القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : إِبْراهيم ناجِي الكل
المجموع : 6
يا من طواها الليل في بَيدائه
يا من طواها الليل في بَيدائه / روحاً مفزعة على ظلمائه
تتلفتين إليَّ في أنحائه / لهف الفؤاد على الشريد التائه
إن تظمئي لي كم ظمئت إليك / جمع الوفاء شقيةً وشقيا
يا منيتي قست الحياة عليك / وجرت مقادرها الجسام عليا
أسفا عليك وأنت روح حائر / والكون أسرارٌ يضيق بها الحجى
تجتاز عابرة ويسرع عابر / وتمر أشباح يواريها الدجى
في وَجنتيك توهج وضرام / وبمقلتيك مدامع وذهول
وكذا تمر بمثلك الأيام / مجهولةً وعذابها مجهول
ولّيتِ قبل لقائنا يا جنتي / لم تظفري مني بقول مسعد
وكعادة الحظ الشقي وعادتي / أقبلت بعد ذهاب نجمي الأوحد
تتعاقب الأقدار وهي مسيئةٌ / كم عقنا ليل وخان نهار
وكأنما هذا الفضاء خطيئة / وكأن همس نسيمه استغفار
وكأنه أحزان قوم ساروا / هذي مآتمهم وثم ظلالها
عفتِ القصور وظلت الأسوار / كمناحة جمدت وذا تمثالها
ران السواد على وجود الدور / وسرى إليّ نحيبها والأدمع
وكأنني في شاطئ مهجور / قد فارقته سفينة لا ترجع
حملت لنا أملا فلما ودعت / لم يبق بعد رحيلها للناظر
إلا خيال سعادة قد أقلعت / ووداع أحبابٍ ودمع مسافر
أيكون ذنبي أَن رفع
أيكون ذنبي أَن رفع / تُك وارتفعتُ إلى السماء
وعلى جناحك أو جنا / حي قد رقيتُ إلى الصفاء
إن كان حقاً أو خيا / لاً فهو وَثبٌ للضياء
وتحرُّرٌ مما جنا / ه طينُ آدم في الدماء
أيكونَ ذنبي أن جعل / تُك فوق عرشٍ من سناء
وجثوتُ في محراب قُد / سك عابداً هذا الرُّواء
أيكون ذنبي أنني / بك أحتمي من كل داء
وأراك عافيتي فأَض / رَعُ طالباً منك الشفاء
أيكون ذنبي أن أرا / ك لخاطري قَبَساً أضاء
وأُحسُّ وحيَك من علٍ / لي دون أهل الأرض جاء
أيكون ذنبي أن يُنا / طَ بك التعلُّلُ والرجاء
وإليك شكوى القلبِ نج / وى الروحِ أجمعَ والنداء
أيكون ذنبي أن حب / بَك لي من الدنيا وِقاء
فإذا رضيتِ فإن نع / متَها ونقمتها سواء
أيكون ذنبي أيّ ذن / ب صار لي إلا الوفاء
إنّي عشقتك ما طلب / تُ على محبَّتيَ الجزاء
مَن همُّه هَمّي سيح / مل مِن حبيبٍ ما يشاء
ولقد يُساء فما يَرى / مِن حُبِّه أحداً أساء
قد كان عندي عزّةٌ / بصبابتي وليَ احتماء
إن لانَ عُودي للخطو / بِ شَدَدتِ أزري باللقاء
أنسيت كيف نسيت يا / دنيا على الدنيا العفاء
يا لَلهوَى لا صُبح لي / إلا هواك ولا مساء
أَشوامخُ الأحلام وال / مثلِ الرقيقةِ كالهباء
راحوا بأرواحٍ ظماء
راحوا بأرواحٍ ظماء / يتهافتون على الفناء
جفَّت حلوقٌ بعدهم / لم تلق دونهمُ رواء
واهاً لكأسٍ كالخُلو / دِ ومنهلٍ فيه الشفاء
كنَّا إذا ضجَّ الفؤا / دُ وضاق بالدنيا وناء
نَمضي إليه فنستَقي / ونَعُبُّ منه كما نشاء
فاليومَ إذ شطَّ المزا / رُ بكم وقد عزَّ اللقاء
