طَرَقَتْ على عِلل الكرى أَسماءُ
طَرَقَتْ على عِلل الكرى أَسماءُ / وَهْنَاً وما شَعَرَتْ بها الرُّقَباءُ
سَكْرَى ترنَّح عِطفُها فتعلمتْ / مِنْ معطفيها البانةُ الغنَّاءُ
يَثْنِي الصِّبا والرّاحُ قامَتها كما / تثني الأراكةَ زعْزعٌ نكباءُ
زارَتْ على شَحْطِ المزارِ متيَّماً / بالرّقْمَتيْنِ وَدارُها تَيماءُ
في ليلةٍ كَشَفَتْ ذوائبَها بها / فتَضاعفتْ بعَقاصِها الظَّلْماءُ
والطيفُ يخفي في الظلامِ كما اختفى / في وجنة الزَّنجيِّ منه حَياءُ
ما زال يُمتِعُني الخيالُ بوَصْلِها / حتى انزوى عن مُقْلتي الإغفاءُ
بَرَدَ الحُليّ فنافرتْ عَضُدي وقد / هبَّ الصباحُ ونامَتِ الجَوْزاءُ
وَدَعَتْ برحلتها النَّوى فتحمَّلتْ / في الرّكبِ منها ظبية أدماءُ
ماتت بدفتها الشمائل والصبا / ومدامعي والمزنة الوطفاء
فلَتؤخذَنَّ بمُهجتي لحَظَاتُها / وَبِعَرْصَتَيْها الريحُ والأنواءُ
طَلَعَت بحيثُ الباتراتُ بوارقٌ / والرزق شهب والقتام سماء
في كلمة حمراء يخفق دونها / بينَ الفوارس رايةٌ حمراءُ
والجوُّ لابسُ قسطلٍ مُتراكِمٍ / فلهُ من النَّقْعِ الأحمِّ رداءُ
سَطَعَتْ من الغبراءِ فيه عَجاجةٌ / مركومةٌ فاغبرَّتِ الخضراءُ
دَعْ ظبيةَ الوعساءِ واعنِ لهذه / فلكلِّ أَرضٍ يَمَّمَتْ وَعْساءُ
قطعتْ بها أيدي الركاب تنوفة / قد أُلهبت في جوِّها الرَّمضاءُ
هل تُبلغنَّ الظاعنينَ تحيةً / ريحٌ تهبُّ مع الأصيلِ رُخاءُ
كَسْلَى تجرُّ على الحديقةِ ذَيْلَها / فالعَرْفُ منها مَنْدَلٌ وَكبَاءُ
تُعْزى أبا عبدِ المليكِ إليكَ أو / يُعزَى إليها من عُلاكَ ثناءُ
يا كوكبا بهرَ الكواكبَ نورُهُ / ومحا دُجى الجرمان منه ضياءُ
لكَ همةٌ علويةٌ كرميَّةٌ / وسجيةٌ معسولةٌ لَمْيَاءُ
ومكانةٌ في المجدِ أنتَ عَمَرْتَها / بعُلاكَ وهيَ من الأنامِ خَلاءُ
فَتَّقْتَ أكمامَ البلاغةِ والنُّهى / عن حكمةٍ لم تُؤْتَها الحُكَماءُ
ولربَّما جاشَ اعتزامُكَ أو طمى / عن أَبْحُرٍ شَرِقَتْ بها الأعداءُ
ما زالَ يَفْرِي الخطبَ منه مهنَّدٌ / للعزمِ منه صولةٌ ومضاءُ
شُبَّتْ قريحتُهُ وهُذِّب خَلْقُه / فلم أَدْرِ هل هو جَذْوَةٌ أم ماءُ
تجري اليراعةُ في بنانِ يمينهِ / وكأنها يَزَنِيَّةٌ سمراءُ
ويفوقُ محتدُهُ الكواكبَ مرتقىً / فكأنَّهُ فوقَ السماءِ سماءُ
ذَرِبُ اللسانِ إذا تدفَّقَ نُطْقُهُ / خَرِسَتْ بسحرِ خِطابهِ الخُطَباءُ
لو نابَ عنه سواهُ في يَقَظاتِهِ / نابَتْ منابَ الجَوْهَرِ الحصباءُ
ركنَ الأنامُ به إلى ذي عزَّةٍ / قعساءَ ليس كمثلِها قعساءُ
لم يَخْصُصوه بشكرهم إلا وقد / عمَّت جميعَهُمُ به النَّعماءُ
لو أنَّ ألسُنَهُم جَحَدْنَ صنيعهُ / نَطَقَتْ بذاك عليهمُ الأعضاءُ
كثُرتْ أياديه الجسامُ فآخذٌ / من قبلها أنفاسَهُ الإحصاءُ
طاب الزمانُ بها كطيبِ ثنائِهِ / وتضوَّعَ الإصباحُ والإمساءُ
بأغرَّ ذي كرمٍ نَمَتْه من بني / عبدِ العزيزِ عصابةٌ كُرَماءُ
الموقدون على الثَّنيَّةِ نارَهُمْ / للطارقين إذا وَنَىَ السُّفَراءُ
والمالئون من السَّديفِ جفانَهُمْ / لهُمُ إذا شملتهُمُ اللأْواءُ
قومٌ ثناؤهمُ خلودُ نفوسِهُمْ / ومنَ الهَوامدِ في الثرى أَحياءُ
إن أخلفَتْ غرُّ السحابِ تهللوا / أو جَنَّ ليلُ الحادثاتِ أضاءوا
يا ابْنَ الذي علمَتْ مَعَدٌّ فضلَهُ / وسِوى مَعَدٍّ فيهِ وهي سَواءُ
وابْنَ الذي قد أُلحِقَتْ في حُكمه / من عدله بأُولي القُوى الضُّعَفاءُ
هذي القصائدُ قد أَتتكَ برُودُها / موشيةً وقريحتي صنعاءُ
فإليكَ منها شُرَّداً تصطادُها / بالعزِّ لا بالنائلِ الكرماءُ
ترجو نصيباً من عُلاكَ وما لها / فيما تُرَجِّيهِ العُفاةُ رجاءُ
فانْعَمْ أَبا عبدِ المليكِ بوصلها / أنتَ الكِفاءُ وهذه الحسناءُ
ومديحُ مثلِكَ مادحي ولربما / مُدحَتْ بمن تَتَمَدَّحُ الشعراءُ