المجموع : 3
نَادَتْكَ أنْدَلُسٌ فَلَبِّ نِداءَها
نَادَتْكَ أنْدَلُسٌ فَلَبِّ نِداءَها / واجْعل طَواغيتَ الصّليبِ فِداءَها
صَرَختْ بِدَعوَتك العليّة فاحْبُها / من عاطِفاتك ما يقي حوْباءها
واشدُدْ بِجلبك جُرْد خَيلك أزْرَها / تَرْدُدْ على أعْقَابِها أرْزَاءها
هيَ دَارُك القُصوى أوَتْ لإِيالَةٍ / ضَمِنْتَ لها معَ نصْرِها إيواءَها
وبَها عَبيدُك لا بَقاءَ لَهُم سوى / سُبُل الضّراعة يَسْلُكون سَواءَها
خَلَعَتْ قُلُوبُهُمُ هُناك عزَاءَها / لمّا رأتْ أبْصارُهُم مَا ساءها
دُفِعوا لأبكارِ الخُطوب وعُونها / فَهُمُ الغَداةَ يُصابِرونَ عَنَاءَها
وَتَنَكّرَتْ لَهُم اللَّيالي فَاقْتَضَتْ / سَرَّاءَها وَقَضَتْهُمُ ضَرّاءَها
تِلك الجَزيرَةُ لا بقاء لها إذا / لَمْ يَضْمن الفَتْحُ القريب بَقاءَها
رِشْ أيها المولى الرّحيمُ جناحَها / واعْقِدْ بِأرْشية النّجاة رِشاءَها
أَشفى على طرفِ الحياةِ ذَماؤُها / فاستبْق للدّين الحَنيف ذماءَها
حاشَاكَ أنْ تَفْنى حُشاشتُها وَقدْ / قَصَرتْ عليك نداءها ورَجَاءَها
طَافَتْ بِطَائفَة الهُدى آمالُهَا / تَرْجو بِيَحيى المُرْتَضى إحْياءَها
واسْتَشرفَتْ أمْصَارُها لإمَارة / عَقَدت لنَصر المُسْتضام لوَاءَها
يا حَسْرَتِي لِعقائِلٍ مَعْقولَةٍ / سَئم الهُدى نحْو الضّلالِ هِداءها
إيهٍ بَلَنْسيَةٌ وفي ذكراكِ ما / يمري الشؤون دماءَها لا ماءَها
كيف السّبيلُ إلى احتِلال معاهدٍ / شبّ الأعاجِم دُونها هيْجاءها
وإلى رُبىً وأباطِحٍ لَمْ تَعْرَ مِنْ / خلَعِ الرّبيع مصيفَها وشِتاءَها
طابَ المُعرّسُ وَالمَقيلُ خِلالَها / وَتطلّعَتْ غُرَر المُنى أثْناءها
بِأبي مدارسُ كالطلول دَوارسٌ / نَسختْ نواقيسُ الصّليب نِداءَها
ومصانعٌ كسَف الضّلالُ صَباحها / فيخالُه الرّائي إليْه مَسَاءَها
رَاحَتْ بها الوَرْقاءُ تُسمعُ شدوَها / وغَدت تُرجِّعُ نَوْحَها وبكاءَها
عَجَباً لأهْل النار حلّوا جَنّةً / مِنْهَا تمُدُّ عَلَيْهِم أفْيَاءَها
أمْلتْ لهُم فتعجّلوا ما أمّلوا / أيّامُهُم لا سُوِّغوا إملاءها
بُعْداً لِنَفْس أبْصَرَتْ إسْلامَهَا / فَتَوكَّفَتْ عنْ جزّها أسْلاءَها
أمّا العُلوجُ فَقَد أحالُوا حالها / فَمَن المُطيقُ علاجَها وشِفَاءها
أهْوى إليْها بالمكاره جارح / لِلكُفْر كَرّه ماءَها وهواءَها
وكفى أسى أن الفواجعَ جمّة / فَمَتى يُقاوم أسْوُها أسْوَاءها
هَيهات في نَظَر الإمارَة كفُّ ما / تخْشاه ليْت الشُّكرَ كان كِفاءها
مَولاي هَاك معادةً أنْباءَها / لِتُنيلَ منْك سعادةً أبْناءَها
جَرِّدْ ظُباك لمحو آثار العدى / تَقْتلْ ضَراغِمَها وتَسْبِ ظِباءَها
واسْتدْع طائِفَة الإمام لِغَزْوها / تَسْبِق إلى أمثالِها استدْعاءَها
لا غَرْو أن يُعْزى الظهور لملة / لَمْ يَبْرحُوا دُون الوَرى ظُهَراءها