وبخلتُمُ بُخلَ الضَّني / نِ فحسبُنا قَطراتُ ماء
أين الأمين على الإما / رة والحريصُ على اللواء
قبسٌ أضاء العالَمي / ن كما تُضيءُ لهم ذكاء
ثم اختفى خلف الغيو / ب مخلِّفاً ظُلم المساء
فكأنما هبة السّما / ءِ قد استردَّتها السَّماء
جزع الرياض لطائرٍ / غنَّى فأبدعَ في الغناء
حتى إذا خلب العقو / لَ وقيل سِحرٌ لا مراء
ولَّى عن الأيك الفخو / ر به إلى عرضِ الفضاء
فكأنَّه والسُّحّب تط / ويه فيمعن في الخفاء
دنيا من الأمل الجمي / لِ قد استبدَّ بها العَفاء
ووراءها شفقٌ من الذ / ذكرى كجرحٍ ذي دِماء
وتُسائل الدُّنيا التي / ناطت به كلَّ الرَّجاء
عن أي سرٍ طار عن / هَذي الرُّبى وعلام جاء
قُم يا فقيدَ الشعرِ وان / ظُر أيّ حفلٍ للرثاء
أمَمٌ يُصبِّرُ بعضُها / بعضاً وهيهات العزاء
هذي الجموع الباكيا / تُ الساخطاتُ على القضاء
قاسمتها أشجانها / ووفيت ما شاءَ الوفاء
أوَ لَم تجدكَ لسانها الش / شاكي إذا احتدم البلاء
أوَ لَم تكن غِرّيدَها / ونديمها عند الصفاء
لم لا توفيك الجَمي / ل وتَستَقلّ لك الفداء
ومُنَعَّمٍ بين القصو / رِ قد استَتم له الثراء
ما بالهُ حملَ الهمو / مَ وجشَّم القلبَ العناء
وينوءُ بالعبءِ الذي / هو عن أذاه في غَناء
ويحَ الذكاءِ وما يُكل / لِفه من الثَّمنِ الذَّكاء
أضنى قواه ولم يدع / من جسمه إلا ذماء
والمجد يوغل في حنا / يا روحه والمجدُ داء
صرحٌ من الأدبِ الصمي / مِ له على الدنيا البقاء
الدَّهر يحمي ركنَه / والفنُّ في روح البناء
شوقي على رغم التفر / ردِ والتفوقِ والعلاء
ذاك الرقادُ بساحةٍ / كل الرجال بها سواء
وبرغم ذهن كالفرا / شة حول مصباح أضاء
مثواك لا تشكو السكو / نَ ولا تمل من الثواء
دينٌ وهذا اليومُ يومُ وفاءِ
دينٌ وهذا اليومُ يومُ وفاءِ / كم منَّةٍ للميت في الأحياءِ
إن لم يكن يُجزى الجزاءَ جميعه / فلعلّ في التذكار بعض جزاءِ
يا ساكنَ الصحراء منفرداً بها / مستوحشاً في غربةٍ وتنائي
هل كنت قبلاً تستشفّ سكونها / وترى مقامك في العراء النائي
فأتيتَ والدنيا سرابٌ كلها / تروي حديثَ الحبّ في الصحراءِ
ووصفت قيساً في شديد بلائه / ظمآن يطلب قطرةً من ماءِ
ظمآن حين الماء ليلى وحدَها / عزَّت عليه ولمَ تُتح لظماءِ
هيمان يضرب في الهواجر حالماً / بظلال تلك الجنة الفيحاءِ
فإذا غفا فلطيفها وإذا هفا / فلوجهها المستعذبِ الوضّاءِ
يا للقلوب لقصةٍ بقيت على / قِدم الدهور جديدةَ الأنباءِ
هي قصةُ الطيف الحزين وصورة ال / قلب الطعين مجللاً بدماءِ
هي قصة الدنيا وكم من آدم / منا له دمعٌ على حوّاءِ
كل به قيس إذا جنَّ الدجى / نزع الإِباءَ وباح بالبرحاءِ
فإذا تداركه النهارُ طوى المدا / معَ في الفؤاد وظُنَّ في السُّعداءِ
لا تعلم الدنيا بما في قلبه / من لوعةٍ ومرارةٍ وشقاءِ
