْداءِ
فلتبكه البيضُ الصَّوارمُ والقَنا / والسَّباقاتُ لواحِقُ الأمطاءِ
وليبكه اليوم العصيب من الوغى / ينزو بكل كتيبة حمساء
وليبكهِ رأدُ الصباحِ أعادهُ / بطرادهِ كالليلةِ اللَّيْلاءِ
وليبكهِ اللُّطْفُ الذي لم تؤتَهُ / خَمْرٌ ولم يُرْزَقْهُ صَفوُ الماءِ
وتألُّفُ القلب الشَّريد بمنطقٍ / أغْنى مُومِّلَهُ عن الإعْطاءِ
وإذا تغبَّرتِ الفِجاجُ وهُتِّكت / سُتُرُ البيوتِ بزعزعٍ هَوْجاءِ
واستنَّ ماءُ الوُطف يشفع سحَّه / خصرٌ تُرَضُّ له حصى المَعْزاءِ
وغَدتْ حشايا العبقري كأنها / وسط البيوتِ نمارقُ الأنْقاء
وتنوَّر الساري لقصْدِ سبيلهِ / نار اليفاع فلم يفُزْ بضِياءِ
إبان مُثْري الحي مثلُ فقيرهِ / لِترادُفِ اللَّزَباتِ والَّلأواءِ
فقِري دُبيسٍ كان عند عُفاته / جملُ الغِنى فضْلاً عن الكوْماءِ
وعرمرمٍ كاليمِّ هيجَ بعاصفٍ / فضلتْ غواربُه على الدَّأماءِ
صخبٌ لو أنَّ الرعد يجلبُ عنده / ما نَمَّ صاعقُ من الضّوضاءِ
سترتْ سَنابكُه وما ثَوَّرْنهُ / لوْحَ السَّماءِ وقاعَةَ الفَيفاءِ
ظامي الصّوارم والكماة يشوقُهُ / ورْدانِ وردُ طُلىً ووردُ نِهاءِ
من كل مُحْتدمِ الحفيظةِ ثابتٍ / كي لا يُزنَّ بنَزْقةِ الجُبناءِ
لو لم يُحصِّنْ سره عن دعوةٍ / يومَ الوغى لجَرَتْ على البيْداءِ
عصف الأمير بهم وقد وضح الضحى / عصف الشمال بمَنْغضِ الوطْفاءِ
للهِ منْ ودَّعْتُ يوم مراغَةٍ / والدمعُ مُنحدرٌ بغير رياءِ
أسفاً على بُعْدِ المزارِ وكيف لي / ببعيدِ دارٍ كافلٍ ببقاءِ
أعددتهُ لشدائِدي فأصابني / من فقْده بالشِّدَّةِ الصَّماءِ
هجر الجيوش وحَلَّ بين كتائبٍ / مُستسلمينَ لحادثٍ وقضاءِ
سَدِكاً برمْسٍ لا يريمُ وطالما / نحلتْ سوابقُه من الإنضاءِ
في معشرٍ أغضوا على جورِ الردى / بالرُّغمِ منهم أيَّما إغضاءِ
رقدوا على غير الكرى وتوسَّدوا / بعد الرحالِ نمارقَ الدَّهْناءِ
وتضمَّخوا دُفعَ الصَّديد وطالما / رَثَموا بكل لَطيمةٍ ذفْراءِ
قد شوَّه الحُسن البِلى بوجوههم / وأسالَ كل كحيلةٍ نجْلاءِ
النَّومُ بعدك للجفونِ مُحرَّمٌ / إلا الغِشاش وغالِطَ الإغْفاءِ
ولد شفى نفسي وهوَّنَ وجْدها / خَلَفَ العُلى وبقيَّةُ الكُرماءِ
من كلَّما نظرتْ إليه عُيوننا / عَدَّتْك في الباقين والأحْياءِ