إنّ الأعاجِم للأعاربِ نُهْبَة / مَهْما أمَرْتَ بِغَزْوها أحْياءهَا
تالله لو دَبّت لها دَبّابُها / لَطَوَتْ عَلَيها أرْضَها وَسَمَاءَها
وَلو اسْتَقَلَّت عَوْفُها لقتالها / لاسْتَقبلت بالمُقرَبات عَفَاءَها
أرْسِل جَوارِحَها تَجئك بصيدها / صَيْداً وناد لِطَحْنِها أرْحَاءَها
هُبُّوا لها يا مَعْشَرَ التَّوحِيدِ قَدْ / آن الهُبوبُ وأحْرِزوا عَلْياءها
إنّ الحَفائِظَ من خلالِكُمُ التي / لا يَرْهَبُ الداعي بِهِنّ خَلاءها
هي نُكتةُ الدّنيا فحيهلاً بها / تَجدوا سناها في غدو سناءها
أوْلوا الجَزيرَةَ نُصْرَةً إن العدى / تَبْغِي على أقطارها اسْتيلاءَها
نُقِصَتْ بِأهل الشّرك من أطرافها / فَاستحْفِظوا بالمُؤْمنين بقاءَها
حاشاكُم أنْ تُظْهروا إلْقاءَها / في أزْمةٍ أو تُضْمروا إقْصاءَها
خُوضوا إليها بحْرها يُصبح لكمْ / رَهواً وجوبوا نحوَها بيداءها
وافى الصَّريخ مُثوّبا يدعو لها / من يصْطفي قصد الثّواب ثواءها
دَارُ الجِهاد فلا تَفُتْكمُ سَاحَةً / ساوَتْ بها أحياؤُها شُهَدَاءها
هَذي رسائِلُها تُناجي بِالتي / وَقَفَتْ عَلَيْهَا رَيْثَها ونجَاءَها
ولَرُبّمَا أنْهَت سَوالِبَ للنهى / منْ كائِنات حُمّلت إنْهاءها
وفَدَت على الدّار العَزيزة تَجْتَني / آلاءَهَا أوْ تَجْتَلِي آرَاءَها
مُسْتَسْقِياتٍ مِنْ غُيوث غياثها / ما وَقْعُه يَتَقَدّمُ اسْتسقَاءَها
قَدْ أمّنَتْ في سُبْلها أهْوَالَها / إذْ سَوَّغَت في ظِلِّها أهْواءها
وبِحَسْبِهَا أنّ الأمير المُرْتَضَى / مُتَرَقِّبٌ بِفُتوحها أنْبَاءها
في الله ما يَنويه من إدراكها / بكلاءةٍ يفدي أبي كلاءها
بُشْرى لأَنْدلُسٍ تُحبُّ لقَاءه / ويُحِبّ في ذات الإلَه لِقاءَهَا
صَدَقَ الرُّواةُ المُخْبِرونَ بأنّه / يَشْفِي ضَنَاهَا أوْ يُعيدُ رُوَاءها
إنْ دَوَّخَ العُرْب الصّعابَ مَقَادَةً / وأبى عليها أن تُطيع إبَاءها
فكأن بِفيْلقه العرمْرَم فالقاً / هَامَ الأعاجم نَاسِفاً أرْجَاءَها
أنْذرْهُمُ بِالبَطْشَة الكُبْرى فقدْ / نذَرت صَوارمُه الرّقاقُ دِماءَها
لا يَعدَم الزّمنُ انتصارَ مؤيَّدٍ / تَتَسوَّغُ الدُّنيا بِه سَرّاءَها
ملِكٌ أمَدَّ النَيّرات بِنُوره / وأفادَها لألاؤُه لألاءَها
خَضَعَتْ جَبَابِرَة المُلوكِ لِعزه / ونَضَتْ بِكَفّ صغارِها خُيَلاءَها
أبقى أبُو حَفْصٍ إمَارَتَه له / فَسَمَا إلَيها حامِلاً أعْبَاءهَا
سَلْ دَعْوَةَ المَهْديّ عن آثاره / تُنْبِئْك أنّ ظُباه قُمْنَ إزَاءَها
فَغَزا عِداها واسْتَرَقَّ رقَابَها / وحمَى حِمَاها واستَرَدّ بهَاءَها
قبضت يداه على البسيطة قَبْضَةً / قادَتْ له في قدّه أمراءَهَا
فعلى المَشارق والمغارب ميسَمٌ / لِهُداه شَرّفَ وَسْمُه أسْماءَها
تَطْمو بِتُونِسها بِحارُ جُيوشه / فيزورُ زاخر موْجها زَوْرَاءها
