المجموع : 8
قَلّوا لَدَيكَ فَأَخطَأوا
قَلّوا لَدَيكَ فَأَخطَأوا / لَمّا دَعَوتَ فَأَبطَأوا
وَتَبَرَّعوا حَتّى تَصولَ / فَحينَ صُلتَ تَبَرَّأوا
خافوا النَكالَ فَوَطَّدوا / وَلِلفِرارِ تَهَيَّأوا
دَعهُم فَما كُلُّ الأَشِد / دَةِ لِلشَدائِدِ تُخبَأُ
فَلَسَوفَ تَسمَعُ ما يَحِلُّ / بِمَن لِمَجدِكَ يَشنَأُ
فَاِلقَ العُداةَ بِطَلعَةٍ / عَنها النَواظِرُ تَخسَأُ
فَلَدَيكَ مِنّا فِتيَةٌ / عَن ثارِها لا تَفتَأُ
لَجَأوا إِلَيكَ بِجَمعِهِم / وَلِمِثلِ ظِلِّكَ يُلجَأُ
وَتَوَقَّعوا مِنكَ الرِضى / وَلِما سِواهُ تَوَقَّأُوا
وَتَنَبَّهوا فَكَأَنَّهُم / بِالزِجرِ فيكَ تَنَبَّأُوا
يا دَوحَةً كُلُّ الوَرى / بِظِلالِها يَتَفَيَّأُ
ما أَنتَ إِلّا جُملَةٌ / مِنها الكِرامُ تَجَزَّأوا
إِن صُلتَ غادَرنا العُدا / ةَ بِكُلِّ فَجٍّ تُفجَأُ
وَتَجَرَّعوا غُصَصَ المَنونِ / بِما عَليهِ تَجَرَّأوا
فَاِدرَأ بِنا نَحرَ العَدُو / وِ فَبِالأَقارِبِ يُدرَأُ
إِنَّ الأُصولَ وَإِن تَبا / عَدَ عَهدُها لا تَخطَأُ
وَاِغنَم جَميلَ الذِكرِ فَه / وَ مِنَ الغَنائِمِ أَهنَأُ
فَالمَرءُ يُرزَقُ ما يَشا / ءُ مِنَ الزَمانِ وَيُرزَأُ
أَنجومُ رَوضٍ أَم نُجومُ سَماءِ
أَنجومُ رَوضٍ أَم نُجومُ سَماءِ / كَشَفَت أَشِعَّتُها دُجى الظُلماءِ
أَشرَقنَ في حُلَلِ الظَلامِ فَحَدَّقَت / حَسَداً لَهُنَّ كَواكِبُ الجَوزاءِ
مِن كُلِّ هَيفاءِ المَعاطِفِ قُوِّمَت / قَدّاً كَقَدِّ الصَعدَةِ السَمراءِ
جِسمٌ كَصَخرٍ في صَلابَةِ جِرمِهِ / وَجُفونُها في الدَمعِ كَالخَنساءِ
تَجري مَدامِعُها وَيَضحَكُ وَجهُها / فَتَظَلُّ بَينَ تَبَسُّمٍ وَبُكاءِ
تَبكي لِغُربَتِها وَتَبسِمُ إِذ غَدَت / في حَضرَةِ السُلطانِ كُلَّ مَساءِ
الصالِحِ المَلِكِ الَّذي أَكنافُهُ / كَهفُ الوُفودِ وَكَعبَةُ الفُقَراءِ
مَلِكٌ بِسيرَةِ عَدلِهِ وَسَماحِهِ / خَفِيَت مَآثِرُ دَولَةِ الخُلَفاءِ
لا زالَ في أُفُقِ السَعادَةِ راقِياً / فَوقَ المَجَرَّةِ في سَناً وَسَناءِ
أَولَيتَني نِعماً تَتابَعَ مَنُّها
أَولَيتَني نِعماً تَتابَعَ مَنُّها / هِيَ فيكَ أَصفادي وَقَيدُ ثَنائي
فَلَأَشكُرَنَّكَ ما اِستَطَعتُ تَلَفُّظاً / شُكرَ الرِياضِ لِصَيِّبِ الأَنواءِ