بلغَ المدى في المجدِ وهو مُراهقٌ / وتَلا إليه طرائِقَ الآباءِ
لبِقُ الشَّمائلِ بالإمارة دارهُ / مأوى العُفاةِ ومربعُ الفُقراءِ
فبقيتَ سيف الدولة بنِ سيوفها / عُمْر الزمان لنجدةٍ وعَطاءِ
فلئن تكَنَّفت الكُروبُ جوانحي / حُزْناً فإنك كاشفُ الغمَّاءِ
طربتْ جيادُ الخيلِ تحتك وانثنى / يهفو سُروراً بانُ كل لواءِ
وخلفْت قومك في المناقب كُلِّها / وملكْتَ كلَّ البأسِ والنَّعماءِ
وهناك فخر الدين رِدْءاً باسلاً / أسَدُ الهياجِ وفارسُ الجَأواءِ
من لم يزل فيكم أمينَ مودَّةٍ / صفْوَ الهوى من شائبِ الأقْذاءِ
ما غابَ قطُّ ولا عَدا بوفائه / في الحادثاتِ تَفَلُّبُ الأعْداءِ
أنا منكُمُ فارعوا عُهودَ مودَّتي / ولكم كريمُ مدائحي وثَنائي
أوجبْتُ حقاً في أبٍ لم يَقْضهِ / وجزاءهُ أرجو من الأبْناءِ
شهدَ العراقُ وكلُّ راوٍ بارعٍ
شهدَ العراقُ وكلُّ راوٍ بارعٍ / فيه بفضلِ مدائحي وولائي
ورووا فكم من مٌنجدٍ ومُغوِّرٍ / يتْلو مديحي فيكُم وثنائي
حتى لو استمع الخوامسُ بعضه / عند الورود هجرْنَ صفوَ الماءِ
وجعلت صدق هواك يابن محمدٍ / وبهاءِ دينِ اللهِ أيَّ بهاء
أمَلي وذخري بعد كل ذخيرةٍ / أسْطو ببأسهما على الأعْداء
فاذا رأيتُ مخيلةً من جفْوةٍ / خفِتُ العظيمةَ من فسادِ الرَّائي
كالعاشق الصَّبْوان يوهمهُ الجَفا / جنفَ الجنابِ ونظرةَ الاِغْضاءِ
وأنا الأمينُ الغيب لستُ بجازعٍ / من قول واشيةٍ ومَشْي ضَراء
ألقى الرجالَ على حيائي منهمُ / من صحَّتي طَلْقاً بغير حياء
فاكشفْ غيابة ما جهلتُ حسابهُ / يا كاشفَ الكُرُباتِ والغَمَّاءِ
اِني خَبرْتُ عُلاهُ خُبْر مجربٍ
اِني خَبرْتُ عُلاهُ خُبْر مجربٍ / فجعلتُ صفو قلائدي لثَنائهِ
وتعلَّمتْ مني الخواطرُ جودَهُ / فَبدائهي في الحمدِ مثلُ عَطائهِ
ولقد أغيبُ فعتريني ظُلْمَةٌ / في الحِسِّ يجْلوها ضياءُ لِقائهِ
ولقد رأيتُ بني الزمان فلم أجِدْ / كذمامه ووفائه وسَخائهِ
جمُّ العَوارفِ والمعاذرُ جَمَّةٌ / لا يستكِفُّ قِراهُ قُرُّ شِتائهِ
اللهُ يُبْقي الزينبيَّ فأنهُ / ممَّنْ يُسرُّ المجدَ طولُ بَقائهِ
مَلآنُ منْ كرمٍ فانْ فتَّشتَه / أبصرتَ خلو القلب من شَحْنائهِ
العِزُّ حيث البلْدةُ الزوراءُ
