القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : أحمد مُحرَّم الكل
المجموع : 6
جويريةُ احمدي عُقبَى البناءِ
جويريةُ احمدي عُقبَى البناءِ / بَنَى بكِ خيرُ مَن تحت السّماءِ
بلغتِ به ذؤابة كل عالٍ / من الشرف الممنّع والسّناء
وكنتِ لقومك الأدنين يمناً / يريهم يُمن خير الأنبياء
فكم أسرى فككتِ وكم سبايا / رددتِ إلى الخدورِ بلا فداء
محرِّرةَ الرقاب كفاك فضلاً / صنيعك بالرجال وبالنساء
كشفت الضرّ عنهم بعد يأسٍ / وأحييت الرميم من الرجاء
توالى المسلمون على سبيل / من الكرمِ المحبّب والسّخاء
لأجلك آثروا البُقْيا وقالوا / علينا العهدُ عهدُ الأوفياء
أمَنْ وصل النَّبيُّ فكان صهراً / كمنقطعٍ من الأقوامِ ناء
خذوا يا قوم أنفسكم وعودوا / إلى أوطانكم بعد الجلاء
سَمَوْا بنفوسهم وبني أبيهم / إلى دين المروءة والإباء
ورَدَّ اللَّه غُربتَهم وفازوا / بنعمته فنعمَ ذوو العلاء
هو الإسلامُ ما للنفس عنه / إذا ابتغتِ السّلامةَ من غناءِ
نظامُ الأرضِ يدفع كلَّ شرٍّ / وَطِبُّ القومِ ينزع كلّ داء
إذا انصرفت شعوب الأرض عنه / فبشّرْ كلَّ شعبٍ بالشقاء
أَرأَيت حِكمةَ سيِّدِ الكُرماءِ
أَرأَيت حِكمةَ سيِّدِ الكُرماءِ / وعَرفتَ شيخَ السَّداةِ الحُكَماءِ
تلك السياسةُ حَزْمُها ودهاؤُهَا / ناهيك من حزمٍ وفَرْطِ دَهاءِ
مُرْ يا محمدُ وَاقْضِ مالَك عَائِبٌ / في كلِّ أمرٍ ترتضي وقضاءِ
وَلرُبَّما خَفِيَ الصّوابُ فأسفَرتْ / عنه وُجوهُ الرأيِ بعد خَفاءِ
بَدأ النبيُّ بغيرِ من كانوا له / خَيْرَ الصَّحابةِ عند كُلِّ بَلاءِ
يرجو مَوَدَّتَهم وَيَبني منهمُ / لِلدّينِ صَرحَ أمانةٍ وَوفاءِ
أعطى أبا سُفيانَ وَابْنَيْهِ فما / أنْدَى سَجايا الواهبِ المِعْطَاءِ
وَحبا حَكيماً ما أرادَ ثلاثةً / ونهى هَواهُ فكانَ خيرَ حِباءِ
وأصابَها مِئَةً له من نفعها / ما جَلَّ عن عَدٍّ وعن إحْصاءِ
قال ارْعَويْتُ فلستُ أرزأُ بَعدَها / أحداً وآلَى حِلفَةَ الأُمناءِ
يُدْعَى لِيأخذَ من أبي بكرٍ ومن / عُمَرٍ فما يَزدادُ غيرَ إباءِ
يا وَيْحَ للعبّاسِ يَغلبُ حِلْمَهُ / أنْ كان دُونَ مَراتبِ الرُؤساءِ
أبْدَى الشكاةَ فكان صُنْعُ مُحمّدٍ / صُنْعَ الطبيبِ يُريدُ حَسْمَ الدَّاءِ
قال اقْطَعُوا هذا اللِّسانِ بنفحةٍ / عَنّي وتلك سَجِيَّةُ العُظماءِ
صَفوانُ أسلمَ فانجلتْ غَمراتُه / وأفاقَ بعد غَوايةٍ وغَباءِ
لمّا رأى الإسلامَ يَسطعُ نُورُه / كَرِهَ الضلالَ وضَاقَ بالظلماءِ
ومَشى على الأثرِ الكريمِ يَزِينُه / خُلُقُ الهُداةِ ومَظهرُ الحُنَفاءِ
