المجموع : 3
القَلبُ أَعلَمُ يا عَذولُ بِدائِهِ
القَلبُ أَعلَمُ يا عَذولُ بِدائِهِ / وَأَحَقُّ مِنكَ بِجَفنِهِ وَبِمائِهِ
فَوَمَن أُحِبُّ لَأَعصِيَنَّكَ في الهَوى / قَسَماً بِهِ وَبِحُسنِهِ وَبَهائِهِ
أَأُحِبُّهُ وَأُحِبُّ فيهِ مَلامَةً / إِنَّ المَلامَةَ فيهِ مِن أَعدائِهِ
عَجِبَ الوُشاةُ مِنَ اللُحاةِ وَقَولِهِم / دَع ما بَراكَ ضَعُفتَ عَن إِخفائِهِ
ما الخِلُّ إِلّا مَن أَوَدُّ بِقَلبِهِ / وَأَرى بِطَرفٍ لا يَرى بِسَوائِهِ
إِنَّ المُعينَ عَلى الصَبابَةِ بِالأَسى / أَولى بِرَحمَةِ رَبِّها وَإِخائِهِ
مَهلاً فَإِنَّ العَذلَ مِن أَسقامِهِ / وَتَرَفُّقاً فَالسَمعُ مِن أَعضائِهِ
وَهَبِ المَلامَةَ في اللَذاذَةِ كَالكَرى / مَطرودَةً بِسُهادِهِ وَبُكائِهِ
لا تَعذُلِ المُشتاقَ في أَشواقِهِ / حَتّى يَكونَ حَشاكَ في أَحشائِهِ
إِنَّ القَتيلَ مُضَرَّجاً بِدُموعِهِ / مِثلُ القَتيلِ مُضَرَّجاً بِدِمائِهِ
وَالعِشقُ كَالمَعشوقِ يَعذُبُ قُربُهُ / لِلمُبتَلى وَيَنالُ مِن حَوبائِهِ
لَو قُلتَ لِلدَنِفِ الحَزينِ فَدَيتُهُ / مِمّا بِهِ لَأَغَرتَهُ بِفِدائِهِ
وُقِيَ الأَميرُ هَوى العُيونِ فَإِنَّهُ / ما لا يَزولُ بِبَأسِهِ وَسَخائِهِ
يَستَأسِرُ البَطَلَ الكَمِيَّ بِنَظرَةٍ / وَيَحولُ بَينَ فُؤادِهِ وَعَزائِهِ
إِنّي دَعَوتُكَ لِلنَوائِبِ دَعوَةً / لَم يُدعَ سامِعُها إِلى أَكفائِهِ
فَأَتَيتَ مِن فَوقِ الزَمانِ وَتَحتِهِ / مُتَصَلصِلاً وَأَمامِهِ وَوَرائِهِ
مَن لِلسُيوفِ بِأَن تَكونَ سَمِيَّها / في أَصلِهِ وَفِرِندِهِ وَوَفائِهِ
طُبِعَ الحَديدُ فَكانَ مِن أَجناسِهِ / وَعَلِيٌّ المَطبوعُ مِن آبائِهِ
عَذلُ العَواذِلِ حَولَ قَلبِ التائِهِ
عَذلُ العَواذِلِ حَولَ قَلبِ التائِهِ / وَهَوى الأَحِبَّةِ مِنهُ في سَودائِهِ
يَشكو المَلامُ إِلى اللَوائِمِ حَرَّهُ / وَيَصُدُّ حينَ يَلُمنَ عَن بُرَحائِهِ
وَبِمُهجَتي يا عاذِلي المَلِكُ الَّذي / أَسخَطتُ كُلَّ الناسِ في إِرضائِهِ
إِن كانَ قَد مَلَكَ القُلوبَ فَإِنَّهُ / مَلَكَ الزَمانَ بِأَرضِهِ وَسَمائِهِ
الشَمسُ مِن حُسّادِهِ وَالنَصرُ مِن / قُرَنائِهِ وَالسَيفُ مِن أَسمائِهِ
