أو ما كفاني اليوم طول تناء
أو ما كفاني اليوم طول تناء / عمن أحب ولات حين لقاء
يا راحلين وفي الفؤاد مقامهم / كم ذا أقول سكنتم أحشائي
ولكم أعاتب سوء حظي فيكم / لكن دهري لا يجيب ندائي
سافرتم للبرء مما نالكم / فمتى يكون بقربكم إبرائي
ومتى يتيح لي الزمان لقاءكم / ويكف كف البين عن إيذائي
شرقتم فأنا بغُصَّة غربتي / في الغرب ذو شرق وذو أشجاء
يا من يرق لذي جراحٍ مدنفٍ / أنا ذو الجراح ملازم الأدواء
فصفن لي ما أنت واصفه لمن / أشفى وكن فطناً إلى الأشفاء
لا يغررنَّك ما ترى من بزَّتي / تحت القشيب طهامل الأعضاء
أنا والذي يحيي ويفنى لست في ال / هلكي أعدّ ولا مع الأحياء
أنا إن سلت عني الأحبة لم أكن / أسلوهم في البؤس والضراء
إني على ما بي أرقّ لعاشق / مثلي وإن هو كان من أعدائي
ما البعد يخمد نار شوقي إنما / بُعد الغزالة علة الإحماء
ما أن يحل حشاشتي من بعدهم / حب وليس يحلّ نسخ وفائي
حال الورى طُرّاً تحول وحالتي / هي ما ترى في غدوتي ومسائي
الدمع موقوف على جريانه / والعين مُعفاة من الإغفاء
وأرى الذي مثلي بكى من فرقة / مع من مناه بعده ببكاء
عجباً لدهري لم يزل بي مُبْصراً / وضناي واراني عن الرقباء
عجباً لدمعي مدنفي استحمامه / والناس يشفيهم حميم الماء
عجباً لعمري كيف طال من النوى / والأرض ضاقت عن مدار رجائي
عجباً لليل الناس يسرع صبحه / وصباح ليلي دائم الإبطاء
تبنى الرجاء خواطري فيه على / أسّ المحال فبئس أسّ بناء
ويخيّل الشوق المقيم بأضلعي / لي أنني مغف وهم ضجعائي
حتى إذا أصبحت بانت إنها / لي لم تكن إلاّ حبال هباء
يا أهل ودي ليس من داء لكم / عدوى فعودوا وائمنوا من دائي
سقمي من الطرف السقيم ومنحليال / خصر النحيل عداكم أعدائي
ما إن أكلفكم سوى ذكر اسم من / أهوى فحسبي ذاك عن أسماء
لو كان يجدي الفال كنت اليوم من / أحظى الأنام وأسعد السعداء
إذ كل غاد باسمهم متفوّه / أم ذاك وسواس الهوى الغواء
أم بعض ما ذا الوجد يوجد أنه / يُلهي بمعدوم من الأشياء
يا ليت قلب الناس لي أو جدَّهم / إن عزّ طعن فالتزم عزاء
أوليت أحبابي بما بي قد دروا / فيسارعوا شفقا إلى أنجائي
حاشاهم إن يهجروا كلفاً بهم / يكفيه ما يلقي من الإقصاء
ومع النوى يرى النوى سهلاً كما / أن الدنوّ مع الجفاء تناء
لهفي على زمن تولى وانقضى / معه السرور لديهم وهنائي
فلأي بث بعدها ورزيئة / أبقتني الأيام شرّ بقاء
كيف التصبر للفراق وما ترى / عيني شبيههم من الأرناء
إن أشك لم أجد امرءا لي مشاكياً / وشماتة المشكين شرّ بلاء
وإذا سكت توهم السلوان بي ال / رائي وذلك دون فعل الرائي
يا ليت شعري ما أمال أحبتي / عني من التحذير والإغراء
بخلوا عليَّ بنفحة من فيهم / تأتي الصبا نحوي بها لشفائي
إن أستمر حديد قلبهم على / نار الهوى بي لم يلن لدعائي
فلعلهم وجدوا علي ملامة / فأرتهم الحسنى من الأسواء
هبني أسأت فها أنا مستغفر / والعفو مأمول من الكرماء
بُرْئي عليهم هين وهو الرضى / سيّان فيه من دنا والنائي
إن لم يصرح فيه قول فلينب / إضمار ذكر عنه فهو كفائي
إني بحسن القصد منكم قانع / ولئن يكن قد فاتني إرضائي