صَفوانُ سِرْ في نُورِ ربِّكَ إنّه / يَهْديكَ في سَيْرٍ وفي إسراءِ
يا زَيْدُ قُمْ بالأمرِ وَاكْتُبْ وَاجْتَنِبْ / خَطَأ الغُواةِ وكَبْوَةَ الجُهَلاءِ
أحْصِ الرجالَ وآتِ كُلّاً حَقَّهُ / ممّا أفاءَ اللهُ ذُو الآلاءِ
ما أكرم الأنصارَ والصَّحْبَ الأُلى / حُرِمُوا فَمِن صَبرٍ ومن إغضاءِ
نزلوا على حُكمِ النبيِّ وسَرَّهم / ما كان من ثقةٍ وحُسنِ رَجاءِ
قَومٌ رسا الإيمانُ مِلءَ قُلوبِهِم / وسَما عَن الشَّهواتِ والأهواءِ
لا تَملكُ الدنيا عليهم أمرَهم / في شِدّةٍ من دَهرهِم ورَخاءِ
ما ضرَّ مَنْ يَسخو بِمُهجةِ نفسِهِ / أنْ لا يفوزَ من امرئٍ بِسَخاءِ
نالوا بفضلِ اللهِ عند رسولهِ / ما لم يَنَلْ أحدٌ من النَّعماءِ
إنّ الثّناءَ إلى الرجالِ يَسوقُه / لأجلُّ من إبلٍ تُساقُ وشَاءِ
خَسِرَ الذي آذَى النَّبيَّ بِقولِهِ / ظَلَم الرجالَ ولجَّ في الإيذاءِ
أثِمَ المنافقُ إنّها لَكبيرةٌ / وكذاكَ يَأثمُ نَاطِقُ العَوْراءِ
صبراً رسولَ اللهِ لستَ بأوّلٍ / ما حِيلةُ الحُكماءِ في السُّفهاءِ
مُوسى أخوكَ أُصيبَ من أعدائهِ / بأشَدِّ ما تَرمِي قُوَى الأعداءِ
إن أنتَ لم تَعدلْ فمن ذا يُرتجى / للعدلِ تحت القُبَّةِ الزّرقاءِ
نَفَر الحِفاظُ بخالدٍ ورفيقهِ / والموتُ مُصغٍ والمهندُ راءِ
لولاكَ إذ جاوزْتَ أبعدَ غايةٍ / في الحِلمِ جاوزَ غايةَ الأحياءِ
قُلتَ اسْكُنا لا تقْتُلاَهُ فإنّه / سيكونُ رأسَ الشِّيعةِ النّكراءِ
يغلونَ في دينِ الإلهِ فَيخرجُوا / مِنهُ خُروجَ السَّهمِ يومَ رِمَاءِ
لا يذكرِ الأقوامُ أنّ محمداً / يَجزِي الأُلى صَحبُوه شرَّ جَزاءِ
تِلكَ النُّبُوَّةُ يا مُحمّدُ فَاضْطَلِعْ / منها بأعباءٍ على أعْباءِ
أدِّبْ وعلِّمْ تِلكَ مدرسةُ الهُدَى / فُتِحتْ وأنت مؤدِّبُ العُلماءِ
أُمٌّ تُدافعُ يَأسَها بَرجائِها
أُمٌّ تُدافعُ يَأسَها بَرجائِها / ما تَنقضِي الآمالُ في أَبنائِها
أَمسى الشَقاءُ لَها خَدِيناً ما لَهُ / مُتحوَّلٌ عَنها فيا لِشَقائِها
هَذا لعَمُركُمُ العُقوقُ بِعينهِ / أَكَذا تُخلّى الأُمُّ في بَلوائِها
أَكذا تُغادَرُ للخطوبِ تَنوشُها / وَتمدُّ أَيديها إِلى حَوبائِها
غَرضَ النَوائبِ ما تَزالُ سِهامُها / تَهوِي مُسدَّدةً إلى أَحشائِها
صَرعى تَواكلَها الحُماةُ فَما لَها / إِلّا تَرقُّبُ مَوتِها وَفنائِها
تَبكي وَنضحكُ دُونَها وَلَوَ اَنّنا / بَشَرٌ بَكَينا رَحمةً لِبُكائِها
تَشكو البلايا التارِكاتِ نَعيمَها / بُؤساً وَما تَشكو سِوى جُهلائِها
يا آلَ مصرَ وَأَنتمُ أَبناؤُها / وَلَكُم جَوانِبُ أَرضِها وَسَمائِها