أَينَ الثَلاثَةُ مِن ثَلاثِ خِلالِهِ / مِن حُسنِهِ وَإِبائِهِ وَمَضائِهِ
مَضَتِ الدُهورُ وَما أَتَينَ بِمِثلِهِ / وَلَقَد أَتى فَعَجَزنَ عَن نُظَرائِهِ
أَمِنَ اِزدَيارَكِ في الدُجى الرُقَباءُ
أَمِنَ اِزدَيارَكِ في الدُجى الرُقَباءُ / إِذ حَيثُ أَنتِ مِنَ الظَلامِ ضِياءُ
قَلَقُ المَليحَةِ وَهيَ مِسكٌ هَتكُها / وَمَسيرُها في اللَيلِ وَهيَ ذُكاءُ
أَسَفي عَلى أَسَفي الَّذي دَلَّهتِني / عَن عِلمِهِ فَبِهِ عَلَيَّ خَفاءُ
وَشَكِيَّتي فَقدُ السَقامِ لِأَنَّهُ / قَد كانَ لَمّا كانَ لي أَعضاءُ
مَثَّلتِ عَينَكِ في حَشايَ جِراحَةً / فَتَشابَها كِلتاهُما نَجلاءُ
نَفَذَت عَلَيَّ السابِرِيَّ وَرُبَّما / تَندَقُّ فيهِ الصَعدَةُ السَمراءُ
أَنا صَخرَةُ الوادي إِذا ما زوحِمَت / وَإِذا نَطَقتُ فَإِنَّني الجَوزاءُ
وَإِذا خَفيتُ عَلى الغَبِيِّ فَعاذِرٌ / أَن لا تَراني مُقلَةٌ عَمياءُ
شِيَمُ اللَيالي أَن تُشَكِّكَ ناقَتي / صَدري بِها أَفضى أَمِ البَيداءُ
فَتَبيتُ تُسئِدُ مُسئِداً في نَيِّها / إِسآدَها في المَهمَهِ الإِنضاءُ
أَنساعُها مَمغوطَةٌ وَخِفافُها / مَنكوحَةٌ وَطَريقُها عَذراءُ
يَتَلَوَّنُ الخِرّيتُ مِن خَوفِ التَوى / فيها كَما يَتَلَوَّنُ الحِرباءُ
بَيني وَبَينَ أَبي عَلِيٍّ مِثلُهُ / شُمُّ الجِبالِ وَمِثلَهُنَّ رَجاءُ
وَعِقابُ لُبنانٍ وَكَيفَ بِقَطعِها / وَهُوَ الشِتاءُ وَصَيفُهُنَّ شِتاءُ
لَبَسَ الثُلوجُ بِها عَلَيَّ مَسالِكي / فَكَأَنَّها بِبَياضِها سَوداءُ
وَكَذا الكَريمُ إِذا أَقامَ بِبَلدَةٍ / سالَ النُضارُ بِها وَقامَ الماءُ
جَمَدَ القِطارُ وَلَو رَأَتهُ كَما تَرى / بُهِتَت فَلَم تَتَبَجَّسِ الأَنواءُ
في خَطِّهِ مِن كُلِّ قَلبٍ شَهوَةٌ / حَتّى كَأَنَّ مِدادَهُ الأَهواءُ
وَلِكُلِّ عَينٍ قُرَّةٌ في قُربِهِ / حَتّى كَأَنَّ مَغيبَهُ الأَقذاءُ
مَن يَهتَدي في الفِعلِ ما لا تَهتَدي / في القَولِ حَتّى يَفعَلَ الشُعَراءُ
في كُلِّ يَومٍ لِلقَوافي جَولَةٌ / في قَلبِهِ وَلِأُذنِهِ إِصغاءُ
وَإِغارَةٌ فيما اِحتَواهُ كَأَنَّما / في كُلِّ بَيتٍ فَيلَقٌ شَهباءُ