جَنَّ الظَلامُ فَمُذ بَدا مُبتَسِّماً
جَنَّ الظَلامُ فَمُذ بَدا مُبتَسِّماً / لاحَ الهُدى وَتَجَلَّتِ الظَلماءُ
وَهَدَت مُحِبّاً ظَلَّ في لَيلِ الجَفا / لَمّا هَدا وَاِمتَدَّتِ الآناءُ
رَشَأٌ غَدا مَن سُكرِ خَمرَةِ ريقِهِ / مُتَأَوَّدا فَكَأَنَّها صَهباءُ
وَسَرَت بِخَدَّيهِ المُدامُ بِلُطفِها / فَتَوَرَّدا وَكَساهُما اللَألاءُ
وافى يُعيدُ مِنَ التَواصُلِ ضِعفَ ما / مِنهُ بَدا إِذ صَحَّ مِنهُ وَفاءُ
فَأَلَمَّ بي طَوعاً وَباتَ لِساعِدي / مُتَوَسِّدا وَفِراشُهُ الأَعضاءُ
عانَقتُهُ مُتَرَفِّقاً وَضَمَمتُهُ / مُتَأَيِّداً إِذ نامَتِ الرُقَباءُ
حَتّى اِغتَدى مِن ساعِدَيَّ مُوَشَّحاً / وَمُقَلَّدا وَقَدِ اِعتَراهُ حَياءُ
وَسَطا الضِياءُ عَلى الظَلامِ وَحَبَّذا / لَو يُفتَدى وَلَهُ النُفوسُ فِداءُ
لَم أَدرِ ضَوءَ الصُبحِ أَقبَلَ جَيشُهُ / مُتَبَدِّدا وَلَهُ الشُعاعُ لِواءُ
أَو نورُ شَمسِ الدينِ قَد جَلّى الدُجى / لَمّا بَدا وَلَهُ القُلوبُ سَماءُ
شَمسٌ إِذا ما راحَ تَرقُبُهُ العُلى / وَإِذا غَدا فَكَأَنَّها الحِرباءُ
وَإِذا تَدَرَّعَ فَالسَماحَةُ دِرعُهُ / وَإِذا اِرتَدى فَلَهُ الجَمالُ رِداءُ
مِن آلِ عَبسونَ الَّذينَ إِذا اِنتَمَوا / عَبَسَ الرَدى وَتَوَلَّتِ اللَأواءُ
وَإِذا سَطوا بَكَتِ السُيوفُ وَإِن سَخوا / ضَحِكَ النَدى وَتَجَلَّتِ الغَمّاءُ
قَومٌ بِهُم تُجلى الكُروبُ ومِنهُم / يُرجى الجَدا إِن ضَنَّتِ الأَنواءُ
فَنداهُمُ قَبلَ السُؤالِ وُجودُهُم / قَبلَ النَدى وَكَذَلِكَ الكُرَماءُ
وَهُمُ مُنىً لِمَنِ اِعتَفى وَمَنِيَّةٌ / لِمَنِ اِعتَدى فَسَعادَةٌ وَشَقاءُ
مَولايَ شَمسَ الدينِ يا مَن كَفُّهُ / يَروي الصَدى وَبِها العُداةُ ظِماءُ
أَشكو إِلَيكَ غَريمَ شَوقٍ قَد غَدا / مُتَمَرِّدا ماعِندَهُ إِغضاءُ
شَوقي إِلى عَلياكَ أَعظَمُ أَن يُرى / مُتَعَدِّدا وَيَعُمَّهُ الإِحصاءُ
فَاِسلَم فَإِنَّكَ خَيرُ مَولىً يُرتَجى / أَو يُجتَدى وَلَكَ اليَدُ البِيضاءُ
لا زالَ غَيثُ نَداكَ يُمطِرُ فِضَّةً / أَو عَسجَدا تَغنى بِهِ الفُقَراءُ
أَصَفيحُ ماءٍ أَديمُ أَم سَماءِ
أَصَفيحُ ماءٍ أَديمُ أَم سَماءِ / فيهِ تَغورُ كَواكِبُ الجَوزاءِ