العِزُّ حيث البلْدةُ الزوراءُ / والمجدُ حيث القُبَّةُ البيضاءُ
فخْرٌ تَسامى أنْ يُزانَ بمدحةٍ / فالنُّطْقُ عِيٌّ والصُّمات ثَناءُ
فعَلامَ يعْتسفُ الظَّلام مُشمِّرٌ / أودتْ به الشَّدَنيَّةُ الوجْناءُ
إنَّ الجحاجح من قُريشٍ أدركوا / شَرَفاً تُقِرُّ بفضلهِ الأعْداءُ
فلِهاشمٍ منه السَّوامقُ والذُّرى / ولغيرها الهَضَباتُ والأنْقاء
وأصاب سِرَّ اللّه من أبنائهمْ / دونَ الرجالِ ثلاثةٌ كُرَماءُ
فأُقِرَّ ذاك السِرُّ في مسترشدٍ / باللّه تخْرسُ دونهُ الضَّوْضاءُ
يقْظانُ أبْلجُ ينجلي بجبينهِ / ودليلهِ الإِشْكالُ والظَّلْماءُ
فتوهُّمُ المُتَجادلينَ حَقائِقٌ / منه وليلُ المُدْلجينَ ضِياءُ
غيثٌ وليثٌ يرْعَوي لبَنانهِ / بأسُ العِدى واللَّزْبةُ الغَبْراءُ
فلمُحْفِظيهِ مَتالِفٌ ومَعاطِبٌ / ولمُعْتَفيهِ مكارِمٌ وعَطاءُ
طوْدٌ أشَمُّ وخارقٌ ذو شارَةٍ / حُسَّادهُ الأنْصالُ والحُلَماءُ
فبهِ إذا نَزَقَ الحَليمُ تأيُّدٌ / ولهُ إذا نَبَتِ السِّهامُ مَضاءُ
حَبْرٌ إذا ذلَّ الدَّليلُ بموغِلٍ / شهدتْ بصائبِ قولهِ العُلماءُ
وإذا المَقاولُ ساورتْها نُبْذَةٌ / من لفْظهِ فَفَصيحُها فأفاءُ
خمصانُ يقْلي الزاد غير ممرَّضٍ / ولهُ التَّقيَّةُ مطْعَمٌ وغِذاءُ
نورٌ أضاء الأفْق ساطعُ لمْعِهِ / فعلى الزمانِ وأهْلهِ لأْلاءُ
نَضرَتْ به أيامُنا فكأنَّها / بين العُصورِ خَميلةٌ غَنَّاءُ
يا ساهرَ الظَّلْماءِ يرقبُ صبْحها / كي يستقلَّ به الغَداةَ نَجاءُ
هابَ الظَّلامَ وذاعريه فجرْسهُ / هَمْسٌ ونُطْقُ لسانهِ إيماءُ
نَسَعَ المَطايا والجيادَ مخافَةً / منْ أنْ ينُمَّ تَصاهُلٌ ورُغاءُ
سرْعانَ ما ظنَّ الإكامَ مَناسراً / دلَفَتْ إليه بشَرِّها الفَيْفاءُ
يُغْفي فيحلمُ بالعِدى فهُبوبهُ / فَرَقٌ وجالِبُ رَوْعهِ الإِغْفاءُ
سَعْياً جَريئاً أو فَنَمْ مُتَوَدِّعاً / ففِناءُ بيتكَ والعَراءُ سَواءُ
والأمرُ مزْمومٌ بعَدْلِ خليفَةٍ / تَلِغُ الذئابُ لخوفهِ والشَّاءُ
لفظتْ سياسته السيوفَ فضربُهُ / في الدارعينَ تَبَكُّتٌ وإِباءُ
وتماسكَ المُتَحرِّبونَ فكادَ أنْ / يسْجو بمُنْحَدرِ المَسيلِ الماءُ
وفَشا الحِذارُ به فكلُّ قبيلةٍ / جُهَّالُها من خوْفهِ حُلَماءُ
وجرى اللسانُ من الفقيرِ وطالما / حصِرَ الفَصيحُ وخصْمُه الإثراء