مَن يَظلِمُ اللُؤَماءَ في تَكليفِهِم / أَن يُصبِحوا وَهُمُ لَهُ أَكفاءُ
وَنَذيمُهُم وَبِهِم عَرَفنا فَضلَهُ / وَبِضِدِّها تَتَبَيَّنُ الأَشياءُ
مَن نَفعُهُ في أَن يُهاجَ وَضَرُّهُ / في تَركِهِ لَو تَفطَنُ الأَعداءُ
فَالسَلمُ يَكسِرُ مِن جَناحَي مالِهِ / بِنَوالِهِ ما تَجبُرُ الهَيجاءُ
يُعطي فَتُعطى مِن لُهى يَدِهِ اللُهى / وَتُرى بِرُؤيَةِ رَأيِهِ الآراءُ
مُتَفَرِّقُ الطَعمَينِ مُجتَمِعُ القُوى / فَكَأَنَّهُ السَرّاءُ وَالضَرّاءُ
وَكَأَنَّهُ ما لا تَشاءُ عُداتُهُ / مُتَمَثِّلاً لِوُفودِهِ ما شاؤوا
يا أَيُّها المُجدى عَلَيهِ روحُهُ / إِذ لَيسَ يَأتِيهِ لَها اِستِجداءُ
اِحمَد عُفاتَكَ لا فُجِعتَ بِفَقدِهِم / فَلَتَركُ ما لَم يَأخُذوا إِعطاءُ
لا تَكثُرُ الأَمواتُ كَثرَةُ قِلَّةٍ / إِلّا إِذا شَقِيَت بِكَ الأَحياءُ
وَالقَلبُ لا يَنشَقُّ عَمّا تَحتَهُ / حَتّى تَحُلَّ بِهِ لَكَ الشَحناءُ
لَم تُسمَ يا هارونُ إِلّا بَعدَما اِق / تَرَعَت وَنازَعَتِ اِسمَكَ الأَسماءُ
فَغَدَوتَ وَاِسمُكَ فيكَ غَيرُ مُشارِكٍ / وَالناسُ فيما في يَدَيكَ سَواءُ
لَعَمَمتَ حَتّى المُدنُ مِنكَ مِلاءُ / وَلَفُتَّ حَتّى ذا الثَناءُ لَفاءُ
وَلَجُدتَ حَتّى كِدتَ تَبخَلُ حائِلاً / لِلمُنتَهى وَمِنَ السُرورِ بُكاءُ
أَبَدَأتَ شَيءً مِنكَ يُعرَفُ بَدؤُهُ / وَأَعَدتَ حَتّى أُنكِرَ الإِبداءُ
فَالفَخرُ عَن تَقصيرِهِ بِكَ ناكِبٌ / وَالمَجدُ مِن أَن تُستَزادَ بَراءُ
فَإِذا سُئِلتَ فَلا لِأَنَّكَ مُحوِجٌ / وَإِذا كُتِمتَ وَشَت بِكَ الآلاءُ
وَإِذا مُدِحتَ فَلا لِتَكسِبَ رَفعَةً / لِلشاكِرينَ عَلى الإِلَهِ ثَناءُ
وَإِذا مُطِرتَ فَلا لِأَنَّكَ مُجدِبٌ / يُسقى الخَصيبُ وَتُمطَرُ الدَأماءُ
لَم تَحكِ نائِلَكَ السَحابُ وَإِنَّما / حُمَّت بِهِ فَصَبيبُها الرُحَضاءُ
لَم تَلقَ هَذا الوَجهَ شَمسُ نَهارِنا / إِلّا بِوَجهٍ لَيسَ فيهِ حَياءُ
فَبِأَيِّما قَدَمٍ سَعَيتَ إِلى العُلا / أُدُمُ الهِلالِ لِأَخمَصَيكَ حِذاءُ
وَلَكَ الزَمانُ مِنَ الزَمانِ وِقايَةٌ / وَلَكَ الحِمامُ مِنَ الحِمامِ فِداءُ
لَو لَم تَكُن مِن ذا الوَرى الَّذي مِنكَ هو / عَقِمَت بِمَولِدِ نَسلِها حَوّاءُ