ما كُنتُ أَعلَمُ قَبلَ مَوتِكَ موقِناً / أَنَّ البُدورَ غُروبُها في الماءِ
وَلَقَد عَجِبتُ وَقَد هَوَيتَ بِلُجَّةٍ / فَجَرى عَلى رُسلٍ بِغَيرِ حَياءِ
لَو لَم يُشَقُّ لَكَ العُبابُ وَطالَما / أَشبَهتَ مَوسى بِاليَدِ البَيضاءِ
أَنِفَ العَلاءُ عَليكَ مِن لَمسِ الثَرى / وَحُلولِ باطِنِ حُفرَةٍ ظَلماءِ
وَأَجَلَّ جِسمَكَ أَن يُغَيِّرَ لُطفَه / عَفَنُ الثَرى وَتَكاثُفُ الأَرجاءِ
فَأَحَلَّهُ جَدَثاً طَهوراً مُشبِهاً / أَخلاقَهُ في رِقَّةٍ وَصَفاءِ
ما ذاكَ بِدَعاً أَن يَضُمَّ صَفاؤُهُ / نوراً يُضَنُّ بِهِ عَلى الغَبراءِ
فَالبَحرُ أَولى في القِياسِ مِنَ الثَرى / بِجِوارِ تِلكَ الدُرَّةِ الغَرّاءِ
يا مالِكي إِنّي عَلَيكَ مُتَيَّمٌ / يا صَخرُ إِنّي فيكَ كَالخَنساءِ
وَلَقَد أَلوذُ بِكَنزِ صَبري طالِباً / حُسنَ العَزاءِ وَلاتَ حَينَ عَزاءِ
وَأَعافُ شُربَ الماءِ يَطفَحُ لُجُّهُ / فَأَصُدُّ عَنهُ وَأَنثَني بِظَماءِ
وَإِذا رَأَيتُ مَدامِعي مُبيَضَّةً / مِثلَ المِياهِ مَزَجتُها بِدِماءِ
لا يُطمِعِ العُذّالَ حُسنُ تَجَلُّدي / فَلِذاكَ خَوفَ شَماتَةِ الأَعداءِ
فَلَئِن خَفَضتُ لَهُم جَناحَ تَحَمُّلي / فَالقَلبُ مَنصوبٌ عَلى الإِغراءِ
لا وَالَّذي جَعَلَ المَوَدَّةَ مانِعي
لا وَالَّذي جَعَلَ المَوَدَّةَ مانِعي / مِن أَن أُجازي سَيِّدي بِجَفائِهِ
ما حَلَّتِ الأَيّامُ موثَقَ حُبِّهِ / عِندي وَلا حالَت عُهودُ وَفائِهِ
وَدَليلُ قَلبي قَلبُهُ فَوِدادُهُ / كَوِدادِهِ وَصَفاؤُهُ كَصَفائِهِ
في نَشوَةِ الحَمراءِ وَالخَضراءِ
في نَشوَةِ الحَمراءِ وَالخَضراءِ / أَمنٌ مِنَ السَوداءِ وَالصَفراءِ
هَذي بِلا نارٍ تَفورُ وَهَذِهِ / ماسَت مَعاطِفُها بِغَيرِ هَواءِ
فَاِكسُر بِفَترَةِ تِلكَ شِرَّةَ هَذِهِ / وَاِعجَب لِحُسنِ تَلاؤُمِ الأَجزاءِ
فَالسُكرُ فيما بَينَ ذَينِ مَرَكَّبٌ / كَسَلُ الحَشيشِ وَنَشطَةُ الصَهباءِ
أَبَتِ الوِصالَ مَخافَةَ الرُقَباءِ
أَبَتِ الوِصالَ مَخافَةَ الرُقَباءِ / وَأَتَتكَ تَحتَ مَدارِعِ الظُلَماءِ
أَصَفَتكَ مِن بَعدِ الصُدودِ مَوَدَّةً / وَكَذا الدَواءُ يَكونُ بَعدَ الداءِ
أَحيَت بِزَورَتِها النُفوسَ وَطالَما / ضَنَّت بِها فَقَضَت عَلى الأَحياءِ