إِن تَسألوا فَالجهلُ داءُ بلادِكُم / وَمِن البليّةِ أَن تَموتَ بِدائِها
وَالمالُ وَهوَ مِن الوَدائعِ عِندَكُم / نِعمَ الدَواءُ المُرتَجى لشفائِها
إِن يَبنِ زارعُها الحياةَ لِقَومِهِ / فبكفِّ صانِعها تَمامُ بِنائِها
عودُ الثُقابِ أَما يَكونُ بِأَرضِنا / إِلا تَراهُ العَينُ مِن أَقذائِها
يا قَومُ هَل مِن إِبرَةٍ مِصريّةٍ / تَشفي بَقايا النَفسِ مِن بُرحائِها
إِنّ الصَنائعَ للحياةِ وَسيلةٌ / فَتعاونوا طُرّاً عَلى إحيائِها
لا تَبخلوا يا قَومُ إِن كُنتم ذَوي / كَرَمٍ فَما الدُنيا سِوى كُرمائِها
قُوموا قيامَ الأَكرمين وَجَرِّدوا / هِمَماً تودُّ البِيضُ بَعضَ مَضائِها
وَتَدَفَّقوا بِالمكرماتِ وَنافِسُوا / في بَذلِ عارفةٍ وَكَسبِ ثَنائِها
عَزَّ الثَراءُ فجئتُ مِصرَ وَأَهلَها / مُتَبَرِّعاً بِالشِعرِ عَن شُعرائِها
كَذَبَ المُلوكُ وَمَن يُحاوِلُ عِندَهُم
كَذَبَ المُلوكُ وَمَن يُحاوِلُ عِندَهُم / شَرَفاً وَيَزعُمُ أَنَّهُم شُرَفاءُ
رُتبٌ وَأَلقابٌ تَغُرُّ وَما بِها / فَخرٌ لِحامِلِها وَلا اِستِعلاءُ
آناً تُباعُ وَتَارَةً هِيَ خِدعَةً / تَمْنَى بِشَرِّ سُعاتِها الأُمَراءُ
كَم رُتبَةٍ نَعِمَ الغَبِيُّ بِنَيلِها / مِن حَيثُ جَلَّلَها أَسىً وَشَقاءُ
لَو كانَ يَعلَمُ ذُلَّها وَهَوانَها / ما طالَ مِنهُ الزَهوُ وَالخُيَلاءُ
يَلقى الكَرامَةَ حَيثُ كانَ وَفِعلُهُ / جَمُّ المَساوِئِ وَالمَقالُ هُراءُ
تِلكَ الجَهالَةُ وَالغُرورُ وَباطِلٌ / ما يَصنَعُ الأَغرارُ وَالجَهلاءُ
ذَنبُ المُلوكِ رَمى الشُعوبَ بِنَكبَةٍ / جُلّى تَنوءُ بِحَملِها الغَبراءُ
لا المَجدُ مَجدٌ بَعدَما عَبَثَت بِهِ / أَيدي المُلوكِ وَلا السَناءُ سَناءُ
مالوا عَنِ الشَرَفِ الصَميمِ وَأَحدَثوا / ما شاءَتِ الأَوهامُ وَالأَهواءُ
رَفَعوا الطَغامَ عَلى الكِرامِ فَأَشكَلَت / قِيَمُ الرِجالِ وَرابَتِ الأَشياءُ
زَعَموا الثَراءَ فَضيلَةً فَقَضوا لَهُ / ساءَ الَّذي زَعَمَ المُلوكُ وَساءوا
يا رُبَّ مُثرٍ لَو أَطاعَ إِلَهَهُ / وَأَبى الدَنايا فاتَهُ الإِثراءُ
بَزَّ الضَعيفَ فَمِن نَسائِلِ طِمرِهِ / حُيكت عَلَيهِ البِزَّةُ الحَسناءُ
وَعَلى بَقايا دورِهِ وَطُلولِهِ / أَمسَت تُقامُ قُصورُهُ الشَمّاءُ
وَإِذا الرُعاةُ تَنَكَّبَت سُبُلَ الهُدى / غَوَتِ الهُداةُ وَطاشَتِ الحُكَماءُ
وَإِذا الطبيبُ رَمى العَليلَ بِدائِهِ / فَبِمَن يُؤمَّلُ أن يَزولَ الداءُ
لَو جاوَرَ الشَرَفُ المُلوكَ لَأَورَقَت / صُمُّ الصُخورِ وَضاءَتِ الظلماءُ
