المجموع : 3
أرِح المحَب فلست من نُصَحائِهِ
أرِح المحَب فلست من نُصَحائِهِ / يكفيه ما يلقاه من بُرَحائِهِ
لا داء أقتل للشجي من الهوى / وحياته في أن يموت بدائِه
لا تعذلنّ على الصبابة مغرما / يمسي ونار الشوق حشو حشائه
إن لم تكن خلاًّ تعين فلا تكن / عونا عليه وخلِّهِ بعنائه
ومهفهف كالغصن هزّته الصبا / يصبي الحليم بخطره المتتائه
عجبا لحمرة خده كيف اغتدت / تزداد فرط تضرم في مائه
بدر يتيه بشعره وظلامه / وبنور صبح جبينه وضيائه
لم أنسه إذ زارني متستراض / يترقب الغفلات من رقبائه
يخفي فتعرفه الوشاة بنفحة / من عرفه كالمسك عند ذكائه
وحياته لولا الحياء وخوفه / أكثرت من تقبيل ورد حيائه
سقيا له ما كان أحلى وصله / لو لم ينغصه بمر جفائه
لهفي على غي الشباب وإن غدا / رشد المشيب ملفعي بردائه
أيام اسكنني السواد وحسنه / من قلب ذات الخال في سودائه
جار المشيب فليته متعلم / من عدل مولانا وحسن وفائهِ
أقسمت ما طئ الثرى متخلف / أندى يدا منه ببذل ثرائه
طود منيع من ذؤابة هاشم / تجد النعفاة القيء في أفنائهِ
خضل الجناب الرحب تخضر المنى / لمؤملي جداواه في خضرائهِ
بخلائق كالروض حيّاه الحيا / سحرا وأضحك زهرة ببكائهِ
المستضي فينا بأمر أنهِهِ / والمستضاء برأيه من بطحائهِ
من معشر أضحي الحطيم وزمزم / ارثا لهم والركن من بطحائهِ
ضحكت له آيامنا واستبشرت / جذلا به وتخايلت كالتائهِ
مازال يهنأ داءها فلو أنها / ملكت لسانا أفصحت بهنائهِ
فالعدل قد ملاء البسيطة مساكناً / فيها وقد أرخى فضول ملائهِ
ملك الرعية بالجميل فأصبحوا / وهم على الإطلاق من أسرائهِ
هذا يروح متيم دعوته وذا / حدب عليه يخصه بدعائهِ
داوى مريض الفقر وهو على شفا / فأتاه عاجل بره بشفائهِ
كم حادث جلّى جلاه مفرجا / بعزيمة كالسيف عند مضائهِ
إن جاشت الحرب العوان فعنده / جيش يلوح النصر في أثنائهِ
وسوابغ كالغدر روشّتها الصَبا / وصوارم كالبَرقِ في لألائهِ
قسم المنايا والمنى لعداته / وعفاته في أخذه وعطائهِ
ما أسودّ ظن أخي رجاء مخفق / وأتاه إلا أبيض وجه رجائهِ
غيث يجود لنا بصفوةِ مالِهِ / كرماً إذا ما الغيثُ ضنَّ بمائِهِ
خلوا على آبائه وتأملوا / فبمجده شاد العلى وآبائهِ
أأبا محمد الامام دعاء من / أضحى نداك ملبِّياً لندائهِ
لقد اعتلقت من الوزير بمحصد الت / تَدبير مضاء على غلوائهِ
عضد الإله الدين منه بأروع / وَرِعٍ يحل المشكلات برائهِ
مغرى بحبك ما صفا ود امرئ / في سائر الدنيا لكم لصفائهِ
كم خاض بحر وفي إلى أعدائكم / وأهاج نار الحرب في هيجائهِ
فالله يمنعنا ويحمي سر بنا / ببقاء ملكك دائما وبقائهِ
فتهن شهرا خبَّرتك سعودُهُ / بمسو جدّ صاعد وعلائهِ
وأسلم ودم ياخير خلق يجتدى / ما لاح نجم في أديم سمائهِ
كيف الشفاء ومن جفونك دائي
كيف الشفاء ومن جفونك دائي / يا طاعن النجلاء بالنجلاءِ
أغربتَ في الهجران حتى أعربت / رسل المدامع عن جوى البرحاءِ
بعد السلو وقد بليت بوجنة / حمراء منك ومقلة حوراءِ
اخجل بقامتك الغصون تثنيا / واكسر بلحظك سورة الصهباءِ
وأما وخمر من رضابك حشوة / برد يبرد غلة الأحشاءِ
لا خالفن العاذلات على الهوى / وأحالفن صبابتي وعنائي
هيهات أن ينسى الغرام متيم / ذكر الكثيب الفرد من تيماءِ