فالمُرْمِلُ الممْلاقُ منْ إِرْهابهِ / والمَلْكُ في حَقِّ المَقالِ سواءُ
الصَّائمُ اليومَ الهجيرَ تأجَّجَتْ / تحت الكُسورِ لوَقْدهِ الرَّمْضاء
والسَّاهرُ الليل الطويل وقد ثوتْ / بالرَّاقدينَ نمارقٌ ومُلاءُ
والقائدُ الخيلَ العِتاقَ يؤمُّها / مُتغطْرفٌ يُزْهى به الخُيَلاءُ
نَسخَ الغُبارُ صباحَها فكأنما / بيضُ الشُّهور حَوالِكٌ دَهْماءُ
أجْرا فتىً ركب الجياد إلى العِدى / قلْباً وأصْبَرُ مَنْ عَلاهُ لِواءُ
وإذا تعرَّضت الخطوبُ وساورت / أمْنَ الرَّعيَّةِ ضخْمةٌ بَزْلاءُ
وتقاعسَ المُتهافتونَ على الرَّدى / حَذرَ الحُتوفِ وصانَعَ الأحياءُ
مَنحَ المنابرَ والضَّوامِر أخْمصاً / تُزْهى بموقعِ وطْئهِ الجَوْزاءُ
وجرى الصيالُ مع المقال فأقْدَمَ / الضَّاري وخاسَ الأخضرُ الدَّأماءُ
فعلى المسامعِ والمطامعِ بالضُّحى / خَيْلٌ تُغيرُ وخُطْبَةٌ رَوْعاءُ
ينجابُ عنه الجيش وهو مُصممٌ / وتَحيدُ عنهُ الشِّدَّةُ الصَّمَّاءُ
بأسٌ وجودٌ في مَضاءِ عزيمةٍ / يُدْني البَعيدَ وعِفَّةٌ وحَياءُ
وأغرُّ مُرُّ العيش من حفظ الورى / يحلو وتَعْذُبُ عندهُ النَّعْماءُ
فصلُ الحكومة لا يُخامر قلبهُ / صَوَرٌ ولا تمضي بهِ الأهْواءُ
يُغنيه حدُّ العزم عن حدِّ الظُّبى / وتُريهِ قبلَ لِحاظِه الآراءُ
ما ضَيْغمٌ شثْنُ البراثنِ عازبٌ / بِالخيس فيه نَغَشْرُمٌ ومَضاءُ
ضارٍ يُعفِّرُ زأرُه أقْرانَه / فبهِ عن الصَّوْل الشَّديد غَناءُ
يتقصَّفُ العاديُّ عند مرورهِ / فَرَقاً وترْجُفُ تحتهُ الصَّحراء
عَرقَ الطَّوى أشْبالَه وتَناذرَ الأظع / انُ فهو مُلَجِّجٌ سَرَّاءُ
لَزِمَ الثَّنِيَّةَ لا يَلوحُ لشخصه / شَبَحٌ ولا يبدو عليه رُواءُ
ثمَّ استمرَّ كراشقٍ قذفتْ به / نحو الرَّميِّ شديدةٌ فَجْواءُ
فثنى الخميسَ المَجْرَ قُرُّ جَنانه / والذِّمرُ تُنْغض عِطفه العروَاء
كُلٌّ يقولُ أنا الصَّريعُ وإنما / صَيْدُ الهِزَبْرِ الأصْيَد الأبَّاءُ
فغدا يجُرُّ إلى العيالِ ونفسهِ / منْ لمْ تَرُعْهُ الفيْلق الشَّهباءُ
بأشدَّ من بأسِ الإِمامِ إذا عَلا / صوتُ الصَّريخ وهاجت الهيْجاءُ
وعرمرمٍ كاليمِّ هيجَ بعاصِفٍ / شرِقتْ بفضل عُبابه البَيْداءُ
