ما بالُ تلكَ الشَّامةِ الخَضراءِ
ما بالُ تلكَ الشَّامةِ الخَضراءِ / في النارِ وَهْيَ كأنَّها في الماءِ
ومنَ العجائِبِ أنَّ ناراً قد بَدَت / في جَنَّةِ حُمِيَت عنِ الشُّهداءُ
يا ظَبيةً في الحيِّ حولَ كناسِها / سُمْرٌ حَفَفْنَ بصَعْدةٍ سَمْراءِ
ما نَرْتجي والحَرْبُ دائرةٌ إذا / قابَلْتِنا بالرَّايةِ البَيضاء
لا تَفتَخِر عَيناكِ في سَفكِ الدِّما / فَلَنا عُيونٌ سافكاتُ دِماءِ
ودعِي مُفاخَرَتي بحُمرةِ وَجنْةٍ / فقدِ انقلَبتُ بوَجْنةٍ حَمْراءِ
في الخيمةِ الزَّرقاءِ بِتِّ كأنَّما / أمسَيتِ فوقَ القُبَّةِ الزَّرقاءِ
ورأيتِ عَينَكِ في سَوادِ مَلابِسٍ / فظَنَنْتِها صارَتْ من الخُلَفاءِ
مَهلاً عليكِ فإنَّ حُسنَكِ دَولةٌ / ظَلَمَتْ فَليسَ لها طويلُ بَقاءِ
قد سُدْتِ أطرافَ الرِّجالِ فكيفَ لو / سُدْتِ الكِرامَ كسَيِّدِ الأمراءِ
الوارثُ الشَّرَفَ الذي يُغنيهِ عن / إنشاءِ مَرْتَبةٍ ورَفعِ بِناءِ
والمُنشئُ الحَسَبَ الذي يُغنيهِ عن / شَرَفٍ تَوارَثَهُ منَ الآباءِ
أوفَى وزادَ على القديمِ حديثُهُ / كصناعةِ التَخْميسِ للشُعراءِ
وتألَّفتْ أقلامُهُ وسُيُوفُهُ / فتَشابَهَتْ في هَيبةٍ ومَضاءِ
قد عَلَّمَتْهُ المَكْرُماتِ جُدُودُهُ / فاستَخَدمَ التعليمَ للأبناءِ
يجري على طُرُقِ الأمين مُحمَّدٌ / كالشِّبلِ يَقْفُو الليثَ في البَيْداءِ
في الشَّرْقِ غَرْبٌ للبلادِ كَشَرقِها / يَجُلو بهِ القَمرانِ عينَ الرائي
قَمرانِ ما للشمسِ يُفرَضُ منهُما / صُبحٌ ولا للبَدرِ وقتُ مساءِ
شَوقي إلى تِلكَ الرُبوعِ ومَنْ بها / شَوقُ العليلِ إلى شِفاءِ الدَّاءِ
تُهدِي لَنا أرَجَ النَّسيمِ فلا تَقُلْ / أرَجُ النّسيمِ سَرَى من الزَّوراءِ
أَصفَيتُ ساكِنَها العزيزَ مَوَدَّتي / وعلى مَحَبَّتهِ عَقَدتُ وَلائي
لاَ يَستطيعُ شِرَاءَ قَلبي غيرُهُ / فلَهُ بقَلْبي شُفعةُ الشُّرَكاءِ
إِنْ لم أَزُرْهُ فقد تَزُورُ رَسائلِي / شَوقاً بكلِّ وَصيفةٍ عَذراءِ
فَرْضٌ كتسليمِ المُصِلِّي عِندَنا / إِهداءُ تَسليمٍ لهُ ودُعاءِ
أكثَرتُ من مَدحِ الأميرِ فقالَ لي / أسرَفْتَ فاترُكْ فَضلةً لِسَوائي
فأجَبتُهُ دَعْ في المناقِبِ فَضلةً / للناسِ واحكُمْ بعَدها بخَطائي
يا ظالمَ الأشرافِ إذ قاسَمْتَهُم / فأخذتَ كُلَّ سجيَّةٍ غَرَّاءِ
إني رأيتُ الشِّعرَ فيكَ يُطيعُني / فأرَاكَ تُسِعفُني على الإنشاءِ
تُبدي ليَ المَعْنَى الذي أثني بهِ / وأنا أصوغُ عليهِ لفظَ ثَنائي
فَلَك الجميلُ فذاكَ رُوحٌ جِسمُها / لَفظٌ يُعَدُّ بها منَ الأحياء