أَنتَ بِلَيلٍ وَالنُجومِ كَأَنَّها / دُرَرٌ بِباطِنِ خَيمَةٍ زَرقاءِ
أَمسَت تُعاطيني المُدامَ وَبَينَنا / عَتبٌ غَنيتُ بِهِ عَنِ الصَهباءِ
أَبكي وَأَشكو ما لَقيتُ فَتَلتَهي / عَن دُرِّ أَلفاظي بَدُرِّ بُكاءِ
آبَت إِلى جَسَدي لِتَنظُرَ ما اِنتَهَت / مِن بَعدِها فيهِ يَدُ البُرَحاءِ
أَلفَت بِهِ وَقعَ الصَفاحِ فَراعَها / جَزَعاً ما نَظَرَت جَراحَ حَشائي
أَمُصيبَةً مِنّا بِنَبلِ لِحاظِها / ما أَخطَأَتهُ أَسِنَّةُ الأَعداءِ
أَعَجِبتِ مِمّا قَد رَأَيتِ وَفي الحَشا / أَضعافُ ما عايَنتِ في الأَعضاءِ
أُمسي وَلَستُ بِسالِمٍ مِن طَعنَةٍ / نَجلاءَ أَو مِن مُقلَةٍ كَحلاءِ
إِنَّ الصَوارِمَ وَاللِحاظَ تَعاهَدا / أَن لا أَزالَ مُزَمَّلاً بِدِمائي
أَجَنَت عَليَّ بِما رَأَيتِ مَعاشِرٌ / نَظَروا إِلَيَّ بِمُقلَةٍ عَمياءِ
أَكسَبتُهُم مالي فَمُذ طَلَبوا دَمي / لَم أَشكُهُم إِلّا إِلى البَيداءِ
أَبعَدتُ عَن أَرضِ العِراقِ رَكائِبي / مُتَنَقِّلاً كَتَنَقُّلِ الأَفياءِ
أَرجو بِقَطعِ البيدِ قَطعَ مَطامِعي / وَأَرومُ بِالمَنصورِ نَصرَ لِوائي
أَدرَكتُهُ فَجَعَلتُ أَلثَمُ فَرحَةً / بِوُصولِهِ أَخفافَ نوقِ رَجائي
أَضحى يُهَنّيني الزَمانُ بِقَصدِهِ / وَيُشيرُ كَفُّ العِزِّ بِالإِيماءِ
أَومَت إِلَيَّ مُشيرَةً أَن لا تَخَف / وَابشِر فَإِنَّكَ في ذُرى العَلياءِ
أَبِمارِدَينَ تَخافُ خَطفَةَ مارِدٍ / وَشِهابُها في القَلعَةِ الشَهباءِ
أُلهيتُ عَن قَومي بِمَلِكٍ عِندَهُ / تَنسى البَنونَ فَضائِلَ الآباءِ
إِنّي تَرَكتُ الناسَ حينَ وَجَدتُهُ / تَركَ التَيَمُّمِ في وُجودِ الماءِ
المُرتَقي فَلَكَ الفَخارِ إِذا اِغتَدى / وَإِذا بَدا فَالناسُ كَالحِرباءِ
أَفنى جُيوشَ عُداتِهِ بِخَوافِقِ ال / راياتِ بَل بِسَواكِنِ الآراءِ
أَسيافُهُ نِقَمٌ عَلى أَعدائِهِ / وَأَكَفُّهُ نِعَمٌ عَلى الفُقَراءِ
إِن حَلَّ حَلَّ النَهبُ في أَركانِهِ / أَو سارَ سارَ الخُلفُ في الأَعداءِ
أُمُجَندِلَ الأَبطالِ بَل يا مُنتَهى / الآمالِ بَل يا كَعبَةَ الشُعَراءِ
أَقبَلتُ نَحوَكَ في سَوادِ مَطالِبي / حَتّى أَتَتني بِاليَدِ البَيضاءِ
أُرقي إِلى عَرشِ الرَجا رَبَّ النَدى / فَكَأَنَّ يَومي لَيلَةُ الإِسراءِ