نسخ الفلا والصبح ركضُ جياده / فالأرضُ جَوٌّ والصَّباحُ عِشاءُ
طردتْ فوارسهُ وما لاحَ العِدى / حِرْصاً فكلُّ كَتيبةٍ دَفْواءُ
تدنو له عنق القَشاعمِ مثْلما / تحْتفُّ بالمُتَصدِّقِ الفُقراءُ
تجري مُسابقَة السيوفِ فربما / نَسَرتْ وضرْبةُ طائحٍ رَعْلاءُ
والخيلُ تقتحمُ الغُبارَ كأنها / نَبْلُ الجَفيرِ وقد أُجيدَ رِماءُ
تزجي سنابكُها سَحاباً قطْرهُ / منها مَسيحٌ هاطِلٌ ودماءُ
ينقلن كلَّ مُساورٍ ذي هِمَّةٍ / تُجْلى بحدِّ حُسامهِ الغَمَّاءُ
زوْلٌ رياضُ سروره سمر القَنا / عِزّاً وملْعبُ أنْسهِ الجَأواءُ
حَنَّ الكُماة إلى النَّجيعِ ولونهِ / فلذاكَ كلُّ عِصابَةٍ حَمْراءُ
وطما أتِيُّ الحربِ حتى ماؤُهُ / مُهَج الفوارس والرُّؤوسُ غُثاءُ
أجْرى أميرُ المؤمنين جيادَهُ / ظمأى وعادَ بِهِنَّ وهي رِواءُ
فبطاءُ خيلِ الطَّالبينَ سَريعةٌ / وسِراعُ خيلِ الهاربينَ بِطاءُ
رَهَباً لأغْلبَ لا مفرَّ لهاربٍ / منه ولو أنَّ النجومَ وِقاءُ
عَمَّ البَريَّةَ بأسهُ ونَوالُهُ / فكأنه في الحالتين ذُكاءُ
ثُمَّ انجلى ذاكَ العجاجُ عن التي / عَظُمتْ لها الأخْبارُ والأنْباءُ
فغَدا على العاني الأسيرِ من النَّدى / عَفْوٌ وراحَ عن القَتيلِ عَفاءُ
ما ضرَّ أبناء السُّرى حَلكُ الدجى / لهمُ وأنت الأبْلَجُ الوَضَّاءُ
كَلاَّ ولا حُبس القطار فأجْدبت / أرضٌ وأنت الواهِبُ المِعْطاءُ
برَّزْتَ سبْقاً وافترعتَ محِلَّةً / لم يرْقَها منْ قبلكَ الخُلَفاءُ
وجريت حيث السَّابقاتُ عواثِرٌ / وثَبَتَّ حيث الشَّامخاتُ هَواءُ
وتخاذلت قِممُ الملوكِ وقد بدتْ / لِغرارِ سيفكَ عِزَّةٌ قَعساءُ
وستملكُ الدُّنيا تملُّكَ قابضٍ / وتُطيعُكَ الحمراءُ والبيضاءُ
ويجولُ طِرفُك في مشارق شمسها / والغربُ يُنْغِض عِطفه الخُيلاء
ولقد حُبيتَ من الرجال بناصِحٍ / ما في نميرِ ولائهِ أقْذاءُ
هجرَ الكَرى رعْياً لِما ولَّيْتهُ / فجُفونهُ لسُهادهِ مَرْهاءُ
يقظان يقدح زندُ عزمكَ فكرَه / فينرَه المُتَلَهِّبُ الوَرَّاءُ
زُهيت بك الخلفاء ثُمَّ كسوْتهُ / ظِلَّ العُلى فَزَهَتْ به الوزراءُ
لك من قُريشٍ كلُّ أغلب باسلٍ / تخشى سُطاهُ الصَّعْبةُ الشَّقَّاءُ
قومٌ إذا شهدوا الكريهةَ أصبحوا / وهُمُ غُزاةٌ أو هُمُ شُهداءُ