ذو عيشة لم تحل بعد فراقه / وجوانح لم تخل من برحاءِ
عقلته من بعد الفكاك بجوه / الحاظ كل عقيلة حسناءِ
سكرى الجفون كأن صبح جبينها / من فرعها في ليلة ليلاءِ
تبدو كما تبدو الغزالة في الضحى / وتريك جيد غزالة جيداءِ
ومدامة حمراء من يد طفلة / بيضاء رضت بروضة خضراءِ
غناء للورق السواجع في ذري / أوراق دوحتها الذّغناءِ
والأقحوان الطلق في أرجائها / ريان يضحك من بكاء الأنواءِ
ردت جداولها ذكاء عسجدا / أصلا وكن كفضة بيضاءِ
ومهومين على الرحال تناقلوا / تحت الظلام سلافة الأعياءِ
قد أنكحوا أخفاف كل مطية / أجواز كل تنوفه عذراءِ
وافوا على خوص برتهن البرى / فرأيت أنضاء على أنضاءِ
أموا بها نادى أبي الفرج الذي / أضحى نداه مفرج الغماءِ
رب اليد البيضاء عام الجدبة الش / هباء والأثفية السوداءِ
لك من أنامله سماء ثرة / بل من خلائقه نجوم سماءِ
صدر كصِرِ السيف أطلق حده / طلق الرواء مشيع الآراءِ
ذو همة قد جاوزت بعلوها / فرق السماك وهامة الجوزاءِ
في نوء راحته وصفحة خده / ما شئت من صوبي حيا وحياءٍ
مثر من المدح الذي بطلابه / أضحى أخا عدمٍ من الإثراءِ
ألقى عليه من القلوب محبَّة / ما عنده للهاه من بغضاءِ
تلقاه يوم الحرب خائض غمرة / وتراه يوم السلم غمر رداءِ
كلفا بسمراء الإهاب يعيدها / حمراء تحت عجاجة كلفاءِ
أحرى الورى في حلمه برزانة / أضحت تخف بها متون حراءِ
حلو السجايا والخلال مؤمل / مرا الآباء ممدح الآباءِ
يا ابن الدوامي من يقيسك غالط / بالغيث أو بالليث والدأماءِ
أزرت يمينك بالسحاب لأنها / تندى بمال والسحاب بماءِ
وصبا لك المرهوب فالليث الذي / في الغاب غاب مخافة الهيجاءِ
ونداك بالبحر الممنع ماؤه / وحليه بملوحة وشقاءِ
يا ماجدا تأتي مكارم كفه / سؤاله شفعا بلا شفعاءِ
أسلم تقلد كل طوق منة / منا كطوق حمامة ورقاءِ
إن ضنَّ جفنك أن يجود بمائه
إن ضنَّ جفنك أن يجود بمائه / فالقلب موقوف على برحائهِ
يا عاذلي دعني أكابد لوعتي / لج الغرام ولست من أكفائهِ
قل للحبيب الهاجري طيب الكرى / عن مغرم متفرد ببلائهِ
قف بالطول على اللوى وسل الحمى / أني سرت عيس النوى بظبائهِ
الفاتنات لحاظهن عقولنا / النائبات من اللبيب ذكائهِ
يا هند جوديَ بالوصال على فتى / نار الهوى والشوق في أحشائهِ
صدق المودة للحبيب مصافيا / فازوَّر عنه وصار من أعدائهِ
فنفى الكرى عن مقلتيه فراقه / من بعد ما قد كان من خلفائهِ
رشأ عليه من الجمال مهابة / فالبدر يخجله سني بهائهِ
يصمي القلوب بقده في خده / ورد يعلّ من الشباب بمائهِ
ما يوسف في الحسن من أشكاله / والشمس ليست فيه من نظرائهِ
لو أن رضوى صافحته يمينه / لصبا إليه وصار من أسرائهِ
فبمن الوذ والتجي من جوره / ليصده عن مستمر جفائهِ
ويجيرني من صده وملاله / وبعيد عذبا من لذيذ صفائهِ
فإلى همام الدين أكرم ماجد / ورث العلى والمجد من آبائهِ
صممت عزمي والرجاء يحثني / طلبا لصاف من لذيذ إخائهِ
بطل برد القِرن صدر حسامه / يوم الوغى متضرجا بدمائهِ
وإذا ألم به مؤمل رفده / سبق السوال له جزيل عطائهِ
أصفيته ودّي وبحت بحبه / إذ لا يلذ متيّم بخفائهِ
فأسلم همام الدين ما هب الصبا / وسرت جيوش الصبح في ظلمائهِ
وتهن من شهر الصيام بنعمة / في صومه وصلاته ودعائهِ