وَسع الزمانَ فضاقَ عنْه جَلالةً / والأرضِ طُرّا ضَنكها وفَضَاءَها
ما أزْمَع الإيغال في أكْنَافِها / إلاّ تصَيّد عَزْمُهُ زُعَمَاءَها
دانَتْ له الدُّنيا وشُمُّ مُلوكِها / فاحْتَلَّ منْ رُتَب العُلى شمّاءها
رَدّتْ سَعَادَتُه على أدْراجِها / غِيَل الزّمان ونَهْنهت غُلَواءها
إن يغْتِم الدُّوَلَ العَزيزَة بأسُه / فَلأنْ يُوالي جُودُه إعطاءَها
تَقَعُ الجَلائلُ وهْو راسٍ راسخٌ / فيها يُوقّعُ للسعودِ جلاءَها
كالطَّوْد في عَصْف الرياح وقَصْفها / لا رَهْوَها يَخْشى ولا هْوجاءها
سامي الذّوائب في أعزّ ذُؤَابَةٍ / أعْلت على خِيَمِ النجوم بنَاءها
بَرَكَتْ بكُلّ مَحَلّةٍ بركاتُه / شَفْعاً يُبَادرُ بذلُها شُفعاءها
كالغَيْث صَبّ على البَسيطة صَوْبَه / فَسَقى عَمائِرَها وجَاد قَواءَها
يَنْميه عَبْد الواحِد الأرْضى إلى / عُلْيا تَجَنّح بَأسها وَسَخَاءَها
في نَبْعَةٍ كَرُمتْ وطابَتْ مَغْرِساً / وسَمَتْ وطالتْ نضْرَةً نُظراءها
ظهرت بِمحتدها السّماء وجاوَزَتْ / بِسُرادقاتِ فخارها جوْزاءها
فئةٌ كرامٌ لا تكُفّ عن الوغى / حتّى تُصرِّعَ حوْلها أكفاءها
وتَكُبُّ في نار القِرى فوْقَ الذُّرى / من عِزّةٍ لُوّاتِها وكُبَاءَها
قد خلقوا الأيَّامَ طيبَ خَلائِق / فَثَنَتْ إلَيهمْ حَمْدها وثَنَاءَها
يُنْضُونَ في طَلَب النّفائِس أنْفُساً / حَبَسوا على إحرَازِها أنْضَاءَها
وَإذا انْتَضَوْا يَوْمَ الكَريهَة بيضَهُمْ / أبْصَرْت فيهم قَطْعها وَمَضاءَها
لا عُذْر عند المكرُماتِ لهم متى / لم تَسْتَبن لعُفاتِهم عذْرَاءها
قَوْمُ الأمير فمنْ يقُومُ بِما لهم / من صالِحاتٍ أفحَمتْ شُعَرَاءَها
صَفْحاً جَمِيلاً أَيُّها المَلك الرّضي / عنْ مُحكماتٍ لم نُطق إحْصَاءها
تَقِفُ القوافي دُونَهنّ حَسيرةً / لا عِيّها تُخْفي ولا إعْيَاءها
فلعل عَلْيَاكمْ تُسامح راجياً / إصْغاءها ومُؤمّلاً إغضاءَها
لا تطلُبوا بدمي سوى أدْمَاء
لا تطلُبوا بدمي سوى أدْمَاء / في السّر من تَيْم ومن تَيْماءِ
رَمَتِ الفُؤادَ فأقْصَدَتْه سِهامُها / لم تَحْنُ راميةً على أحناءِ
كالصَّعْدَة السّمراء لكن فُضّلت / عِوَضَ السّنان بمُقْلةٍ كحلاءِ
إنْ أوْمَأت بِقَطيعة أوْ صَرّحت / فالمَوت في التصريحِ والإيماءِ
هيفاءُ لا يَهْفو الحليم لِغَيْرِها / يا حَبَّذا هافٍ إلى هَيفاءِ
لما تَراءَت بالمُصلّى سَحرةً / نادَيْتُها مُسْتَعطِفاً بندائي
يا هَذهِ إن كنتِ رمتِ عبادةً / فمنَ العبادَة والتُّقى إحْيائي
أشْمتِّ أعدائي وكم أشْبَهتم / وكَفَى أسىً بِشَماتَة الأعداء
حَمَلتْ بِراحتِها شَبيهةَ خدّها
حَمَلتْ بِراحتِها شَبيهةَ خدّها / تُفّاحَةً لَبِسَت حُلَى الصّهْبَاء
ورَمَتْ إلى جِهَتي بها بَلْ أوْمَأت / وجلت يَداً مَخْضوبَة بِدمائي
فَقَنِعْتُ مِنها بالزّهيدِ تعلُّلاً / والحُبُّ يُقْنَع فِيه بِالإيماء