ظُلمٌ يُبَرِّحُ بِالبَريءٍ وَغِلظَةٌ / يَشقى بِها الضُعَفاءُ وَالفُقَراءُ
الحَقُّ مُنتَهَكُ المَحارِمِ بَينَهُم / وَالعَدلُ وَهمٌ وَالوَفاءُ هَباءُ
رَفَعوا العُروشَ عَلى الدِماءِ وَإِنَّما / تَبقى السَفينَةُ ما أَقامَ الماءُ
قُصُّوا الحديثَ عن الفريقِ النّائي
قُصُّوا الحديثَ عن الفريقِ النّائي / وصِفوا لمصرَ مَصارعَ الشُّهداءِ
وتداركوا دينَ الجهادِ وفَسِّروا / للجاهلينَ شَرائعَ الزُّعماءِ
إيمانُ أحبارٍ وفِقهُ أئمّةٍ / ذَهبوا فَضاعَ على يدِ الفُقهاءِ
المُنكِرين على الحُماةِ وفاءَهم / المُؤثِرين تقلُّبَ الأهواءِ
القانعينَ من الحياةِ بباطلٍ / ومن المطامعِ والمُنى بهَباءِ
النّازلينَ على مَشيئةِ مَن يرى / أنّ القويَّ أحقُّ بالضُّعفاءِ
شُغِلَ الفوارسُ بالوَغى وأراهمُ / شُغلوا بِبَيْعٍ خاسرٍ وشراءِ
السُّوقُ قائمةٌ ومصر بضاعةٌ / نُكِبَتْ بأخذٍ مُوجَعٍ وعطاءِ
زعموا الشُّعوبَ لكلِّ ذي جَبَريَّةٍ / أسرابَ ضأنٍ أو قطيع إماءِ
وغَلَوْا فظنّوا اللهَ مُخلفَ وعدِه / واللهُ فوق مَزاعمِ الجُهلاءِ
يَئِسوا من العُقْبَى فتلك نُفوسُهم / تُزجَى جَنازتُها بغيرِ رجاءِ
كبّرتُ للموتى تُضيءُ قُبورُهم / وبَكْيتُ بعضَ منازلِ الأحياءِ
يهوين في لُجَجِ الظّلامِ كما هوت / هلكى السَّفينِ تَغيبُ في الدّأماءِ
أبكي على الوطنِ اللّهيفِ ولَيْتَني / أدركتُ سُؤْلي أو أَصبتُ شِفائي
هَدَّتْ جَبابِرةُ الغُزاةِ كِيانَهُ / فهوَى وتلك جنايةُ السّفهاءِ
نادوا شهيدَيْ مِصرَ في قبرَيْهما / وصِلوا دَويَّ ندائكم بندائي
نادوا اللِّواءَيْنِ اللَّذين طوى الرَّدى / فالجندُ منتظِرٌ بغيرِ لواءِ
نزل القضاءُ به فَعُوجِلَ مُصطفَى / وهوى عليٌّ فارسُ الهيجاءِ
أهوَ الجلاءُ دَها الكِنانةَ فيهما / فأثابَ كلَّ مُطالِبٍ بجلاءِ
رُزْءان ما بلَغتْ بَعيدَ مَداهما / هِممُ الخُطوبِ ولا قُوى الأرزاءِ
صَدَعا جِبالَ المشرقَيْنِ وزلزلا / أُممَ الزَّمانِ وساكِني الغبراء
يا مصرُ غُضّي من جمالِكِ واحْجُبي / سُلطانَ حُسنْكِ عن هَوى الأبناءِ
عَبَثوا بِحُرْمتِه وواجبِ حقّهِ / وجزوا صَنيعَكِ فيه شرَّ جزاءِ
هم أخطأوا معنى المحبَّةِ وادَّعوا / حِذقَ الثّقاتِ وفطنةَ الحكماءِ
أَجِدُ الحنينَ إليكِ سُلوةَ نازعٍ / وأرى تودُّدَهم أليمَ جفاءِ
ذهب اللّذان تساقيا صَفْوَ الهوى / عفَّ الكؤوسِ مُهذَّبَ النُّدَماءِ
لم يبقَ بعدهما لِمُضمِرِ لوعةٍ / من حبِّكِ المُضني سِوَى الأقذاءِ
عرفا الصَّبابةَ نَجدْةً وَمُروءةً / والحُبَّ مَحميَةً وصِدقَ بَلاءِ
فَتَدفَّعا يستهلكانِ على الصِّبى / نفْسَينِ تزدادان طولَ بقاءِ