يمشي الثَّناءُ إليهُمُ مُتبرِّعاً / وتحيدُ عن ناديهُمُ الفَحْشاءُ
وإذا تَغَبَّرتِ الفِجاجُ وهتَّكتْ / سُتُرَ البيوتِ الزَّعْزعُ الهوجاء
واسَّاقطتْ غُرُّ العِشارِ أجِنَّةً / للقُرِّ فهي طَوائحٌ ألْقاءُ
وتعَفَّتِ الآناءُ حولَ خِيامِها / للسَّيْل مما سَحَّتِ الأنْواءُ
وخبا وأغْفى ذو الصِّلاء ونابِحٌ / خَصَراً فأعْوَزَ موْقِدٌ وعُواءُ
فرِحالُهُمْ للنَّائمينَ وثيرَةٌ / وجِفانُهمْ للطَّاعِمين مِلاءُ
شُمْتُ البوارق من نداكَ وساقني / أملٌ يحثُّ رَواحِلي ورَجاءُ
وبدتْ لساري الخطِّ شمس ظهيرة / فتَماحَقتْ في عينهِ الأضْواءُ
فانظُر إلى مأثورِ قولٍ قصَّرَتْ / عن شأوهِ في مدحكَ الفُصَحاءُ
هوْلٌ عليه من البسالةِ نَفْضَةٌ / وبه إلى حُبِّ العُلى بُرَحاءُ
ذلَّ الورى عما افْترعتُ وأفحمت / لما نَطَقْت بحمدكَ الشُّعراء
للّهِ دَرُّ قَبيلَةٍ
للّهِ دَرُّ قَبيلَةٍ / أصبحْتَ منْ أبْنائها
نَجَلَتْكَ سيِّدَ مَجْدِها / وفَخارِها وسَنائها
وخَلَفْتَها مُتَحَلِّياً / بوَفائِها وإِبائِها
فلقدْ نَعَشْتَ جُدودَها / ورَفَعْتَ منْ عَلْيائها
وفَضَلْتَ مَسْعاها وما / قد شاعَ منْ أنْبائها
بالصَّبْرِ عندَ المُجْلِباتِ / تكُفُّ منْ ضوْضائها
والجودِ عند المُجْدِباتِ / تُعينُ في لأَوائها
والبَأسِ في الحَرْبِ العَوانِ / جَلَوْتَ منْ غَمَّائها
حيثُ السُّيوفُ المُرْهَفاتُ / تَكِلُّ بعد مَضائها
والخيْلُ تَعْثُرُ بالقَنا / المَلْفوظِ مِنْ تَعْدائها
خُزْرُ العيونِ تَعوَّضَتْ / بِدمِ الطُّلى عنْ مائها
فَهُناك سيفك كاشِفٌ / أقْصى دُجى جَأوائها
حَسِرَ الرجالُ عن العُلى / وَوطِئْتَ في شَمَّائها
ونَأتْ مَباغي المَجْدِ / فاسْتَدْنَيْتَ منْ بُعَدائها
وحَفِظْتَ نَفْس مَناقِبٍ / لم يبْقَ غيرُ ذَمائها
غَرْسَ الخِلافَةِ والذي / أمْسَيْتَ منْ آلائها
نَضُرَتْ بِكَ الأيَّامُ بعد / الأزْمِ منْ غَبْرائها
وتَبَلَّجَتْ وَضَّاحَةً / من حُسْنِها وبَهائها
كوضوحِ وجهكَ في عُفاتِكَ / عند قَسْمِ عَطائها
أو في الخُطوبِ إذا دَجَتْ / فكَشَفْتَ عنْ دَهْمائها
فَهَنَتْكَ أيَّامُ الزَّمانِ / بَقيتَ مثلَ بَقائها
لِصيامِها ولِفِطْرِها / ولخَوْفِها ورَجائها

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025