كلٌّ له ليلى ومن لم يَلقها / فحياته عبثٌ ومحضُ هباءِ
كلٌّ له ليلى يرى في حبها / سرّ الدٌّنى وحقيقةَ الأشياءِ
ويرى الأماني في سعير غرامها / ويرى السعادةَ في أتمِّ شقاءِ
الكونُ في إحسانها والعمرُ عِن / د حنانها والخلدٌ يومُ لقاءِ
يا للقلوب لقصةٍ محزونةٍ / لم تُروَ إلا رُوِّحَت ببكاءِ
خلدت على الدنيا وزادت روعةً / ممّا كساها سيدُ الشعراءِ
خلدت على الدنيا وزادت روعةً / من جودة التمثيل والإلقاءِ
من فنّ زينبها ومن علامها / زين الشباب وقدوةِ النبغاءِ
بالروح باكيةً تقب
بالروح باكيةً تقب / بلني وقد قَرُبَ التنائي
هي قُبلةُ التوديعِ مي / ثاقُ المحبةِ والوفاءِ
أبدَ الزمانِ وديعتي / سأصونُها كالأوفياءِ
ستظل في شفتي تذك / كرني وتحيي بي رجائي
فإذا التقينَا ثانياً / سأرُدُّها لكِ في اللقاءِ
يا مَن طواها الليلُ في ظلمائِه
يا مَن طواها الليلُ في ظلمائِه / روحا مفزعةً على بيدائِهِ
تتلفتينَ إليَّ في أنحائه / لهف الفؤادِ على الشريدِ التائِهِ
إن تظمئي ليَ كم ظمئتُ إِليك / جَمَعَ الوفاءُ شقيةً وشقيَّا
يا مُنيتي قَستِ الحياةُ عليكِ / وجرت مقادرُهَا الجسامُ عليَّا
إِني التفتُ إِلى مكانِكِ والمنى / شُلَّت وقلبي لا يطيقُ حراكا
فصرختُ يا أسفاً لقد كانت هنا / لِمَ عاقني القدرُ الخؤونُ هناكا
عَبَسَت وسودتِ السماءُ ظلالهَا / فكأنَّ عقباناً تحطُّ رحالَهَا
وكأنَّ أطوادَ السحابِ حيالَهَا / أَرسَت على الكتفِ الصغيرِ ثقالَهَا
تستصرخينَ لكِ السماءَ وقد خبت / وطوت بشاشةَ كلِّ نجمٍ مشرقِ
إِن خلتِها استمعت إِليكِ وقاربت / ألفيتِهَا صارت كلحدٍ ضيِّقِ
يا مَن هربتِ من القضاء وصرفهِ / عجباً لهاربةٍٍ تلوذ بهاربِ
إمّا هَوى نجمٌ ومالَ لضعفهِ / أبصرتِ حظَّكِ في الشعاعِ الغاربِ
أسفاً عليك وأنتِ روحٌ حائرُ / والكون أسرارٌ يضيقُ بها الحِجَى
تجتازُ عابرةٌ ويسرعُ عابر / وتمرُّ أشباحٌ يواريها الدُجَى
في وجنتيكِ توهجٌ وضرامُ / وبمقلتيكِ مدامعٌ وذهولُ
وكذا تمرُّ بمثلكِ الأيامُ / مجهولةً وعذابُهَا مجهولُ
وَلَّيت قبلَ لقائنا يا جنتي / لم تطفري مني بقولٍ مسعدِ
وكعادةِ الحظِ الشقيّ وعادتي / أقلبتُ بعد ذهاب نجمي الأوحدِ
تتعاقبُ الأقدارُ وَهيَ مسيئةٌ / كم عقنا ليلٌ وخانَ نهارُ
وكأنما هذا القضاءُ خطيئةٌ / وكأنَّ همسَ نسيمِه استغفارُ
وكأنَّه أحزانُ قومٍ ساروا / هذي مآتمُهم وَثم ظلالُهَا
عَفَتِ القصورُ وظلَّتِ الأسوارُ / كَمَنَاحَةٍ جمدت وذا تمثالُهَا
غامَ السوادُ على وجوه الدورِ / وَسرى إليَّ نحيبُها والأدمعُ
وكأني في شاطئٍ مهجور / قد فارقتهُ سفينةٌ لا ترجعُ
حملت لنا أملاً فلما ودَّعَت / لم يَبقَ بعدَ رحيلِهَا للناظرِ
إلا خيالُ سعادةٍ قد أقلعت / ووداعُ أحباب ودمعُ مسافرِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025