جُودٌ كجودِ الأنبياءِ ولن تَرى / في العاشِقينَ خلائقَ البُخلاءِ
وإذا رُزِقتَ الصِّدق في أهلِ الهَوى / فالنّفسُ أهونُ قُربةٍ وفداءِ
عَجِلَ الرِّفاقُ فمزّعَتْهم نِيَّةٌ / بَعُدَ المطارُ بها عن العَنْقاءِ
خُلِقوا لِوَشْكِ نَوىً وطُولِ تَفرُّقٍ / ونَظنُّهم خُلِقوا لطول ثَواءِ
جَرَتِ الظُّنونُ الهُوجُ خلفَ مَطيِّهم / فهوَيْن من تَعبٍ وفرطِ عَياءِ
لا البرقُ مُخبرُ أيّةً ذهبوا ولا / رُسلُ البريدِ تَجِيءُ بالأنباءِ
الدّهرُ أخرسُ والبلادُ صوامتٌ / والنّاسُ بين تفجُّعٍ وبُكاءِ
والطّيرُ من غادٍ عليَّ ورائحٍ / تَهذِي بِقُربِ تجاورٍ ولِقاءِ
أَسَفِي عليهم يَرتمِي بِرِحالهم / حادي الصَّباحِ وسائقُ الظَّلماءِ
مُغفين من فَرْطِ اللُّغوبِ وما درت / تلك الجفونُ لَذاذةَ الإغفاءِ
تركوا الدّيارَ تذوبُ شوقاً بعدهم / وتَضِجُّ من أسفٍ وطولِ عناءِ
ظَلمتْ فراعِنَةُ الخُطوبِ قطينَها / وقَضى عليها الدّهرُ شرَّ قضاءِ
هي أُمّةٌ أخذَ الهوى بزمامِها / ورمَى الدُّعاةُ عُيونَها بغطاءِ
فَتدافعتْ طَوْعَ العواصفِ ترتدِي / هَبَواتِ كلِّ سفيهةٍ هَوجاءِ
ثمّ انثنتْ صَرعَى تُمجُّ كلومُها / ذَوْبَ الكِلىَ وعُصارةَ الأحشاءِ
ضاقت بها الدُّنيا فما من مَذهبٍ / والرأيُ أفيحُ واسعُ الأرجاءِ
هذا السّبيلُ فأين مُرتادُ الهُدَى / هذا الدواءُ فأين نِضوُ الدّاءِ
لِلحقِّ في ظُلَمِ الأُمورِ مَسالكٌ / بيضُ المعالمِ غيرِ ذاتِ خَفاءِ
نحن الحُماةُ الصّادقين وهذه / سِمَةُ الهُداةِ وسُنّةُ الأُمَناءِ
إن يَمْضِ أعلامُ الجِهادِ فما مَضتْ / بيضُ الظُبى ومساقطُ الأشلاءِ
فتقدَّموا يا قومِ لا يقعُدْ بكم / عند اللّقاءِ تهيُّبُ الجُبَناءِ
مِصرُ المضيمةُ تستثيرُ إباءَكم / وَلْهَى تخافُ شماتةَ الأعداءِ
ضِنُّوا بميراثِ الدُّهور وحَصِّنوا / شرفَ البنين وسُؤدُدَ الآباءِ
لا تجزَعوا للحادثاتِ تُصيبُكم / وخُذوا سبيلَ الفِتيةِ الحُنَفاءِ
الدّهرُ يومُ مَذلَّةٍ ومَهانَةٍ / والدَّهرُ يومُ حميَّةٍ وإباءِ
غَوَتِ النُّفوسُ فَسَادَ كلُّ مخادعٍ / ومَضى بأمرِ القوم كلُّ مُراءِ
هل في المشارقِ مَن يُردِّدُ صَيْحتي / أم في الكنانةِ من يُجيبُ دُعائي
إنّ الذي جَعلَ الحياةَ شريعةً / أوحَى حقائقها إلى الشُّعراءِ
يا رافعي علم الجهاد تقدّموا
يا رافعي علم الجهاد تقدّموا / ودعوا صفوف المحجمين وراءَ
خُوضوا الكريهةَ حاسرين فإن طغت / لُجَجُ الملاحمِ فاركبوا الأشلاءَ
لستم بني الشهداءِ بورك عهدهم / حتى تكونوا مثلهم شهداءَ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025